خامنئي هدد بإلغاء منصب الانتخاب المباشر للرئيس الإيراني أعلن مرشد الثورة الإيرانية آية الله علي خامنئي الأحد أن إيران قد تلغي منصب الرئيس المنتخب بشكل مباشر. وقال خامنئي أمام مجموعة من الأكاديميين في إقليم كرمانشاه الغربي: «النظام السياسي الحاكم للبلاد حاليًا هو نظام رئاسي، يتم فيه انتخاب الرئيس بشكل مباشر من قبل الشعب، وهو أسلوب جيد ومؤثر». وطرح خامنئي الاقتراح، الذي قد يكون أكبر تغيير في دستور إيران منذ عقدين، خلال خطاب موسع، قائلاً إنه لا يوجد «أي مشكلة» في إلغاء انتخاب الرئيس بشكل مباشر، إذا تبين أن هذا أمر مرغوب. وقال خامنئي في الخطاب الذي بثه التلفزيون الإيراني: «ولكن إذا اعتبر في يوم ما ربما في المستقبل البعيد أن النظام البرلماني لانتخاب مسؤولي السلطة التنفيذية هو الأفضل فلا توجد مشكلة في تغيير الآلية الحالية». ويتمتع منصب الرئيس بمكانة دولية عالية، لكن صلاحياته تقيّدها فروع أخرى في الدولة، ولا سيما الزعيم الأعلى، الذي له القول النهائي في المسائل الأساسية، ومنها الجيش والبرنامج النووي الإيراني. وفي حين لا يتدخل الزعيم الأعلى عادة في الأمور السياسية اليومية، إلا أن عليه مسؤولية التدخل «في الظروف، التي قد يؤدي فيها تبني سياسة معينة إلى الانحراف عن طريق الثورة». وإلغاء الانتخابات المباشرة وتكليف البرلمان بانتخاب الرئيس قد يجعل رئيس الحكومة أكثر استجابة للهيئة التشريعية، وربما يحدّ من صلاحياته لممارسة السلطة في مجالات حساسة، مثل السياسة الخارجية. وهدد أعضاء من البرلمان، الذي يهيمن عليه المحافظون، منذ ذلك الحين بعزل أحمدي نجاد، ولاحقت الهيئة القضائية بعض حلفائه بتهم الفساد، مما أضعف موقفه قبيل الانتخابات البرلمانية المقررة في مارس المقبل. تأتي هذه التصريات، في وقت يسود فيه التوتر العلاقة بين الرئيس الإيراني أحمدي نجاد من جهة والمرشد الأعلى علي خامنئي من جهة أخرى، ويواجه نجاد انتقادات متواصلة من محافظين متشددين، يتهمونه بالخضوع لمستشارين منحرفين، يعملون على تقويض دور رجال الدين، بما في ذلك المرشد الأعلى. ونشبت الخلافات بين نجاد وخامنئي، عقب قيام نجاد بإقالة وزير الاستخبارات الإيراني المدعوم من قبل خامنئي، وهو الأمر الذي أغضب خامنئي، وألغى قرار نجاد، فاعتكف نجاد اعتراضًا على ما فعله خامنئي، وهو الأمر الذي دفع خامنئي إلى تخيير نجاد بين القبول بعودة وزير الاستخبارات وممارسة مهامه كرئيس أو أن يقدم استقالته. وقال محللون إنه في حين حظي أحمدي نجاد بدعم خامنئي التام حين انتخب لفترة رئاسة ثانية، مدتها أربعة أعوام في يونيو 2009، إلا أن شقاقًا بين أعلى مسؤولين في إيران ظهر في أبريل الماضي، عندما رفض الزعيم الأعلى الإيراني محاولة الرئيس إقالة وزير الاستخبارات. وينظر مراقبون إلى هذه التصريحات، التي أدلى بها خامنئي، على أنها تأكيد لسمو مكانته في إيران، وأنها أعلى من مكانة الرئيس الإيراني، كما يرونها تحذيرًا للرئيس نجاد ومن يخلفه بعدم تجاوز الصلاحيات المحدودة للمنصب التنفيذي. رفض الخضوع للمؤامرة والابتزاز وحذر مرشد الثورة الإيرانية المسؤولين الأميركيين من الإقدام على أي تصرف سياسي أو أمني غير مناسب ضد بلاده، مؤكدًا أن إيران تتمتع بالوحدة الوطنية والقوة، وستقف أمام أي مؤامرة، ولن تخضع للابتزاز. وأشار خامنئي إلى المزاعم الأميركية الأخيرة ضد إيران، وقال: إن إيران على مدى 32 عامًا لم ترضخ للضغوط، ولم تؤثر على مسيرتها تهديدات الأعداء. ورفض اتهامات واشنطن «السخيفة» لإيران بتدبير مؤامرة لاغتيال السفير السعودي في الولاياتالمتحدة، واتهمها بأنها ترغب من وراء الاتهامات ب»التغطية على حركة وول ستريت». وأضاف المرشد الإيراني، الذي قامت بلاده بقمع عنيف لاحتجاجات التيار الإصلاحي عام 2009، إن واشنطن قادرة على قمع مظاهرات وول ستريت «بقوات الشرطة والجيش»، غير أنها «لن تندثر، وستبقى كالنار تحت الرماد»، على حد تعبيره. ولفت إلى الصحوة التي تعيشها الشعوب العالمية والاحتجاجات ضد نظام السلطة الرأسمالي والمظاهرات الحاشدة في الكثير من الدول الغربية، وقال «إن شعوب ما يقارب 80 بلدًا في العالم يدعمون حركة الاحتجاجات الأميركية (احتلوا وول استريت)». أحمدي نجاد: اللجوء إلى الاغتيالات من خصائص واشنطن من جانبه، أكد الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد أن الشعب الإيراني ذو ثقافة عريقة، ولا يحتاج القيام بعمليات اغتيال، كما زعمت واشنطن، مشيرا إلى أن اللجوء إلى الاغتيالات من خصائص واشنطن. وقال أحمدي نجاد في كلمة له الأحد أمام الدورة الخامسة للمجلس الطلابي في طهران: إن الضغوط التي يمارسها الغرب على إيران تهدف إلى الحيلولة دون تطور الشعب الإيراني، وتحوله إلى قوة فكرية وثقافية، مشيرًا إلى أن الوضع السائد في العالم لا يليق بالإنسان والإنسانية، ولا يوجد شخص راض عنه فهو لا يسمح للأشخاص بالارتقاء. أما رئيس لجنة الأمن القومي والسياسة الخارجية في البرلمان الإيراني، علاء الدين بروجردي، فقد اعتبر أن سيناريو المخطط الإيراني لاغتيال السفير السعودي «مضحك،» معتبراً أن سفير الرياض في واشنطن «لا قيمة له بالنسبة إلى إيران». ونقلت وكالة «مهر» الإيرانية شبه الرسمية عن بروجردي قوله إن على الولاياتالمتحدة تقديم الدليل على اتهامها لإيران، ولم يستبعد أن تعمد أجهزة الاستخبارات في الولاياتالمتحدة وإسرائيل إلى «فبركة وثيقة» حول هذا الموضوع، على حد تعبيره. ودعا بروجردي السعودية إلى عدم تصديق وجود خطة لاغتيال سفيرها، قبل أن يعود إلى انتقاد الرياض، التي قال إنها «باعتبارها حليفة لأميركا.. مضطرة لتأييد وجهة النظر الأميركية». وكانت طهران قد نفت السبت صحة المعلومات التي أعلنتها الخارجية الأميركية عن حصول لقاء بين ممثلين عن الجانبين لبحث الاتهام الموجّه إلى عناصر على صلة بإيران بالوقوف خلف مخطط لاغتيال الجبير، غير أن واشنطن أصرّت على أن الاجتماع حصل بالفعل، من دون تقديم تفاصيل حول مساره أو هوية المشاركين فيه. وفي مؤتمرها الصحافي الدوري في واشنطن، ردت الناطقة باسم الخارجية الأميركية، فيكتوريا نولاند، على النفي الإيراني، بالقول إن اللقاء قد حصل بالفعل، معتبرة أن نفيها يدفع إلى التشكيك في صدق مواقفها بقضايا أخرى. لكن نولاند رفضت تقديم المزيد من المعلومات حول اللقاء، أو الإشارة إلى هوية الأطراف المشاركة فيه، كما تجنبت الرد على سؤال حول ما إذا كانت الولاياتالمتحدة قد سلّمت الجانب الإيراني خلال الاجتماع أي رسائل أو مواد أخرى. مزاعم دون أساس قانوني كما حمّلت وزارة الخارجية الإيرانية الإدارة الأميركية مسؤولية أي توتر والمساس بالأمن الدولي، إثر المزاعم الأخيرة للمسؤولين الأميركيين ضد إيران بشأن التخطيط لاغتيال سفير السعودية في واشنطن. وجددت الخارجية الإيرانية في بيان اليوم التأكيد على عدم وجود أي أساس قانوني للمزاعم الأميركية ضد إيران، مشيرة إلى أن هذه المزاعم مبنية فقط على تقرير مرفوع من عميل سري مجهول، أعدّه على أساس تصريحات مترافقة مع الظنون والتصورات لأفراد متورطين في تهريب المخدرات، حيث لم يتضمن هذا التقرير أي وثيقة دامغة تستند إلى أسس المعايير القانونية المعروفة، وإن مثل هذه المزاعم غير مهنية. ولفت بيان الخارجية الإيرانية إلى أن إيران خسرت على مدى العقود الثلاثة الماضية أكثر من 16 ألف مواطن إيراني، بينهم علماء ومسؤولون كبار والعديد من الدبلوماسيين في أفغانستان والعراق، جراء العمليات الإرهابية، مذكّرًا بأن إيران هي دائمًا من الرواد في المكافحة الدولية لظاهرة الإرهاب، وتعارض إراقة دماء الأبرياء، في وقت تواصل الحكومة الأميركية تقديم الدعم المكشوف لبعض المجموعات الإرهابية. وأكد البيان أن إيران جعلت دعم السلام والاستقرار الدولي والإقليمي في مقدمة أولوياتها دومًا، وأنه بناء على المبادئ الثابتة للسياسة الخارجية الإيرانية، فإن استراتيجية طهران إزاء العالم الإسلامي والدول العربية، لاسيما الدول الجارة، ومن بينها الحكومة السعودية، مبنية دومًا على أساس السلام والأخوة والتعاون الشامل، بهدف تنمية وترسيخ الاستقرار والأمن الجماعي في منطقة الشرق الأوسط والخليج. ودحضت الخارجية الإيرانية مزاعم المسؤولين الأميركيين ضد إيران، معتبرة أنه يمكن تفسير السلوك غير المنطقي للحكومة الأميركية في الربط السخيف لهذا السيناريو بإيران والاستعراض السياسي الإعلامي له في إطار الهزيمة الشاملة للسياسة الخارجية الأميركية في المنطقة بعد فشل كل الإجراءات الأميركية اللاقانونية المتخذة ضد إيران، والمشاكل المتصاعدة في الداخل الأميركي. وجدد البيان التأكيد على أن مسؤولية إثارة التوتر والمساس بالأمن الدولي الناجم من مثل هذه السيناريوهات الإعلامية الواهية ملقاة على عاتق الحكومة الأميركية. في سياق متصل، أكد علي أكبر ولايتي مستشار مرشد الثورة الإيرانية أن السيناريو الأميركي الجديد ضد إيران مثير للسخرية، ويأتي لحرف الرأي العام عن الأزمة الاقتصادية، التي تعانيها الولاياتالمتحدة، مشددًا على أن إيران لا يمكن أن تقوم بمثل هذا العمل الإرهابي وغير المنطقي إطلاقًا. وقال ولايتي في تصريح أوردته وكالة أنباء فارس الإيرانية الأحد «إن المؤامرة الدعائية الأميركية انكشفت بسرعة، وإن خبراء أميركيين أيضًا سخروا من هذه التهمة»، لافتًا إلى أن «إيران فندت هذه الإدعاءات بقوة عبر وزارة الخارجية والبعثة الإيرانية لدى الأممالمتحدة في نيويورك». من جانبه، رفض مجتبي ثمرة هاشمي المستشار الأعلى للرئيس الإيراني بشدة الاتهامات الأميركية بشأن تورط إيراني مزعوم في اغتيال السفير السعودي في واشنطن، وقال في تصريح له.. إن الولاياتالمتحدة تهدف من وراء إثارة هذه المزاعم إلى حرف الرأي العام الأميركي عن الحركة المناهضة للرأسمالية، وإيجاد فرصة للتصدي لهذه الحركة. واعتبر ثمرة هاشمي «إن هذه الاتهامات الواهية تأتي بسبب غضب السياسيين الأميركيين، وعدم إجابتهم عن أسئلة الرئيس محمود أحمدي نجاد في الجمعية العامة للأمم المتحدة حول أسباب الاحتلال الأميركي لبعض الدول، وزيادة النفقات العسكرية الأميركية، التي تسببت في تعرّض الشعب الأميركي لضغوط اقتصادية شديدة». في هذا السياق، حذر العميد علي شادماني مساعد رئيس هيئة الأركان العامة للقوات المسلحة الإيرانية من الخلافات الإقليمية، التي يزرعها الأعداء لتمرير مصالحهم اللامشروعة في المنطقة، مشيرًا إلى أهمية التعاون بين دول المنطقة وتعزيز العلاقات في ما بينها من أجل مصالحها. وأكد شادماني أن إيران اتخذت التدابير المناسبة لمواجهة تحركات الأعداء، مشيرًا إلى أن إيران تمكنت خلال العقود الثلاثة الماضية من تخطي مصاعب جمة، وحققت نتائج كبيرة على الصعد كافة، واليوم أصبحت أقوى من أي وقت آخر.