الأشجار المثمرة هي التي دائما ترشق بالحجارة تعيش حركة فتح منذ أسابيع حالة حرب من الإشاعات وتصفية الحساب بين قيادات الحركة خاصة بين تياري الرئيس الفلسطيني محمود عباس وتيار عضو اللجنة المركزية محمد دحلان الذي اتخذت اللجنة المركزية قرارا بفصله قبل أسابيع في حين حجز تيار ثالث في الحركة مقعده بين المتفرجين وخاصة أعضاء اللجنة المركزية الذين امتنعوا عن التصويت على قرار الفصل. ومنذ إقدام مركزية فتح على فصل دحلان من صفوف الحركة بتهم الفساد، اشتعلت حرب الإشاعات وتصفية الحسابات خاصة وأن المفصول كان يقود جهاز الأمن الوقائي في قطاع غزة منذ إنشاء السلطة، ويقال بأنه يمتلك ترسانة من التهم ضد معظم أعضاء مركزية فتح وخاصة الذين صوتوا بالموافقة على قرار فصله بجانب عباس الذي عمل من أجل إقصائه من قيادة الحركة. وفي الوقت الذي تتواصل فيه حرب الإشاعات والتسريبات، قال عضو اللجنة المركزية لفتح وزير الشؤون المدنية حسين الشيخ الأحد الماضي في تصريح صحفي «إن عملية ترتيب الأوضاع الداخلية -في فتح- مستمرة بدء من المناطق والأقاليم والمنظمات الشعبية وغيرها مرورا بالمحاسبة الجريئة لأي مستوى في هذه الحركة دون تردد ودون الخضوع لحسابات ومعادلات حاول البعض فرضها على حركة فتح ومستقبلها». وشدد الشيخ على أن فصل دحلان من الحركة جاء في ذلك الإطار وقال «جاء قرار اللجنة المركزية بفصل محمد دحلان من صفوفها بعد رفضه المثول أمام لجنة التحقيق المشكلة من اللجنة المركزية والمجلس الثوري ومواجهة التهم الموجهة إليه، ونتيجة لهذا الرفض قررت المركزية فصل دحلان وتحويل بعض القضايا إلى جهات الاختصاص القضائية لتبث فيها». وأشار إلى أن قضية الفساد المالي المتعلقة به والكسب غير المشروع كانت إحدى التهم الموجهة إلى دحلان وربما تكون من القضايا التي ستحول إلى الجهات ذات الاختصاص. وشدد الشيخ على أن الحملة التي تستهدف ضرب صورة اللجنة المركزية بأعضائها وتستهدفه شخصيا هي استحقاق هذا الموقف وهي حملة لا وطنية ولا أخلاقية، وأن موقعه ومسؤولياته كقائد في هذه الحركة لن تسمح له بالنزول إلى هذا المستوى، «فالأشجار المثمرة هي التي دائما ترشق بالحجارة». وكانت بعض المواقع الالكترونية الفلسطينية المحسوبة على دحلان نشرت مؤخرا أن الرئيس الفلسطيني محمود عباس قرر توقيف حسين الشيخ عن ممارسة مهامه كعضو في اللجنة المركزية بتهمة ممارسة الجنس مع قاصر. ونقلت المواقع عن مصدر مقرب من مكتب عباس أن الأخير أحال الشيخ إلى لجنة تحقيق بتهمة قيامه بممارسة الجنس مع فتاة تبلغ من العمر 16 عاما، وذلك عقب تقدم الأهل بشكوى ضد الشيخ للرئاسة الفلسطينية. وأضاف المصدر أن أسرة الفتاة قامت بالتوجه إلى عباس وإبلاغه بما ارتكبه الشيخ الذي يعمل وزيرا للشؤون المدنية في السلطة الفلسطينية. وفي اتصالات مع عدد من أعضاء مركزية فتح نفوا توقيف الشيخ عن ممارسة مهامه، مشيرين إلى أن ما يشاع يدخل في إطار الحرب التي يشنها دحلان وتياره في فتح ضد قرار الفصل وضد اللجنة المركزية. ومن جهته قال حسين: «سنواصل مشوارنا الوطني والحركي، وستثبت الأيام لمن يتوقع عكس ذلك أننا باقون، وهم على قارعة الطريق، فهذه الحركة أكبر من قياداتها، والشعب الفلسطيني أكبر من قياداته، ومن يعتقد أنه أكبر من شعبه ومن حركته وممكن أن يأتيها بإرادة غير فلسطينية فهو أيضا واهم»، وذلك في إشارة إلى دحلان الذي رفض قرار فصله من اللجنة المركزية. وفي ظل إصرار دحلان على رفض قرار مركزية فتح بفصله، يدور الحديث في الأوساط الفتحاوية أنه تقدم بمذكرة للطعن والاستئناف على قرار فصله من الحركة، وقد تم قبول الاستئناف لدى المحكمة الحركية التي بدورها حددت يوم 24 يوليوز الجاري جلسة أولى للنظر في الدعوى المقدمة منه ضد اللجنة المركزية لإلغاء قرار الفصل وكأنه لم يكن وباعتباره باطلاً من حيث الشكل والمضمون، والمطالبة برد الاعتبار والاعتذار له. كما أكد دحلان في الدعوى المقامة أمام المحكمة الحركية على إلزام اللجنة المركزية بتقديم كل ما لديها من إدعاءات واتهامات جنائية أو مالية ضده للقضاء، وأنه مستعد للمحاسبة أمام العدالة. ويدور الحديث في الأوساط الفتحاوية أن المحكمة الحركية طلبت من أمين سر اللجنة المركزية أبو ماهر غنيم المثول أمامها أو من تنيبه اللجنة المركزية وتكلفه رسمياً لتمثيلها أمام المحكمة. وأوضحت مصادر فتحاوية أن أبو ماهر غنيم أمين سر اللجنة المركزية لفتح يرفض المثول أمام المحكمة الحركية لفتح في قضية فصل دحلان كونه من التيار الذي امتنع عن التصويت على قرار الفصل وغير مقتنع بصحته، وأنه يتفرج على ما يجري بين تياري عباس ودحلان المتصارعين. وحسب المصادر فإن تيار المتفرجين الذي يضم أبو ماهر غنيم وناصر القدوة وتوفيق الطيراوي وصخر بسيسو وسلطان أبو العينين ومحمد المدني الذين امتنعوا عن التصويت على فصل دحلان، لا يتدخل في الحرب الدائرة إلا من خلال مناقشتها في الصالونات في ظل إصرار عباس عليها ورفض دحلان لها. ويذكر بأن اللجنة المركزية لحركة فتح قد اتخذت قراراً بفصل دحلان من الحركة في 12 يونيو الماضي وإحالة ملفه للنيابة العامة والإبقاء على لجنة التحقيق المكلفة للتحقيق مع آخرين لم تحددهم وفق القرار الموقع من عباس، وهو ما أثار ردة فعل غاضبة وساخطة على هذا القرار في أوساط حركة فتح خاصة في قطاع غزة، بينما أكدت لجنة الرقابة الحركية وحماية العضوية بأن هذا القرار باطل بعد أن تقدم لها دحلان بشكوى ضد القرار المذكور. هذا وتعتبر المحكمة الحركية الجهة المختصة في الفصل بمثل هذه القضايا بالاستناد للنظام الداخلي لحركة فتح واللوائح الناظمة لعملها، ويرأس المحكمة د.علي مهنا نقيب المحامين في فلسطين وهو منتخب من المجلس الثوري، أما أعضاؤها الآخرون فقد تم تعيينهم بقرار من اللجنة المركزية لفتح. وقالت المصادر بأن دحلان قد قرر المثول أمام المحكمة الحركية وحضور الجلسات التي ستعقد للنظر في القضية، ومن المتوقع عودته إلى رام الله لهذا الغرض خلال الأسبوع الحالي. ومن جهته نفي جمال محيسن عضو اللجنة المركزية لفتح لبيان اليوم الاثنين علمه بتقدم دحلان بمذكرة للطعن والاستئناف على قرار فصله من الحركة. ورفض محيسن التعقيب على ما يجري داخل فتح قائلا «هذا موضوع داخلي ولا أحب أن أعلق عليه عبر وسائل الإعلام». وأشار محيسن إلى أنه كانت هناك لجنة تحقيق أوصت بفصل دحلان وبعد فصله «بدأت تصدر بيانات هناك وهناك»، مضيفا «وأنا لا أحب أن أعلق عليها».