يمكن تعريف التحرش المعنوي بأنه كل فعل أو سلوك متعمد ومتكرر يؤدي إلى تدهور الحياة الزوجية لأحد الزوجين، أو الحياة المهنية للأجير أو الموظف العمومي ويترتب عنه المساس بالصحة الجسدية أو النفسية أو العقلية لمن كان ضحية هذا الفعل أو السلوك، والتحرش المعنوي حسب السياسة الجنائية لبعض الدول فعل جرمي مدان، بالمغرب تعرض على القضاء الإداري أو الاجتماعي نوازل من هذا الصنف من حين لآخر كما هو واضح من الوقائع التالية: 1- الوقائع: المشغل يقوم بتجريد الأجير من وسائل العمل ويتركه في مكتبه دون عمل ولا وسائل ولا يلحقه بأية مصلحة أخرى في إطار إعادة الهيكلة، الأجير غير راض عن هذا الوضع، ويرفع دعوى أمام المحكمة الابتدائية التي تحكم في الدعوى، ويطعن في حكمها أمام محكمة الاستئناف التي تفصل بدورها في النزاع، ويطعن في قرارها أمام محكمة النقض. 2- محكمة النقض: تنصف الأجير طبعا، وتقضي بأن الأجير تعرض فعلا لفصل تعسفي. (القرار عدد 1494الصادر بتاريخ 27 أكتوبر 2011 في الملف الاجتماعي عدد 861 / 5/2010). 3 – التعليق: أولا: بالنسبة لإعادة الهيكلة التي ربما أقدم عليها المشغل والتي أشار إليها قرار محكمة النقض، لا تكون جدية إلا إذا احترمت بشأنها المادة 66 وما بعدها من مدونة الشغل، بمعنى أن المشغل الذي يدعي بأنه «همش» الأجير وجرده من العمل ومن وسائل العمل وربما يفكر في فصله لسبب اقتصادي بحجة إعادة هيكلة وإعادة تنظيم مقاولته، لن يقبل منه هذا الادعاء أو الهراء ما لم يحصل على إذن خاص بذلك يسلمه له السيد عامل العمالة أو الإقليم. ثانيا: بالنسبة لتكييف محكمة النقض الفصل بأنه تعسفي، فإنني أرى بأن المسألة أكبر من ذلك وربما تعرض الأجير لتحرش معنوي «Harcelement moral»، والحط من كرامته، والضغط على نفسيته بهذه الطريقة حتى يقدم استقالته، ومن ثم كان تكييف المحكمة للفصل بأنه «تعسفي»، مجرد تكييف بديهي عاد، روتيني وكلاسيكي لا أقل ولا أكثر. ثالثا: الاجتهاد القضائي المغربي في المادتين الاجتماعية والإدارية ما زال بعيدا عن اكتشاف أو اقتحام عالم (التحرش المعنوي) الذي يتألم منه في صمت المئات من الأجراء في القطاعين العام والخاص، بسبب تعسف وشطط رؤسائهم في العمل، علما بأن مشرع مدونة الشغل ألزم المشغل بالحفاظ على كرامة الأجراء (المادة 24)، ولكن لا حياة لمن تنادي، وقرار محكمة النقض موضوع هذا التعليق خير دليل على ذلك. رابعا: في القانون المقارن التحرش المعنوي لا يشكل فقط خرقا سافرا لقانون الشغل أو لقانون الوظيفة العمومية، بل هو جريمة يعاقب عليها بعقوبة الحبس لمدة سنتين وبالغرامة قدرها 30.000.00 أورو (المادة 222-33-2 من القانون الجنائي الفرنسي).