مواقف حزب التقدم والاشتراكية حول الإصلاحات الدستورية والسياسية يحكمها هاجس دمقرطة الدولة والمجتمع أكد مصطفى عديشان عضو الديوان السياسي لحزب التقدم والاشتراكية، في لقاءين مفتوحين بكل من فاسالمدينةوصفرو، يومي الجمعة 29 والأحد 30 أبريل 2011، على إدانة الحزب للهجمة الإرهابية على مدينة مراكش، مقدما تعازيه للأسر المكلومة للضحايا. وقد وقف الحضور عند بداية كل من القاءين لقراءة الفاتحة ترحما على أرواح من قضوا في هذا الاعتداء الهمجي، ليشدد مصطفى عديشان إثر ذلك على أن الجواب على مثل هذه الممارسات، التي تشكل نشازا في ممارسة الفعل السياسي، هو العمل بجد وبكل روح وطنية من أجل تعزيز مكاسب بلادنا وتجديدها عبر تبني جيل جديد من الإصلاحات. فبمدينة فاس، وفي لقاء نشطه إلى جانب مصطفى عديشان، الدكتور عبد السلام البقالي، عضو اللجنة المركزية ونائب برلماني، تم التأكيد على أن التعديل الدستوري، في ظل الحراك الذي يعرفه المجتمع المغربي، سيشكل من دون شك مقدمة لتغييرات في العديد من المجالات من بينها مسألة الجهوية التي ستسمح بتدبير أفضل للشأن التعليمي والجامعي وستساهم في بروز نخب أصيلة وفي إصلاح المؤسسات في أفق تنمية جهوية متساوية قوامها العدالة الاجتماعية، وتفعيل مفهوم الديمقراطية المشاركاتية، مما يقتضي ويتطلب مشاركة الشباب والمثقفين في الاستحقاقات الانتخابية القادمة من أجل قطع الطريق أمام الانتهازيين وأعداء الديمقراطية ووضع حد نهائي للممارسات والسلوكات الرجعية وللانحرافات الجديدة التي عاش ويعيش على إيقاعها المشهد السياسي. وقال عديشان إنه في مثل هذه اللحظات التاريخية من تطور الفكر السياسي البشري، تبقى المقارنة بين واقع الحال وبين الطموح الذي يحلم به شعبنا في الانتقال نحو دولة ديمقراطية، دولة الحق والقانون، تقتضي منا استلهام ما وصلت إليه الدول الديمقراطية من تقدم في هذا الباب، وتكييفها مع الواقع المحلي الذي يتميز بخصوصيات مغربية، مع استحضار التراكمات التي عرفتها بلادنا. وهذا ما جعل مذكرة الحزب تفرد مدخلا لموقع المؤسسة الملكية والأدوار التي ستلعبها في ظل دستور جديد يقوي دورها، ويعزز مؤسسة الوزير الأول باعتباره رئيسا للحكومة وأول مسؤول على تدبير السياسات العمومية، وتقوية دور الحكومة السياسية، ومجلس الوزراء، وتقوية دور البرلمان كإطار للتشريع والمراقبة، والانتقال بالقضاء نحو سلطة تشريعية مستقلة ونزيهة، وهذه هي المقومات التي تكون الدولة الديمقراطية الحداثية. وبعد نقاش عميق ساهم فيه الشباب والصناع التقليديون والحرفيون الذين حضروا هذا اللقاء، استفاض عبد السلام البقالي في شرح الجهوية المتقدمة والأهداف التي أطرت أطروحة الحزب في هذا الاتجاه، مركزا على دور الاستحقاقات المقبلة في إنجاح هذه المعركة التي يخوضها الشعب المغربي بوعي وتبصر. يذكر أن هذا اللقاء سيره لحسن ساعو عضو اللجنة المركزية والكاتب الأول للفرع الإقليمي، وأعلن من خلاله رجل الأعمال وعضو غرفة التجارة والصناعة بفاس إدريس بنيحي عودته لصفوف حزب التقدم ولاشتراكية، قائلا: الرجوع للأصل أصل. وبمدينة صفرو، وأمام ثلة من الشباب والمستشارين الجماعيين، اختار مصطفى عديشان أن يحول هذا اللقاء لورشة نقاش من أجل تبادل الآراء، منطلقا من مناقشة فكرة حزب التقدم والاشتراكية الذي دعا فيها منذ مدة لضرورة انتقال بلادنا لجيل جديد من الإصلاحات يعزز المكاسب التي تمكن من تحقيقها، انطلاقا من كون هذه الإصلاحات ينبغي أن تستهدف المجال الاجتماعي بشكل أساسي، اعتبارا لاستمرار وجود عدد كبير من الاختلالات الاجتماعية، المتمثلة أساسا في آفة البطالة وضعف الخدمات الصحية والتعليمية واتساع الفوارق الاجتماعية. كما ناقشت الورشة أيضا التلاحم القائم بين المؤسسة الملكية ومختلف القوى الوطنية والتقدمية، وما شكلته هذه الصيغة المثلى من وسيلة ناجعة لمعالجة كافة الإشكاليات الاقتصادية والاجتماعية التي عانت وتعاني منها البلاد. وانتقل عديشان خلال هذا اللقاء، الذي نشطه إلى جانبه كل عز الدين لعمارتي وكمال الشرايطي، عضوي اللجنة المركزية للحزب، وسيره الكاتب الأول للشبيبة الاشتراكية بصفرو، إلى شرح التغيرات الإيجابية الكثيرة التي شهدتها المملكة خلال السنوات الأخيرة، مشيرا إلى أنها تعد نتاج تضحيات جسيمة ومسلسل نضالي طويل أعطى ثماره بفضل إرادة ملكية قوية تروم تعزيز صرح البناء الديمقراطي وتقوية أسس دولة الحق والقانون، وإصرار مكونات الصف الديمقراطي على إنجاح مرحلة الحل الوسط التاريخي رغم كل التعثرات التي رافقته. وخلصت الورشة إلى أن الأحزاب السياسية مطالبة بالمزيد من تأطير وتوجيه الشباب المغربي، من خلال استيعاب تطلعاته المشروعة ورصد رغباته وآماله، ومن ثم التعبير عنها عبر برامج ومشاريع واضحة المعالم، وضرورة مساهمة الشباب في هذا المسعى عبر انخراطه الواعي في الأحزاب وتطوير الممارسة الديمقراطية داخلها.