مواطنون من إفريقيا جنوب الصحراء تكبدوا معاناة حقيقية للوصول إلى المغرب، على أمل العبور إلى “الحلم الأروپي”، وجدوا أنفسهم “مقطعين” في حافلة مكيفة، أي “مبوقة”، مجانا وثم “رميهم” بشكل جماعي بإقليم منكوب جنوب “المغرب النافع”.. و الكل استغرب..تعجب.. لماذا أزيلال بالضبط؟ في الحقيقة الغائبة في الكثير من القرارات الفوقية، في ظل غياب البنية التحتية، فإن هذا القرار لم يكن اعتباطيا ولا مفاجئا، بل جاء نتيجة دراسة أنثروپو-جيو-استراتيجية.. فالدولة تريد إيصال رسالة قوية، بدون استعمال القوة، لأشقائنا الأفارقة مفادها: راكم غالطين! فالدولة تريد أن يرى المهاجرون الأفارقة، ب”مومو” أعينهم المعاناة التي يعانيها المغاربة أنفسهم، من أبناء إقليمأزيلال الشاسع، حيث لا معامل للعمل، ولا طرقات تفك العزلة، ولا مستشفيات تخفف عنهم موت الحوامل على النعوش.. ماذا سيفعل المهاجرون في أزيلال المنكوب؟ سيتسولون؟ سيجدون الكثير من المتسولين في المحطة الطرقية سيمدون إليهم أيديهم طلبا للمساعدة.. سيصدم الوضع المهاجرين وسيقررون المغادرة لبلدانهم.. ببساطة هذه هي “الخطة”.. المغرب فتح أبوابه للمهاجرين الأفارقة، مانحا إياهم “بطاقة الإقامة” تحت شعار “تسوية الوضعية”، والتي لا تعني، على أرض الواقع شيئا، وإنما “تكتيك سياسي” لربح مواقف الدول الإفريقية في معركة العودة للإتحاد الأفريقي، و في النزاع المفتعل حول صحرائنا المغربية الغالية.. غير أن ذلك لم تواكبه برامج توفير فرص الشغل والإدماج السوسيو-مهني… و تركوهم لمصيرهم يواجهون ظروف عيش قاسية مما يدفع ببعضهم إلى البحث عن العيش بأي طريق ممكن.. مما يفرز ظواهر قد تشكل مصدر قلق حقيقي للدولة المغربية.. “تصدير” إخوتنا من المهاجرين إلى أزيلال هو انتقام منهم ومن ساكني هذا الإقليم المهمش، وعقابا جماعيا لهم جميعا.. فلا يمكن إضافة عاطلين وجوعى إلى معطلين فقراء، وتجمعهم في بقعة جغرافية بئيسة اقتصاديا.. فما هكذا تحل المشاكل الكبرى للدولة.. وما هكذا يعامل الإنسان سواء أكان ضيفا أم مضيفا.. فكلاهما يعاني، و يتمنى الهجرة إلى أروپا في أقرب فرصة…