الريف أصبح بفضل كرم وطيبوبة أهله قبلة للمتسولين المحترفين من كل المناطق المغربية من إنجاز : فكري الأزراق نضع بين أيدي القراء هذا الملف حول ظاهرة جد معقدة يصعب على المرء فك طلاسمها أو حل ألغازها، ظاهرة إجتماعية باتت مقلقة جدا بالنسبة لساكنة الريف، ظاهرة أصبحت رائجة ومربحة للعديد من محترفيها الذين تمكنوا من الاغتناء الفاحش والسريع مستغلين في ذلك كرم وطيبوبة سكان الريف... يتعلق الأمر بظاهرة التسول التي أصبحت تشكل خطرا على المنطقة وسكانها نظرا لإنعاساتها السلبية والتي تزداد استفحالا مع حلول فصل الصيف حيث تعرف منطقة الريف اجتياحا واسعا من طرف المتسولين من مختلف المناطق المغربية وخاصة المناطق الفقيرة منها بسبب عودة أفراد الجالية المقيمين بالخارج وانتعاش الحركة السياحية التين تشكلان عناصر جذب وانتشار هذه الظاهرة المتعددة الأبعاد التسول بين الصدق والتحايل: عادة ما يربط العديد من المواطنين ظاهرة التسول بالفقر والحاجة والمشاكل الاجتماعية المتفاقمة كالتفكك العائلي- الحروب- الكوارث الطبيعية – المتمثلة في الزلازل والفياضانات والجفاف حيث غالبا ما تترك هذه الكوارث من وراءها الآلاف من اليتامى والأرامل والمعاقين الذين لا يجدون في الغالب أي طريق لكسب كسرة خبز لسد الرمق سوى التسول ، وهذا النوع من المتسولين الذين رمت بهم الأقدار الى مد يدهم للآخرين فأصبحو متسولين يجوبون الشوارع جائعين طيلة النهار وهم يبحثون عن شيء يسدون به الرمق لا يشكلون إلا أقلية قليلة أو حبة رمل في الصحراء بالمقارنة مع المتسولينالمحترفين الذين وجدوا ضالتهم في كرم أهالي الريف للوصول إلى أهداف معلنة ومخطط لها من قبل كإمتلاك العقارات المهمة في مناطقهم الأصلية والسيارات والشقق الفخمة وهذا ما اكتشفناه خلال تحرياتنا الميدانية ، وحتى المهتمين والمختصين في المجال يثيرون الانتباه الى أن هناك فئة من المحتالين والنصابين الذين يستغلون وسائل غاية في الدقة والاحترافية ويتمتعون بالكثير من الذكاء حيث أن العناصر التي يستعملونها تنطوي على الكثير من التقنيات العالية والتسويق المميز لجملة من العناصر الدينية والاجتماعية والعاطفية لاستمالة قلوب المواطنين، وهنا لا بد من الاشارة الى المحترفين النصابين الذين حلوا بإقليم الحسيمة مباشرة بعد الزلزال العنيف الذي هز الاقليم ليلة 24 فبراير 2004 واستقروا بمختلف مناطق الاقليم التي ضربها الزلزال في الخيام التي كانت توزعها الدولة والمنظمات المدنية على المنكوبين على أمل الظفر بمنزل في إطار عملية إعادة الإعمار وكذلك للإستفادة من المساعات الانسانية التي كانت توزع على المنكوبين كالمواد الغذائية والأفرشة والأغطية والأواني المنزلية والنقود، وفي نفس السياق نستحضر أيضا جحافل المتسولين الموسميين الذين يقصدون مختلف مناطق الريف خاصة المدن التي تعرف العودة المكثفة لأفراد الجالية كالناظوروالحسيمة حيث تعرف هذه الأخيرة مع حلول كل فصل الصيف حركة دؤوبة بفعل عودة أفراد الجالية والسياحة مما يشكل أرضية خصبة لممارسة التسول وفي هذا الاطار ننقل لكم أعزائي القراء هذه الشهادة المثيرة لأحد المتسولين الذي إلتقيناه بمدينة الحسيمة ونزعنا منه هذه الإعترافات وهو متسول يبلغ من العمر 43 سنة ينحدر من منطقة الغرب / اقليمالقنيطرة يبدو من أول وهلة أنه معاق يجلس على كرسي متحرك لكن الحقيقة تخفي وجها آخر ، يقول : ” كنت أمتهن الأشغال الحرة بمدينة القنيطرة لما يزيد عن ثمان سنوات انتقلت بعدها الى العاصمة الاقتصادية/الدارالبيضاء أمضيت قرابة خمس سنوات متنقلا بين الميناء والأسواق التجارية والمصانع، ولما ضاقت بي الأحوال هناك أقفلت راجعا الى بلدتي بنواحي القنيطرة، وهنا بعد التقائي بمجموعة من الأصدقاء الذين جمعتنا نفس الظروف وقاسينا نفس المعاناة والهموم أخذنا نفكر في طريق ما للخروج من الأزمة التي نعيشها وبعد طول التفكير اهتدينا الى فكرة التسول فاتفقنا نحن خمسة أفراد على العودة الى مدينة الدارالبيضاء على أن يأخذ كل واحد منا وجهة معينة وفي المساء كنا نلتقي ليقدم كل واحد مجموع ما حصل عليه من أموال وغيرها خلال اليوم وهكذا اسمرنا على هذا الحال لمدة ثمانية أشهر حصلنا خلالها على قيمة 18 ألف درهم، وصدفة أثناء عودتنا الى القنيطرة التقينا أحد الأصدقاء الذي لم نره منذ مدة طويلة – وكان أسوأ حالا منا- لقد صار من أغنياء المدينة حيث أصبح يملك مقهى فخمة وشقة فاخرة وسيارة ...، ولما سألناه عن سر ذلك أخبرنا بأنه سلك نفس الطريق الذي سلكناه نحن رفقة مجموعة من أصحابه قصدوا في البداية مدينة وجدة ثم الحسيمة حيث الناس كرماء ومتعاطفين جدا مع ذوي الحاجة والفقراء وأبناء السبيل ، الشيء الذي أسال لعابنا وطلبنا منه مرافقته أثناء رجوعه فوافق على ذلك فورا ، حيث رافقناه الى كل الأمكنة التي كان يرتادها هو وأصحابه وعلمنا جميع الطرق والوسائل التي ستمكننا من الوصول الى أهدافنا المتوخاة، وكما ترون فأنا اليوم بمدينة الحسيمة أمضي فيها فصل الصيف كله وفي فصل الشتاء قصد مناطق أخرى من الريف كميضار أو الدرويوش أو العروي أحيانا ، وهكذا ومع مرور الأيام تكيفنا مع طبيعة المنطقة وأهلها وبالفعل فقد وجدنا في أناس هذه المنطقة ما لم نجده في أية منطقة أخرى ... وها أنت ترى بعد مرور حوالي ثلاث سنوات على تواجدنا هنا حققنا أرباحا جد هامة ما كنا سنجنبها لو بقينا في البيضاء أو القنيطرةأو غيرها ونحن الآن ننتظر أن نجمع ما يكفينا لإنجاز مشروع يضمن لنا ولأبنائنا كرامة العيش وسنغادر المنطقة كما فعل أسلافنا من قبل لنترك المكان للآخرين” وعن الطرق والوسائل التي يستعملونها في حرفتهم يقول : “هناك عدة طرق نسلكها للوصول الى مبتغانا فأنا مثلا أظل طيلة اليوم جالسا على كرسي متحرك أستقدمه معي من القنيطرة وغالبا ما أجلس قرب ساحة محمد السادس / 20 غشت سابقا أو أمام باب المعرض التجاري، وهناك من الإخوة الآخرين من يستعمل فواتير طبية مزيفة ويجلس أمام أبواب الصيدليات أو المساجد أو المستشفى ... ومنا أيضا من يتظاهر بعادة ما كالصم والبكم أو العمي أو الشلل ...” ويستدرك قائلا : “لقد اكتسبنا عدة صداقات مع إخوة آخرين جمعتنا نفس الحرفة من عدة مدن ومناطق أخرى من المغرب، منهم من عادوا الى بلتهم ولا زالت تربطنا بهم علاقات صداقة طيبة جدا إذ لا يمر أسبوع دون أن نهاتف بعضنا البعض” إستغلال الدين للتأثير في قلوب المواطنين: تشهد منطقة الريف مع حلول كل فصل الصيف تدفق أفواج إضافية من المتسولين والنصابين والصعاليك وغير ذلك من مشتقات السعاية والتشمكير يستعملون هم أيضا طرق جد متطورة للتأثير على المارة حتى يحظوا بالشفقة والرحمة ومن ثم كسب المال، والبعض يلجأ إلى إظهار أماكن الإصابة بمرض أو إعاقة ومنهم من تجده يحمل كومة من الأوراق الطبية ليبين حاجته للدواء والعلاج وهكذا اختلط الحابل بالنابل على من في قلوبهم رحمة ولم يعدوا يميزون بين المتسول الصادق والمتحايل، وقد تحول سلوك المتسولين في السنوات الأخيرة من الشفاهي الى الكتابي تعبيرا عن نفاذ صبر المتسولين في إقناع الناس بالتصدق عليهم عن طريق عرض قصة حياتهم المؤثرة أو إستظهار شريط من الأدعية والآيات القرآنية ، وإليكم النموذج الكتابي الذي أنقله لكم كما أنزلته إحدى النساء المتسولات على الطاولة بإحدى المقاهي بمدينة الناظور : “لي خمسة أبناء وزوجي توفي بحادثة سير، وأكتري منزلا ب 1000 درهم ولا معيل لي ولأبنائي سوى الله العلي القدير كما أنني مريضة وأحتاج الى الدواء بصفة دائمة، فالمرجو من سيادتكم إخواني المؤمنين أن تساعدوني في سبيل الله بما استطعتم والله لا يضيع أجر من أحسن عملا، وارحموا من في الأرض يرحمكم من في السماء” وهناك فئة أخرى تأتي من وسط المملكة أو من جنوبها خاصة من قلعة السراغنة، هذه الفئة تتكون من مجموعة من المراهقين مرتدين جلابيب بيضاء متسخة باختلاط العرق بالغبار حاملين معهم ألواحا خشبية مكتوب عليها بعض الآيات القرآنية بالحبر الأسود... هذه المشاهد المألوفة التي نصادفها يوميا بمختلف فضاءات المدن بالريف تجعلنا نتساءل : هل الاسلام أباح التسول بهذه الطريقة؟ ولماذا يستغل هؤلاء الاسلام كوسيلة لبلوغ الغاية التي هي المال؟ فاتصلنا بأحد رجال الدين بمدينة الناظور والذي أكد لنا أن موقف الاسلام واضح من ظاهرة التسول فقد توعد الرسول صلى الله عليه وسلم من يتسول دون حاجة بنزع لحم وجهه يوم القيامة حيث قال الرسول الكريم : “ما يزال الرجل يسأل الناس حتى يأتي يوم القيامة ليس في وجهه مزعة لحم” وفي الصحيحين عن أبي هريرة رضي الله عنه : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : “والذي نفسي بيده لأن يأخذ أحدكم حبله فيحتطب على ظهره فيتصدق به على الناس خير له من أن يأتي رجلا فيسأله أعطاه أو منعه” ثم يضيف قائلا : “الإسلام حث على إعطاء السائل في الكثير من الأحاديث والآيات كالتي يقول فيها سبحانه وتعالى ((وفي أموالهم حق معلوم للسائل والمحروم)) ولكن في نفس الوقت يمنع التسول ومد اليد... ولهذا كان على الغيورين الذين ينددون بإستعمال الدين في السياسة ويحتجون ضد الرسوم الكاريكاتورية المسيئة للرسول (صلعم) أن يحتجوا وينددوا أيضا بهؤلاء المتسولين الذين يستغلون الدين للحصول على المال الناظور قبلة للمتسولين الموسميين: تعيش مدينة الناظور في كل فصل صيف أياما استثنائية نتيجة العودة المكثفة لأبناءها المقيمين بديار المهجر وكثرة الرواج التجاري كما تعتبر هذه المدينة قبلة للمتسولين المنحدرين من مختلف المناطق المغربية والذين يتدفقون على المدينة بشكل لافت للإنتباه وينتشرون في الأماكن التي تعرف حركية مهمة كساحة كورنيش سيدي علي – قيسارية الذهب- شارع محمد الخامس- المساجد الكبرى- المستشفى والمصحات وكذا نقطة العبور ببني أنصار وباب مليلية وهاتين النقتطين تعرفان أكبر عدد من المتسولين بإعتبارهما نقتطتين لعبور أفراد الجالية والسياح فالزائر للمحطة البحرية ببني أنصار سيلاحظ عدد المتسولين بهذا المرفق الحيوي يضاهي كثيرا عدد المتسولين بمختلف المناطق، بعضهم يفترش الأرض على جانب الطريق المؤدية للمحطة البحرية وبعضهم يدخل إلى الميناء والبعض الآخر يهاجم سيارات المهاجرين طالبا “المعاونة في سبيل الله” وهؤلاء المتسولين الذين يشوهون صورة المغرب أمام الأوروبيين الذين يعبرون ميناء الناظور يستعملون عدة وسائل احتيالية غاية في الدقة والاحترافية كالتظاهر بالمرض أو العجز أو انتحال صفة المعاقين أو يأتون بأطفال صغار يدعون أنهم يتمامى... وغير ذلك من الطرق التي يسلكها هؤلاء لاستعطاف العابرين للمحطة البحرية “بني أنصار” غير آبهين بالصورة التي يقدمونها عن “أجمل بلد في العالم” وحتى السلطات المحلية ببني أنصار لم يعد يهمها الأمر خاصة بعد تواطؤها مع هؤلاء المتسولين ليقتسموا في النهاية المبالغ المحصل عليها والتي تفوق كل التصورات، وقد حاولت الجريدة أخذ شهادات العديد من المتسولين إلا أنهم أبدوا ممانعة شديدة ورفضوا التحدث جملة وتفصيلا مهما كانت الإغراءات، وبعد جهد مضن وانتحال صفات مختلفة تمكنت من مجالسة أحدهم ونزع بعض الاعترافات المثيرة حول حيثيات هذه الظاهرة وكذا الدوافع والأسباب التي تجعلهم يمتهنون هذه المهنة والأهداف من وراء ذلك، وكانت شهادة المتسول المنحدر من مدينة فاس والذي يبلغ من العمر 47 سنة الذي جالسناه مثيرة يقول أنه تمكن من كسب مبالغ مالية ضخمة ويبلغ دخله اليومي أحيانا أزيد من ألف درهم كما تمكن من شراء سيارة ومقهى بمدينته وإليكم شهادته : ” نحن مجموعة مكونة من ستة أفراد ننحدر من إحدى القرى المجاورة لمدينة فاس ، لقد جربنا جميع الحرف وسلكنا مختلف الطرق والوسائل لضمان لقمة العيش نسد بها رمق الحياة وتقينا وأسرنا الصغيرة شر التشرد والضياع فقد عملنا كحاملي الأمتعة في المحطة الطرقية “القامرة” بالرباط وفي الأسواق كحاملي البضائع للمتسوقين بكل من فاس ومكناس وسلا... لكن الحظ كان دائما يعاكسنا في كل شيء وبعد أن ضاقت بنا الأحوال هناك قصدنا أحد الأصدقاء الذي توسط لنا لدى أحد أكبر أباطرة التسول والذي جنى من خلاله أرباحا مكنته من إنجاز عدة مشاريع ضخمة بالمنطقة ( مطعم فاخر، مقهى، قاعة للألعاب، متاجر لبيع الملابس...) والذي بدأ مشواره كمتسول بسيط جاب خلاله مناطق عدة من وسط المملكة وجنوبها الى أن استقر به الحال بمنطقة الناظور التي حقق فيها أرباحا خيالية ليتحول بعدها الى “خبير الحرفة” وبعد لقائنا به أجبرنا على التدريب على كيفية إمتهان التسول وهكذا كانت البداية من مدينة الرباط فمراكش فوجدة إلى أن استقر بنا الحال هنا ببني أنصار فبعد أن مكننا من منزل نكتريه بمبلغ 900درهم شهريا وأصبحنا نملك تقنيات عالية في هذا المجال ، أضحى الآن يزودنا بوسائل خاصة في ممارسة هذه الحرفة. وعن سؤالنا حول هذه الوسائل الخاصة التي يزودهم بها “رئيسهم” كما يسمونه ، وبعد تردد طويل استترد قائلا : “مثلا في بعض الأحيان يأتينا بأطفال صغار لا تتجاوز أعمارهم ست سنوات على الأكثر نسخرهم على أساس أنهم أبناؤنا وأنهم مرضى ومحتاجون وذلك باستعمال فواتير طبية مزيفة وذات مرة استقدم معه رجلا مسنا في عقده السابع وقد أصب على رجليه ماء مغلى لكي يتورما ويصابا بتقرحات وجروح ، ونجلسه أمامنا في السوق أو أمام باب المستشفى ونتظاهر به على أنه محتاج للعلاج والدواء” ومن أين يأتي هذا الرئيس بهؤلاء الأشخاص أكد لنا هذا المتسول أنهم لا يعرفون شيئا عن هذا السر وأن رئيسهم لا يدلي لهم بأي تعليق على ذلك” وعن المدة التي سيمكثونها هنا يقول : “بمجرد حصولنا على الأرباح التي ستمكننا من تحقيق أمنياتنا سنعود الى منطقتنا، ويبقى ذلك مسألة وقت فقط، كما أن هذا الأمر يعود بالدرجة الأولى إلى رغبة ومزاجية الرئيس الذي بيده الأمر والنهي” وعن الأرباح التي يحققونها طيلة اليوم يقول : “إن ذلك يتغير من يوم لآخر حسب حركية ورواج المدينة فمثلا في بعض الأحيان لا يتجاوز المبلغ المحصل عليه 250 أو 300 درهم في حين يتجاوز في الأيام الأخرى 1000 درهم” السلطات المعنية خارج التغطية: أمام هذه الوضعية الخطيرة والدخيلة على المنطقة بشكل مكثف في السنوات الأخيرة لم تتحرك السلطات لوضع حد لهذه الظاهرة الخطيرة بل تشجع على ذلك خاصة ونحن شاهدنا منطقة الريف خلال الزيارة الملكية الأخيرة وهي خالية كليا من كل هؤلاء المتسولين مما يجعلنا نتساءل : لماذا لا تقم السلطات بنفس الاجراءات بصفة دائمة؟ وقد سجل سكان الريف عدم قيام السلطة بمهامها المتمثلة في تنظيم حملات مستمرة من شأنها امتصاص الكثير من الحالات التي ليس أصحابها من ذوي الإحتياجات وإنما اتخذوا من التسول حرفة تكسبهم المزيد من المال على حساب الأعراف والأخلاق في ظل غياب الاجراءات القانونية الصارمة التي تصل في النصوص القانونية حد فرض عقوبات سجنية على ممارسي التسول الاعتيادي ويضيف هؤلاء المواطنين أن السلطات لا تقوم بتنظيم هذه الحملات الا في الحالات الاستثنائية والموسمية فنلاحظ مثلا أنه في الأيام الماضية التي تزامنت مع الزيارة الملكية لمناطق الريف لا وجود لهذه الجحافل من المتسولين حيث تخلوا الشوارع نهائيا من مثل هذه الظواهر غير أنه للأسف الشديد سرعان ما يعود هؤلاء المتسولين لمعاكسة الناس أمام المساجد والوكالات البنكية فهذه الأماكن هي المفضلة لهؤلاء لمزاولة مهامهم ويقول أحد المهتمين : “كثيرا ما نسمع بمحاربة الإقصاء الإجتماعي والفقر والهشاشة وغيرها من البرامج الاجتماعية المزعومة غير أنه لا نلاحظ شيئا من هذا القبيل على أرض الواقع ، فالمنطقة تعرف نقصا حادا في المؤسسات الاجتماعية والخيرية التي من شأنها تقديم الخدمات لمختلف الفئات ذات الاحتياجات الخاصة ، يجب أن نعترف ونقر بأن المجتمع تغير جذريا وعلى عدة مستويات ويعرف جيدا أن ذلك التكافل الذي يتم الحديث عنه ليل نهار هو موجه للاستهلاك الاعلامي فقط، كما أن بنية المجتمع لم تعد تتيح تقديم بعض الخدمات التي كانت تقوم بها الأسر والجيران” ويأسف هؤلاء المهتمين لكون منطقة الريف عرفت منذ التسعينات من القرن الماضي حركة جمعوية واسعة، ورغم ذلك فإنه يلاحظ غياب جمعيات ومنظمات من شأنها احتواء وحماية وتأهيل الأشخاص ذوي الحاجات الخاصة الذين يلتجئون في أغلب الأحيان الى ممارسة التسول عفويا أو عن طريق الاكراه من طرف أسرهم أو عن طريق تأثيرات المحيط الذي يكون بدوره موبوءا بجملة من السلوكيات التي تشجع على ظاهرة التسول ، فلا ندري أين هي تلك الأموال التي تصرف للجمعيات في إطار العديد من البرامج الإجتماعية؟؟؟ من إنجاز : فكري الأزراق www.fikrielazrak.tk [email protected]