تنامت ظاهرة التسول عند مجموعة من المحترفين المغاربة وخصوصا بعض المهاجرين السريين من جنوب الصحراء، وباتت الظاهرة مزعجة للغاية، فهؤلاء المشردين أصبحوا يشكلون هاجسا أمنيا للمواطنين، بعدما ارتبط تواجدهم الآن بما بات يظهرعليهم من سلوكات غريبة، مثل السرقة واعتراض سبيل المارة..بشكل يثير الخوف والفزع..، تجدهم في الطرقات، والأسواق وفي كل مكان...، لكن مكان تواجدهم الخاص على أبواب المساجد، فيما عددهم يزداد في المناسبات الدينية ويوم الجمعة. وفي محاولة منهم لامتلاك أدوات التأثير المطلوبة، لربط حالتهم بمقتضيات المناسبات من التعاطف والتراحم، يحفظ المتسولون بعض آيات القرآن، والأحاديث المحرضة على التصدق والإنفاق في سبيل الله..، فضلا عن أدعية معينة..، بل وربما ارتدت السعاية ملابس ظاهرها التدين والحشمة كالحجاب أو النقاب، وقد يطلق أحدهم لحيته، فيما بعض المتسولين السود يضعون أمامهم ورقة مكتوبة باللغة العربية مفادها أنا لاجئ افريقي شردتني الحرب فجئت عند إخوتي ليتعاونوا معي إلخ..،.كوسيلة للتأثير بأدائهم الدرامي ، ويدعي عدد غير قليل منهم الفقر والحاجة. لم يعد التسول في المغرب لسد الرمق، وإنما أصبح ظاهرة واحترافا، لما يدره من مداخيل في واقع تفشى فيه الفقر والبطالة والأمية. ومع اقتراب المناسبات الدينية لا يكاد زقاق أو باب مسجد يخلو من أيادي تمتد تطالب الناس بالصدقة، مستخدمة عدة أساليب للاستعطاف. وتقول الإحصاءات الرسمية أن المغرب ينفق سنويا 37,6 مليون درهم في مكافحة التسول والإقصاء الاجتماعي؛ وعلى الرغم من ذلك فإن نسبة الأشخاص الذين يتعاطون للتسول بشكل دائم أو موسمي تقدر ب 500 ألف شخص،وقد يصل متوسط دخل المتسول في اليوم ما بين 50 درهما و100 درهم، وتعتبر المساجد المكان الإستراتيجي لممارسة التسول؛ ويستخدم المتسول في عبارات تخاطب العاطفة بقوة واحترافية بالغة في كثير من الحالات، إلى جانب نوعية اللباس، وأحيانا بعضهم يرفق معه أطفال صغارا ورضعا. بعض هؤلاء المتسولين غير راضين عن أوضاعهم، فقد دفعتهم ظروف قاهرة لمد اليد، مما ولد لديهم الشعور بالإهانة والدونية والاستياء، أحيانا تترجم إلى سلوكيات عدوانية وانتقامية، ولذلك فإن شعور الناس تجاه المتسولين يختلف من شخص لآخر، ما بين الشفقة أو التقزز والاشمئزاز أو الضغينة والحقد. ظاهرة التسول تنتشربكل مدن المغرب، إلا أن الحال يبرز خاصة في الدارالبيضاء والرباط ومراكش وطنجة والصويرة ...، في الطرقات والميادين وأمام المساجد وخاصة الكبرى منها، كما تبدو واضحة في مواقف السيارات، ومحطات القطارات، ومحطات البنزين، وعند مداخل ومخارج المحطات الطرقية، حتى ليبدو لك أن المسألة قد أضحت احترافا ممنهجا!. التجديد رصدت وقفت مظاهر الشكوى عند العديد من المواطنين بالدارالبيضاء، وكذا أراءهم حول الظاهرة.. وعبرت فوزية /غ ربة بيت- قائلة: لا تخلو الشوارع طوال السنة، ممن يمدون أيديهم بالسؤال، لدرجة أصبحوا يطرقون الأبواب مستغلين في ذلك مآربهم كل ما سنحت لهم الفرصة . فيما قال محمد /غ مسئول بشركة- أنه يرفض إعطاء المتسولين أي جزء من ماله ، مبررا ذلك بقوله: أعتقد أن من يقومون بالتسول في المناسبات، يحاولون استغلال العاطفة الدينية لدى المسلم في جميع الأيام لاستنزاف ماله، أو للحصول على جزء من الزكاة في حين أنهم قد لا يستحقونها؛ لذا رأيت أن أفضل وسيلة لمقاومة هذه الظاهرة، ألا أعطي من يتسولون في الشوارع أي مال، وأن أكتفي بمن أعرفهم من الفقراء والمعوزين الذين لا يسألون الناس إلحافا، ويقص لنا مصفى ديدي صانع أسنان- واقع المتسولون في أرجاء البيضاء، ومدى استغلالهم للدين قائلا : يتمثل هذا الاستغلال في توظيف الدين عبرسيل من الدعوات الدينية المصحوبة بالمواقف الدرامية، كأن يحفظ آية أو حديثا نبويا أو دعاء على شاكلة: الله في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه.ويضيف ديدي المجتمع البيضاوي صغير ومكشوف، لذا يذهب المتسول إلى الأماكن التي لا يعرفه فيها أحد، وهناك عدة طرق للسعي، من بينها أن يقف الرجل أمام المسجد عقب الصلاة مباشرة، ويلقى خطته ببكاء: يا جماعة عندي09 نفر، وأريد إطعامهم ، وعندي السكري والضغط أثر على القلب.. ، ثم يقدم في نهاية عرضه الدرامي شهادات طبية تؤكد ادعاءاته، والمرأة فيهم تحمل بين يديها طفلا رضيعا أو معوقا تكتريه لاستعطاف الناس.. وكان للأفارقة المعنيين بالظاهرة رأي بدورهم في الموضوع، وهم يحكون عن الأسباب التي تدفعه للتسول، التقت التجديد في هذا الاطارإسماعيل فال من دكار بالسنغال يقطن بحي بلفدير بالبيضاء متزوج له طفلان وزوجته حامل، فحكى عن حاله دون انزعاج، وأشارأنه تقني في الكهربة ولم يجد عملا مند أن تخرج، وفي انتظار الحصول على عمل احترف السعي لسد حاجيته مع أبنائه، أما حسن سعيد من ليبريا ومهنته حلاق، فجاء هاربا من مخلفات الحرب إما للعيش بالمغرب أو حتى يتمكن من الهجرة إلى الضفة الأخرى، وتقول إحدى النساء ضحايا قوارب الموت تحمل رضيعا: أريد أن أطعم ابني في سبيل الله . واقع الحال مع الظاهرة يقول أن الظاهرة ينبغي ضبطها وتتبع انتشارها حتى لا تتفاقم. ""