في مشهد مؤثر وغاية في التنظيم ، نظم يوم الخميس الماضي 28 يونيو 2018 الموافق ل 14 شوال 1439 ه حفل ختم القرآن العظيم في أعماق جبال الأطلس وبالضبط بمسجد وازنت التابع لجماعة واولى دائرة ولتانة إقليمأزيلال والذي أصبح موسما سنوية ينخرط فيه ساكنة دوار وازنت للاحتفاء بطلبة القرآن الذين أتموا ختم القرآن الكريم وهم الراسي عبد الرحيم، بوحفيظ محمد صلاص، صالح أملاس، رشيد الراوي و حمزة شهري. هذا الحفل المتميز حضره كل من رئيس المجلس العلمي المحلي لأزيلال و رئيس المجلس العلمي المحلي لبني ملال ورئيس المجلس العلمي المحلي لقلعة السراغنة والمندوب الجهوي الشؤون الإسلامية بجهة بني ملالخنيفرة والمندوب الإقليمي للشؤون الإسلامية بأزيلال و قائد المنطقة بالنيابة و رئيس جماعة واولى وأعضاء من المجلس العلمي المحلي لأزيلالوبني ملال ومرشدون دينيون وأئمة وطلبة الكتاب القرآني بالإضافة إلى حشد كبير من ساكنة وازنت من مختلف الأعمار والأجناس. في بداية هذا الحفل الذي افتتح بترديد النشيد الوطني جماعة، تلته لوحة فنية غاية في الدقة والروعة أبهرت كل الحاضرين، عبارة عن استعراض لطلبة الكتاب القرآني لمسجد وازنت (امحضارن) ، حيث بدأ هؤلاء الأطفال الطلبة يتوافدون على ساحة المسجد الخارجية من جهة وصوب يحملون العلم الوطني المغربي، يتقدم كل مجموعة طالب خاتم لكتاب الله تعالى يحمل بين يديه لوحة خشبية عليها آيات قر آنية مزخرفة ومكتوبة بعناية كبيرة تدل على مدى حب هؤلاء الطلبة والقائمين على الكُتاب لكتاب الله تعالى، ويرددون أناشيد دينية وابتهالات إلى المولى عز جل شكرا له على نعمة القرآن والإسلام. ليكون مسك ختام هذه الاستعراضات الجميلة التي أخذت لب ومشاعر الحاضرين، ظهور الفارس المغوار الطالب الفارس وهو ما يعرف في لغة طلبة الكتاتيب القرآنية ب (سلطان الطلبة) على صهوة جواد أصيل وسط تصفيقات الحضور وزغاريد نساء الدوار التي ترددها جبال ووهاد المنطقة مما يجعلك حتما تشعر بقشعريرة تمتد على طول الجسد فرحا ووجلا. بعد ذلك انتقل الطلبة والضيوف و الساكنة جميعا إلى مسجد وازنت على بعد أمتار قليلة من مكان الاستعراض الأول، لتنطلق احتفالات أخرى من نوع آخر، تخللتها كلمات وأناشيد وقراءات جماعية للقرآن الكريم، أكدت للجميع أن القرآن الكريم إذا أحسن التعامل معه سيحول حياة الناس ويشكلها تشكيلا جميلا، وهي الغاية التي من أجلها بعث النبي صلى الله عليه وسلم وأنزل القرآن العظيم. وفي معرض كلمته، شكر عبد الرحيم مسكور المندوب الجهوي للشؤون الإسلامية بجهة بني ملالخنيفرة ساكنة دوار وازنت على مجهودهم واحتضانهم لأهل القرآن، مضيفا أن هذه المشاهد تثبت أن الوطن بخير وتؤكد أن هذا الوطن محفوظ بالقرآن وأهله. ومن جهته تكلم الدكتور سعيد شبار ، رئيس المجلس العلمي لبني ملال عن ثلاث قيم أساسية استنبطها من هذا الحفل ، أولها قيمة التضامن والتعاون على تحفيظ القرآن للأبناء وهي من القيم الأساسية التي يجب أن تحفظ، وثانيها قيمة النظام، موضحا أن الله تعالى الذي خلق الكون في غاية الإبداع و النظام، مشيدا بمستوى النظام والتنظيم لهذا الحفل، والثالثة هي الأفق المستقبلي من خلال ضرورة نقل هذه التجربة إلى مناطق أخرى. وأضاف شبار مخاطبا ساكنة وازنت والقائم على الكتاب " أنتم تصنعون حدثا عظيما" مشددا على ضرورة العمل على إحياء القيم في الإنسان والعيش بها لتصبح واقعا يوميا. موضحا أن هذه نعمة كبيرة، إذ يمكن من خلال الإمكانات الصغيرة المحدودة أن نعمل الكثير ، وأن نصنع من لا شيء أشياء عظيمة. وختم سعيد شبار كلمته بالدعوة إلى دعم المبادرات الإيجابية وتشجيعها، مؤكدا أن هذا الحدث الكبير في منطقة نائية من مغربنا العزيز سينفع الله به الأمة، فحيث ما حل هؤلاء الطلبة سيعم نفعهم البلاد والعباد، مما يفرض وجوب الحرص على هذه النعمة ، فالله سبحانه وتعالى يبارك من داخل الإمكانات الصغيرة المبادرات الكبيرة، وأنه يمكن لأي إمام مسجد أن يصنع الحدث بإمكانيات صغيرة خاصة إذا وجد الاحتضان والدعم من الساكنة. وفي ذات السياق، رحب محمد حفيظ، رئيس المجلس العلمي المحلي لأزيلال بالضيوف الكرام الذين تجشموا صعود الجبال ونزول الوهاد للوصول إلى هذه الربوع من وطننا الحبيب، موضحا أن هذا النشاط ترعرع في هذا المسجد منذ سنوات طوال بفضل جهود الفقيه و الإمام الشاب وتعاون سكان دوار وازنت الأبية المحبين للقرآن وأهله، و بتشجيع من المندوبية الإقليمية للشؤون الإسلامية والمجلس العلمي المحلي لأزيلال ومجموعة من المحسنين، واعتبر هذه الكتاتيب القرآنية روافد مهمة لمدارس التعليم العتيق. ونوه الشيخ عبد الله بلمدني، عضو المجلس العلمي المحلي لبني ملال، بهذا الحفل القرآني والمشهد الذي قل نظيره في دنيا الناس، مؤكدا أن القرآن الكريم جاء ليرسم مثل هذه المشاهد في حياة الناس، لأن هناك تطابق تام بين كتاب الله المسطور وكتابه المنظور. وعبر مختلف المتدخلون عن شكرهم وتنويههم لساكنة دوار وازنت، على حسن ضيافتهم وعنايتهم بالقرآن الكريم وأهله، من خلال احتضانهم لهذا الكتاب وطلبته والمشرف عليه، سائلين المولى عز وجل أن يكرمهم برحمته وحسن توفيقه، داعين إلى الحفاظ على هذه السنة الحسنة التي تعنى وتعتني بالقرآن الكريم ليصبح فاعلا في حياة الناس، ويؤدي دوره في إخراج الناس من الظلمات إلى النور. وفي ختام هذا الحفل المبارك، تم تسليم جوائز تحفيزية وشواهد تقديرية على الطلبة المتفوقين والطالبات المتفوقات في حفظ القرآن الكريم، تشجيعا لهم على مواصلة حفظ القرآن الكريم، كما تم تكريم مجموع من ممثلي ساكنة المنطقة والمحسنين بشواهد تقديرية عرفانا لهم لإسهامهم في نجاح هذا المشروع القرآني الرائد. وكان مسك الختام الدعاء الصالح لملك البلاد ولجميع القائمين على هذا المشروع القرآني المتميز ولكافة الحضور.