أبرز الأمين العام للمجلس العلمي الأعلى محمد يسف في كلمته بالجلسة الافتتاحية الخاصة بالملتقى العلمي الخامس للمجلس العلمي المحلي المنظم برحاب كلية الآداب والعلوم الإنسانية يومي 6 و 7 ماي 2014 أن فهم كتاب الله عزو جل يتم عبر مفتاح اللغة العربية التي تعتبر الصلة إلى فهم مقاصد شرع الله في كتاب الله . حيث قال " لا يمكننا أن نلج إلى هذا البيت بدون أن نفتحه بهذا المفتاح الذي هو اللغة " مشددا أن " هذه اللغة ليست لغة أحد ، بل هي لغة الدين ، لسان الإسلام والقرآن وليست لغة العرب ، ولذلك كان حقا على المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها أن يحافظوا عليها وأن يتقنوها كما أتقنها سلفنا الصالح قديما حتى سارت لغة عالمية فكانت لغة علم ومعرفة " وأكد يسف أن اللغة العربية اليوم تحتاج إلى من ينعشها ومن يحميها ، ومن يعيد لها بريقها واعتبارها ويرفع عنها الضيم لأنها أصبحت محاصرة ومعزولة في حياتنا فينبغي أن نجد لها حلا ، الشي الذي دفعه إلى القول "لا نريد فقط من هذه الندوة أن نعدد ونذكر محاسن اللغة العربية وجماليتها وقدرتها ، بل نحن في حاجة لمن يدلنا إلى كيف نعيد لهذه اللغة اعتبارها ونعيد بناءها وكيف نعيد لهذه اللغة شبابها وسلطتها ، وكيف نجعلها رائدة في باب العلم والمعرفة ، وهذا هو هو السؤال الذي يجب أن تجيب عليه هذه الندوة " و أضاف الأمين العام للمجلس العلمي الأعلى " إن الضيم الذي نزل بهذه اللغة اليوم ليس جديدا ولا من مساوئ هذا العصر ولا من آثامه ولكن محنتها قديمة كما تحدث عن ذلك شاعر النيل حافظ إبراهيم في قصيدته المشهورة " اللغة العربية تتحدث عن نفسها " وشدد يسف على أنه لابد أن تبقى اللغة العربية قوية لأن السلف قدموا لها كل ما تحتاجه حتى وصلوا بها إلى المقام الذي وصلته ، موضحا أنهم لم يعتنوا بشيء بعد القرآن الكريم والسنة النبوية أكثر من اهتمامهم باللغة العربية لغة القرآن ولغة الإسلام ، وأوضح ذات المتحدث أن اللغات تضعف وتتقهقر وتنزل إلى الحضيض بضعف وتقهقر ونزول قومها وترتفع وتنمو بنمو وعلو شأن وقدر قومها , ومن جهة أخرى أوضح يسف في كلمته الجامعة أن المغاربة صناع حضارة ومجد ولا بد أن يحافظوا على مجدهم دون أن يبخسوا الآخرين حقهم لأن المغرب محافظ ومجدد ، محافظ على ميراثه وعلى تواثبه ولكنه منفتح يأخذ من كل جديد مفيد في ما ينفع فكره وثقافته . وفيما يتعلق بكلام الله قال يسف إن القرآن الكريم في المغرب هو عمدة أهلها ، منذ أن أشرقت عليه شمس الإسلام وهو مدرسة قرآنية عريقة ، هنا وجد القرآن أهله ، وأهله يحتضنونه ويكرمونه ويكرمون نساءه ورجاله ويحافظون عليه ويعلمونه لبناتهم وأبنائهم منذ الصباح ,وأكد يسف أننا نعيش في هذا الوقت بالذات صحوة قرآنية قوية انخرط فيها أهلنا وقومنا نساء ورجالا فتيانا وفتيات في كل ربوع هذه المملكة . مستدلا على ذلك بما تعيشه مساجدنا التي استعادت عافيتها وهبتها بفضل التواصل بين الأئمة والعلماء في جميع ربوع المملكة في ما يربو عن خميسن ألف مسجد مملوء بالإيمان والعلم والإرشاد والتوجيه بفضل الرجال الذين يؤطرونها ويعمرونها ، هذه الصحوة الحقيقية يضيف سيكون لها ما بعدها وغدا يشهد الناس على ما تحقق بقيادة أمير المؤمنين إمامة محافظة ومنفتحة ومتجددة ، كما ذكر بالمقولة المأثورة التي تقول "القرآن الكريم نزل بلسان العرب ففسره الفرس، وكتبه الترك، وقرأه المصريون، وحفظه المغاربة". واعتبر يسف أن المغرب منذ أن أشرقت عليه شمس الإسلام وهو مدرسة قرآنية عريقة ، دار قرآن وموطن قرآن ، كان يصدر وسيصدر هذا النموذج المتميز بدليل أن العديد من البلدان يمتحون من تجربة المغرب المتفردة الذي يبني مسجدا كل يوم أي بناء 360 مسجد كل سنة ، فمساجدنا هي قلاعنا و معقلنا ، وحصون للنور والتوجيه والإصلاح ، حصون أمننا المعنوي لابد أن نقويها وأن ندعمها . منوها بأهل الفضل من المحسنين حيث قال : "فأهلنا أهل الخير ببناء المساجد والمؤسسات الخيرية ، يتنافسون أيضا في تبليغ هذا الخير وتصديره ، ينفقون من مخزونه الفكري والمالي والتجربة التي عاشوها خلال هذه القرون الطويلة . وبدوره أكد رئيس جامعة السلطان مولاي سليمان الكتور بوشعيب المرناري أن موضوع اللغة هو موضوع يأخذ اهتماما خاصا ويعتبر مشروع من مشاريع جامعة السلطان مولاي سليمان التي تسعى لكي تكون قاطرة للتنمية في جهة تادلة أزيلال . وأبرز "أن هناك اهتمام باللغة عموما والعربية خصوصا بجامعتنا والدليل على ذلك يقول المرناري هو مشروع مركز اللغات الذي تم انجازه بكلية الآداب والعلوم الانسانية والذي جهز بأحدث الوسائل التقنية الجد متطورة والهدف منها هو تقوية المعرفة باللغة ، وتطوير المعرفة في جميع اللغات " وذكر المرناري بالتطور الذي عرفته جامعة السلطان مولاي سليمان سواء في عدد طلبتها ونوعية التخصصات والنتائج المشرفة المحصل عليها ، وكثافة اللقاءات والندوات داخل الجامعة في مختلف المجالات , وفي مجال البحث العلمي. من جهته اعتبر الكتور سعيد شبار ، رئيس المجلس المجلس العلمي المحلي لبني ملال في كلمة بالمناسبة أن اختيار موضوع اللغة والقرآن في النسخة الخامسة للملتقى العلمي الذي ينظمه المجلس كل سنة جاء على خلفية النقاش الذي عرفه المغرب حول اللغة العربية حيث قال : " عشنا مرحلة غير بعيدة في المغرب طبعها نقاش حول القضية اللغوية في المغرب ونعرف أن اللغة العربية في المغرب هي لغة رسمية ولغة القرآن ، ولهذا حاولنا أن نقارب القضية من جهة علمية أكاديمية يشترك فيها أخصائيون لغويون وعلماء دين وباحثون متخصصون في قضايا الترجمة والمعلوميات والتداول اللغوي ، فجاءت هذه الندوة لكي تسلط الضوء على هذه القضايا من جوانب متعددة ومختلفة ، باعتبار أن اللغة العربية ليست كسائر اللغات ، هي لغة نعم كسائر اللغات ولكنها تمتاز عن باقي اللغات بكونها لغة الدين وتحفظ بحفظ هذا الدين ". وأضاف الأستاذ شبار أنه " عندما اقترن الوحي والدين بهذه اللغة أعطاها من الإمكانات والمعاني والدلالات والقيم ما جعلها أكثر غناء وتنوعا ودلالة وعمقا " وشدد الدكتور سعيد شبار أن "المشكل ليس دائما مشكل اللغة غير مواكبة ، المشكل مشكل مجتمع متحضر متأهل نشيط من حيث المجال العمراني والصناعي والاقتصادي والثقافي عموما ، أما اللغة فهي دائما جاهزة للعبير عن الذات ككيان وعن المجتمع والأمة التي تمثلها " كما أوضح الأستاذ سعيد شبار أن هذا الملتقى العلمي الذي سيمتد على مدى يومين سيتناول الموضوع من خلال أربعة محاور أولها " لغة القرآن " باعتبار أن هذه اللغة لها خصائص ومميزات لا توجد عند غيرها من اللغات يكفي أن نذكر واحدة منها فقط وهي أن القرآن النص الديني الوحيد الذي ما يزال يتلى بلغته التي نزل به ، منذ نزل ما يزال يتلى وسيبقى يتلى كما نزل ، ومعروف أن كل النصوص التي سبقته تعرضت لترجمات مختلفة ومتعددة ، إذن فلغة القرآن فيها من المميزات والخصائص و الإعجاز ما سنعرض له . ثانيها " اللغة واللهجات " باعتبار أن التطور التاريخي عبر التاريخ أعطى لهجات متعددة وبعض اللهجات حلت محل اللغة الرسمية أو اللغة التي كانت مشتركة , ثالثها " اللغة والترجمة " باعتبار أن الترجمة كما يقال تأويل أو تمارس ضربا من التأويل تجاه اللغة . رابعها " اللغة والعلوم والمعلوميات " باعتبار أن اللغة تعبير عن فكر وثقافة وعن علم وأنها تتطور بتطور المعلوميات السمعية أو البصرية . من جانبه أكد الأستاذ الساهل بنسالم باسم مختبر المقاصد والحوار والدراسات والأبحاث أن هذا المختبر مافتئ يشتغل على هموم الأمة محاولا بناء لبنات في النهوض بها ، متعاونا في ذلك مع جهات عدة من أهل الفضل والاختصاص ، مستندا في ذلك على قوله تعالى : "وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُوا اللَّهَ " فكان هذا هدفا أساسيا توخى إلى تحقيقه المختبر بوسائل متعددة ، منها الندوات الدولية والوطنية ، والأيام الدراسية ، والدورات التكوينية والدروس التوجيهية لفائدة طلبة الدكتوراه والماستر ، بالإضافة إلى نشر أعمال عدد من تلك الانشطة وأكد الساهل أن هذا الملتقى العلمي الخامس يأتي ضمن اهتمامات المختبر وانشغالاته الفكرية والتصورية ، إذ قضية اللغة تشكل تحديا كبيرا لقضية النهوض والانبعاث الحضاري للأمة ، وإسهامها في ترشيد السير البشري والعمران الإنساني في هذه الارض ، التي استخلف فيها الإنسان و أمر بالحفاظ عليها وإدامة صلاحها ، كما أن اللغة منطلق للحوار والتواصل الحضاري والتلاقح الثقافي. وخلص اللدكتور بنسالم إلى أن المرجعية القرآنية تشكل حصنا منيعا في مواجهة محاولات التذويب والسلخ الحضاري ,,,ونبراسا للاهتداء للتي هي أقوم في المناهج والمقاصد والوسائل . وأن ربط اللغة العربية بالقرآن لا يعني فقط الجانب اللساني والمصطلحي والمعجمي فقط، وإنما يعني التصور العام والمنهاج الكلي الذي جاء القرآن ليرسخه في عالم الإنسان ، إذ لغة القرآن لا تتحدد في العربية بنحوها وصرفها وتركيبها وبلاغتها وهلم جرا من قضايا الدرس اللغوي فقط ، بل هي أوسع من ذلك ، فهي وعاء للفكر ومنهاج للتفكير ، وصيغ كلية في التوجيه والإرشاد والهداية ، في المجال اللغوي والإنساني والعمراني عموما ، وهو ما يحقق فرادة النص القرآني ، والذي هو نوع من التجلي الإلهي بوحدانيته وكماله وجماله ... وأوضح الدكتور يحيى الخالقي عميد كلية الآداب والعلوم الإنسانية ببني ملال في كلمته أن موضوع اللغة والقرآن شكل منذ المرحلة الأولى لتأسيس الدولة الإسلامية ، الشغل الشاغل لمجموعة من المفكرين بمختلف مشاربهم العلمية ، من داخل المجتمع الإسلامي أو من خارجه ، وذلك لمحاولة فهم وإبراز الدور الكبير والمهم الذي لعبه ولا زال يلعبه القرآن الكريم في تطوير اللغة العربية من جهة ، وفي تهذيب عقل وإحساس المسلم من جهة ثانية ، وبقاء اللغة العربية حية إلى يومنا هذا مدين دون شك للقرآن الكريم ، فلولاه لبادت هذه اللغة كما بادت اللغات الأثرية القديمة . والقرآن نمط باهر معجز ببيانه وبلاغته ، أعجز الجميع على أن يأتوا مثله . وأبرز الخالقي من جهة ثانية ،أن موضوع هذا الملتقى العلمي الخامس هو موضوع جدير بالاهتمام والمدارسة لأنه يهدف من جهة إلى طرح مجموعة من الآراء والأفكار حول اللغة والقرآن الكريم من حيث الخصائص المعجمية والنحوية والصرفية والبيانية والبلاغية والتواصلية ، ومن جهة ثانية إلى تسليط الأضواء على دور الباحث المسلم في تبيان لغة القرآن الكريم العلمية والروحية و الإحساسية ، وهي اللغة التي تنفذ إلى أعماق القلب لتخاطبه بالبيان والمنطق أولا ثم بلغة الوجدان والقلب ثانيا وأكد أن مشاركة الكلية في هذا الملتقى العلمي الذي ينظمه المجلس العلمي المحلي وجامعة السلطان مولاي سليمان ومختبر مقاصد الوحي والتواصل والدين الحضاري يأتي في إطار انفتاح الجامعة ومؤسساتها على محيطها السوسيوثقافي . ونوه ممثل جهة مجلس تادلة أزيلال بهذا الملتقى العلمي في طبعنه الخامسة ، معبرا عن استعداد الجهة كما دائما عن دعمها لكل الأنشطة الهادفة ومتمنيا التوفيق والنجاح لأشغال هذا الملتقى في نسخته الخامسة . وتجدر الإشارة إلى أن الجلسة الافتتاحية للملتقى العلمي الخامس عرف تكريم المجلس العلمي المحلي كعادته في كل ملتقى أربع شخصيات لعطائها ودعمها لأنشطة المجلس ويتعلق الأمر بالسيد رئيس جامعة السلطان مولاي سليمان والأستاذ عبد الله اليماني عضو المجلس العلمي سابقا ، عالم من علماء الجهة ، اشتغل قاضيا تم مستشارا ومحاميا ، والسيدة نجاة بوشح حافظة لكتاب الله تعالى ومحفظة تابعة للمجلس العلمي المحلي ، والسيدة محجوبة غداش حافظة لكتاب الله تعالى ومحفظة تابعة للمجلس العلمي المحلي ، والسيدتين حاملتين لشهادة التخرج من برنامج تعليم العلوم الشرعية التي يشرف عليها المجلس العلمي المحلي لبني ملال .