لم يجف بعد الحبر الذي كتب به الخطاب الملكي، حول أعطاب الإدارة العمومية، بمناسبة افتتاح الدورة التشريعية، حتى عادت الإدارة إلى عادتها القديمة. وفي الوقت الذي ماتزال القنوات والإذاعات المغربية تذيع مقتطفات من كلمة رئيس الدولة التي أكد فيها الملك على ضرورة إصلاح الإدارة لتكون في خدمة المواطن، يبدو أن بعض موظفي الإدارة بسوق السبت، إقليم الفقيه بن صالح، لم يتابعوا الخطاب، أو لم يستوعبوه، وبتعبير أدق، " مامسوقينش ليه" و بطريقة غير مباشرة يستهزؤون به. فغياب موظفي " تصحيح الإمضاء" بكل من بلدية سوق السبت والمقاطعة الثانية لأزيد من ثلاث ساعات زوال يوم الاثنين 17 اكتوبر الحالي، والذي خلف استياء كبيرا لدى عدد كبير من المواطنين والمواطنات، يعتبر إهانة للخطاب الملكي و إهانة للإدارة العمومية و استخفافا بمصالح المواطنين والمواطنات. وليست هذه المرة التي يتغيب فيها الموظفون المعنيون، فقد وقف الموقع عدة مرات عن مغادرة الموظفين المذكورين لمكاتبهم كما تلقت الجريدة إفادات كثيرة تشتكي غيابهم ولامبالاتهم بمصالح المرتفقين. مشهد الشيوخ والنساء، وذوي الحاجيات الخاصة، ينتظرون بالعشرات سيادة الموظف المحترم كي يطل بطلعته البهية، مؤلم لكل إنسان غيور. لا أحد يهتم لمعاناة أولئك " المنشورين" في الرصيف و الجالسين على " الضس". أناس يتضورون جوعا، ينتظرون توقيع وثائقهم، بينما تملأ رائحة " الكوامل" المكان. أغلب الأبواب موصودة. لا وجود إلا لرجال القوات المساعدة الذين تحلقوا حول " كاميلة" و موظف آخر سألته عن زميله المكلف بتصحيح الإمضاء فأجابني ضاحكا: "نسولك عليه انت نيت". سألته إن كان زميله في عطلة أو مضرب فأجابني: "لو كان هناك إضراب ما وجدتني هنا". انتظرت ساعات طويلة و الألم يعتصر قلبي على معاناة المواطن مع تماطل بعض موظفي الإدارة لقضاء أغراض بسيطة. صعدت إلى مكتب رئيس المجلس البلدي للتوضيح، فوجدته، رفقة أعضاء مجلسه الموقر، غارقين في الصراخ في وجه بعضهم البعض و الناس يصرخون، بهمس، في الطابق السفلي احتجاجا على غياب موظف الإمضاءات. ثم عدت إلى المقاطعة الثانية، مرة أخرى، ولا ظهور للأستاذ رشيد، رحلت بعد أن يئست من مجيء الموظف المحترم وبعد أن أنهكني الإعياء والجوع...