يعيش سكان مدينة تمارة، وخاصة منهم كبار السن والمصابون بأمراض مزمنة، منذ أسابيع، معاناة حقيقية مع الإجراءات الواجب اتخاذها لتجديد البطاقة الوطنية أو استخراج جوازات السفر، بسبب مشاكل مرتبطة بجودة الخدمات داخل المقاطعات. في الوقت الذي يشتكي فيه الموظفون، من جانبهم، من إهمال أوضاعهم الاجتماعية التي تؤثر على أدائهم خاصة خلال فترة الصيف وكثرة العطل. وأكد مواطنون غاضبون في تصريحات متطابقة ل«المساء» أنهم ظلوا، على سبيل المثال، صبيحة أول أمس ينتظرون لفترات طويلة قبل أن تفتح أمامهم أبواب المقاطعة بحي المغرب العربي، متأخرة عن الوقت القانوني، حيث حلت موظفة واحدة لتقدم خدمة تصحيح الإمضاء لصفوف طويلة من المواطنين الذين انتظروا وقتا طويلا تحت الشمس اللاهبة قبل أن يحل دورهم. وتساءل المواطنون: «كيف يعقل أن يغيب الموظفون عن مقر عملهم لأكثر من ساعة ونصف، بل إن بعضهم لا يأتي أصلا إلا لدقائق ويذهب تاركا المواطنين ينتظرون»، مضيفين ل«المساء» أن عددا منهم وهم موظفون بالعاصمة كانوا قد تقدموا بطلبات للغياب ساعات قليلة لاستخراج تلك الوثائق قبل أن تضيع عليهم تلك الساعات الثمينة بسبب لامبالاة المسؤولين. من جهتهم يشتكي موظفو المقاطعات من ظروف العمل «غير الملائمة وغير المشجعة على توفير خدمة مناسبة للمواطنين، حتى إن المكاتب التي نشتغل عليها تعود إلى عقود طويلة مضت، وبعضنا لا يجد حتى الكراسي للجلوس فيقضون أشغالهم واقفين». ويشرح بعض الموظفين أنهم حرموا من التعويضات عن الساعات الإضافية إلى جانب أن أجورهم «بقيت على حالها دون أن ترق لحالهم قلوب المسؤولين»، في الوقت الذي تغيب فيه الإعلاميات عن كل مكاتب المقاطعات دون استثناء، الأمر الذي يزيد من تعقيد المهام أمام الموظفين والمواطنين على حد سواء. وتعتبر المقاطعة الثالثة بحي النهضة بتمارة نموذجا عن الظروف التي يشتغل فيها موظفو المقاطعات بالمدينة، حيث يوجد مقرها داخل قبو عمارة «ما يجعل العمل فيها مع ارتفاع الحرارة لا يحتمل»، حسب ما أكده ل «المساء» أحد المستشارين ببلدية تمارة، الذي أضاف أنه من المفترض أن يتدخل رئيس المجلس لحل المشاكل التي يعاني منها الموظفون، ومنها ضمان وجود ثلاثة موظفين على الأقل لديهم تفويض بتصحيح الإمضاء، حتى إذا غاب أحدهم تصدى آخر لضمان استمرار الخدمة للمواطنين، وليس كما هو الحال عليه الآن، حيث يتم تفويض تلك الصلاحية لموظف واحد. ويشير المصدر نفسه إلى أنه بات لازما أن يسارع رئيس المجلس البلدي كذلك لعقد اجتماع مع مسؤولي المقاطعات للحسم في إعادة انتشار الموظفين «بالنظر إلى أن بعض المقاطعات تعاني من خصاص في اليد العاملة في الوقت الذي يوجد فيه فائض من الموظفين في مقاطعات أخرى». وعاينت «المساء» وجود اكتظاظ كبير بعدد من المقاطعات بالمدينة منها المقاطعة الثانية والثالثة والسابعة ومكاتب الحالة المدنية وبعض الملحقات الإدارية التي خلت لنحو ساعة كاملة قبل التوقيت القانوني من جميع الموظفين، وهو ما جعل المواطنين يطالبون المسؤولين بالعمل على حل المشكل القائم للرفع من جودة الخدمات المقدمة للمواطنين الذين أتى بعضهم من مدن أخرى للحصول على نسخ من شواهد إدارية. وكانت الإدارة العامة للأمن الوطني قد أعلنت أن شهر دجنبر من سنة 2011 هو آخر أجل من أجل تغيير البطائق القديمة بالبطائق البيومترية، تحت طائلة فرض ذعيرة لم تحدد قيمتها، وهي الذعيرة التي ستشمل أيضا عدم التوفر على البطاقة أوعدم حملها. وذكرت أن الهدف من البطاقة البيومترية الجديدة هو اعتماد الإدارة الالكترونية، وإعفاء المواطن من إنجاز مجموعة من الوثائق الإدارية مثل شهادة الإقامة والجنسية والحياة، غير أن الشكاوى تنامت من عدم توفير الظروف الملائمة لتمكين المواطنين من الاستفادة من هذه المزايا حيث تشهد المصالح المكلفة باستقبال الطلبات ضغطا شديدا بعد تزايد عدد الراغبين في الحصول على البطاقة الجديدة في غياب العدد الكافي من الموظفين.