سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
فعاليات يصرحون ل"التجديد" : التعديلات الأخيرة التي أدخلت على مدونة الأحوال الشخصية متوافقة مع أحكام الشريعة الإسلامية لكن النصوص لوحدها لا تحل مشاكل الأسرة
يجمع بعض المختصين على أن التعديلات الأخيرة التي أدخلت على مدونة الأحوال الشخصية هي إيجابية لم تخرج عن دائرة الشرع الإسلامي، لكن هناك من يرى أن بعض مضامين تلك التعديلات تحمل في طيها بعض السلبيات كإلغاء الولاية وتعقيد مسطرة التعدد وغيره، وهذه تصريحات بعض الأساتذة المختصين، وكذلك بعض العدول المرتبطين بالجانب الميداني والتطبيقي لنصوص المدونة. الدكتور أحمد الخمليشي (مدير دار الحديث الحسنية):هناك مجالات أخرى مازالت تحتاج إلى الإصلاح هناك إيجابيات جاءت بها التعديلات الأخيرة لمدونة الأحوال الشخصية في إصلاح أوضاع الأسرة المغربية، لكن ليست وحدها القادرة على تحقيق كل ما نصبو إليه من إصلاح، على اعتبار أن هناك جوانب أخرى لا بد من معالجتها كالثقافة السائدة في المجتمع، وسلوك الأفراد في تحمل مسؤولياتهم، وأيضا الأدوات التي من خلالها يمكن تطبيق تلك الإصلاحات وهو الجانب المتعلق بالقضاء وإجراءاته وإمكانياته المادية والبشرية. والإيجابيات التي تحدثنا عنها تتجلى على سبيل المثال في رفع سن الزواج إلى 18 سنة، فالمتوخى من ذلك جعل المقبل على الزواج أن يكون في مستوى تحمل المسؤولية. وبالنسبة لتحمل الزوجة مع الزوج مسؤولية تسيير ورعاية شؤون البيت والأطفال فهو أمر واقعي، لكنه يبقى في حدود معينة، فهناك حالات لاتكون فيها المرأة ملزمة أو قادرة على الإنفاق. وفيما يخص حذف الفقرات الموجودة في النص السابق والخاصة بمسألة طاعة الزوجة للزوج أو فقرة إشرافها على البيت وتنظيم شؤونه، فهي مبادئ أقرب إلى الأخلاق منها إلى المقتضيات القانونية، فهي في عمقها مرتبطة بواقع الزوجين وسلوكهما وشخصيتهما ومركزهما. وبطبيعة الحال هناك مجالات أخرى مازالت تحتاج إلى الإصلاح، خاصة فيما يتعلق منها بالتربية الأسرية وتحمل الأشخاص مسؤولياتهم قبل مطالبتهم بالحقوق، وبعض الجوانب الأخرى المرتبطة بالتقاليد كالمبالغة في المهور والتكلف في الحفلات وغيرها.. الأستاذ خالد برجاوي (أستاذ جامعي):الإصلاحات لا تتعارض مع تقاليدنا وأعرافنا وديننا، خاصة القواعد الثابتة منه الإصلاح يجب أن لا ننظر إليه من الجانب التقني فقط، فالنصوص ليس لها الدور الحاسم في حل جميع المشاكل، والمدونة ليست هي الوسيلة الوحيدة في الإصلاح، بل هي وسيلة لقيادة قاطرته. هذه الإصلاحات قطعت أشواطا كثيرة من النقاشات والاختلافات، ولكنها في النهاية حسمت الطريقة التي ينبغي الحسم فيها في التعديلات المتعلقة بمجال مدونة الأحوال الشخصية. فإلغاء الولاية في الزواج كان منتظرا ، والهدف منه هو رفع هفوة قانونية كانت تستغل عمليا في التعسف ضد المرأة، ومع ذلك فالمرأة في أغلب الأحيان مرتبطة بأهلها وبوليها ولو كانت راشدة، فلا يتم الزواج عمليا إلا بحضور أهلها وحتى الجيران في بعض الأحيان. وعلى صعيد آخر، فالهدف من التنصيص على مشاركة الزوجة في تحمل أعباء البيت إلى جانب زوجها هي مسألة هامة بالنسبة للزوجة، لأنه كان في السايق لا يتم الاعتراف لها بمساهمتها في الإنفاق على بيتها. إن المدونة جاءت بأشياء إضافية مستجيبة للتحولات الاقتصادية والاجتماعية التي عرفها المغرب، وبالتالي ستساعد على حل كثير من المشاكل على الأقل بالنسبة التي لها ارتباط بالنصوص، والإصلاحات لم تتعارض مع تقاليدنا وأعرافنا وديننا خاصة القواعد الثابتة منه. محمد المحفوظي (عدل وخريج دار الحديث الحسنية):تعقيد المساطر لا يحل المشاكل وإنما يولد مشاكل أخرى إن التعديلات الأخيرة للمدونة هي تعديلات إيجابية ولم تخرج عن دائرة الاجتهاد داخل النصوص الشرعية، لكن سأتطرق إلى بعض الجوانب التطبيقة والميدانية لبعض المضامين التي جاءت بها. فبالنسبة لمسألة إلغاء الولاية، فيها جانب إيجابي وهي رفع الحرج عن المرأة التي تختلف مع وليها لسبب من الأسباب، فيحرمها من حقها في الزواج، أما الجانب السلبي في الإلغاء فهو إمكانية تزوج البنت خفية من أبيها، مما يطعن في الصميم التكافل الأسري. ونجد مثلا أن رفع سن الزواج إلى 18 سنة بالنسبة للمرأة لا يتناسب مع مع الأوساط الشعبية والمناطق الريفية وهم أغلبية المغاربة كما نعلم، والنتيجة المباشرة لهذا تعقيد مسطرة الزواج بالنسبة لمن ترغب في الزواج في أقل من 18 سنة. وبالنسبة لمسألة الحضانة كان الأولى أن يعطى للمطلقة حق التصرف فيها، تتنازل عنها إن شاءت للأب أو لأمها أو تبقي محضونها معها، بدل من نقل الحضانة من الأم إلى الأب مباشرة. أما بالنسبة للتعدد، فهو أصلا قليل يرتبط بالوضع المالي للأشخاص، ومن الناحية العملية فمن يرغب في التعدد إذا اصطدم بالمسطرة المعقدة فهو قد يلجأ إما إلى زواج عرفي أو إلى الزنا، وهذا تعدد من نوع آخر، بعبارة أخرى تعقيد المساطر لا يحل المشاكل وإنما يولد مشاكل أخرى.. وعلى العموم، فإن المدخل الصحيح للقوانين هو إصلاح الإنسان في جميع أبعاده ورفع الظلم عنه في جميع قضاياه.. عمر العمري