جلالة الملك يستقبل الرئيس الموريتاني محمد ولد الشيخ الغزواني    "التقدم والاشتراكية" يحذر الحكومة من "الغلاء الفاحش" وتزايد البطالة    الجزائر تسعى إلى عرقلة المصالحة الليبية بعد نجاح مشاورات بوزنيقة    مسلمون ومسيحيون ويهود يلتئمون بالدر البيضاء للاحتفاء بقيم السلام والتعايش المشترك    انخفاض طفيف في أسعار الغازوال واستقرار البنزين بالمغرب    بلينكن يشيد أمام مجلس الأمن بالشراكة مع المغرب في مجال الذكاء الاصطناعي    وقفة أمام البرلمان تحذر من تغلغل الصهاينة في المنظومة الصحية وتطالب بإسقاط التطبيع    الولايات المتحدة تعزز شراكتها العسكرية مع المغرب في صفقة بقيمة 170 مليون دولار!    الرجاء يطوي صفحة سابينتو والعامري يقفز من سفينة المغرب التطواني    العداء سفيان ‬البقالي ينافس في إسبانيا    جامعة الفروسية تحتفي بأبرز فرسان وخيول سنة 2024    مباراة نهضة الزمامرة والوداد بدون حضور جماهيري    جرسيف .. نجاح كبير للنسخة الرابعة للألعاب الوطنية للمجندين        لقاء مع القاص محمد اكويندي بكلية الآداب بن مسيك    لقاء بطنجة يستضيف الكاتب والناقد المسرحي رضوان احدادو    ملتقى النحت والخزف في نسخة أولى بالدار البيضاء    بسبب فيروسات خطيرة.. السلطات الروسية تمنع دخول شحنة طماطم مغربية    اتهامات "بالتحرش باللاعبات".. صن داونز يعلن بدء التحقيق مع مدربه    مقاييس الأمطار المسجلة بالمغرب خلال ال24 ساعة الماضية    دشنه أخنوش قبل سنة.. أكبر مرآب للسيارات في أكادير كلف 9 ملايير سنتيم لا يشتغل ومتروك للإهمال    روسيا تمنع دخول شحنة طماطم مغربية بسبب "أمراض فيروسية خطيرة"    ندوة علمية بالرباط تناقش حلولا مبتكرة للتكيف مع التغيرات المناخية بمشاركة خبراء دوليين    غزة تباد: استشهاد 45259 فلسطينيا في حرب الإبادة الإسرائيلية على غزة منذ 7 أكتوبر 2023    الرباط.. مؤتمر الأممية الاشتراكية يناقش موضوع التغيرات المناخية وخطورتها على البشرية    بنعبد الله: نرفض أي مساومة أو تهاون في الدفاع عن وحدة المغرب الترابية    قضايا المغرب الكبير وأفريقيا: المغرب بين البناء والتقدم.. والجزائر حبيسة سياسات عدائية عقيمة    أكادير: لقاء تحسيسي حول ترشيد استهلاك المياه لفائدة التلاميذ    استمرار الاجواء الباردة بمنطقة الريف    تفاصيل المؤتمر الوطني السادس للعصبة المغربية للتربية الأساسية ومحاربة الأمية    البنك الدولي يولي اهتماما بالغا للقطاع الفلاحي بالمغرب    تثمينا لروح اتفاق الصخيرات الذي رعته المملكة قبل تسع سنوات    ألمانيا: دوافع منفذ عملية الدهس بمدينة ماجدبورغ لازالت ضبابية.    خبير أمريكي يحذر من خطورة سماع دقات القلب أثناء وضع الأذن على الوسادة    تبييض الأموال في مشاريع عقارية جامدة يستنفر الهيئة الوطنية للمعلومات المالية    حملة توقف 40 شخصا بجهة الشرق    "اليونيسكو" تستفسر عن تأخر مشروع "جاهزية التسونامي" في الجديدة    ندوة تسائل تطورات واتجاهات الرواية والنقد الأدبي المعاصر    استيراد اللحوم الحمراء سبب زيارة وفد الاتحاد العام للمقاولات والمهن لإسبانيا    القافلة الوطنية رياضة بدون منشطات تحط الرحال بسيدي قاسم    ارتفاع حصيلة ضحايا الحرب في قطاع غزة إلى 45259 قتيلا    سمية زيوزيو جميلة عارضات الأزياء تشارك ببلجيكا في تنظيم أكبر الحفلات وفي حفل كعارضة أزياء    الأمن في طنجة يواجه خروقات الدراجات النارية بحملات صارمة    لأول مرة بالناظور والجهة.. مركز الدكتور وعليت يحدث ثورة علاجية في أورام الغدة الدرقية وأمراض الغدد    إسرائيل تتهم البابا فرنسيس ب"ازدواجية المعايير" على خلفية انتقاده ضرباتها في غزة    أمسية فنية وتربوية لأبناء الأساتذة تنتصر لجدوى الموسيقى في التعليم    وفاة الممثل محمد الخلفي عن 87 عاما    الممثل القدير محمد الخلفي في ذمة الله    دواء مضاد للوزن الزائد يعالج انقطاع التنفس أثناء النوم    المديرية العامة للضرائب تنشر مذكرة تلخيصية بشأن التدابير الجبائية لقانون المالية 2025    كودار ينتقد تمركز القرار بيد الوزارات    أخطاء كنجهلوها..سلامة الأطفال والرضع أثناء نومهم في مقاعد السيارات (فيديو)    "بوحمرون" يخطف طفلة جديدة بشفشاون    للطغيان وجه واحد بين الدولة و المدينة و الإدارة …فهل من معتبر …؟!!! (الجزء الأول)    حماية الحياة في الإسلام تحريم الوأد والإجهاض والقتل بجميع أشكاله    عبادي: المغرب ليس بمنأى عن الكوارث التي تعصف بالأمة    توفيق بوعشرين يكتب.. "رواية جديدة لأحمد التوفيق: المغرب بلد علماني"    توفيق بوعشرين يكتب: "رواية" جديدة لأحمد التوفيق.. المغرب بلد علماني    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الأستاذ عبد السلام البوريني نقيب الهيئة الوطنية لعدول المغرب للتجديد:أخشى أن يزيد تعقيد إجراءات الزواج من نسبة العنوسة في مجتمعنا
نشر في التجديد يوم 01 - 04 - 2004

يؤكد الأستاذ عبد السلام البوريني، ننقيب الهيأة الوطنية لعدول المغرب، أن تطبيق مدونة الأسرة يعرف مشاكل عديدة على المستوى العملي، فإجراءات الزواج حسب نقيب العدول أصبحت معقدة وقد تزيد من نسبة العنوسة في المغرب، كما أن العديد من فصول المدونة تنتظر الدليل الذي وعدت وزارة العدل بإخراجه من أجل تسهيل تطبيقها. كما يطالب البوريني باسم جميع العدول بالإسراع في إخراج مشروع القانون المنظم لخطة العدالة، وهدد بشن أشكال احتجاجية كثيرة من أجل تحقيق هذا المطلب، وهو ما سيشرع فيه العدول ابتداء من يوم الإثنين المقبل بشن إضراب ووقفة احتجاجية يقرؤون فيها اللطيف والقرآن الكريم أمام وزارة العدل، وسيليها إضراب وطني يوم 29 أبريل المقبل، وهي أشكال احتجاجية قد تصل إلى حد طلب التحكيم الملكي في الموضوع. وإليكم نص الحوار:
طالبتم منذ مدة بإخراج مشروع القانون المنظم لخطة العدالة إلى حيز التنفيذ، أين وصل هذا المشروع؟
بسم الله الرحمان الرحيم، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، وعلى آله وصحبه أجمعين، خطة العدالة تطبق على أرض الواقع، وطالبنا منذ مدة بتنظيمها بمشروع قانون وإحداث هيآت على صعيد محاكم الاستئناف. هذا المشروع وضع بين يدي السيد وزير العدل منذ تاريخ 11 نونبر ,1998 ومنذ ذلك التاريخ وهو يتدحرج على رفوف الوزارة إلى أن خرج منذ سنتين تقريبا إلى الأمانة العامة للحكومة، وهناك أقبر، وفي اعتقادي فالأمانة العامة للحكومة مقبرة مشاريع القوانين، وخصوصا المهنية منها، أما المشاريع التي تكون لصالح الدولة فهي تخرج بسرعة فائقة.
مشروع خطة العدالة هذا يعلق عليه السادة العدول الآمال العريضة، لأنه ينظم مهنتهم ويدخلها في إطار حضاري حداثي، وما نسعى إليه هو تسريع العمل والإنتاج الجيد، والإشهاد المتقن، والشق الثاني من مطالبنا في هذا المشروع هو الهيئة الوطنية لعدول المغرب، التي نريد أن تكون درعا واقية للسادة العدول من كل الصدمات التي يتعرضون لها، خاصة أمام النيابة العامة ومتابعاتها الكثيرة والمتعددة، والتي تكون في غالب الأحيان غير مبررة، لا لشيء إلا لكون المتابع عدلا.
وقد سبق لنا أن أعلنا عن إضراب وطني يوم 3 دجنبر ,2003 وفعلا فقد استدعانا السيد الكاتب العام لوزارة العدل قصد احتواء هذا الإضراب وامتصاص غضب السادة العدول، وذلك يوم الإثنين 2 دجنبر ,2003 حيث تم الاتفاق بين المكتب التنفيذي للهيأة ووزارة العدل على تعليق هذا الإضراب إلى حين، وجددنا الملف المطلبي معللا وبعثنا به إلى السيد وزير العدل، وشرحنا في مذكرة مفصلة النقط والمواد التي نريد إدراجها وإلحاقها بالمشروع، لأن الوزارة أثناء مناقشتنا معها هذا المشروع لم تقتنع، ولم ترد أن تدرج هذه النقط، ونحن تشبثنا بها، وكتبنا إلى السيد وزير العدل الأسبق بشأنها، كما كتبنا إلى البرلمان بغرفتيه رسائل مضمونة مع الإشعار بالتوصل، ملتمسين وموضحين أننا نتشبث بمطالبنا، التي نعتبرها المرتكز الأساس للتوثيق العدلي، ومطالبنا هذه كثيرة تضم حوالي 15 نقطة، منها على سبيل المثال:
أننا نطالب بأن ننتسب إلى الوزارة، لأن المادة الأولى من القانون لم تنسبنا إلى الوزارة، ووصفت مهنة العدالة بأنها مهنة حرة ثم سكتت، ولم نعد نحن العدول نعرف هل نحن سعاة بريد أو أعوان قضاء أو عمدة القضاء أو مساعدو القضاء، المهم سكتت عنا وزارة العدل كأن هذه المهنة لا تنتسب إلى وزارة من الوزارات...
(أقاطعه) ولكنكم عمليا تابعون لوزارة العدل وتعملون بتنسيق وتحت إمرة النيابة العامة؟
صحيح، ولكن نحتاج إلى الصفة وإلى الاعتراف القانوني، فقانون 1960 كان يسمي العدول عمدة القضاء، أي أن الوثائق العدلية كانت الأساس في الأحكام الشرعية الصادرة آنذاك، لكن لما جاء قانون 1983 أزال هذه الصفة، وقال إن مهنة العدالة مهنة حرة ومستقلة تخضع لشروط واختصاصات... وسكت عن الإلحاق بأي وزارة.
هل معنى هذا أنه ليس هناك قانون منظم لمهنة العدالة بالمغرب؟
بلى، يوجد قانون، لكنه أصبح متجاوزا، حيث صدر سنة ,1983 وبين هذه السنة وسنة 2004 تغيرت العديد من المعطيات والظروف، وأصبحنا نقول إننا في عصر الحداثة والديموقراطية والسرعة والمعلوميات والعصرنة والتكنولوجيا...إلخ، فلم لا يساير القانون المنظم للعدالة هذا التطور؟ بل إننا أصبحنا نلحظ الحيف حتى في التشريع، فلو قارنا بين التشريع في التوثيق العدلي والتوثيق العصري لوجدنا تفرقة كبيرة بين المواطنين، وهذا ظلم كبير، فنحن أيضا نطالب بأن يكون لنا صندوق إيداع، أي أن كل عدل شهد على مستثمر أو بائع مثلا، يجب أن يأخذ ثلاثين في المائة من مبلغ البيع أو الاستثمار على سبيل الوديعة حتى يسوي المشهود عليه جميع واجباته الضريبية ومستحقات الخزينة عليه، لأن قانون 9 25 وقانون الديون العمومية، وخاصة الفصل 95 منه يلزمنا نحن العدول بأداء الضرائب مع الملزمين. ومعنى صندوق الإيداع هذا أن يكون لكل عدل حساب خاص به في الخزينة يودع فيه النسبة التي ذكرنا سابقا يتلقاها عن كل توثيق استثماري أو تجاري، ويسلم صاحبها وصلا عنها، ليردها إليه في النهاية، أو يرد له ما تبقى منها إذا تكلف هو بتسوية الوضعية الضريبية. وهذه تدابير سارية
المفعول ومعمول بها في التوثيق العصري، ولسنا ندري لماذا نحرم منها نحن، وسننتحر من أجل تحقيق هذا المطلب، بل ونريد أن تتحقق لنا المساواة مع الموثقين العصريين، خصوصا وأن أخبارا بلغتنا مفادها أن مشروعي القانونين المنظمين لمهنتنا ومهنتهم على أبواب البرلمان، وسوف لن نألو جهدا في المطالبة بحقوقنا المشروعة، وسنحتج وسنضرب ولن نتوقف أبدا حتى ننتزع حقوقنا، وقد وصلنا إلى مرحلة نكون أو لا نكون، واقتنعنا بذلك تمام الاقتناع.
لنواصل الآن مع باقي مطالبكم...
مثلا مسطرة التأديب، فالوزارة أعطتنا هيئة، ولكنها مبتورة، وهي بحاجة إلى وسائل العمل وآليات الضبط، وبحاجة أيضا إلى الوسائل الزجرية وكذا الوسائل التأهيلية، وفي غياب هذه الإمكانات والوسائل يستحيل على الهيئة أن تعمل بشكل فعال، وحتى المكتب التنفيذي الآن ليست له الوسائل القانونية الكفيلة بجعل السادة العدول يستمعون له وينضبطون لقراراته ويستجيبون لتوجيهاته، وأنا شخصيا، منذ ثمان سنوات وأنا نقيب الهيئة، ويستمع إلي العدول ويستجيبون لي فقط بقدرة الله السميع العليم، وليست لي عليهم سلطة زاجرة تجبرهم على أن يستمعوا لي... والهيئة الحالية هي فقط جمعية ينظمها ظهير ,1958 ولما نظمنا مؤتمرنا الوطني سنة 1994 بالمركب الثقافي بالمعاريف في الدار البيضاء، اتفقنا على تسميتها الهيئة الوطنية لعدول المغرب، وهذه الجمعية منذ 1994 وهي تناضل من أجل إحداث هيئة وطنية فعلية منظمة بقانون، على غرار هيئة المحامين وهيئة الأطباء وهيئة الصيادلة وغيرها، فنحن بدورنا نريد هيئة مهنية لها الآليات الكافية لضبط المهنة، ونحن نسعى من وراء ذلك إلى تنظيم المهنة ووضع آليات للتأديب، لتطوير العمل وتسريعه والحرص على الجودة والاستقرار فيه، وفي
ذلك خدمة سامية، ليس فقط للسادة العدول، بل أيضا للمواطن والأمة ككل، لأن العدل إذا كان صالحا وأدى مهمته كما يجب، ففي ذلك خدمة لكل البيوت والأسر.
وبالإضافة إلى صندوق الإيداع الذي تحدثت عنه سابقا، نطالب كذلك بصندوق للتكافل، وهو ما يسمى بالحق التوثيقي عند الموثقين، أي أن وزارة المالية تعطي الموثقين نسبة بالمائة من المداخيل التي يستخلصونها لها كرسوم تسجيل، فنحن كذلك نطالب بالشيء نفسه، نريد من وزارة المالية أن تعطينا نسبة من المداخيل التي نجلبها لها، ونحن لا نريدها عبثا، بل نريدها أن تكون مصدرا لتمويل صندوق تكافل يكون رهن إشارة أي عدل يعاني من مشاكل مادية مثلا أو ابتلي ابتلاء ما يحتاج معه هو وأسرته مساعدة ودعما، كأن يمرض لا قدر الله أو يعتقل لسبب من الأسباب أو يتم توقيفه عن العمل، هذه هي أهداف صندوق التكافل الذي نريد أن يمول من الرسوم التي نجلبها لوزارة المالية دون أي مقابل، وما دام هذا الحق التوثيقي يتمتع به الموثقون، فلم لا يكون لدى السادة العدول الحق فيه أيضا؟ ونطالب كذلك بالحفاظ على حقنا المكتسب في تأسيس الشركات، الذي سلبتنا إياه وزارة العدل في مشروعها...
(أقاطعه) لماذا سلبتكم هذا المكسب؟
الله أعلم، لحاجة في نفس يعقوب لا نعرفها... ولكننا سندافع بقوة من أجل إحقاق الحق وتثبيت مكاسبنا وحقوقنا كما يجب. نطالب أيضا في قضية التصرفات العقارية بإلغاء خطاب القاضي لأنه لا معنى له، وأن يوثقها العدل لوحده ويتحمل فيها كامل المسؤولية، فيوقع العقد هو والأطراف المعنية، ويسووا الوضعية القانونية مع وزارة المالية والمحافظة العقارية مساواة بالموثقين العصريين، ولا بأس إذا بقي خطاب القاضي في عقود الزواج والطلاق.
في نظركم، لماذا هذا الفرق بين التوثيق الشرعي والتوثيق العصري؟
لأن القانون الذي ينظم مهنة العدالة وضعه إخواننا المغاربة، وربما أقول إن واضعيه كانوا حاقدين على مهنة العدالة، لذلك نجد الحيف الكبير، بينما القانون المنظم لعمل الموثقين صدر في 24 ماي 1925 على عهد الاستعمار الفرنسي، وهو قانون وضعه الفرنسيون لموثقيهم، حيث كان هذا القانون ينص على أن الموثق يجب أن يكون فرنسي الجنسية، واشترط عليه ألا يتعامل إلا مع الأجانب، فالمشرع الفرنسي إذن وضع هذا القانون لمواطنيه ولم يضعه للمغاربة، ومنذ الاستقلال والموثقون المغاربة يعملون بهذا القانون إلى الآن، وهناك مشروع قانون منظم لمهنتهم يسير جنبا إلى جنب الآن مع مشروعنا نحن. فلماذا لا تنكب الحكومة والبرلمان على دراسة هذين المشروعين لاستخراج مشروع موحد، ومن ثم جمع الموثقين والعدول في مهنة واحدة؟ ألسنا أبناء وطن واحد ومهنة واحدة؟ والموثقون هم إخوتنا وأصدقاؤنا، وعلاقتنا معهم طيبة جدا، والقانون والتشريع هو الذي يفرق ويبث البلبلة بيننا، وعملنا هو عمل الموثقين، نختلف فقط في مسألة واحدة، وهي أن القانون المنظم للتوثيق العصري، يخول السادة الموثقين التعامل مع العقارات المحفظة فقط، أما الآن وبمقتضى قانون 44 00 وبمقتضى قانون
الملكية المشتركة 18 00 فقد أصبح من حقهم التعامل حتى في العقارات غير المحفظة، وإضافة إلى هذا فهم يوثقون الأحوال الشخصية الأجنبية، أما العدول فيوثقون العقار المحفظ وغير المحفظ والأحوال الشخصية المغربية، فعمليا نحن موحدون في المهنة، فلم لا يحتفظ الموثقون بالأحوال الشخصية الأجنبية، ويوحد التوثيق في قانون واحد جامع؟
قلتم قبل قليل إن مشروع القانون المنظم لخطة العدالة أقبر منذ سنتين في الأمانة العامة للحكومة، التي اعتبرتموها مقبرة المشاريع، فمن في نظركم أقبر مشروعكم؟ ومن له المصلحة في ذلك؟
أقبرته طبيعة عملهم، فما من مشروع يعرض على الأمانة العامة للحكومة إلا وبقي هناك مرميا في الرفوف ما شاء الله، ورغم أننا تحركنا وحفزنا الأمانة العامة للحكومة، وخصوصا لما دعونا إلى الإضراب الذي سبق أن تحدثنا عنه، وقد تحركت وزارة العدل في ذلك الوقت وأخرجت المشروع من الأمانة العامة للحكومة ووزعته على الوزراء المختصين، وبلغنا أخيرا أن كلا من مشروعنا ومشروع الموثقين سيعرضان قريبا على أنظار لجنة العدل والتشريع بالبرلمان.
إذن فالأمر كان يحتاج فقط تحركا من وزارة العدل؟
نعم، فما دامت وزارة العدل أعدت مشروعا يهمها، وما دام أصحاب هذا المشروع يطالبون بإخراجه إلى الوجود منذ سنوات، فكان حريا بها أن تهتم بالمشروع وتحركه، دون حاجة إلى أن نقوم نحن لنحتج ونهدد بالإضراب، ومادامت الوزارة الوصية تقول إن مدونة الأسرة لا يمكن أن تطبق في غياب مشروع قانون خطة العدالة الجديد، وإذا كان هذا صحيحا، فلماذا لم تتحرك قبل أن نحركها؟ ولاسيما أنها كانت تعرف أن مدونة الأسرة آتية بسرعة، وهاهي أتت بسرعة مذهلة، وطبقت بشكل فوري واستعجالي.
هل المشروع الذي قلتم إنه الآن قاب قوسين من البرلمان يستجيب لتطلعات السادة العدول؟
لو كان يستجيب لها لما أعلنا عن إضراب وطني، حيث طالبنا أولا بتسريع وتيرة معالجة الملف، وفي الوقت نفسه يتضمن الملف الذي قدمناه للسادة الوزير الأول ووزير العدل ونشرناه في الجرائد الوطنية، المطالبة بإدراج وإلحاق المطالب التي ذكرنا أهما سابقا، لأن السيد وزير العدل استقبل المكتب التنفيذي للهيئة يوم 24 فبراير 2003 وعرضت عليه هذه المطالب ووعد بإلحاقها بالمشروع، وقال لنا لحظة الاستقبال إنه مازال الوقت الكافي لتعديل المشروع وإدراج مطالبنا فيه، وقبل بها وكلف السيد مدير الشؤون المدنية الكاتب العام للوزارة حاليا بدراسة هذه المطالب معنا، وفعلا عقد معنا جلسة وعرضنا عليه تصورنا نقطة نقطة، ولكن بعدما تم امتصاص غضب السادة العدول، وإلغاء الإضراب الذي كان معلنا، بدأت الرسائل تأتينا تباعا: حالما... طالما... قيد الدرس... سوف... ولم نر شيئا مما وعدتنا به الوزارة...
وهل أنتم الآن متأكدون أن مطالبكم لم تضمن في المشروع الذي سيحال على البرلمان؟
نحن متيقنون من أنها لم تضمن، لأن مشروع القانون المذكور ناقشناه مع الوزارة، ورفضت مطالبنا، هم رفضوها ونحن نتشبث بها، ولذلك فما زلنا نلح على إلحاقها بالمشروع، وإذا لم تلحق به فسيكون مبتورا.
إذا خرج المشروع من الأمانة العامة للحكومة وعرض على البرلمان، فمعنى ذلك أن معركتكم ومطالبكم ستتحول إلى نواب الأمة، فما هي الخطوات التي تنوون القيام بها في هذا المجال؟
هذا من سر المهنة، ولكننا سوف لن نألو جهدا في الاتصال مع جميع الفرق البرلمانية، لأن هذه القضية نعتبرها وطنية، والقانون موضوع الحديث وطني ويهم شريحة كبيرة من الأمة وهم السادة العدول، كما يهم المواطنين بصفة عامة، فنحن نسعى للحفاظ على مكاسب وتحقيق أخرى تضمن أداء جيدا في عمل السادة العدول واستقرارا في المعاملات، فإذا كانت الوزارة تبحث عن الجودة وخدمة الصالح العام فنحن معها في ذلك، وهذا عين ما نطالب به، أما إذا كانت تعتمد سياسة التمرير فقط، فنحن لن نقبل ذلك، وسنحارب هذا الأسلوب.
قلتم قبل قليل إن المشروع لم يتحرك من الأمانة العامة للحكومة إلا بعدما هددتم بإضراب وطني، هل يمكن أن ننتظر من السادة العدول تهديدات بإضرابات جديدة لكي يستجيب البرلمان لمقترحاتكم؟
إن السادة العدول واعون كل الوعي بمصالحهم، ومستعدون تمام الاستعداد للدفاع عن مطالبهم، وهم ينتظرون منا الإشارة فقط، وهم جاهزون في أي لحظة من الزمن للوقوف احتجاجا أو إضرابا لمدة يوم أو يومين أو أسبوع أو أسبوعين أو شهر... وأوجه نداء إلى المسؤولين بمن فيهم السادة وزير العدل والوزير الأول ووزير الفلاحة ووزير المالية ووزير الإسكان، وكل الوزراء الذين لهم علاقة بمهنة العدالة من أجل أن يستجيبوا لمطالب السادة العدول، وخصوصا منها المطالب المستعجلة والملحة التي ذكرناها، والتي بعثنا بها كذلك إلى السادة البرلمانيين منذ سنتين، وإذا لم تجد مطالبنا هذه آذانا صاغية، فإننا سنتسلق درجة أخرى، وقد نستغيث بجلالة الملك ونطلب التحكيم الملكي في الموضوع.
ننتقل الآن إلى محور مدونة الأسرة، التي دخلت حيز التنفيذ منذ أسابيع، بصفتكم جنود الميدان، ما هي أهم المشاكل الواقعية التي تعترضكم في تطبيق المدونة؟
مدونة الأسرة في ما يتعلق بالجانب الإجرائي والتطبيقي، كلها إشكالات، وهذا الأمر فيه مسؤولية وطنية، نظرا لما تكتسيه مدونة الأسرة من إجماع، وجلالة الملك نصره الله حدد التوجهات الكبرى ووضع الخطوط الحمراء التي لا يجب أن تتجاوز، وخصوصا في ما يتعلق بالمرجعية الإسلامية، أما ما يتعلق بالتدابير الإجرائية والتطبيقية، فقد أوكل أمرها إلى السيد وزير العدل وإلى قبة البرلمان بغرفتيه، إلا أن وزارة العدل والبرلمان لم يقوما بدراسة تجعل المدونة في متناول الجميع، وتضمن لها تطبيقا سليما يعين حتى القضاء في أداء مهمته النبيلة، فالآن بعض قضاة الأسرة لا يعرفون من أين يبدؤون، بل والوزارة نفسها حائرة في الحلول العملية، وتبحث فقط عن حلول ترقيعية، وكنا كاتبنا وزير العدل وكذا بعض البرلمانيين، وأرسلنا إليهم مقترحات وملاحظات لعلهم يأخذون بها في الميدان الإجرائي، لكن للأسف لم يلتفت أحد إلى هذه المقترحات، فقد لاحظنا مثلا على المادة 49 أن إلزامها العدلين بإشعار طرفي الزواج بالأحكام المتعلقة بتدبير الممتلكات المكتسبة في فترة الزوجية يسبب للسادة العدول حرجا، حيث يأتي المواطن في أول زواجه سعيدا فتضطرنا هذه المادة إلى أن
نصدمه بالمقتضيات المذكورة، ومن المواطنين من عادوا إلى حال سبيلهم بعد سماع مثل هذا الكلام، وكذلك الفقرة السادسة من المادة 17 التي تنص على تأشير قاضي الأسرة على الوكالة في الزواج، ليتأكد من توفر الشروط المطلوبة، وهذا نرى فيه مسا بشخصية العدلين وكذا بشخص السيد قاضي التوثيق، بالإضافة إلى كونها سوت بين الوكالة الرسمية، التي يكتبها العدول أو الموثقون، وبين العقد العرفي، وفي ذلك خطأ فادح، كما أن هذه المادة تنزع المصداقية عن العدول وعن القضاة، وتزيد من تعقيد المساطر.
لاحظنا كذلك على الفقرة الرابعة من المادة 65 أن فيها غموضا سيثير إشكالات معقدة، فما فائدة تصريح الخاطبين المنصوص عليه في هذه الفقرة إذا كان كل واحد منهما قد أعد مسبقا ملفا للزواج يتضمن من بين ما يتضمن شهادات إدارية تثبت حالته العائلية، وما هي الوثائق التي يرفقها بتصريحه في حالة وجود زواج سابق، وما العمل إذا كان تصريحه مخالفا لملف مستندات الزواج، ونحن نرى في كل هذا مشقة زائدة على المواطنين، خصوصا القاطنين بالمناطق البعيدة عن محاكم الأسرة، والمفروض في التشريعات أن تراعي مصلحة المواطن أولا.
أما الفقرة التاسعة من المادة ,67 التي تنص على توقيع الزوجين والولي عند الاقتضاء في عقد الزواج، والمعروف أن التوقيع عند العدول يكون في مذكرة الحفظ، فكيف يتصور عمليا توثيق عقد الزواج؟ هل يسمع من الأطراف في وقت ويستدعون في وقت آخر للتوقيع على العقد. ومن أهم ما اعترضنا عليه التنصيص على إيداع ملف مستندات الزواج بكتابة ضبط قاضي الأسرة والإذن بتوثيق الزواج المنصوص عليهما في المادة ,65 لأننا نرى في ذلك مزيدا من العنت للمواطنين وتعقيدا لمقتضيات الزواج، وإرهاقا لعمل قاضي الأسرة، فكم من ملفات مستندات الزواج ستتراكم على مكتبه تنتظر التأشير عليها؟ وهل ستأخذ كل هذه الملفات طريقها إلى التسوية في الوقت المناسب، مع مراعاة الأحوال الاجتماعية للمغاربة وعاداتهم وتقاليدهم. وللأسف فقد قدمنا العديد من المقترحات في موضوع المدونة لوزارة العدل وكذا للبرلمانيين، لكن للأسف لم يلتفت إليها ولم تؤخذ بعين الاعتبار.
يظهر أن المشاكل التي أشرتم إليها في مذكرتكم إلى وزارة العدل والبرلمانيين هي نفسها المشاكل الواقعية التي تواجهونها حاليا في تطبيق المدونة؟
تماما، وأكثر ما يعانيه السادة العدول على المستوى الوطني هو أن السادة قضاة التوثيق يمتنعون عن الخطاب على العقود العدلية بدعوى أن المواطن يجب أن يوقع على العقد، وبالنسبة لنا نحن يستحيل تحقيق هذا الشرط...
هل نفهم من هذا إذن أن سير الزواج الآن في المغرب متعثر؟
نعم هو متعثر، بل إن المحاكم أصبحت تشهد الفوضى بسبب اصطفاف المواطنين أمامها للحصول على الإذن بالزواج، وما حذرنا منه هو الذي وقع الآن بالضبط، خصوصا في البوادي، والعقد العدلي لم تعد له قيمة، وأصبحنا وكأننا نتجه نحو مرحلة يصبح في الزواج يعقد في مكاتب الحالة المدنية والمقاطعات، وأستغرب كيف تعترف وزارة العدل بتوقيع شخص على ورقة (التوقيع على العقد) وتلغي شهادة العدلين وتوقيعهما وكذا خطاب القاضي ومذكرة الحفظ التي أحدثت بمذكرة من الوزارة نفسها، بل إنه في السابق كانت هذه المذكرة هي المرجع في حال ضياع عقد الزواج، أما الآن فلم تعد لها أهمية. والخطير الآن هو أن عملية التوقيع على العقد هذه قد تقع فيها مشاكل، لكن المسؤولية كلها ستقع على العدل.
ولو اجتهدت وزارة العدل وأصدرت مرسوما لحلت العديد من المشاكل، خصوصا وأن المادة 67 من المدونة جاء في آخرها أنه يمكن بمرسوم من وزير العدل تغيير وتتميم لائحة المستندات التي يتكون منها ملف عقد الزواج وكذا محتوياته، ومن جملة المحتويات التوقيع على العقد. وما على وزير العدل إلا إن يصدر منشورا يلغي التوقيع على العقد أو يلغي مذكرة الحفظ. خصوصا وأن جلالة الملك أوكل أجرأة المدونة وطريقة تنزيلها إلى وزير العدل. وللأسف كان على الوزارة أن تشركنا في الموضوع لتستفيد من تجربتنا العملية في الميدان. ولو استدعتنا وتباحثنا معها ساعتين من الزمن فقط لكفيناها السقوط في كل هذه الإشكالات.
إذن أنتم تصرحون بأنكم غيبتم أثناء إعداد المدونة؟
بالطبع ما دمنا لم نحضر ولم نستشر ولم يستدعنا أحد ولم يعبأ بملاحظاتنا التي أبديناها، هذا ليس تغييبا فقط، بل هو الإقصاء الأبدي
وهل هناك مشاكل أخرى تعانون منها في تطبيق المدونة؟
أجل فالمدونة من الناحية الإجرائية كلها مشاكل، فهناك مثلا ما يتعلق بالنيابة القانونية التي تجعلنا نصطدم كثيرا بالواقع، حيث يشترط إذن القاضي، والسادة قضاة التوثيق الآن وقضاة الأسرة في حيرة لا يعلمون ما يقدمون وما يؤخرون، وهم فقط يعملون وفق اجتهاداتهم، ووزارة العدل نفسها مازالت في حيرة، إضافة إلى أن هناك فصولا عديدة تحتمل أكثر من تأويل، وهو ما يعرقل العمل بها، وقد ساهم في هذا تأخر الدليل الذي وعدت به الوزارة منذ مدة ليست باليسيرة.
يبدو أن صدور المدونة لم تواكبه حملة تعريفية تمكن المواطن المغربي من الفهم الصحيح لفصول المدونة، فهناك مثلا فهم خاطئ من قبل العديد من المواطنين في ما يتعلق بعقد تدبير الممتلكات، إذهناك يخاف الزواج ظانا أن الزوجة قد تجرده من ممتلكاته فيما بعد، ما تعليقكم على هذا الأمر؟
صحيح، هناك تقصير كبير في التعريف والشرح، والمدونة يستحيل أن يفهمها الشعب المغربي بين عشية وضحاها، خصوصا وأنها وردت موسوعة وتتضمن 400 مادة، وحتى مصادقة البرلمان عليها أعتقد أنها كانت مصادقة سريعة، وإلا فإن هذا العدد الضخم من المواد كان يحتاج إلى مزيد من الوقت لفهمه وتعديل ما يستوجب فيه التعديل، وعلى كل حال فالمدونة لن يفهمها الشعب المغربي إلا بعد ممارسة طويلة قد تصل إلى أكثر من عقد.
أما في ما يتعلق بالتعقيد في الزواج، فذلك صحيح، لأن الإجراءات أصبحت كثيرة وبعضها معقد، مثل الإجراء الذي يطالب المواطن الذي يريد الزواج بإحضار النسخة الأصلية من رسم الولادة، وهذا غالبا ما لا يتأتى لكل المواطنين، وقد سبق أن اتفقنا مع الكاتب العام لوزارة العدل على ثلاث نقط أساسية في موضوع توثيق الزواج، وهي التبسيط والتيسير والتسريع، ولكن للأسف جاءت إجراءات الزواج في المدونة معقدة، وأخشى أن يزيد هذا من نسبة العنوسة في مجتمعنا.
لا شك أن قضاء الأسرة على عاتقه مسؤولية كبيرة لحل هذه الإشكالات، كيف ترون هذا الدور علما أن محاكم الأسرة لم تعمم بعد على كل التراب الوطني؟
الواضح أن تباطؤ وزارة العدل وتخبطها نابع من الإشكالات الكبيرة الموجودة في المدونة، والوزارة إلى حد الآن ما زالت تتخبط وتبحث عن الحلول الترقيعية، وإذا لم يكن المنبع صافيا، فكيف نريد من ماء الساقية أن يكون كذلك، والسادة قضاة الأسرة هم أنفسهم لم يفهموا بعد مدونة الأسرة نظرا للسرعة التي أنزلت بها.
كلمة أخيرة
نتمنى أن تعيد وزارة العدل النظر بسرعة في الطريقة التي تنزل بها المدونة الآن، وفي الأمور الإجرائية التي تتعلق بها.
حاوره محمد أعماريِ


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.