عكس ما يروج، لم ترس بعد التحالفات في المدن الكبرى الست المعنية بنظام وحدة المدينة على بر آمن. باستثناء مدينة سلا التي حسمت الأمر أمس بانتخاب مجلسها، حيث انتخب السنتيسي عن الحركة الشعبية رئيسا وجامع المعتصم عن العدالة والتنمية نائبا له. ولم تستطع أحزاب الكتلة (حزب الاستقلال والاتحاد الاشتراكي والتقدم والاشتراكية) بالإضافة إلى جزب التجمع الوطني للأحرار، في إطار الأغلبية الحكومية، التوصل إلى اتفاق قار بينها تتوافق بموجبه على تحالف محدد، وخاصة في ما يتعلق برئاسة المجالس أو العمداء. وأكدت مصادر جد مطلعة أن حزب الاستقلال يصر على الأخذ بما يعتبره قاعدة ديمقراطية تقضي بأن يأخذ الحزب الذي حصل على أكثر عدد من المقاعد في مجلس المدينة منصب العمدة، وهو الأمر الذي يخدم الاستقلاليين لكونهم حصلوا على الرتبة الأولى في كل من الدارالبيضاءومراكشوفاس وطنجة. حزب الاتحاد الاشتراكي من جهته لا يسلم بالقاعدة المذكورة، ويصر على الاستمرار في ترشيح خالد عليوة في الدارالبيضاء لمنصب العمدة، ومستعد للذهاب إلى آخر المطاف، معتبرا ذلك رهانا سياسيا لا يمكن التراجع عنه، في حين حسم حزب الاستقلال في مرشحه للمنصب المذكور بالعاصمة الاقتصادية، ويتعلق الأمر بياسمينة بادو بعد تنازل كل من غلاب وأفيلال. ويرجع بعض المتتبعين سبب ترشيح حزب الميزان للمرأة إلى كونه أراد بذلك توجيه رسالة سياسية تظهره في صورة الحزب الحداثي المشرك للمرأة في مراكز القرار، وهو ما قد يحرج أي مرشح منافس على عمادة البيضاء. ومما يؤكد غياب أي اتفاق سياسي بين أحزاب الأغلبية عموما، تقديم حزب الاتحاد الاشتراكي لمرشحه لمنصب عمادة مدينة الرباط في شخص عبد القادر الريح، إثر تنازل ادريس لشكر، وذلك بعد تردد كبير لمنافسة عمر البحراوي عن الحركة الشعبية. ومهما يكن، فإن التحالفات في المدن الخمس الكبرى المتبقية (البيضاء، الرباط، مراكش، طنجة، فاس) تبدو، بناء على ما سبق، صعبة ومعقدة ولا تستقر على حال بحيث أنها تتغير باستمرار، وكأنها كثبان رملية كما سلفت الإشارة في عدد سابق. مسؤولو حزب العدالة والتنمية من جهتهم يصرحون بأنهم منفتحون على الجميع، وليس لهم أي فيتو ضد أي طرف سياسي. وإذا كان من الصعب على المتتبع لسير التحالفات أن يحسم برسوها واستقرارها في اتجاه محدد، فإن الأمر الذي يبقى مؤكدا أنها لن تقوم في الغالب الأعم على أسس إيديولوجية أو سياسية ولكنها ستأخذ في الاعتبار القوة العددية (المقاعد) للأحزاب ومدى قدرتها على التطاوع فيما بينها. محمد عيادي