انطلقت مساء الجمعة 4 ديسمبر الدورة التاسعة للمهرجان الدولي للفيلم بمراكش تحت إيقاع أهاجيز كورية ومغربية، حيث تم المزج بين فرقة موسيقية كورية شعبية وفرقة احيدوس بقيادة المايسترو الذي حضر حفل الافتتاح رغم كبر سنه، في إشارة الى شعار المهرجان المتمثل في تلاقح وحوار الثقافات. على أن ما ميز افتتاح المهرجان هو كلمة رئيس لجنة التحكيم المخرج الإيراني عباس كياروستامي الذي تحدث بلغته الايرانية بعدما اكتفى بقول مساء الخير بالانجليزية، وهو ما اعتبره العديد من المتتبعين إشارة قوية إلى الذين يفضلون الحديث بلغة أجنبية في مثل هذه المناسبات. 1 لجنة التحكيم قوية تعتبر لجنة التحكيم لهذه الدورة بشهادة المتتبعين قوية ومتميزة لحضوى اسماء عالمية وازنة في عالم السينما، ويتمثل ذلك أولا في رئيسها عباس كياروستامي الذي يعد من اكبر المخرجين السينمائيين العالميين الذين يقدمون سينما هادفة ومحملة بقضايا انسانية عميقة. وتتكون لجنة التحكيم من الممثلة الفرنسية فاني اردان والممثلة الهندية نانديطا داس والممثلة الايطالية ايزابيلا فيراري والمخرج البريطاني مايك فيكيس والمخرج والسيناريست الفرنسي كريستوف هونور، والممثلة الاسبانية المعروفة ماريسا باريديس والمخرج والسيناريست الفلسطيني إيليا سليمان والمخرج والمنتج الأرجنتيني بابلو طارابيرو، وأخيرا المخرج المغربي لحسن زينون الذي قدم أيضا على أنه راقص ومصمم رقصات. وهكذا فإن لجنة التحكيم تعرف تنوعا في أعضائها؛ لكن مع اغلبية للمخرجين. وفي هذا السياق فقد اعتذر مسبقا رئيس لجنة التحكيم في كلمة الافتتاح للسينمائيين المشاركين في المسابقة. هذا وقد تميز حفل الافتتاح بعرض شريط متميز بعنوان جون رابي(2009) للمخرج الالماني فلوريان كالنبيركر، وهو الشريط الذي يستمد أحداثه من حياة جون رابي، الذي عاش 30 سنة بالصين، على رأس الشركة الالمانية سيمنس، وفي سنة 1937 حينما اراد العودة الى برلين، تتعرض مدينة نانكين كباقي المدن الصينية لهجوم الجيوش اليابانية فيقرر المكوث بالمدينة رفقة بعض الاجانب للتصدي للقوات اليابانية وحماية المدنيين. الشريط يعرض لمآسي الحرب وبشاعتها من خلال ما قامت به اليابان من وحشية في قتل المدنيين والعسكريين الصينيين. كما أن فيه إدانة ألمانيا النازية وحليفتها اليابان. وقد تم إخراج وتصوير الفيلم بفنية وجمالية عاليتين. 2 افلام المسابقة يشارك هذه السنة في الدورة التاسعة لمهرجان مراكش 15 شريطا سينمائيا، تمثل 15 بلدا من مختلف القارات، منها ثمانية تعد الاعمال الاولى لمخرجيها، من بينها الشريط المصري هليوبوليس للمخرج احمد عبد الله السيد، وهليوبوليس هو حي هادئ تتعايش فيه جنبا الى جنب اماكن مقدسة مختلفة من كنائس ومساجد ومعابد يهودية، وفيه تتقاطع في ظرف ليلة واحدة حياة ستة اشخاص، كل واحد منهم يسعى لإيجاد حلول لمشاكله؛ سواء أكانت تافهة أم كبيرة. وهناك ايضا شريط من طاجكستان ظهيرة حقيقية للمخرج نصير سعيدوف، وشريط ابنتي للمخرجة الماليزية شارلوت ليم لاي كيون. والاشرطة المشاركة في المسابقة كلها لهذه السنة وتتنوع مواضيعها لكنها تصب في قضايا إنسانية. وهو ما اتضح من خلال اليوم الاول مع عرض الشريط الاسباني امراة بدون بيانو لمخرجه خافير ريبولو، وهو الشريط الذي يمكن إدراجه في خانة سينما المؤلف لتمتزه بموضوع مهم له علاقة بالحياة الزوجية التي تصاب بالرتابة عندما يتقدم الزوجان في السن، خاصة المرأة التي تعاني من الوحدة وعدم الاهتمام. وقد عرف الشريط تجاوبا كبيرا من قبل الجمهور، بخلاف السنة الماضية التي عرفت انطلاقة المسابقة بشريط ارجنتيني اسرائيلي ذي نزعة صهيونية. كما تم عرض الشريط الفرنسي اذا صمد احدهم سيتبعه الآخرون للمخرجة الشابة ليا فيهنر. وهو شريط يسلط الضوء على عدة مواضيع من بينها الفقر والهجرة ومشاكل المراهقة وحب الانتقام... وقد اعتبر المتتبعون هذه الانطلاقة جيدة ومؤشرا على دورة طموحة. هذا ويتطلع كل السينمائيين المغاربة إلى ماسيقدمه شريط الرجل الذي باع العالم للاخوين سهيل وعماد نوري، وهو الشريط الذي يمثل المغرب في المسابقة. بالإضافة الى افلام المسابقة هناك افلام خارج المسابقة من بينها الافلام الكورية التي تندرج في اطار تكريم السينما الكورية وافلام اخرى متنوعة قد لا تكون بنفس المستوى الذي تظهر به أفلام المسابقة، لاسيما وأنها تركز على الحركة والجنس، باستثناء الافلام المندرجة تحت خانة نبضة قلب. ومن بين مفاجآت هذه الأشرطة المتنوعة، هي عرض الشريط المصري احكي ياشهرزاد للمخرج يسري نصر الله، الذي أحدث ضجة في مصر بسبب مشاهده المخلة، وهو الشريط الذي تشارك فيه الممثلة المغربية سناء عكرود بدور مخل الى جانب محمود حميدة، جعلها عرضة لانتقادات لاذعة لمجانية الدور الذي لايخدم بتاتا مسيرتها الفنية كفنانة مغربية تعلق بها الجمهور المغربي من خلال ادوار متزنة ومحافظة. وقد سبق لبرنامج عتاب الفني بالقناة الاولى ان استضاف سناء عكرود ووجهت اليها انتقادات في هذا الاطار. 3 أبعاد المهرجان كل سنة من عمر المهرجان يتم الاهتمام بالفنانين المغاربة بعدما تم تهميشهم في الاول. وقد عرفت هذه الدورة حضورا قويا للفنانين المغاربة، خاصة الصاعدين منهم مثل المشاركين في سلسلة رمضان دار الورثة، وحضور رياضيين ايضا كاللاعب الدولي السابق عزيز بودربالة. كما ان هذه الدورة عرفت اقبالا كبيرا من قبل الشباب الذي حج بكثافة لأخذ دعوة لحضور شريط تحت تعاملات لاأخلاقية لبعض الشباب الساهرين على الامن أحيانا. على ان هذه الدورة عرفت تعاملا خاصا مع الصحفيين من حيث الدعوات الى الندوات الصحافية، فقد كانت الامور تسير بمهنية وتنظيم أفضل من السنة الفارطة. لكن الدورة لم تخل من بعض الهفوات في هذا الصدد، والتي يجب تداركها في الدورة المقبلة. من جهة أخرى وفي تصريح له لالتجديد: تساءل أحد النقاد المغاربة فضل عدم ذكر اسمه، عن جدوى تنظيم مهرجان سينمائي دولي بمراكش(قدرت ميزانيته ب80مليون درهم)؛ الذي يغلب عليه حسب قوله الاحتفالية والاستجمام، وكان الأولى أن يكون فضاء سينمائيا حقيقيا ينكب على قضايا السينما المغربية والعالمية ككل، ويتم فيه علنا تبادل التجارب بين السينمائيين الحاضرين. وتأسف المتحدث من ان المهرجانات السينمائية بالمغرب أصبحت تخيم عليها الرتابة في برمجتها والضبابية في اهدافها الحقيقية.