لم يتحرج المخرج الإيراني عباس كياروستامي من الحديث بالفارسية لغته الأم بصفته رئيس لجنة التحكيم، أثناء بداية انطلاق حفل افتتاح الدورة التاسعة للمهرجان الدولي للفيلم بمراكش الجمعة الماضية؛ في الوقت التي مازالت اللغة الفرنسية طاغية على المهرجان في جل وثائقه ونداوته الصحفية، واعتماد اللغتين العربية والإنجليزية في الترجمة. وقال كيارويستامي الحائز على السعفة الذهبية لمهرجان كان الفرنسي لسنة ,1997 أمام حشد من الفنانين والمتتبعين وبعض النجوم، إن القيمة الحقيقية للأفلام لا تقاس بقرار لجنة التحكيم، وإنما بأحكام النقاد، مشيرا إلى أن الزمن وحده يبقى كفيلا بالحكم على مدى خلود هذه الأفلام، وكان لافتا، وفي غياب فني عربي شبه تام، حضور المخرج الفلسطيني اليا سليمان صاحب فيلم يد إلهية عضوا في لجنة التحكيم، في الوقت الذي لم يبرمج أي فيلم صهيوني على خلاف بعض الدورات السابقة، واعتبر ذلك دعما من أعلى مستوى للقضية الفلسطينية. وقال متتبعون إن مخرج حفل الافتتاح أبدع حين أحضر الفنان المبدع موحي أو الحسين اشبان المشهور بالمايسترو إلى الخشبة تكريما له على مساره الفني؛ في مقابل تهميشه في مهرجانات أخرى خاصة بفنه، في الوقت التي أضافت الفرقة الكورية مأمول توري أبعادا أخرى إلى إيقاعات فن أحيدوس الشعبي المغربي الأصيل حين التحم فنانو الفرقتين في مشهد جميل. وقال جليل لعكيلي الكاتب العام للمهرجان، إن اختيار الفرقتين لم يكن اعتباطيا، ولكن للتأكيد على عالمية الفن وعمقه الإنساني مهما تعددت اللغات واختلفت الثقافات، مشيرا أن المهرجان سيحمل الجديد للجمهور، لاسيما في بعده الجمالي والتثقيفي، دون أن ينسى الجانب الاجتماعي بإتاحة الفرصة للمكفوفين بصنع فرجة خاصة لهم من خلال تقنية الوصف السمعي. وتم عرض فيلم جون راب خلال جلسة الافتتاح؛ تتناول قضية مثيرة للجدل على المستوى السياسي العالمي، زد على ذلك أنه من إنتاج صيني ألماني فرنسي، ويتهم اليابان بارتكاب مجازر إنسانية لا تعترف بها لحد الآن، في حق سكان مدينة تانكيتي الصينية إبان الحرب العالمية الثانية، ويظهر الفيلم كيف أن البطل، وهو مهندس ألماني موالي لهتلر، يستطيع إنقاذ الآلاف من الصينيين من مجازر اليابان بإقامة منطقة آمنة، وبالرغم من قيمته الفنية التي جسدت فظاعة الحرب، ونبل المشاعر الإنسانية بمنحى عن الإيديولوجية، إذ تضمن الفيلم مشهدا صادما، ولم يستسغ البعض مشهدا يتم فيه تجريد فتيات في مقتبل العمر (13 الى 14 سنة) من كل ملابسهن وتركهن عرضة لنظرات الملايين من المشاهدين، على اعتبار أن ذلك مشين وغير مقبول وإن تم باسم السينما والفن. ويمكن القول بالنظر إلى الأفلام المعروضة إلى حد الآن، إن المنظمين اختاروا تقديم مجموعة من الأفلام التي تعتمد على تقنيات مختلفة لكنها تجسد أبعادا إنسانية كبيرة، ويلعب الحوار الداخلي دورا هاما في الكشف عن الشخصيات، وعن آمالهم وآلامهم، وفي الوقت الذي سيتم خلال هذه الدورة عرض مائة وعشرين فيلما من مختلف القارات؛ ينتظر الجمهور المغربي عرض فيلم الرجل الذي باع العالم الذي يمثل المغرب في المسابقة الرسمية، كما ينتظر أن يحدث الفيلم المصري احك يا شهرزاد ردا عنيفا من قبل البعض، لاسيما مع نشر أخبار عن تضمنه مشاهد جنسية فاضحة للممثلة المغربية سناء عكرود. من جهة ثانية استاء بعض الصحفيين من إقصائهم من حضور جلسة الافتتاح، في الوقت الذي خصص مكان بعيد جدا للمدعوين منهم ولبعض الفنانين المغاربة المرموقين من قبيل عزيز موهوب، ومازال بعض رجال الأمن الخاص يتعاملون مع الزوار بكثير من الفظاظة يجعل الكثير منهم يعود أدراجه.