لقد حرصت الحكومة الموقرة على تقديم رمضان كموسم للأكل والفرجة والمرح فكانت لها الشجاعة الكبيرة في إحداث لجنة لمراقبة سوق الأكل من حيث جودة السلع والخدمات المقدمة للمواطنين وكذا محاربة المضاربة وكل أشكال مخالفة القانون. وتعلن كل أسبوع عن آلاف المخالفات التي أدى حزمها الموسمي إلى ضبطها فيه. وننتظر أن تعلن، كما فعلت السنة الماضية، عن تقرير مفصل عن الشهر الفضيل تتهمه فيه بكونه أكثر المناسبات التي يمارس فيها المغاربة الغش. لكن حكومتنا الموقرة لم تمتلك نفس الشجاعة لإحداث لجنة لمراقبة سوق الفرجة والمرح الذي يعج بكل أنواع الغش حيث أن المواطنين يرتفع استهلاكهم أيضا للبرامج التلفزية والاذاعية في رمضان، وتنتشر في سوقها الرداءة والمضاربة والمخالفات ليس فقط للقانون التجاري ولكن للأخلاق العامة والثوابت الدينية، فلماذا لم تحدث الحكومة الموقرة لجنة لمراقبة جودة البرامج ومدى احترامها لقدسية رمضان ومشاعر المسلمين فيه لتقف عن سيل من الخروقات الأخلاقية بلغ بعضها حدا فجا يطرح السؤال عن مدى صحة صيام الحكومة الموقرة؟ فالمجال الإعلامي الرسمي والتجاري هيمنت عليه الرداءة الفنية حد الاستخفاف بالمواطنين وبلغت بها الدناءة الأخلاقية حد التجرؤ على الثوابت الدينية للأمة والتي بلغت ببعض الإذاعات التجارية حد تشنيف آذان الصائمين قبيل أذان المغرب ببرامج برنوغرافية محضة باسم الفكاهة، كما كشفت عن ذلك إحدى اليوميات. فلماذا تعامت الحكومة عن الغش في الإعلام مقابل التظاهر بالتشديد على محاربته في سوق المواد الغذائية، هل لأن الرقابة على سوق الفرجة ستفضي إلى متنفذين محميين بشكل من الأشكال وفي سوق الأكل ستفضي فقط إلى مواطنين عاديين أغلبهم مزاليط يفرشون بضاعتهم على الأرض؟ لقد تعودنا أن تكشف أمطار الرحمة في كل مرة عن حجم الغش الذي تعرفه البنية التحتية في كل مكان في المغرب، ليأت رمضان الرحمة بدوره ويكشف كل سنة عن حجم الغش الذي تمارسه الحكومة في حق المواطنين. و الفرق واضح بين الحالتين. فالأمطار تعمل رغم أنف المسؤولين، أما في رمضان فالحكومة هي التي تقرر، رياء وسمعة، أن تكشف عن حجم الغش الذي تغض الطرف عنه في السلع والخدمات الموجهة للمواطنين، لكن بطريقة غير واعية وفي مجال الأكل فقط. ننتظر بفارغ الصبر إذا، أن يعلن أحد الوزراء عن عدد حالات الغش التي ضبطتها مصالح المراقبة في مختلف أسواق الأكل. وننتظر منه أيضا أن يصرح لإحدى القنوات التلفزيونية الرسمية، كما صرح الوزير المنتدب المكلف بالشؤون الاقتصادية والعامة في السنة المنصرمة للقناة الأولى، في برنامج حوار، أن نصف عدد المخالفات المرتكبة في مجال الأسعار تسجل خلال شهر رمضان المبارك! ونرجو فقط أن تكون له الشجاعة التي لأمثاله في الدول الديمقراطية، ويعدل الصيغة ويقول أن معظم جهودنا الرقابية في السنة نركزها في شهر رمضان وهو ما يعني أن المواطنين يعيشون في جحيم من الغش طيلة السنة ولا تقوم الحكومة بشيء للتخفيف عنهم. كما أننا نرجو أن يقوم الوزير الأول بخطوة مماثلة بعد رمضان مباشرة فيعلن للمواطنين أن تموين أسواق الأكل سيستمر كما كان قبل وأثناء رمضان بالمواد الاستهلاكية ونرجو أن تكون له الشجاعة الكبيرة ليعترف بفشل مصالح حكومته في الحفاظ على أسعار تلك المواد خلال رمضان منخفضة حيث انضاف لهيب أسعارها إلى لهيب حرارة الطقس. ويبين أن إحداث تنسيقية بين 4 وزارات بهدف ضمان حماية المستهلك خلال شهر رمضان، لم يكن سوى تعبيرا عن حسن نية حكومته، نسأل الله أن يجازيهم عنها جميعا. لكن هل تجرؤ الحكومة لتقول لنا، عبر ناطقها الرسمي ووزير اتصالها، لماذا لم تشكل لجنة لمراقبة الجودة في مجال الإعلام، تشنف مسامعنا أسبوعيا بتقرير عن المخالفات التي ضبطتها في سوق الفرجة والمرح وأنواعها والمتورطين فيها؟