الأمير مولاي رشيد يزور ضريح المولى 'إدريس الأزهر' بمناسبة حفل ختان الأميرين مولاي أحمد ومولاي عبد السلام    الملك محمد السادس والرئيس 'فرديناند روموالديز' يتبادلان التهنئة بحلول الذكرى ال50 لإقامة العلاقات الدبلوماسية بين المغرب والفليبين    روبيو يجدد تأكيد الاعتراف الأمريكي بسيادة المغرب على صحرائه ويؤكد "قوة" الشراكة بين الرباط وواشنطن    الجزائر أمام الموقف الأمريكي المتجدد من سيادة المغرب على الصحراء: عندما يجتمع الغرور والجهل والجبن.. ولغة الخشب!    الصين تشعلها.. فرض رسوم جمركية انتقامية ب84% على المنتجات الأمريكية    أشبال الأطلس يواجهون جنوب إفريقيا وعينهم على المربع الذهبي..    خلاف حول 2000 درهم وراء جريمة القتل التي هزت مدينة الجديدة    "الهاكا" تلزم "دوزيم" ببث الأذان صوتيًا    المغرب في قائمة أكبر مستوردي زيت الزيتون من إسانيا    الذهب يرتفع أكثر من 1% بفعل مخاوف الرسوم الجمركية    "العدل الدولية" تنظر اليوم في شكوى السودان ضد الإمارات بتهمة "التواطؤ في إبادة جماعية"    ماكرون: فرنسا قد تعترف بدولة فلسطينية في يونيو    خبراء يرصدون ارتفاع "أسهم الحرب" بين الجزائر ودول الساحل        توقيع اتفاقية شراكة بين الجامعة الملكية المغربية للشطرنج والأكاديمية الجهوية للتربية والتكوين لجهة الدرالبيضاء سطات    ليفربول يتقدم في التفاوض مع صلاح    شباب قسنطينة: مواجهة بركان صعبة    بمشاركة 70 بلدا و1500 عارض.. المعرض الدولي للفلاحة بمكناس ما بين 21 و27 أبريل يتوقع أكثر من مليون زائر    توقعات الأرصاد الجوية لطقس اليوم الخميس    تراجع أسعار النفط مع تصاعد الحرب التجارية بين الولايات المتحدة والصين    كيوسك الخميس | نهاية عهد المديريات والمندوبيات الصحية بالمغرب    تأجيل محاكمة النقيب محمد زيان إلى 23 أبريل الجاري    بلدية باريس تقاضي مجلس مدينة طنجة بسبب "منازعة على مقبرة"    هشام جيراندو.. من النصب والابتزاز إلى التكهن والتنجيم    النفط يواصل التراجع مع تصاعد الحرب التجارية بين الصين وأمريكا    مصطفى لغتيري يثري أدب الصحراء    المغرب يحفز نقاشات أكاديميين أفارقة وأمريكيين حول "آداب الاغتراب"    قراصنة مغاربة ينفذون هجومًا إلكترونيًا نوعيًا على مؤسسة البريد والاتصالات الجزائرية    1000 جندي احتياط في سلاح الجو الإسرائيلي يطالبون بوقف الحرب على غزة    الجزائر بين التصعيد مع فرنسا والصمت أمام واشنطن: ازدواجية دبلوماسية تكشف هشاشة الخطاب الرسمي    الجزائر بين مطامح الزعامة وسلوك التصعيد: هل بات دعم الجماعات المتطرفة خيارًا استراتيجيًا؟    الفاطمي يسأل وزير الفلاحة حول تضارب الأرقام وصمت الوزارة حول لائحة مستوردي الأغنام المستفيدين من الدعم الحكومي    جوني تو: تأثير السينما يلامس المجتمع.. والجنوب يحتاج "توافقا ثقافيا"    "جباروت DZ" ترد على بلاغ CNSS بنشر معطيات قالت إنها تخص المدير العام حسن بوبريك    إقليم الفحص-أنجرة: الموافقة على تحديد مدارات 56 دوارا على مساحة تفوق 1700 هكتار    نهضة بركان إلى نصف نهائي الكونفدرالية على حساب أسيك ميموزا    سلطات مليلية تحتجز كلب "مسعور" تسلل من بوابة بني انصار    لقجع: المغرب يراهن على كأس العالم 2030 كرافعة للتنمية والترويج السياحي    منع جماهير اتحاد طنجة من حضور ديربي الشمال بتطوان    جيد يقود الطاقم التحكيمي للديربي    موقع الشباب في السياسات الثقافية: قراءة في التحولات والحصيلة    النظام الجزائري وفرنسا.. وعقدة المغرب    تأكيد الولايات المتحدة لمغربية الصحراء يثير تفاعلا واسعا في الإعلام الدولي    الدولار يتراجع 1,14 بالمائة أمام اليورو    بعد 30 سنة من العطاء.. الدوزي يشارك تجربته الفنية بجامعة هارفارد    فنانون مغاربة يطلقون نداء للتبرع بالكبد لإنقاذ حياة محمد الشوبي    بورصة الدار البيضاء تستهل تداولاتها على وقع الانخفاض    من قال: أزمة السياسة "ليست مغربية"؟    عوامل الركود وموانع الانعتاق بين الماضي والحاضر    آيت الطالب يقارب "السيادة الصحية"    تقليل الألم وزيادة الفعالية.. تقنية البلورات الدوائية تبشر بعصر جديد للعلاجات طويلة الأمد    إشادة واسعة بخالد آيت الطالب خلال الأيام الإفريقية وتكريمه تقديراً لإسهاماته في القطاع الصحي (صور)    دراسة: أدوية الاكتئاب تزيد مخاطر الوفاة بالنوبات القلبية    العيد: بين الألم والأمل دعوة للسلام والتسامح    أجواء روحانية في صلاة العيد بالعيون    طواسينُ الخير    تعرف على كيفية أداء صلاة العيد ووقتها الشرعي حسب الهدي النبوي    الكسوف الجزئي يحجب أشعة الشمس بنسبة تقل عن 18% في المغرب    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الإنسان ومعنى الحياة- بقلم زايد بمرور
نشر في التجديد يوم 13 - 05 - 2009


دائما ما يلتفت الإنسان إلى التاريخ ليقرأ عن أحداث ووقائع من هنا وهناك، ويستمتع بقراءة سير العظماء من شتى الأقطار، وفي مختلف مجالات العلوم والحياة، ليس فقط رغبة منه لإشباع النهم المعرفي، وإنما أيضا يحاول تعويض النقص الفطري الذي جبل عليه، ويبتغي من خلال هذه القراءة، أو تلك المشاهدة، الانسلاخ من الواقع الذي يموج بالصراعات اليومية، وليس بالضرورة أن تكون صراعات مادية، بل قد تكون معنوية أو رمزية. والطبيعة البشرية تدفع الإنسان إلى السعي نحو تجنب هذا الصراع والألم بكل الوسائل، ولو تطلب الأمر اللجوء الى العنف والصراع نفسه. والإنسان في كل أنشطته اليومية لا يمكن أن نعتبره إلا كائنا يسعى إلى تجنب الوقوع في الصراع والإحساس بالألم. فالإنسان حينما يكد من أجل لقمة عيش، وحينما يحمل محفظته متجها صوب المدرسة أو الجامعة، وحينما يجلس مع أصدقائه في المقهى يتبادل أطراف الحديث معهم، فهو إذاك يحاول الابتعاد عن ألم الجوع، والجهل، والوحدة. إن هذه الصفة المميزة للإنسان تجعله تواقا إلى التوحد مع الآخر، والتعايش معه ونبذ الصراع. غير أن الحضارة المعاصرة لا تسمح بذلك، ولا تساعد على إشباع هذه الرغبة الإنسانية، فهذه الحضارة تتجه نحو إشباع رغبتها في الابتلاع، والابتعاد عن الإنسان، إنه يحس أنها تسعى نحو إشباع الرغبة في الغموض، ما دامت تمثل له أفقا غريبا عنه. لهذا فالإنسان يلتفت إلى تاريخه لأنه يمثل له مرآة يرى فيها ذاته، في حقيقتها ورومانسيتها، وحيويتها. إنها التفاتة للهروب من عنف الحضارة المعاصرة، وعدم اعترافها بالإنسان ككائن يسعى نحو تجنب الألم والصراع، لتلمس أفق للهدوء والإحساس بلحظات ولو عابرة من السعادة. ولعل كل الأنظمة الاجتماعية والسياسية، التي ابتكرها الإنسان عبر تاريخه الطويل أراد منها تنظيم حياته على وجه يمكنه من الاستمرار على وجه الأرض، بعيدا عن كل ما من شأنه أن يمس معنى الحياة، فالتجأ بالتالي إلى تقنين السلوك اليومي، وتنظيم العمل فيما بين أفراد المجتمع الواحد. فالعمران البشري في شتى تلاوينه المؤسساتية، لا يطلب لذاته، بل يرمي الإنسان من خلاله إلى تجنب الصراع والألم، ومحاولة البحث عن لحظة علها تجود له بمعنى الحياة. لقد أغلقت الحياة المعاصرة منبعا حيويا من التدفق، والإنسان هو في حاجة ماسة إليه، إنه منبع المعنى الدافق للحياة. إن الإنسان يريد أن يعرف لماذا يعيش، ولأية غاية هو يكد على هذه الأرض. لقد سجنته الحياة الرأسمالية في أغلال يومية، لا مفر منها، ولو حاول الانفكاك منها لسقط في الألم والصراع مع الآخر، ولكي يضمن الاستمرار في الحياة، يضطر إلى الانحناء أمامها مكرها. والإنسان في هذه الوضعية ينتظر أي لحظة ليبحث فيها عن رومانسيته المفقودة، ليتأمل بها حياته، وليبحث عن المعنى المطرود من الحياة اليومية القاهرة. لهذا فأي إنسان يلتفت إلى التاريخ البشري، وإلى الأدب والفن، والأساطير، فهو يغذي رغبة مفقودة في الحياة المعاصرة، مادام الإنسان ليس كائنا عقليا- تقنيا فقط، بل هو كذلك كائن روحي-رومانسي، يريد أن يصغي لحياته الداخلية بما هي عالم يموج بالحياة. لقد حاولت الحداثة الغربية قطع الصلة مع العوالم اللاعقلية، وربط الوثاق فقط مع العقل كمصدر للحقيقة. غير أن الأمر ليس بهذا اليسر، فقد نطق الإنسان في كليته فيما بعد، فانبعث صوت الرومانسية، وتدفق الفن في تلاوينه المختلفة، واستمر الدين في الحياة. لا أحد إذن يملك الجرأة على كبح هذا النبع الحيوي الذي يحيى به الإنسان بوعي أو بغير وعي. وبما أن الحياة الرأسمالية خلقت لنفسها أمكنة وفضاءات لتحرك فيها آلياتها العملاقة لتقود الإنسان إلى مصير مجهول، فقد فعلت ذلك لعدم انتباهها إلى التعريف الكامل للإنسان. وفي الغرب على الخصوص، وبعد محاولة عقلنة الحياة الاجتماعية والسياسية بطريقة مطلقة، تفجر ينبوع الحياة الدافق، وخلق لنفسه فضاءات زمانية ومكانية، للتعبير عن نفسه، فقاعة السينما التي تبث أفلام الخيال العلمي، وركح المسرح، وقاعة السهرات الفنية، ونوادي الرقص والترفيه، والحانات، كلها فضاءات ليست في صالح المنطق العقلي-التقني المنبسط في فضاءات المقاولة والبورصة... لكنها موجودة بالرغم من ذلك. وفي الحضارة الإسلامية نشهد أن الحياة اليومية للإنسان مخترقة بفضاءات وأزمنة دينية-مقدسة، ترمي إلى انتزاع الإنسان من دوامة الحياة الدنيوية، وتضعه في فضاء المسجد خمس مرات في اليوم مفصولا عن زمن الدنيا، بغية جعله يحيى لحظة لإنتاج معنى الحياة، وليتذكر أن الغاية من هذا الكد اليومي، ليست من أجل الآن وهنا، بل لعالم آخر ينتظره.

انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.