يخوض سكان القراقرة ذوي الحقوق المستفيدين من الأراضي السلالية المسماة البلان اعتصاما مفتوحا منذ 12 يناير 2009 على خلفية قرار وزارة الداخلية القاضي بإيجار عقار جماعي لفائدة شركة على مساحة تقدر بـ 700 هكتار من مجموع 3700 هكتار. وتعتبر هذه الضيعة ـ حسب المعنيين ـ من أجود الأراضي بالمنطقة، وهي المرعى الوحيد لقبيلة القراقرة التي يشتهر سكانها بتربية وإنتاج الأغنام من سلالة السردي الحقيقي، حيث تقدر بأكثر من مئة وثلاثون ألف رأس غنم. وقد عبر المئات من المحتجين عن رفضهم لقرار الوزارة الوصية الذي لا يراعي ـ حسب قولهم ـ مصالح وحقوق المستفيدين من الأراضي السلالية بجماعة القراقرة، وأكد العديد ممن التقتهم التجديد من المعتصمين أن الأوضاع مشوبة بالحذر، وتنذر بالانفجار في أية لحظة؛ نتيجة التوتر القائم بين السكان ذوي الحقوق والشركة والجهات الرسمية المساندة لها، كما عبروا عن رفضهم المطلق لأي محاولة لإخراجهم من أرضهم بالقوة. واستنادا إلى بعض المصادر، فإن جل نواب الجماعة السلالية للقراقرة لا تتوفر فيهم الشروط القانونية المنصوص عليها في القانون من حيث معرفتهم بالقراءة والكتابة، واحترامهم للسن القانوني المحدد ما بين 30 و70 سنة، ووجوب الإقامة الدائمة بتراب الجماعة السلالية، واحترامهم لمدة الانتخاب وهي خمس سنوات. كل هذه الشروط تضيف المصادر بأنها غير متوفرة في النواب منذ سنوات وسط صمت وتواطؤ السلطات المعنية. سكان القراقرة سبق لهم أن تقدموا قبل أزيد من عشرة أشهر بطلب رسمي إلى والي جهة الشاوية ورديغة السابق لعزل نواب الجماعة السلالية لعدم تمتعهم بالأهلية القانونية، لكن إلى حد الآن لم يتم إبعاد أي عضو يقول أحد المحتجين وهو يدلي بأكوام من الوثائق والشكايات خلال الوقفة الاحتجاجية التي نظمها السكان أمام مقر ولاية سطات يوم الخميس 9 يناير 2009 لإسماع صوتهم للمسئولين. وتتجه بعض أصابع الاتهام إلى رئيس مصلحة الشؤون القروية بعمالة سطات، والذي يقال إنه من بين عدة أطراف ساهموا في تمرير هذه الصفقة وصفقات أخرى. إلى ذلك، توقفت الأشغال بمشروع الشركة في منطقة البلان بعد أوامر صدرت من جهات عليا حسب مصادر مطلعة، وقالت المصادر إن وقف الأشغال وإعادة النظر في القرار الصادر عن الوزارة الوصية تم بسبب حجم المعارضة القوية والرفض من قبل السكان لهذا المشروع، مما يبين غياب المقاربة التشاركية التي يتغنى بها المسؤولون في كل الملتقيات. وقد هدد السكان باللجوء في حالة تمادى المسؤولون الإقليميين والوزارة الوصية في تجاهل مطالبهم إلى تنظيم مسيرة صوب العاصمة؛ يشارك فيها جميع سكان قبيلة القراقرة للضغط على المعنيين للاستجابة لمطالبهم، كما طلب المحتجون من الهيئات الحقوقية والمدنية والسياسية بالإقليم مساندتهم في الحفاظ على حقهم، وأكدوا على ضرورة توفير الحماية القانونية لأراضي الجماعة السلالية واعتبارها تراثا لا يجوز المساس به، شأنه في ذلك شأن الآثار العمرانية التي تتمتع بحماية وطنية ودولية. وانتقد الدكتور زهير الخيار رئيس الفيدرالية الجمعوية لتنمية إقليمسطات في تصريح خص به جريدة التجديد قرار موافقة وزارة الداخلية على كراء 700 هكتار من أراضي الجموع للخواص، وأضاف أن من شأن هذا القرار دفع السكان إلى الهجرة القروية نحو المدن للحصول على مصادر العيش البديلة. ودعا لخيار وزارة الداخلية إلى إلغاء القرار ورفع اليد عما تبقى من أراضي الجموع باسم برنامج المغرب الأخضر. وفي السياق نفسه، عبر رضوان رفيع طالب جامعي من أبناء القراقرة عن قلقه من احتمال التأثير السلبي لهذا المشروع على التوازن الطبيعي والبيئي للمنطقة؛ نظرا لغياب أي دراسة علمية لهذا التأثير، وأضاف أن من شأن الثقوب المائية المزمع إحداثها من قبل الشركة على الضيعة البلان بالأساليب الحديثة والجد متطورة قد يصل عمقها إلى أكثر من 200 متر أن تحدث خصاصا حادا في مياه الشرب والسقي وتجفيف المنابع الأصلية للمياه، وتهديد حياة الماشية والسكان على حد سواء، وتهجيرهم إلى هوامش المدن. كما حمل المسؤولية للسلطة المحلية ورئيس جماعة القراقرة اللذان استغلا نفوذهما وأمية وجهل أعضاء الجماعة بحقوقهم من أجل تمرير هذا المشروع. وفي المقابل، أوضح رئيس جماعة القراقرة أن المشروع يهم الساكنة جميعا؛ نظرا لحجم الاستثمار الذي سيجلبـه للمنطقة، وأضاف أن المستثمر التزم بتوظيف 139 عاملا بشكل رسمي، إضافة إلى عدد من الأنشطة والخدمات التي ستبرمج في إطار المبادرة الوطنية للتنمية البشرية إن حظي المشروع بموافقة نواب الجماعة السلاليية للقراقرة.وفي انتظار الالتفات الفوري لمطالب ذوي الحقوق المستعجلة من قبل سلطات الوصاية، يبقى سلم الأولويات المطروح في برنامج التنمية البشرية بالمنطقة عالقا إلى إشعار آخر، وتتسع دائرة المحتجين خاصة وأن أغلبية الساكنة عبرت عن رفضها بوضوح خلال الاعتصام والوقفات الاحتجاجية الأخيرة لقرار التفويت.