قضية سكان دواوير جماعة القراقرة وشركة «سالاماكرو» التي فوتت لها الأراضي السلالية للجماعة تروج اليوم في قاعات محكمة الاستئناف بسطات بعدما قضت المحكمة الابتدائية على خمسة من أبناء الدوار ب«طردهم هم ومن يقوم مقامهم من العقار الجماعي موضوع عقد الإيجار... للاحتلال بدون سند» وهو أمر وقف على عكسه عون التنفيذ الذي حل بالأرض المتنازع عليها رفقة عناصر من القوات المساعدة حيث غاب الخمسة المشتكى بهم لكن حضر أزيد من ثلاثة آلاف شخص ينتمون إلى الدواوير الستة عشر ليرجئ عملية التنفيذ إلى حين حضور القوات العمومية تنصب خيام كبيرة على جنبات الطريق بين مدينة البروج وقلعة السراغنة، تحمل كل خيمة لافتة باسم الدوار الذي نصبها. ثمان خيمات كبيرة وأربع صغيرة نصبت في طرف أرض تبلغ مساحتها 3750 هكتارا. أرض الجموع لقبيلة القراقرة بإقليمسطات حكاية أرض منحها السلطان مولاي إسماعيل بظهير شريف بتاريخ 15 أبريل 1695 لمن أسماهم الظهير «الشرفاء القراقرة» قبل أن يعتصم حفدتهم في أرض فوت جزء منها لأحد الخواص. يمتد الصراع والنزاع حول الأرض ليصل إلى القضاء ويتحول الفلاحون البسطاء إلى معارضين لسياسة تفويت الأراضي السلالية. ناضلوا ضد الظلم أيام الاستعمار ويواجهونه في مغرب الاستقلال يجلس أحمد الغزالي شيخ في التسعينات من عمره من دوار بئر قدور، وقد ربط إطار نظارتيه بقطعة ثوب مدادي، ينتعل حذاء بلاستيكيا. يجلس إلى جانب زميله الحاج ناصر الشرقاوي ويتحدث ل«المساء» عن ذكريات أليمة عاشها الاثنان، «في سنوات الاستعمار، في عهد الحاكم «باربرا» والحاكم «كاربون» الذي كان يعاقب كل من يقدم له التحية ويستثني زوجته، تم اعتقالنا بعد أن تم ضبطنا نجمع العشب من هذه الأرض التي كانت لنا وتمت السيطرة عليها من قبل المعمرين». يضيف أحمد الغزالي الذي قدم لحضور الاعتصام «هذه بلادنا وبلاد أجدادنا ونرفض أن نتنازل عنها لأحد وإذا سمحنا بذلك اليوم فمعناه أن تضيع أرزاق أبناء 16 دوارا مستقبلا»، يتدخل الحاج ناصر الشرقاوي (92 سنة) من دوار أولاد سي عبد الرحمان ويؤكد ل«المساء»: «لقد قضيت بسجن علي مومن بسطات مدة شهرين بعد اتهامنا بإشعال النيران في أملاك المعمرين، وأتذكر أنهم استقدموا من سطات شخصا يسمى «بوالفراقش» لتعذيبنا واستعملوا لنا الشيفون للاعتراف، أقول لكم وأنا في آخر أيام عمري نحن من اعتقل في الاستعمار من أجل أرضنا ونرفض أن نسلم هذه الأرض في مغرب الاستقلال». من المولى إسماعيل إلى الشركة الفرنسية « أوناكا» حكاية الأرض التي سلمها السلطان مولاي إسماعيل للشرفاء القراقرة بظهير ملكي قبل أن تقرر سلطات الوصاية تفويتها لأحد المستثمرين الخواص، الذي ليس سوى أحمد البياز المدير السابق للمطارات بالمغرب، بدأت في نهاية السنة الماضية، يؤكد حلوان حسن من دوار أولاد دادة «لقد تم تنظيم حملة بالمساجد لاستطلاع رأي السكان بحضور رئيس قسم الشؤون القروية بسطات، ورئيس دائرة البروج والقائد. حلوا ب16 مسجدا لإقناع السكان بجدوى المشروع لكن السكان رفضوا رفضا باتا، لأن هذه الأرض هي متنفسنا الوحيد وعماد اقتصاد الساكنة التي تمارس الكسيبة فقط»، ويضيف حلوان حسن أن «شركة فرنسية كانت تسمى «أوناكا» كانت تستغل الأرض منذ سنة 1945، وكان الاستغلال مشتركا بين الشركة والسكان في تربية الخراف من نوع السردي الذي تشتهر به المنطقة». من جهته، يعتبر الحاج الجيلالي المتوكل (64 سنة) من دوار أولاد الشرقي أن «تفويت الأرض لإقامة أي مشروع لن نستفيد منه مباشرة لأن مردود الكراء سيذهب مباشرة لصندوق الوصاية، في حين تستفيد الساكنة من مردود مباشر من الأرض عن طريق الرعي»، الحاج الجيلالي المتوكل يضيف في تصريح ل«المساء» أن «الأرض بعد أن استرجعت من الفرنسيين استغلها السكان ولم نتفق بعد على تقسيمها بين ذوي الحقوق، ومن مصلحتنا جميعا أن تبقى أرضا جماعية نستغلها في رعي الكسيبة النشاط الاقتصادي الأول لسكان دواوير القراقرة». كانت اللافتات المنصوبة على الخيام مليئة بالشعارات التي تتوحد في مطلب الإبقاء على الأرض لذوي الحقوق والحفاظ على نوع ممارستهم الفلاحية: «لا للإجهاز على الأراضي الجماعية ولا لإقبار نوع السردي واستبداله بالأرانب». وضع السكان الذين حجوا في ذلك اليوم لافتات باسم الدواوير، وكانت كل خيمة تحمل اسم الدوار الذي جاء ممثلون عنه لإيقاف تنفيذ حكم قضائي على خمسة من أبناء جماعة القراقرة بالإفراغ . بداية الاعتصام للحفاظ على مصدر العيش يوم 10 يناير الماضي كان نقطة التحول في مسار النزاع بين المستثمر الذي فوتت له الأرض وبين ذوي الحقوق. يؤكد السكان أن بدء استغلال الأرض المتنازع عليها تم بدون علمهم ليقوم بعد ذلك ممثل الشركة برفع دعوى قضائية استعجالية ضد خمسة أفراد من أبناء القبيلة، هم الريحاني المعطي، والحنكي بوعزة، والعثماني صالح من دوار بئر قدور، والبوعزاوي ناصر من دوار أولاد سي بوعزة، والإدريسي المعطي من دوار أولاد الراضي. محاكمة الأفراد الخمسة الذين تحولوا إلى رموز وسط دواوير جماعة القراقرة، حركت كل السكان وشارك ممثلون عن هذه الدواوير في مساندتهم الرمزية أثناء جلسات محاكمتهم حيث كان يحضر أزيد من 500 شخص في كل جلسة بمدينة سطات، يؤكد مصطفى بطان، ويضيف «لقد ذهبنا للعمالة مرتين ونفذنا وقفتين احتجاجيتين دون أن تفتح العمالة باب الحوار معنا». المساحة الأرضية الممتدة على مسافة 3750 هكتارا يحدها شرقا وادي أم الربيع وخميس بني شكدال التابع لعمالة إقليمبني ملال، في حين يحدها جنوبا إقليمقلعة السراغنة، وقد كانت تستغل من طرف السكان في رعي وتربية الأكباش من نوع السردي «نملك 130 ألف رأس من الغنم و30 ألف رأس من الماعز ويستحيل أن نفرط في هذه الأرض مهما كان» يصرح الحاج البشير بن زياد (68 سنة) من دوار أولاد الشرقي. «سلطات الوصاية تآمرت علينا» يتهم السكان سلطات الوصاية باستغلال النواب للتوقيع على تفويت الأراضي الجماعية السلالية للشركة المستثمرة، ويعتقدون بأن «استفادة نائبين من أراضي الجموع من مساحة 25 هكتارا و50 هكتارا لحرثها واستغلالها هذه السنة أكبر دليل على أن السلطة تريد أن تأخذ منا الأرض وتسلمها للمستثمر بأي ثمن، في حين تم عزل من رفض التوقيع»، هذا الرأي يؤكده الحاج محمد التاقي (64 سنة) نائب أراضي الدحامنة السابق الذي تم عزله رفقة نائب آخر، ويصرح ل«المساء» قائلا: «لقد تم استدعاؤنا للتوقيع على تفويت الأرض في يوليوز من السنة الماضية ولم أذهب. أخبروني أن الأمر يتعلق بتفويت الأرض لمستثمر لتربية الأرانب، فقلت لهم إن الأرض لذوي الحقوق وينبغي أن توزع على ذوي الحقوق فرفض السيد بوسدرة تدخلي وغضب مني. طلبت منهم أن نجالس المستثمر ونتحاور معه، لكنهم رفضوا وقالوا لي هذا مستحيل، قبل أن يتم تعيين نائب بدلا عني وقع لهم على الفور على تفويت الأرض». مشروع شركة «سالاماكرو» الوقفات الاحتجاجية والاعتصامات التي قام بها السكان والخيام المنصوبة في الأرض موضوع النزاع جعلت السلطات المحلية تقوم بمحاولات لتهدئة السكان بتبيان مزايا عقد الكراء. وحسب مصدر مطلع رفض الكشف عن اسمه، فإن شركة «سالاماكرو» لصاحبها أحمد البياز المدير الوطني السابق للمطارات تعهدت بتخصيص مبلغ 500 مليون سنتيم للأعمال الاجتماعية ولتنمية المنطقة ولتمويل بعض الأنشطة المدرة للدخل بجماعة القراقرة منها مشاريع مستقبلية تهم تربية الأرانب والنحل. رئيس جماعة القراقرة، من جهته أكد في تصريح صحفي أن «المشروع يهم الساكنة جميعا، نظرا لحجم الاستثمار الذي سيجلبه للمنطقة» وأضاف أن «المستثمر التزم بتوظيف 139 عاملا بشكل رسمي». المشروع البديل لسكان جماعة القراقرة سكان القراقرة بادروا إلى تقديم مشروع بنفس القطعة الأرضية تشرف عليه جمعية في طور التأسيس، حيث أعدوا بطاقة تقنية للمشروع للاستفادة من 700 هكتار ستستغل في زراعة 264 هكتار من الزيتون و266 هكتارا للرمان واقتراح بحفر سبع آبار للسقي وتوفير 20830 يوم عمل في السنة باستثمار يبلغ 124 مليون درهم، وأكدت البطاقة التقنية للمشروع أن البرنامج الاجتماعي المصاحب للمشروع يبلغ غلافه المالي أكثر من 430 مليون سنتيم . بين القراقرة وقبيلة دوبلال قضية سكان دواوير جماعة القراقرة وشركة «سالاماكرو» التي فوتت لها الأراضي السلالية للجماعة تروج اليوم في قاعات محكمة الاستئناف بسطات بعدما قضت المحكمة الابتدائية على خمسة من أبناء الدوار ب«طردهم هم ومن يقوم مقامهم من العقار الجماعي موضوع عقد الإيجار... للاحتلال بدون سند» وهو أمر وقف على عكسه عون التنفيذ الذي حل بالأرض المتنازع عليها رفقة عناصر من القوات المساعدة حيث غاب الخمسة المشتكى بهم لكن حضر أزيد من ثلاثة آلاف شخص ينتمون إلى الدواوير الستة عشر ليرجئ عملية التنفيذ إلى حين حضور القوات العمومية، وهو أمر ينتظر قرارا جديدا من محكمة الاستئناف، ويعيد إلى الأذهان قضية قبيلة دوبلال رغم الظروف المتفاوتة لكنها متشابهة في تفويت الأراضي السلالية واستغلالها من طرف الخواص بإقليمسطات على عكس أقاليم أخرى تكون فيها الأسبقية للمستثمر المحلي لتحقيق التنمية المحلية الحقيقية. السكان راسلوا باسم الرابطة الوطنية للشرفاء الأدارسة الملك محمد السادس، كما راسل أبناؤهم بإيطاليا مصالح وزارة الداخلية والجهات المسؤولة دون أن يتلقوا أي رد.