بالنسبة لي أضع خطبة الجمعة الملقاة في مسجد الحسن الثاني بالدارالبيضاء من قبل السيد رضوان بنشقرون يوم 25 يونيو المنصرم في إطار التوجه الجديد للمجالس العلمية، وكذلك للمجلس العلمي الأعلى، فالكل يتذكر الكلمة السامية لجلالة الملك يوم 30 أبريل الماضي بمناسبة الإعلان عن الاستراتيجية الدينية الجديدة، حيث تبين أن هناك إرادة لتلافي كثير من الهفوات، وربما الأخطاء في ما يتعلق بالمجالس العلمية السابقة، وأنا كنت أقول دائما إن المهم الآن في المغرب ليس إعادة هيكلة وزارة الأوقاف فقط، بل السعي نحو إعادة النظر في السياسة الدينية في المغرب في محاولة للتصالح بين الخطاب الديني الرسمي والخطاب الديني الشعبي، لذلك فأنا أضع الخطبة المذكورة في هذا السياق، أي ممارسة الدعوة بمفهومها الحقيقي، فالخطاب موجه لجماعة المؤمنين وموجهة لعموم الشعب المغربي، وأعتقد أن هذه الخطبة ينبغي أن نربطها بالمذكرة التي وجهها رئيس المجلس العلمي المحلي للدار البيضاء السيد رضوان بن شقرون نفسه إلى خطباء المساجد بالدارالبيضاء. وهي التي تحدد التوجه وتطالب بضبط خطب الجمعة وتنبيه الخطباء إلى التركيز على التنبيه إلى البدع والضلالات المرتبطة بالصيف، وأكيد أن انتقاد بعض الممارسات اللاأخلاقية التي تمارس في بعض المهرجانات والتجمعات، وهذه مسألة لا ينبغي الاقتصار في انتقادها على أساس ديني، بل السلطة نفسها تحاربها من باب حفظ النظام العام، فكثير من الممارسات تعتبرها السلطات العمومية مخالفة للقانون. وبالنسبة إلى وبشكل عام فهذه الخطبة ينبغي أن نربطها بمذكرة 14 ماي في الدارالبيضاء التي حددت التوجهات العامة للخطباء، أكيد أن هناك من يحاول أن يفهم أن المشروع المجتمعي الديمقراطي الحداثي يرغب في إحداث قطيعة مع الإسلام الصحيح، وشرعنة بعض الممارسات التي لا علاقة لها بالأخلاق بشكل عام، سواء من زاوية الدين أو من زاوية أخرى غير الدين. هناك ممارسات لا أخلاقية ينبغي أن يحاربها الجميع. وإذا كانت الحداثة تعني التفسخ والابتعاد عن الالتزام بالأخلاق، فأعتقد أنه حتى الغرب لا يمارس هذه الحداثة، ونحن في المغرب ينبغي أن لا نخلط الأوراق. إن هذه الخطبة من وجهة نظري تندرج في إطار قيام العلماء بواجب النصيحة وممارسة وظيفة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، والكل كان يطالب باستقلالية المجالس العلمية وتمكين العلماء من القيام بوظيفتهم كاملة، ولسنا بحاجة إلى الوصاية المضادة. وأعتقد أن هناك إرادة من قبل المؤسسة الملكية لإحداث تصالح بين الخطاب الديني الرسمي والخطاب الديني الشعبي، وأن الاسترتيجية الدينية الجديدة تعمل على إعادة المصداقية للعلماء التي لا يكتسبونها إلا بالدعوة إلى التشبث بثوابت الدين.