المغرب يعزز دوره القيادي عالميا في مكافحة الإرهاب بفضل خبرة وكفاءة أجهزته الأمنية والاستخباراتية    هزة ارضية تضرب نواحي إقليم الحسيمة    ارتفاع رقم معاملات السلطة المينائية طنجة المتوسط بنسبة 11 في المائة عند متم شتنبر    إيداع "أبناء المليارديرات" السجن ومتابعتهم بتهم الإغتصاب والإحتجاز والضرب والجرح واستهلاك المخدرات    بلومبرغ: زيارة الرئيس الصيني للمغرب تعكس رغبة بكين في تعزيز التعاون المشترك مع الرباط ضمن مبادرة "الحزام والطريق"    لقجع وبوريطة يؤكدان "التزام" وزارتهما بتنزيل تفعيل الطابع الرسمي للغة الأمازيغية بالمالية والخارجية    أشبال الأطلس يختتمون تصفيات "الكان" برباعية في شباك ليبيا    مؤامرات نظام تبون وشنقريحة... الشعب الجزائري الخاسر الأكبر    الرباط.. إطلاق معرض للإبداعات الفنية لموظفات وموظفي الشرطة    بوريطة: الجهود مستمرة لمواجهة ظاهرة السمسرة في مواعيد التأشيرات الأوروبية    اللقب الإفريقي يفلت من نساء الجيش    منتخب المغرب للغولف يتوج بعجمان    ‬النصيري يهز الشباك مع "فنربخشة"    الجمارك تجتمع بمهنيي النقل الدولي لمناقشة حركة التصدير والاستيراد وتحسين ظروف العمل بميناء بني انصار    عبد الله بوصوف.. النظام الجزائري من معركة كسر العظام الى معركة كسر الأقلام    نهضة بركان يتجاوز حسنية أكادير 2-1 ويوسع الفارق عن أقرب الملاحقين    عمليات تتيح فصل توائم في المغرب    المخرج المغربي الإدريسي يعتلي منصة التتويج في اختتام مهرجان أجيال السينمائي    حفل يكرم الفنان الراحل حسن ميكري بالدار البيضاء    بعد قرار توقيف نتنياهو وغالانت.. بوريل: ليس بوسع حكومات أوروبا التعامل بانتقائية مع أوامر المحكمة الجنائية الدولية    أنشيلوتي يفقد أعصابه بسبب سؤال عن الصحة العقلية لكيليان مبابي ويمتدح إبراهيم دياز    كندا تؤكد رصد أول إصابة بالسلالة الفرعية 1 من جدري القردة        المغرب يرفع حصته من سمك أبو سيف في شمال الأطلسي وسمك التونة الجاحظ ويحافظ على حصته من التونة الحمراء    التفاصيل الكاملة حول شروط المغرب لإعادة علاقاته مع إيران    الأخضر يوشح تداولات بورصة الدار البيضاء    كرة القدم النسوية.. توجيه الدعوة ل 27 لاعبة استعدادا لوديتي بوتسوانا ومالي    اغتصاب جماعي واحتجاز محامية فرنسية.. يثير الجدل في المغرب    الحسيمة تستعد لإطلاق أول وحدة لتحويل القنب الهندي القانوني    هتك عرض فتاة قاصر يجر عشرينيا للاعتقال نواحي الناظور        قمة "Sumit Showcase Morocco" لتشجيع الاستثمار وتسريع وتيرة نمو القطاع السياحي    انتخاب لطيفة الجبابدي نائبة لرئيسة شبكة نساء إفريقيات من أجل العدالة الانتقالية    توقعات أحوال الطقس ليوم غد الأحد    نمو صادرات الصناعة التقليدية المغربية    اعتقال الكاتب بوعلام صنصال من طرف النظام العسكري الجزائري.. لا مكان لحرية التعبير في العالم الآخر    بعد متابعة واعتقال بعض رواد التفاهة في مواقع التواصل الاجتماعي.. ترحيب كبير بهذه الخطوة (فيديو)    محمد خيي يتوج بجائزة أحسن ممثل في مهرجان القاهرة    المعرض الدولي للبناء بالجديدة.. دعوة إلى التوفيق بين الاستدامة البيئية والمتطلبات الاقتصادية في إنتاج مواد البناء    الطيب حمضي: الأنفلونزا الموسمية ليست مرضا مرعبا إلا أن الإصابة بها قد تكون خطيرة للغاية    مثير.. نائبة رئيس الفلبين تهدد علنا بقتل الرئيس وزوجته    ترامب يعين سكوت بيسنت وزيرا للخزانة في إدارته المقبلة    فعالية فكرية بطنجة تسلط الضوء على كتاب يرصد مسارات الملكية بالمغرب        19 قتيلا في غارات وعمليات قصف إسرائيلية فجر السبت على قطاع غزة    "السردية التاريخية الوطنية" توضع على طاولة تشريح أكاديميّين مغاربة    بعد سنوات من الحزن .. فرقة "لينكن بارك" تعود إلى الساحة بألبوم جديد    "كوب29" يمدد جلسات المفاوضات    ضربة عنيفة في ضاحية بيروت الجنوبية    بنسعيد: المسرح قلب الثقافة النابض وأداة دبلوماسية لتصدير الثقافة المغربية    طبيب ينبه المغاربة لمخاطر الأنفلونزا الموسمية ويؤكد على أهمية التلقيح    الأنفلونزا الموسمية: خطورتها وسبل الوقاية في ضوء توجيهات د. الطيب حمضي    لَنْ أقْتَلِعَ حُنْجُرَتِي وَلَوْ لِلْغِناءْ !    تناول الوجبات الثقيلة بعد الساعة الخامسة مساء له تأثيرات سلبية على الصحة (دراسة)    اليونسكو: المغرب يتصدر العالم في حفظ القرآن الكريم    بوغطاط المغربي | تصريحات خطيرة لحميد المهداوي تضعه في صدام مباشر مع الشعب المغربي والملك والدين.. في إساءة وتطاول غير مسبوقين !!!    في تنظيم العلاقة بين الأغنياء والفقراء    سطات تفقد العلامة أحمد كثير أحد مراجعها في العلوم القانونية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الأستاذ المقرئ الإدريسي أبو زيد يكتـب:مجاوزة الخلاف الطائفي طريق التوحد على الأهداف


يتبين مما توفر من تجارب صعوبة التقريب كما التصحيح، عمليا لا مبدئيا، والمقترح الواقعي هو ترك كل هذا الركام التاريخي لأصحابه يعالجونه على مهل اكاديميا لا سياسيا، مما قد يستلزم قرونا، والخلوص الى بناء فكرة عملية براغماتيه، لكنها تتوافق مع الروح الوحدوية الصارمة لدين الاسلام، رجوعا الى أصل اللاطائفية الأصيل وهو التوحد على المشترك الجوهري من جهة، والاشتغال بالقضايا والتحديات والاهداف والمصالح المشتركة الموحدة لنا كأمة واحدة من جهة اخرى. الاشتغال بالبناء إن الجوهر الموحد واضح كوضوح الشمس التى لا ينكر ضوئها إلا من رمد، وهو أننا امة الرب الواحد والكتاب الواحد والنبي الواحد والقبلة والواحدة والأركان الخمسة المتفق عليها والمبادئ الأخلاقية العليا المجمع عليها، فماذا بعد؟! يبقى تدريب النفس والعقل على قواعد تفكير وادراك وتوجه، تمكن من الاجتماع على الجوهر، سعيا إلى الأهداف المشتركة والمصير المشترك في مواجهة العدو المشترك، بعيدا عن تضخيم التافه وتتفيه الضخم، وقلب الموازين والأولويات. من أهم هذه القواعد ما سماه أحد كبار علماء هذه الأمة، وأحد عظام دعاة الوحدة فيها، فضيلة الدكتور يوسف القرضاوي بـ الاشتغال بالبناء والعمل، لا بالتكلف والجدل وجعله تاسع أصل من عشرة أصول هي قوام رؤيته للتعامل مع التمذهب والاختلاف والمدخل إلى تحديده موقفا من التراث، في كتاب خصصه لهذا الموضوع حصرا. يقول القرضاوي: قال حسن البنا: وكل مسألة لا ينبني عليها عمل، فالخوض فيها من التكلف الذي نهينا عنه شرعا، ومن ذلك: كثرة التفريعات للأحكام التي لم تقع، والخوض في معاني الآيات القرآنية التي لم يصل إليها العلم بعد، والكلام في المفاضلة بين الأصحاب رضوان الله عليهم وما شجر بينهم من خلاف، ولكل منهم فضل صحبته، وجزاء نيته، وفي التأول مندوحة لقد كان حسن البنا شخصية إيجابية، وكذلك أراد لأنصاره. ولهذا وجههم إلى العطاء والعمل لا إلى المراء والجدل، ورباهم على الإيجابية لا السلبية، حتى لا يدخلوا تحت من ذمهم الله تعالى بقوله:يا أيها الذين آمنوا لم تقولون ما لا تفعلون، كبر مقتا عند الله أن تقولوا مالا تفعلون. (..) وكان دائم التحذير من الجدل العقيم أو السوفسطائي، الذي ليس وراءه بيان الحق، ولا كشف لباطل، أو حل لمشكلة، أو تقارب في المواقف، لكن وراءه إيغار الصدور، وإثارة الفتن، واستمرار الصراع، وكثيرا ما كان الإمام البنا يذكر بالحديث الشريف الذي رواه أبو أمامة عن النبيء صلى الله عليه وسلم ما ضل قوم بعد هدى كانوا عليه إلا أوتوا الجدل التحذير من الجدل ومن هنا حذر في هذا الأصل من أصوله العشرين من الخوض في المسائل التي لا ينبني عليها عمل، ولا يترتب عليها أثر إيجابي في دين الإنسان أو دنياه، إلا ما تأكله من أوقات، وما قد تتركه من حزارات، أو تفريق بين الأفراد والجماعات. (...) وهذا الأصل مقتبس بوضوح وصراحة من (الموافقات) للإمام أبي اسحاق الشاطبي رحمه الله :(كل مسألة لا ينبني عليها عمل فالخوض فيها خوض فيما لم يدل على استحسانه دليل شرعي، واعني بالعمل: عمل القلب وعمل الجوارح من حيث هو مطلوب شرعا. والدليل على ذلك استقراء الشريعة: فإنا رأينا الشارع يعرض عما لا يفيد عملا مكلفا به. ففي القرآن الكريم: (يَسْأَلونَكَ عَنِ الْأَهِلَّةِ قُلْ هِيَ مَوَاقِيتُ لِلنَّاسِ وَالْحَجِّ)(البقرة) فوقع الجواب بما يتعلق به العمل، إعراضا عما قصده السائل من السؤال عن الهلال: لم يبدو في أول الشهر دقيقا كالخيط ثم يمتلئ حتى يصير بدرا ثم يعود إلى حالته الأولى؟ وقال ابن عباس-في سؤال بني اسرائيل عن صفات البقرة-:لو ذبحوا بقرة ما لأجزأتهم، ولكن شددوا فشدد الله عليهم. هذا يبين أن سؤالهم لم يكن فيه فائدة). وتأمل خبر عمر بن الخطاب مع ضبيع في سؤاله الناس عن أشياء من القرآن لا ينبني عليها حكم تكليفي، وتأديب عمر له. وقد سأل ابن الكواء علي بن أبي طالب عن (الذاريات ذروا فالحاملات وقرا) الخ فقال له علي: ويلك ! سل تفقها ولا تسأل تعنتا. واستشهد القرضاوي ايضا بالشاطبي، في حثه في الموافقات على ترك العلم الفاسد كقولهإنا لا نسلم ذلك على الاطلاق، وانما فرض الكفاية رد كل فاسد وإبطاله، علم ذلك الفاسد أو جهل، إلا أنه لا بد من علم أنه فاسد. والشرع متكفل بذلك. والبرهان على ذلك أن موسى عليه السلام لم يعلم علم السحر الذي جاء به السحرة، مع أنه بطل على يديه بامر هو أقوى من السحر. ويعلق القرضاوي على المشتغلين بسفاسف العلم قائلا: وبعض الناس مهووسون بهذا اللون من الاسئلة العقيمة، التي تدل على فراغ العقل، وفراغ النفس، وفراغ الوقت، فمن كان فارغا في هذه الثلاثة بحث عن توافه الامور، وعضل المسائل ليشتغل بها عقله ونفسه ووقته.وهذا لا يليق بشكر نعمة الله تعالى على من عنده فراغ وقت، ولم يستغله فيما ينفعه(..) ومن الأسئلة التي لم اكن أعبأ بها: ما يتعلق بالمفاضلة بين آل البيت والصحابة رضى الله عنهم وما شجر بينهم من خلاف، ونحو ذلك ـ مما لا طائل تحته ـ وقد أفضى الجميع إلى ربهم، وقضى الله ماكان. من ذلك ايهما أفضل عند الله: أبو بكر ام علي؟ وبعضهم يقول: علي أم عثمان؟ ومثل ذلك:أيهما أفضل: فاطمة الزهراء بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم أم عائشة أم المؤمنين زوج رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ ومثل ذلك: المفاضلة بين الأنبياء، مثل إسماعيل واسحاق، أو موسى وعيسى. أسئلة لا يترتب على العلم بها، قوة في دين، ولا نهضة في دنيا، ومن جهل الجواب عنها فلا إثم عليه، ومن كون في كل منها رأيا فهيهات أن يتنازل عنه. وحسبنا منهج موسى عليه السلام في توجيه أجوبته: سأل فرعون سيدنا موسىقال فمن ربكما ياموسى،قال ربنا الذي أعطى كل شيء خلقه ثم هدى،قال فما بال القرون الاولى،قال علمها عند ربي في كتاب لا يضل ربي ولا ينسى. ولهذا كان مالك ابن انس، لا يجيب عن هذا النوع من الأسئلة العقيمة: وسأل آخر نحو هذا، فلم يجبه، فقال له: لم لا تجيبني يا أبا عبد الله؟ فقال له: لو سألت عما تنتفع به أجبتك!! لقد كانوا يدركون جيدا قوله صلى الله عليه وسلم: ان الله فرض فرائض فلا تضيعوها، ونهى عن أشياء فلا تنتهكوها، وحد حدودا فلا تعتدوها، وعفا عن أشياء رحمة بكم لا عن نسيان فلا تبحثوا عنها. تجنب الأسئلة العقيمة وقد بين الدكتور يوسف القرضاوي مواضع الأسئلة المذمومة جاعلا من بينها، ما شجر بين الخلف الصالح من خلاف، قائلا: قال الشاطبي (والتاسع) السؤال عما شجر بين السلف الصالح، وقد سئل عمر بن عبد العزيز عن قتال أهل صفين فقال:تلك دماء كف الله عنها يدى. فلا أحب أن يلطخ بها لساني. وذلك من اصل عشرة مواضع مذمومة. ثم فصل ذلك بقوله: المفاضلة بين الصحابة والحديث فيما شجر بينهم: ومما نبه عليه الإمام الشهيد هنا فيما لا ينبنى عليه عمل: المفاضلة بين الصحابة بعضهم بعض، والكلام فيما شجر بينهم من خلاف،مثل ما حدث بين علي رضي الله عنه من جانب، وطلحة والزبير وعائشة رضي الله عنهم من جانب آخر، وما حدث بين علي ومعاوية رضي الله عنهما، وهي التي سماها من سماها (الفتنة الكبرى) والتي سفك فيها من الدماء ما سفك. لعلها أضعاف ما سفك في الغزوات والسرايا النبوية، والفتوح الإسلامية في عهد الراشدين. ولكن حسبنا هنا أن نقرر أن الله تعالى قد اثنى على الصحابة جميعا، وخصوصا المهاجرين والأنصار، و أهل بيعة الرضوان، كما قال تعالى: (مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعاً سُجَّداً يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَاناً سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ ذَلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَمَثَلُهُمْ فِي الْأِنْجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوَى عَلَى سُوقِهِ يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنْهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْراً عَظِيماً) (الفتح) ففي هذه الآية ثناء عاطر على جميع الأصحاب الكرام. وكذلك في قوله تعالى: {لا يَسْتَوِي مِنْكُمْ مَنْ أَنْفَقَ مِنْ قَبْلِ الْفَتْحِ وَقَاتَلَ أُولَئِكَ أَعْظَمُ دَرَجَةً مِنَ الَّذِينَ أَنْفَقُوا مِنْ بَعْدُ وَقَاتَلُوا وَكُلّاً وَعَدَ اللَّهُ الْحُسْنَى} (الحديد) وهكذا بعد أن فضل الذين أنفقوا وقاتلوا مع رسول الله قبل الفتح على الذين أنفقوا وقاتلوا بعد الفتح، قال : {وَكُلّاً وَعَدَ اللَّهُ الْحُسْنَى} ليشمل الجميع بفضله وكرامته. وقال عز وجل {وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَداً ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ} (التوبة) فاطلق رضاه عن السابقين من المهاجرين والانصار، وقيده فيمن اتبعهم بأن يكون اتباعا بإحسان. وقال تعالى: {لِلْفُقَرَاءِ الْمُهَاجِرِينَ الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَاناً وَيَنْصُرُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُولَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ ، وَالَّذِينَ تَبَوَّأُوا الدَّارَ وَالْأِيمَانَ مِنْ قَبْلِهِمْ يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ وَلا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِمَّا أُوتُوا وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} (الحشر) وقال تعالى: {وَالَّذِينَ آمَنُوا وَهَاجَرُوا وَجَاهَدُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالَّذِينَ آوَوْا وَنَصَرُوا أُولَئِكَ هُمُ الْمُؤْمِنُونَ حَقّاً لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ} (لأنفال) وقال تعالى (لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ فَعَلِمَ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَنْزَلَ السَّكِينَةَ عَلَيْهِمْ وَأَثَابَهُمْ فَتْحاً قَرِيباً) (الفتح) وقال تعالى في عقب غزوة احد :{وَلَقَدْ صَدَقَكُمُ اللَّهُ وَعْدَهُ إِذْ تَحُسُّونَهُمْ بِإِذْنِهِ حَتَّى إِذَا فَشِلْتُمْ وَتَنَازَعْتُمْ فِي الْأَمْرِ وَعَصَيْتُمْ مِنْ بَعْدِ مَا أَرَاكُمْ مَا تُحِبُّونَ مِنْكُمْ مَنْ يُرِيدُ الدُّنْيَا وَمِنْكُمْ مَنْ يُرِيدُ الْآخِرَةَ ثُمَّ صَرَفَكُمْ عَنْهُمْ لِيَبْتَلِيَكُمْ وَلَقَدْ عَفَا عَنْكُمْ وَاللَّهُ ذُو فَضْلٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ} (آل عمران) وقال {إِنَّ الَّذِينَ تَوَلَّوْا مِنْكُمْ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعَانِ إِنَّمَا اسْتَزَلَّهُمُ الشَّيْطَانُ بِبَعْضِ مَا كَسَبُوا وَلَقَدْ عَفَا اللَّهُ عَنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ حَلِيمٌ} (آل عمران) فهذه الآيات كلها وغيرها تبين فضل الصحابة رضي الله عنهم جميعا وخصوصا السابقين الأولين من المهاجرين والأنصار،وأهل بيعة الرضوان، وأهل أحد. كما أثنى(...) عليهم الرسول الكريم في احاديثه التي استفاضت وتكاثرت، في مدح افراد منهم خاصة، وفي مدحهم عامة. من هذه الاحاديث: خير القرون قرني ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهممتفق عليه. يأتي زمان تغزو فئام (جماعة كثيرة) من الناس، فيقال: فيكم من صحب النبي صلى الله عليه وسلم ؟ فيقال: نعم فيفتح عليه. ثم يأتي زمان فيقال: فيكم من صحب أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم؟ فيقال : نعم فيفتح ثم يأتي زمان فيقال : فيكم من صحب صاحب أصحاب النبيء صلى الله عليه وسلم؟ فيقال نعم فيفتح متفق عليه. >لا تسبوا أصحابي، فو الذي نفسي بيده لو أن أحدكم أنفق مثل أحد ذهبا، ما بلغ مد أحدهم ولا نصيفه<. وقال لعمر في شأن أهل بدر: >وما يدريكم لعل الله اطلع على أهل بدر فقال: اعملوا ما شئتم فإني قد غفرت لكم<. وقال: >لا يدخل النار أحد ممن بايع تحت الشجرة< رواه مسلم . أما الثناء على الأفراد الكثيرين منهم فشيء يشق حصره، وقد امتلأت به كتب الحديث وخصوصا العشرة المبشرة بالجنة وامثال حمزة وجعفر والحسن والحسين والمهاجرين وسعد بن معاذ وسعد بن الربيع وأبي كعب ومعاذ ابن جبل وغيرهم من الانصار. كما أحسن الشيخ الاستشهاد بالإمام الغزالي في مقولته الرائعة : والخطأ في حسن الظن بالمسلم اسلم من الصواب بالطعن فيهم، فلو سكت إنسان مثلا عن لعن ابليس أو لعن ابى جهل او ابى لهب أو من شئت من الأشرار طول عمره، لم يضره السكوت، ولو هفا هفوة بالطعن في مسلم بما هو بريئ عند الله تعالى منه، فقد تعرض للهلاك. بل اكثر ما يعلم في الناس لا يحل النطق به لتعظيم الشرع الزجر عن الغيبة، مع انه إخبار عن ماهو متحقق في المغتاب. فمن يلاحظ هذه الفصول، ولم يكن في طبعه ميل للفضول، آثر ملازمته السكوت وحسن الظن بكافة المسلمين وإطلاق اللسان بالثناء على جميع السلف الصالحين. وما بسطه الدكتور القرضاوي في فصل كامل لخصناه فيما سبق، قاعدة تصورية، تتلوها قاعدة عملية، هي تلمس مواطن هذا الجوهر في جهد المسلمين الفكري والشرعي، مما يستصعبه المجادلة، وهو يسير. من ذلك حسم مشكلة الرواية، وما ينتج عنها من مشكلة النصوص، بطريقة عملية، كما فعل محمود البغدادي في جمعه لثقاة الاسلام من الطرفين، صحابة وتابعين، فوجدهم ثمانية وعشرين ثقة ويتحصل مما رووه ورأوه تراث عظيم جامع. وما فعله محمد الباقر في جمعه للرواة المشتركين لدى الفريقين، فوجدهم أربعة وثلاثين من التابعين وتابعيهم يتحصل أيضا عن جهدهم نتاج شرعي موحد. وما فعله الدكتور فاروق حمادة من تتبعه للائمة الأحد عشر للجعفرية في كتب حديث أهل السنة وما وجدهم عليه في هذه الكتب من التزكية والوثوق. علماء موحدون ومن كبار علماء الأمة، الذين بذلوا جهدا في عرض المشترك الجوهري في أصول الفقه، الشيخ وهبة الزحيلي، يقول في بحثه تحت عنوان ( الأسس والمصادر الاجتهادية المشتركة):يتبين مما تقدم أن هناك جسور التقاء كثيرة بين المذاهب الإسلامية من سنة وشيعة سواء في مجال المصادر أم في مجال التفريعات أو الفروع و التطبيقات الفقهية، مما يدل على وحدة الأمة الإسلامية، وإمكان توحيدها في كل زمان ومكان، ما دام المصدران الأصليان وهما الكتاب والسنة أساس التشريع. والخلاف الفقهي بين هذه المذاهب ليس خلافا جوهريا يمنع من إمكان التلاقي، وإنما هو خلاف في الفروع التي لا تضر، ما دام منشؤها الاجتهاد. والأسس والمصادر الاجتهادية المشتركة كما تقدم كثيرة وواضحة كل ما في الأمر الاختلاف في العناوين والأسماء. أما في الواقع أو النتيجة فالكل يؤيد بعضهم بعضا من حيث لايدري، والعبرة عادة بالنتائج. وقد تبين لدينا أن العقل المصدر الثالث عند الشيعة الإمامية يوازي المقرر عند فقهاء السنة من المصادر التبعية للتشريع التي هي في الواقع قواعد كلية ولا تصلح أدلة مستقلة في مواجهة الكتاب والسنة. ويلاحظ أن بعض المصادر الأصلية والمصادر التبعية قسمان قسم يعتمد على النقل و هو مذهب الصحابي وشرع من قبلنا والعرف، وقسم يعتمد على العقل وهو القياس والاستحسان والاستصلاح وسد الذرائع والاستصحاب. أما الإجماع فالسابق منه يعتمد على النقل عن المجمعين، والإجماع الذي يراد عقده يعتمد على العقل والنقل معا، لأنه يحتاج إلى معرفة مستند الإجماع، وبذل الجهد في تتبع كل ماله صلة بالمسالة التي يراد الإجماع عليها. ولم أتحدث عن مجال البراءة الأصلية (وهو استواء الفعل والترك في حكم الشريعة) وما قد يلجأ إليه فقها من القرعة والاستخارة، كما لم أتحدث عن الاحتياط الشرعي والعقلي لقلة الكلام والخلاف في شأنهما<. وقد رصد في بحثه القيم نقط الاشتراك الجوهرية في مصادر التشريع الأصليةوهي الإجماع ـ العقل ـ القياس. وفي مصادر التشريع التبعية: وهي الاستحسان ـ الاستصلاح ـ سد الذرائع ـ العرف ـ شرع من قبلنا ـ مذهب الصحابي ـ الاستصحاب.

انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.