لم يكن المخرج الفرنسي كريستيان ماري يعرف أن عارضا صحيا سيقوده إلى الاسلام دينا ومنهجا، إلا أنه لم يكن يعرف أيضاً أن بلاده التي ترفض التصنيف على اساس العرق والمعتقد ستضيق به وتدفعه الى اللجوء الى سورية ليعيش ويتزوج فيها. ويقول كريستيان البالغ من العمر 56 عاما الذي صار اسمه بعد دخوله في الإسلام عيسى أبو الهدى، إنه تعرض لضغوط في العاصمة الرومانية، بوخارست، حيث كان يقيم قبل 4 سنوات بسبب إعلانه للإسلام. وقال ابو الهدى ليونايتد برس انترناشيونال أنه تعرض لضغوط مماثلة بعد عودته إلى بلده فرنسا لأن الأشخاص من حوله هناك، لا سيما من يعمل معهم، لم يستطيعوا فهم قراره، خصوصا وأنه جاء بعد أحداث 11 سبتمبر 2001 ، والتي أضحى المسلمون معها في الغرب موضع مساءلة وشبهة. ويقول أبو الهدى إنه عمل مخرجا وكاتبا للسيناريو ومنتجا لما يتراوح بين 70 إلى 80 فيلما سينمائيا ومن ضمنها فيلمين مع صديقه الراحل أنطوني كوين، وكان يعيش حياة غنية ومترفة متنقلا بين لوس أنجلس ونيويورك وباريس وأوروبا الشرقية، ومع ذلك فهو لم يجد الراحة النفسية والروحية سوى لدى دخوله في الإسلام. وبدأت علاقة المخرج الفرنسي مع الاسلام، عندما شعر بأعراض جلطة في بوخارست قبل نحو 4 أعوام، حيث تعرق وارتفعت حرارته وفقد الرؤية للحظات، وقال إن الصديق الوحيد الذي تمكن من الحديث معه لمساعدته كان مسلما قبائليا من الجزائر. وأضاف: طلبت منه أن يصحبني إلى مسجد في بوخارست حيث وجدت سكينة روحية هناك إلا أن الضغوط التي خضعت لها من الأشخاص الذين أعمل معهم دفعتني لمغادرة العاصمة الرومانية والعودة إلى باريس. وقال هؤلاء لم يفهموا لماذا غيرت ديني وأنا أيضا لم أستطع أن أشرح لهم. وأشار إلى أن ضغوطا مماثلة كان يتعرض لها مع العرب والمسلمين في فرنسا نتيجة لأحداث 11 سبتمبر ومع ذلك بقيت أقرأ القرآن وأصلي في المسجد وألقي محاضرات فيه عن الاسلام. وشدد المخرج الفرنسي على أنه غير سلوكه كليا منذ أن أعلن إسلامه وانه لم يذق منذ ذاك الحين لحم الخنزير ولا الخمور ولم يزن، مشيرا إلى أن الضغوط التي تعرض لها من الأشخاص الذين يعمل معهم بسبب معتقده الجديد دفعته إلى ترك فرنسا.ويضيف أنه ذهب إلى ساحة الأوبرا في باريس حيث شركات السفر والطيران ووجد نفسه فجأة في مواجهة شركة الطيران السورية فأراد شراء بطاقة سفر ليغادر بلاده في نفس اليوم إلا أن الشركة طلبت منه الحصول على فيزا أولا، الأمر الذي لم يعان منه، إذ أن أشخاصا لطفاء في السفارة السورية منحوه مباشرة تأشيرة دخول إلى سورية لمدة 6 أشهر. ويقول أبو الهدى إن الله يسر أمره فساعده أحد سائقي التاكسي فور وصوله إلى دمشق للحصول على فندق نظيف ورخيص، ومن ثمة بدأ بالتواصل مع السوريين من خلال جامع أبو النور وهو المجمع التابع لمفتي سورية الراحل الشيخ أحمد كفتارو. وبعد استقراره في سورية منذ نحو سنتين، تزوج أبو الهدى من فتاة سورية مسلمة من عائلة بكداش وأنجب منها طفلة صغيرة أسمياها نور، ويقول إن زوجته محجبة وأن والدها المتدين يذهب إلى الجامع لاداء صلاة الفجر كل يوم . أبو الهدى لم يغير من هندامه إذ أن شكله فرنسي، فهو يرتدي سترة وسروالا ينسجمان مع روح العصر ويلف رقبته بشال أحمر اللون ويتحدث باللغةالفرنسية، فهو لم يتعلم اللغة العربية نتيجة اختياره الحل الأسهل أي الاستعانة بمترجم يؤمنه له أصدقاءه كل مرة. وعن عمله الحالي، يقول ابو الهدى إن تلفزيون الفجر كلفه بإخراج 30 حلقة وثائقية، في حين طلبت منه مؤسسات إنتاج أخرى إخراج أفلام للرسوم المتحركة. وأضاف أنه كتب في الآونة الاخيرة سيناريو عن علاقة عاطفية بين غربي مسيحي وفتاة عربية مسلمة، ويأمل في إخراج القصة بعد عام للتعريف بالإسلام ونقاء تعاليمه من خلال هذه العلاقة. ولا يعرف أبو الهدى ما إذا كان سيبقى في دمشق أو سيغادر للعمل في إحدى دول الخليج أو غيرها ويقول إن ذلك مرتبط بمشيئة الله.