تنصيب هشام رحيل مديرا لمطار محمد الخامس بالدار البيضاء    معدل نشاط السكان بجهة طنجة يتجاوز الوطني والبطالة تسجل أدنى المستويات    أخنوش: صادرات قطاع الطيران تواصل مسارا تصاعديا بزيادة قدرها 20% مع نهاية شهر شتنبر الماضي    البحرية الملكية تُحرر سفينة شحن حاول "حراكة" تحويل وجهتها الى اسبانيا    أخنوش: التوازن التجاري يتحسن بالمغرب .. والواردات ضمن "مستويات معقولة"        «بابو» المبروك للكاتب فيصل عبد الحسن    في ظل بوادر انفراج الأزمة.. آباء طلبة الطب يدعون أبناءهم لقبول عرض الوزارة الجديد    تعليق حركة السكك الحديدية في برشلونة بسبب الأمطار    الجولة التاسعة من الدوري الاحترافي الأول : الجيش الملكي ينفرد بالوصافة والوداد يصحح أوضاعه    رحيل أسطورة الموسيقى كوينسي جونز عن 91 عاماً    مريم كرودي تنشر تجربتها في تأطير الأطفال شعراً    في مديح الرحيل وذمه أسمهان عمور تكتب «نكاية في الألم»    الذكرى 49 للمسيرة الخضراء.. تجسيد لأروع صور التلاحم بين العرش العلوي والشعب المغربي لاستكمال الاستقلال الوطني وتحقيق الوحدة الترابية    عادل باقيلي يستقيل من منصبه كمسؤول عن الفريق الأول للرجاء    توقعات أحوال الطقس ليوم غد الثلاثاء    مصرع سيدة وإصابة آخرين في انفجار قنينة غاز بتطوان    أمرابط يمنح هدف الفوز لفنربخشة    "أطباء القطاع" يضربون احتجاجا على مضامين مشروع قانون مالية 2025    انعقاد مجلس الحكومة يوم الخميس المقبل    الجيش المغربي يشارك في تمرين بحري متعدد الجنسيات بالساحل التونسي        متوسط آجال الأداء لدى المؤسسات والمقاولات العمومية بلغ 36,9 يوما    المحامون يواصلون شل المحاكم.. ومطالب للحكومة بفتح حوار ووقف ضياع حقوق المتقاضين    "العشرية السوداء" تتوج داود في فرنسا    أقدم استعمال طبي للأعشاب في العالم يكتشف بمغارة تافوغالت    إبراهيم دياز.. الحفاوة التي استقبلت بها في وجدة تركت في نفسي أثرا عميقا    بالصور.. مغاربة يتضامنون مع ضحايا فيضانات فالينسيا الإسبانية    أطباء العيون مغاربة يبتكرون تقنية جراحية جديدة    "المعلم" تتخطى عتبة البليون مشاهدة    مدرب غلطة سراي يسقط زياش من قائمة الفريق ويبعده عن جميع المباريات    مزور… الدورة الوزارية ال40 للجنة الكومسيك، مناسبة لتعزيز الاندماج الاقتصادي بين الدول الإسلامية    عبد الله البقالي يكتب حديث اليوم    المنتخب المغربي يستعد لمواجهة الغابون ببعثة خاصة واستدعاء مفاجئ لحارس جديد    تقرير: سوق الشغل بالمغرب يسجل تراجعاً في معدل البطالة    كيوسك الإثنين | "زبون سري" يرعب أصحاب الفنادق    "فينوم: الرقصة الأخيرة" يواصل تصدر شباك التذاكر        فوضى ‬عارمة ‬بسوق ‬المحروقات ‬في ‬المغرب..    ارتفاع أسعار النفط بعد تأجيل "أوبك بلس" زيادة الإنتاج    الباشكي وأيت التباع يتألقان في بلوازن    السعودية تعلن اكتشاف قرية أثرية من العصر البرونزي    مظاهرات بمدن مغربية تطالب بوقف الإبادة الإسرائيلية بغزة    الخطوط الجوية الفرنسية تعلق رحلاتها فوق البحر الأحمر    تحقيق أمني بطنجة بعد اكتشاف أوراق مالية مزورة في بنك المغرب    استعدادات أمنية غير مسبوقة للانتخابات الأمريكية.. بين الحماية والمخاوف    عبد الرحيم التوراني يكتب من بيروت: لا تعترف بالحريق الذي في داخلك.. ابتسم وقل إنها حفلة شواء    الكاتب الإسرائيلي جدعون ليفي: للفلسطينيين الحق في النضال على حقوقهم وحريتهم.. وأي نضال أعدل من نضالهم ضد الاحتلال؟    ابن تماسينت إبراهيم اليحياوي يناقش أطروحته للدكتوراه حول الحركات الاحتجاجية    الجينات سبب رئيسي لمرض النقرس (دراسة)        خلال أسبوع واحد.. تسجيل أزيد من 2700 حالة إصابة و34 وفاة بجدري القردة في إفريقيا    إطلاق الحملة الوطنية للمراجعة واستدراك تلقيح الأطفال الذين تقل أعمارهم عن 18 سنة بإقليم الجديدة    كيفية صلاة الشفع والوتر .. حكمها وفضلها وعدد ركعاتها    مختارات من ديوان «أوتار البصيرة»    وهي جنازة رجل ...    أسماء بنات من القران    نداء للمحسنين للمساهمة في استكمال بناء مسجد ثاغزوت جماعة إحدادن    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



اللهم احفظ لنا بوتين ليواصل قصفنا
نشر في التجديد يوم 03 - 12 - 2015

في متاهة الأحداث المفجعة في بلادنا، يبدو مجيء صباح آخر لا يحمل في ساعاته مأساة جديدة أو مفارقة غرائبية موجعة للعقل والقلب، شبه مستحيلة. المفارقات الغرائبية تهطل على الناس كالمطر الأسود، بزخات لا يمكنهم فرزها أو التوقف للتفكير بها. فيصبح القبول بها هو الحل الواقعي الوحيد. ويصبح تسارع الأحداث هو المبرر لرخو مدارك دعاة القبول بالأمر الواقع على حساب الكرامة والوطنية والسيادة وإلا كيف نفسر مناشدة نخبة من مثقفين، وساسة، ورجال دين عرب ( بعد الترحيب الأجنبي)، بقصف بلدانهم، واحتلالها، من قبل حكومات ذات سياسة خارجية، فاشية، سواء كانت السياسة متسربلة بالرأسمالية أو الاشتراكية أو الطائفية الدينية!
القصف «الإنساني» الذي تستجديه النخبة العربية متنوع المصادر. هناك، قصف « التحالف الدولي ضد الدولة الإسلامية»، المكون من 62 دولة (بضمنها السعودية والإمارات والأردن)، بقيادة أمريكا، المستهدف لسوريا والعراق، سوية أو على انفراد.
هناك قصف التحالف العربي بقيادة السعودية المستهدف لليمن. وقصف روسيا لسوريا الآن والعراق على الطريق إذا ما استجابت روسيا لدعوات مناشدة النظام، خاصة بعد أن تجاوز القصف الروسي، لفرط ترقبه والرغبة فيه، مفهوم المساعدة «الإنسانية» ليستحوذ على بعد آخر، في صلب التقرب والتواصل الديني – الآلهي.
وانتقل من مرحلة التمني الفردي إلى الدعاء، الرسمي، الجماعي. حيث قال آية الله موحدي كرماني في خطبة صلاة الجمعة الماضية، نيابة عن المرشد الأعلى للثورة الإيرانية علي خامنئي: «أدعو الله سبحانه وتعالى أن يمنّ على روسيا بنجاحات أكثر في القضاء على تنطيم «الدولة»»، فصرخ الحاضرون: آمين. مما شجع كرماني على استنباط سبب واقعي، يبرر به السمو الروحي المفاجئ لبوتين، فقال: «إن الوضع في سوريا يتحسن بعد هذه الغارات، وإن أكثر من مليون لاجئ سوري عادوا إلى أراضيهم عقب الغارات الجوية الروسية». السؤال هنا: إذا كان القصف الروسي قد أوجد الحل لمأساة مليون لاجئ سوري، خلال أسابيع معدودة من القصف، فلم لا يتبنى مجلس الأمن قرارا ملزما لبوتين، بإرسال طائرات السوخوي، لقصف أي بلد يعاني من مشكلة الهجرة، من الصومال إلى نيجيريا؟ أليس هذا حلا منطقيا؟
الحقيقة هي أن القصف الروسي، دفاعا عن مصالح القومية الروسية، السياسية والاقتصادية، ومنها منافسة أمريكا وبريطانيا على سوق تجارة السلاح، أضاف إلى كارثة الدمار، اليومي، أداة قتل جديدة، نجحت، حتى الآن، بقتل 550 مدنيا، في سوريا. وإذا كانت بريطانيا، المساهمة بقصف العراق، بمعدل 300 مرة من مجموع 1300 مهمة طيران سنويا، تقاتل الآن لتوسيع قصفها لسوريا، مزاحمة بذلك أمريكا وفرنسا وروسيا، في القصف، لتضيف إلى الإرهاب إرهابا، هل نلام إذا ما اعتقدنا أن هناك، حملة إبادة لأهلنا، بغض النظر عن سفسطة، منهجية، أو عفوية، أو تخبط القائمين بذلك؟
العالم كله يعرف، الآن، أن مقاتلي تنطيم «الدولة»، لم يعودوا يتواجدون في قواعد نائية خارج المدن. بل يتمركزون بين السكان لتجنب القصف المباشر. وكان وزير الدفاع الأمريكي السابق قد أشار إلى ذلك، في أيلول/ سبتمبر 2014. فلم الاستمرار بقصف المدن الآهلة بالسكان بل والعمل على زيادة القصف، كما تنوي بريطانيا، وكما تفعل فرنسا، قبل وبعد جريمة باريس؟ هل بالإمكان بناء سلام حقيقي عن طريق الانتقام؟
في هذه الحالة، ما هو الفرق بين الحكومات والمنظمات الإرهابية، إذا كان الكل يتعامل مع المدنيين كرهائن؟
لمحاولة جرد الفرق بين إرهاب وإرهاب، يستحق القراءة تقرير «الخليج أونلاين»، المعنون «أخطاء التحالف باستهداف مدنيي الموصل»، المنشور يوم 28 نوفمبر 2015. يقدم التقرير قائمة موثقة بالزمان والمكان، وأحيانا، بأسماء ضحايا قصف قوات التحالف، من أهل الموصل. تمثل القائمة، على كثرة الضحايا، غيضا من فيض، إذ ليس من صالح كلا الجانبين المتقاتلين إحصاء الضحايا. فكل قصف جوي، مهما كان ادعاء دقته واستهدافه تنظيم «الدولة»، ومع افتراض حسن النية، يؤدي بالضرورة، إلى سقوط ضحايا مدنيين، قد يكونون في محيط العملية أو في المنطقة ذاتها أو جراء الإصابة بشظايا التفجيرات. ففي الأشهر الثلاثة الأولى من 2015، مثلا، قتل أكثر من 30 مدنياً، بينهم نساء وأطفال، بتكرار قصف طيران التحالف لسيارات أجرة كانت تقلهم إلى بغداد، هربا من تنطيم «الدولة». في 21 ماي 2015، قتل نحو 25 مدنياً أغلبهم نساء وأطفال، وأصيب أكثر من 50 آخرين إثر غارة جوية. في 29 سبتمبر 2015 سقط 11 قتيلاً من المدنيين وأصيب 31 بغارة جوية استهدفت مقر دائرة الوقف السني في الموصل، الذي اتخذه التنظيم مقراً لديوان الدعوة والمساجد، إذ تم إطلاق صاروخ على مقر الديوان الذي يقع وسط سوق مزدحم، «وعندما هرع المدنيون بعد الضربة الأولى إلى سياراتهم للفرار، نفذت الطائرة ضربة أخرى على المرأب أسفرت عن ارتكاب مجزرة بحق المدنيين».
وبينما اعترف الجيش الأمريكي في السادس من يناير 2015، للمرة الأولى، باحتمال سقوط ضحايا مدنيين بغاراته على أراض في سوريا والعراق، سارع عبود العيساوي، النائب عن ائتلاف دولة القانون، للدفاع عن التحالف، معلنا عن «عدم وجود تأكيدات، حتى الآن، على سقوط مدنيين في قصف طائرات التحالف الدولي»!
الملاحظ، أيضا، أن أجهزة الإعلام الغربية والحكام العرب لا يتحدثون عن جرائم التحالف. ولم يحدث وأدانتها جامعة الدول العربية، كما لم يصدر أي مثقف يساري أو تيار ديمقراطي، عراقي، بيانا يعلن فيه، كما تم إزاء جريمة باريس، تضامنه مع أهل الضحايا ضد الإرهاب.
ولعل الأكثر خزيا من الصمت على إرهاب الدول هو ترحيب «المثقفين»، المعلن والضمني، بالجرائم المرتكبة تحت سياسة «محاربة الإرهاب»، مقدمين إياها كأنها ولدت من رحم مجتمعاتهم وقناعاتهم. هكذا، أصبح بوتين، الذي لا يقل استبدادا وانتهاكا للحقوق الأساسية عن الحكام المحليين والإقليميين، بطلا نتمنى عليه أن يقصفنا أكثر.
كاتبة من العراق


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.