قدم وفد عن حركة التوحيد والإصلاح، بمقر الوزارة المكلفة بالعلاقات مع البرلمان والمجتمع المدني أواخر يناير المنصرم، أمام لجنة الحوار الوطني حول المجتمع المدني والأدوار الدستورية الجديدة، خلاصة مذكرة الحركة "حول الحوار الوطني حول المجتمع المدني"، التي أعدها قسم المجتمع المدني تحت إشراف المكتب التنفيذي للحركة، فيما وجهت نسخة من المذكرة إلى الوزارة المكلفة بالعلاقات مع البرلمان والمجتمع المدني. وتقترح المذكرة ، جملة من الإجراءات التي من شأنها تطوير وترشيد الحياة الجمعوية من أهمها، فتح المجال للجمعيات لتحريك الدعوة العمومية عندما يتعلق الأمر بالفساد أو الرشوة أو تبديد الأموال العمومية وغيرها، إحداث مديرية في البرلمان وظيفتها تلقي ملتمسات في مجال التشريع والعرائض؛ تخصيص نسبة لا تقل عن 30% لممثلي الجمعيات وهيئات المجتمع المدني في الهيئات الدستورية الجديدة، إضافة إلى فتح المجال للجمعيات والمنظمات غير الحكومية للإدلاء بشهاداتها وإبداء ملاحظاتها في تقارير الإفتحاص والتفتيش التي تباشرها المؤسسات المختصة، كما تدعو المذكرة إلى فتح الباب لتملك العقارات بدون عوض من طرف الجمعيات فيما يدخل في ممارسة وظائفها، علاوة على إقرار قانون إطار أساسي نموذجي لكل صنف من أصناف الجمعيات، ووضع إطار قانوني لتنظيم هيئات المجتمع المدني على غرار قانون الأحزاب والنقابات، والتمييز بين الجمعيات، والجمعيات ذات النفع العام، والجمعيات المهتمة بالشأن العام، والمنظمات غير الحكومية، والمؤسسات الجمعوية "fondations"، وجمعيات تسيير بعض المنشآت كالمساجد والمراكز التربوية والتعليمية، والوداديات السكنية، والجمعيات التعاونية. كما تنص المذكرة على تعميم تقنية البحث العمومي المعمول بها في إعداد وثائق التعمير لإشراك المواطنين في تدبير شؤونهم المحلية، لتهم جميع المشاريع الاقتصادية والاجتماعية والتنموية، وتوسيعها لتشمل الجمعيات، وإقرار مسطرة تلزم السلطات العمومية المعنية باللجوء إليها والأخذ بها، وتقنيين التشبيك والائتلاف الجمعوي وتحفيزه عن طريق الدعم والأسبقية في الولوج إلى المشاريع الممولة من الدعم العمومي. أولا : تفعيل دستور الديموقراطية التشاركية مسؤولية جماعية بعد تثميننا للحوار الوطني الذي نجح في اعتماد مقاربة تشاركية في تمثيلية جميع أطياف الرأي والفكر الجمعوي، وفي إتاحته الفرصة على نطاق واسع، وباعتماد القرب لأكبر عدد من الجمعيات والنخب والفعاليات المدنية، ومواصلة لنهج الشراكة والتشارك في ترجمة توصيات واقتراحات ومخرجات الندوات والمنتديات، في صيغ قانونية وتدابير عملية ومبادئ وقيم جامعة، تستصحب روح التوافق الوطني الذي تقتضيه المرحلة الإنتقالية، وتقطع مع رواسب الإقصاء والتهميش بسبب الرأي أو الفكر، وتجسد تطلعات المجتمع المدني في تأويل ديمقراطي للمقتضيات الدستورية، التي تهم المجتمع المدني، فإننا نطمح إلى أن تعطى الأولوية إلى المجتمع المدني وإلى إقتراحاته ووجهة نظره، عندما تتعارض المقترحات، بشان تأويل هذه المقتضيات، بما ينحاز إلى المفهوم الواسع لتلكم المقتضيات، لا المفهوم الضيق لها، كما نقترح أن تنشر جميع إسهامات فعاليات وهيئات المجتمع المدني، واعتبارها بمثابة وثائق تاريخية شاهدة على أهمية هذه اللحظة التاريخية، وعرض ذلك للتداول العمومي والتفاعل الشعبي، وذلك لإتاحة مزيد من الفرص خاصة بالنسبة لمن فاتته إمكانية المشاركة في الفعاليات السابقة لهذا الحوار، ولحفز الجميع على الرفع من قوته الإقتراحية خلال المراحل القادمة. ثانيا : المجتمع المدني فاعل رئيسي في ضمان الوفاء بالحقوق والحريات الدستورية اثبتت مخرجات الحوار الوطني حول المجتمع المدني والأدوار الدستورية الجديدة حيوية متزايدة للفاعل الجمعوي ووعيا متناميا بذاته وبالأدوار الجديدة المنوطة به والمهام التاريخية المسندة إليه بموجب الوثيقة الدستورية لفاتح يوليوز 2011 . غير ان وقائع النقاش العمومي أظهرت تباينا في التصورات واختلافا في المواقف، بين إرادة تنحاز إلى مقاربة تسعى إلى التضيق على ممارسة هذا الحق المعترف به للمجتمع المدني وللمواطنين بموجب الديمقراطية التشاركية بدعوى أنها تنافس مؤسسات قائمة أو تزاحم فاعلين آخرين وتعكسها طبيعة الشروط وحجم الاشتراطات المقترحة، وبين إرادة أخرى تنحاز إلى قراءة واسعة وديمقراطية لمنظومة الحقوق الدستورية المتعلقة بالمجتمع المدني والحقوق المبنية على أساس المواطنة. لذلك فإن الحوار الوطني مدعو إلى الأخذ بعين الإعتبارالإرادة المعبر عنها من المجتمع المدني ومن هيئاته وإعطائها الأولوية لإنهاء أي وصاية عن المجتمع المدني وتبويئه المكانة التي رقاه إليها الدستور الجديد. ثالثا : في تعزيز ضمانات ممارسة المجتمع المدني للحقوق والحريات الدستورية: استنادا إلى الحقوق والحريات الدستورية والجيل الجديد منها على وجه الخصوص، فإننا نتقدم بالاقتراحات التالية: 1- إقرار ميثاق للمجتمع المدني والديموقراطية التشاركية يتأسس على الدعامات التالية: - احترام الثوابت الدينية والوطنية؛ - التدبير الحر والديمقراطي ؛ - الاستقلالية وعدم الوصاية؛ - الديموقراطية الداخلية والتداول على المسؤولية في التسير الجمعوي؛ - إشراك الشباب والنساء؛ - ربط المسؤولية بالمحاسبة؛ - تيسير الولوج إلى الحق في المعلومة واعتماد امتيازات لفائدة الجمعيات؛ - إقرار الدعم العمومي للعمل الجمعوي؛ - إقرار الشفافية والإفتحاص الدوري لمصادر التمويل الأجنبي للعمل الجمعوي ووجوه صرفه؛ 2- بناء الحق في تأسيس الجمعيات وإقامة التظاهرات والتجمهر وباقي الحريات العامة على مبدأ التصريح، وتحصين ممارستها ضد المنع والتعسف وإخضاع هذه الممارسة للإشراف القضائي ؛ 3- وضع إطار قانوني لتنظيم هيئات المجتمع المدني على غرار قانون الأحزاب والنقابات، والتمييز بين الجمعيات، والجمعيات ذات النفع العام، والجمعيات المهتمة بالشأن العام، والمنظمات غير الحكومية، والمؤسسات الجمعوية"fondations"، وجمعيات تسيير بعض المنشآت كالمساجد والمراكز التربوية والتعليمية، والوداديات السكنية، والجمعيات التعاونية. - إقرار تصنيف جمعوي يكون أساسا في الولوج إلى الدعم العمومي وفي اكتساب صفة المنفعة العامة ويكون أحد معايير التمثيل في المؤسسات الدستورية ذات الصلة ؛ - تقنيين التشبيك والإئتلاف الجمعوي وتحفيزه عن طريق الدعم والأسبقية في الولوج إلى المشاريع الممولة من الدعم العمومي ؛ - إقامة مؤسسات جمعوية للتنشئة على الديموقراطية التشاركية من قبيل برلمان الطفل والشباب والبيئية وحكومة الشباب والطفل وتقنين التمثيل فيها وربطه بمعايير التفوق الدراسي والتمثيل الترابي والتماسك والدمج الاجتماعي بين فئات المجتمع المختلفة ومكونات الهوية المغربية...) ؛ - تقنيين تعددية الرأي والفكر الجمعوي والمدني في وسائل الإعلام السمعي البصري على غرار التعددية السياسية والنقافية في التغطية الإعلامية للأنشطة، وفي حضور ممثليها في البرامج والخدمات الإعلامية السمعية والبصرية، ووضع ذلك تحت إشراف الهيئة العليا للإتصال السمعي البصري؛ - توسيع تشكيل واختصاصات المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي ليضم المجتمع المدني في تأليفه واختصاصاته والمجلس الاستشاري للشباب والعمل الجمعوي ؛ - تعزيز تمثيلية المجتمع المدني في المجلس الوطني لحقوق الإنسان ولجانه الجهوية وفي الهيئة الوطنية للنزاهة ومحاربة الرشوة وغيرها ؛ - تعميم تقنية البحث العمومي المعمول بها في إعداد وثائق التعمير لإشراك المواطنين في تدبير شؤونهم المحلية، لتهم جميع المشاريع الاقتصادية والاجتماعية والتنموية، وتوسيعها لتشمل الجمعيات، وإقرار مسطرة تلزم السلطات العمومية المعنية باللجوء إليها والأخذ بها ؛ - ربط الدعم العمومي والأولوية في استعمال التجهيزات العمومية بمعايير من قبيل نسبة التأطير، وعدد المنخرطين، والإشعاع الجمعوي والمدني، وجودة الخدمات المقدمة، ونسبة حضور الشباب والمرأة في الأجهزة الجمعوية، وبانتظام اجتماعات مؤسساتها، وخاصة المقررة والمؤتمرات، وعدد فروعها وبمسك محاسبتها المالية ... ؛ - إحداث جائزة وطنية لأفضل ممارسة جمعوية في المجالات المختلفة لتعزيز التنافس الجمعوي ؛ - إقرار قانون إطار أساسي نموذجي لكل صنف من أصناف الجمعيات ؛ - تحديد ولاية المؤسسات التنفيذية المنتخبة للجمعيات وهيئات المجتمع المدني في ولايتين غير قابلتين للتمديد ؛ - إعتماد مسطرة ديمقراطية في انتخاب أجهزة هيئات المجتمع المدني، تخصص نسب لا تقل عن النسب المفروضة في قانون الأحزاب، بالنسبة للشباب والنساء، خاصة في بعض المجالات ؛ - فتح الباب لتملك العقارات بدون عوض من طرف الجمعيات فيما يدخل في ممارسة وظائفها ؛ - إقرار وضعية التفرغ الإداري لفائدة المجتمع المدني والعمل الجمعوي وفتح المجال للجمعيات لتشغيل الأطر والكفاءات للرفع من قدراتها التدبيرية . رابعا : في التنزيل الدستوري للأدوار الجديدة للمجتمع المدني 1- في مشاركة الجمعيات المهتمة بالشأن العام والمنظمات غير الحكومية، في قرارات ومشاريع المؤسسات المنتخبة والسلطات العمومية، وذلك من خلال ما يلي : - إلزام جميع المؤسسات المنتخبة والسلطات العمومية بوضع آلية لإشراك الجمعيات والتشاور معها، في مراحل التشخيص وإعداد السياسات، وفي آليات التتبع والتنفيذ، وفي فضاءات التقييم ؛ - فتح المجال للجمعيات والمنظمات غير الحكومية للإدلاء بشهاداتها وإبداء ملاحظاتها في تقارير الإفتحاص والتفتيش التي تباشرها المؤسسات المختصة ؛ - فتح المجال للجمعيات لتحريك الدعوة العمومية عندما يتعلق الأمر بالفساد أو الرشوة أو تبديد الأموال العمومية وغيرها ؛ - فتح المجال أمام الجمعيات حسب تخصصها وبشروط معينة للحضور للمجالس الإدارية للمؤسسات والمقاولات العمومية وإعطائها إمكانية تقديم تقارير موازية للتقارير الرسمية في إطار تفعيل البعد الشعبي والمدني في مراقبة هذه الهيئات. 2- في كيفيات وشروط مساهمة المواطنات والمواطنين في تقديم ملتمسات في مجال التشريع في تقديم عرائض السلطات العمومية وذلك من خلال ما يلي : - تبني المفهوم الواسع للمبادرة الشعبية في التشريع والرقابة والديمقراطية التشاركية؛ - إتاحة الفرصة أمام الجمعيات لممارسة حق تقديم الملتمسات والعرائض تلقائيا أو عن طريق تبني واحتضان مبادرات المواطنات والمواطنين وتأطير جمع التوقيعات اللازمة لقبولها؛ - عدم إشتراط أي شرط إضافي على الجهات المخول لها ممارسة هذا الحق من قبيل شرط التسجيل في اللوائح الإنتخابية ما عدا شرط المواطنة لأن أحد الأغراض الأساسية لهذه الممارسة هو معالجة العزوف السياسي وتوسيع مبدأ الشرعية ؛ - ربط التوقيعات وعددها الذي لا يجب أن يتجاوز الحد الأدنى للأصوات التي ينتخب بها أعضاء البرلمان بالأسبقية في دراسة الملتمسات في اللجان المختصة وليس بشرط قبول وتلقى هذه الملتمسات والعرائض ؛ - إقرار المساعدة العمومية في تحرير نصوص الملتمسات في مجال التشريع والعرائض، وتخويل المجلس الوطني لحقوق الإنسان والمجلس الاستشاري للشباب والعمل الجمعوي صلاحية تقديمها لأصحاب المبادرات؛ - إحداث مديرية في البرلمان وظيفتها تلقي ملتمسات في مجال التشريع والعرائض؛ - إحداث الوساطة في دعم إعداد الملتمسات في مجال التشريع والعرائض وتخويل مكاتب الدراسات والمهن القانونية المنظمة والجمعيات المؤهلة مهمة تحرير وإعداد الملتمسات والعرائض، وذلك وفق شروط تحدد قيمة أثمانها وتحصر بشكل سنوي المؤهلين للقيام بذلك في لائحة سنوية تحدد بقرار مشترك بين رئاسة مجلسي البرلمان والسلطات الحكومية المعنية؛ - إخضاع الملتمسات لنفس تقنيات التحرير والإعداد ؛ - إخضاع الملتمسات لنفس المسطرة التشريعية في الدراسة والمصادقة . 3- في مساهمة الفاعلين الاجتماعيين عبر هيئة التشاور - تحديد مفهوم الفاعلين الاجتماعيين ليشمل إلى جانب النقابات الجمعيات الخيرية والاجتماعية والوقفية وجمعيات الأعمال الاجتماعية للوزارات والمؤسسات العمومية المحدثة في صيغة مؤسسات " fondations"، ؛ - وضع إطار قانوني لهيئة التشاور وتحديد تأليفها وصلاحياتها. 4- في كيفية وشروط مساهمة المواطنين في إدراج نقاط في جدول أعمال الجماعات الترابية : - إعتماد النشر العمومي إلكترونيا وعبر الملصقات والنشر الصحفي لجدول أعمال الجماعات الترابية لتيسير الإطلاع عليه ؛ - وضع سجل لتلقي مقترحات نقاط جدول الأعمال؛ - إحداث آلية إلكترونية لتلقي مقترحات نقاط جدول الأعمال بالطريق التفاعلي الإلكتروني؛ - فتح المجال لمدة نصف ساعة بعد إفتتاح الدورة للتلقي المباشر لنقاط إضافية في جدول أعمال الجماعات الترابية . 5- في هيكلة واختصاصات الهيئات الدستورية ذات الصلة وشكل تمثيل المجتمع المدني. - اعتماد مبادئ إعلان باريس في هيكلة واختصاصات الهيئات الدستورية الجديدة؛ - إعتماد تمثيلة وزانة للمجتمع المدني على أسس ومعايير موضوعية ترتبط بحكامة هيئاته واحترامه لمبادئ الديمقراطية الداخلية وبحصيلة أدائه وجودة ونوعية الخدمات المقدمة من قبله وخريطة تواجده الوطنية وعدد فروعه ؛ - اعتماد مبدأ الانتخاب في تمثيل هيئات المجتمع المدني من بين هيئة ناخبة تتكون من الرؤساء المنتخبين لهذه الهيئات ؛ - تخصيص نسبة لا تقل عن 30% لممثلي الجمعيات وهيئات المجتمع المدني في الهيئات الدستورية الجديدة ؛ - الحرص على تمثيلية الجهات . خاتمة تلكم هي عناصر مقترحاتنا لإغناء الحوار الوطني حول المجتمع المدني والأدوار الجديدة على أمل التفصيل فيها إذا أتيحت لنا فرصة تقديمها أمام لجنة الحوار.