بعد أشهر من الجفاف والتقلبات المناخية، جاءت التساقطات المطرية الأخيرة لتعيد الأمل إلى الفلاحين والمربين في مختلف جهات المملكة. هذه الأمطار لم تقتصر على تحسين مخزون الفرشة المائية والسدود، بل ساهمت أيضا في استعادة التربة لرطوبتها، مما يعزز فرص نجاح الزراعات الربيعية ويخفف الضغط على الموارد المائية. وفي هذا السياق صرح الخبير الزراعي رياض أوحتيتا،أن التساقطات المطرية التي شهدتها مختلف جهات المملكة خلال شهر مارس كان لها تأثير إيجابي واسع النطاق سواء على مستوى الفرشة المائية والسدود، أو على التربة والغطاء النباتي. وأوضح أن هذه الأمطار ساهمت في استعادة التربة لرطوبتها على عمق يتراوح بين 20 و30 سنتيمترا، وهو ما يعد تطورا مفرحا بالنظر إلى الوضعية الحرجة التي بلغتها البلاد في الأشهر الماضية حيث كان الجفاف يؤثر بشكل مباشر على الأراضي الزراعية ويحد من قدرتها الإنتاجية. وأشار أوحتيتا إلى أن أخطر أنواع الجفاف هو جفاف التربة، حيث يؤدي فقدانها لخصائصها الفيزيائية والكيميائية إلى تراجع خصوبتها بشكل حاد، مما يجعلها غير قادرة على دعم الإنتاج الزراعي. ولفت إلى أن المغرب كان يواجه تحديات كبيرة في هذا الصدد، إلا أن التساقطات الأخيرة جاءت في الوقت المناسب لتحسين الوضعية واستدراك العجز المسجل في الموسم الماضي. وعلى صعيد آخر، أبرز أوحتيتا أن الزراعات الربيعية، وعلى رأسها القطاني والخضر، ستستفيد بشكل كبير من هذه التساقطات المطرية حيث ستساعد على تقليل الاعتماد على مياه الآبار والفرشة الجوفية، مما سيخفف من الضغط المائي في المناطق التي تعاني من استنزاف الموارد المائية. وأشار إلى أن هذه الزراعات تلعب دورا مهما في تحقيق الأمن الغذائي خاصة في ظل التغيرات المناخية التي باتت تؤثر على الأنماط الزراعية التقليدية. أما بالنسبة لمحاصيل الحبوب، فقد أوضح أوحتيتا أن الموسم الفلاحي الحالي بدأ بتساقطات مطرية مشجعة دفعت الفلاحين إلى زراعة مساحات واسعة مقارنة بالسنة الماضية حيث كانت قلة الأمطار أحد العوامل الأساسية التي أدت إلى تقلص المساحات المزروعة وتراجع الإنتاج ورغم هذا التحسن، فقد أشار إلى أن الثلث الأول من عمر النباتات عرف بعض التقلبات المناخية التي أثرت على نموها من بينها التذبذب في درجات الحرارة، وشح التساقطات المطرية في بعض الفترات، إضافة إلى موجة البرد التي تسببت في تأخر نمو المزروعات. وفي سياق متصل، شدد أوحتيتا على أن الأمطار الأخيرة سيكون لها دور محوري في تعزيز الغطاء النباتي ما سيؤدي إلى توفير مساحات رعوية شاسعة في مختلف مناطق المملكة، وهو أمر بالغ الأهمية لقطاع تربية المواشي خاصة في ظل الظروف الصعبة التي مر بها القطيع خلال الأشهر الماضية بسبب شح الموارد العلفية. وأضاف أن هذا المعطى كان من بين الأسباب التي جعلت القرار الملكي القاضي بإلغاء عيد الأضحى لهذه السنة يحظى بتأييد واسع، نظرا للوضعية الحالية للقطيع وحاجته إلى التعافي وأوضح أن وفرة المراعي ستساهم في تحسين تغذية الماشية وتقليل تكاليف العلف، مما سينعكس إيجابيا على الفلاحين ومربي الماشية، الذين عانوا خلال السنوات الأخيرة من ارتفاع أسعار الأعلاف وقلة الموارد الطبيعية.