الدرهم يتراجع بنسبة 1,18 في المائة مقابل الدولار الأمريكي بين شهري شتنبر وأكتوبر (بنك المغرب)    الطرمونية: حزب الاستقلال يسعى إلى تحقيق التنمية المستدامة بدكالة    وقفات تضامنية مع غزة ولبنان بعدد من مدن المملكة        الدريوش يتلقى استدعاء لتمثيل هولندا    عدد وفيات مغاربة فالنسيا بسبب الفيضانات بلغ 5 ضحايا و10 مفقودين    دهس عمدي يوقف 7 أشخاص بالبيضاء    بواسطة برلمانية.. وهبي يلتقي جمعية هيئات المحامين بالمغرب غدا السبت    فعاليات الملتقى الجهوي الثالث للتحسيس بمرض الهيموفيليا المنعقد بتطوان    منظمات أمازيغية تراسل رئيس الجمهورية الفرنسية حول استثناء تعليم اللغة الأمازيغية    الوسيط يعلن نجاح الوساطة في حل أزمة طلبة الطب والصيدلة    مدافع الوداد جمال حركاس: تمثيل "أسود الأطلس" حلم تحقق        قيود الاتحاد الأوروبي على تحويلات الأموال.. هل تُعرقل تحويلات المغاربة في الخارج؟    أكديطال تتجه لتشييد مصحة حديثة بالحسيمة لتقريب الرعاية الصحية    توقعات أحوال الطقس ليوم السبت    سانت لوسيا تشيد بالمبادرات الملكية بشأن الساحل والمحيط الأطلسي    حجوي: 2024 عرفت المصادقة على 216 نصا قانونيا    ابنة أردوغان: تمنيت أن أكون مغربية لأشارك من أسود الأطلس الدفاع عن فلسطين    "جبهة نقابية" ترفض المس بالحق الدستوري في الإضراب وتستعد للاحتجاج    افتتاح الدورة 25 لمهرجان الأرز العالمي للفيلم القصير بإفران    التصفيات المؤهلة لكأس إفريقيا لكرة السلة 2025.. المنتخب المغربي يدخل معسكرا تحضيريا    الطفرة الصناعية في طنجة تجلعها ثاني أكبر مدينة في المغرب من حيث السكان    أسعار الغذاء العالمية ترتفع لأعلى مستوى في 18 شهرا    دوري الأمم الأوروبية.. دي لا فوينتي يكشف عن قائمة المنتخب الإسباني لكرة القدم    من مراكش.. انطلاق أشغال الدورة الثانية والعشرين للمؤتمر العالمي حول تقنية المساعدة الطبية على الإنجاب    ظاهرة "السليت والعْصِير" أمام المدارس والكلام الساقط.. تترجم حال واقع التعليم بالمغرب! (فيديو)    بيع أول لوحة فنية من توقيع روبوت بأكثر من مليون دولار في مزاد    مصدر من داخل المنتخب يكشف الأسباب الحقيقية وراء استبعاد زياش    وسيط المملكة يعلن عن نجاح تسوية طلبة الطب ويدعو لمواصلة الحوار الهادئ    "أيا" تطلق مصنع كبير لمعالجة 2000 طن من الفضة يوميا في زكوندر    كوشنر صهر ترامب يستبعد الانضمام لإدارته الجديدة    الهوية المغربية تناقَش بالشارقة .. روافدُ وصداماتٌ وحاجة إلى "التسامي بالجذور"    بعد 11 شهرا من الاحتقان.. مؤسسة الوسيط تعلن نهاية أزمة طلبة كلية الطب والصيدلة    هزة أرضية خفيفة نواحي إقليم الحوز    بحضور زياش.. غلطة سراي يلحق الهزيمة الأولى بتوتنهام والنصيري يزور شباك ألكمار    الجنسية المغربية للبطلان إسماعيل وإسلام نورديف    ارتفاع أسعار الذهب عقب خفض مجلس الاحتياطي الفدرالي لأسعار الفائدة    متوسط عدد أفراد الأسرة المغربية ينخفض إلى 3,9 و7 مدن تضم 37.8% من السكان        إدوارد سعيد: فلاسفة فرنسيون والصراع في الشرق الأوسط        تقييد المبادلات التجارية بين البلدين.. الجزائر تنفي وفرنسا لا علم لها    حظر ذ بح إناث الماشية يثير الجدل بين مهنيي اللحوم الحمراء    خمسة جرحى من قوات اليونيفيل في غارة إسرائيلية على مدينة جنوب لبنان    المنصوري: وزراء الPPS سيروا قطاع الإسكان 9 سنوات ولم يشتغلوا والآن يعطون الدروس عن الصفيح    طلبة الطب يضعون حدا لإضرابهم بتوقيع اتفاق مع الحكومة إثر تصويت ثاني لصالح العودة للدراسة    إسبانيا تمنع رسو سفن محملة بأسلحة لإسرائيل في موانئها    غياب علماء الدين عن النقاش العمومي.. سكنفل: علماء الأمة ليسوا مثيرين للفتنة ولا ساكتين عن الحق    جرافات الهدم تطال مقابر أسرة محمد علي باشا في مصر القديمة    قد يستخدم في سرقة الأموال!.. تحذير مقلق يخص "شات جي بي تي"    "المعجم التاريخي للغة العربية" .. مشروع حضاري يثمرُ 127 مجلّدا بالشارقة    وزارة الصحة المغربية تطلق الحملة الوطنية للتلقيح ضد الأنفلونزا الموسمية    خبراء أمراض الدم المناعية يبرزون أعراض نقص الحديد    سطات تفقد العلامة أحمد كثير أحد مراجعها في العلوم القانونية    برنامج الأمم المتحدة المشترك المعني بالسيدا يعلن تعيين الفنانة "أوم" سفيرة وطنية للنوايا الحسنة    كيفية صلاة الشفع والوتر .. حكمها وفضلها وعدد ركعاتها    مختارات من ديوان «أوتار البصيرة»    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



كتاب للدكتورة جميلة المصلي..الخصوصي والكوني في» الحركة النسائية في المغرب المعاصر»
نشر في التجديد يوم 08 - 03 - 2013

تعتبر الخصوصية والكونية في قضية حقوق الإنسان عامة، وحقوق المرأة بخاصة، من الإشكالات التي حالت دون توحيد جهود المنظمات والحركات النسائية المغربية على اختلاف أطيافها في العقود الثلاثة الأخيرة؛ وهي جميعا تناضل من أجل تحسين وضع المرأة المغربية، و من أجل إخراجها من التهميش إلى المشاركة الفعالة في بناء المجتمع.
وقد انخرطت هذه المنظمات في نضالات مستمرة، اتخذت أشكالا وآليات مختلفة باختلاف توجهات التيارات النسائية المغربية البارزة على الساحة المغربية.
وإذا كانت الحركة النسائية المغربية قد خرجت من رحم الحركة الوطنية ذات المرجعية الإسلامية كجمعية «أخوات الصفا» و»نساء حزب الاستقلال»...فإن جمعيات ومنظمات مغربية يسارية ستظهر، ما بعد الاستقلال، تستمد مرجعيتها من الإيدلويوجية الاشتراكية ومن المواثيق والمعاهدات والقوانين الدولية، وتجعل حقوق الإنسان، ومنها حقوق المرأة، مسألة كونية غير قابلة للتجزيء أو الاستثناء الذي قد تفرضه خصوصية بعض البلدان. هذا التوجه سيجد معارضة شديدة من طرف المنظمات النسائية ذات التوجه الإسلامي، والتي تجعل من الخصوصية الدينية والوطنية ثابتا لا يتفاعل إلا مع المشترك الإنساني الذي لا يتنافي مع المرجعية الإسلامية.
وتعتبر الدكتورة جميلة المصلي فاعلة جمعوية في صفوف الحركات النسائية ذات التوجه الإسلامي. وقد مكنها حضورها القوي في الميدان من تتبع الحركة النسائية المغربية التي جايلتها، كما مكنها بحثها الدقيق والعميق من معرفة أصول هذه الحركات وجذورها التاريخية منذ عهد الحماية. هذه المعرفة المكتسبة من الممارسة و الدراسة يكشف عنها بجلاء كتابها القيم حول المسألة النسائية بالمغرب بعنوان:» الحركة النسائية بالمغرب المعاصر: اتجاهات وقضايا»، منشورات: المركز المغربي للدراسات والأبحاث، طوب بريس الرباط، الطبعة الأولى 2011. الكتاب في الأصل رسالة جامعية تقدمت بها الباحثة لنيل شهادة الدكتوراة .
موضوع الكتاب عن المنظمات والجمعيات النسائية في مغرب ما بين عهد الحماية إلى نهاية العقد الأول من الألفية الثالثة، تتبعت فيه الباحثة كما تقول في المقدمة:» الجهود المنظمة تنظيما خاصا، في إطار جمعيات ومنظمات وهيئات تتولاها النساء، وتقوم على سيرها، وتوجه نشاطها بقصد الدفاع عن حقوق المرأة، وتحسين أوضاعها، وكل ما يتصل بشؤونها مثل قضايا البيت والأسرة والتعليم والعمل والسياسة».
لاشك أن اختيار هذا الموضوع نابع من اهتمامها بقضية المرأة باعتبارها فاعلة جمعوية وقيادية في المجال، وكذا الاهتمام الكبير الذي حظيت به القضية على المستوى الدولي، من خلال ما يصدر من معاهدات ومواثيق وقرارات من هيئة الأمم المتحدة. وعلى المستوى الوطني النقاش العمومي الذي أدى إلى جدل على المستوى السياسي والإعلامي والثقافي احتدم بالخصوص أواخر القرن الماضي وبداية الألفية الثالثة حول» خطة إدماج المرأة في التنمية» هذا إلى جانب مركزية المرأة في المجتمع، وفي برامج التنمية البشرية المنشودة.
أجابت الباحثة على مجموعة من الإشكالات المرتبطة بقضية المرأة المغربية في الأبواب الثلاثة التي يضمها الكتاب. جاء الباب الأول مدخلا تأريخيا للحركة النسائية المغربية من حيث النشأة والمكونات والاهتمامات والبرامج ومنهجية العمل، لتخصص البابين الثاني والثالث لأهم التيارات النسائية التي بصمت تاريخ الحركة النسائية المغربية المعاصرة، وقد ساهم كل من موقعه ومنطلقاته في جعل قضية المرأة قضية وطنية لا تتحقق التنمية إلا بتمتيعها بكل حقوقها، لتساهم في بناء المجتمع ورفع التحديات التي يواجهها المغرب.
وقد كانت العولمة وتنامي اقتصاد السوق، والاهتمام المتزايد للأمم المتحدة بقضية المرأة عوامل دولية ساهمت في تغيير مسار الحركة النسائية المغربية، بالإضافة إلى التحولات الاجتماعية والاقتصادية والسياسية التي شهدها مغرب تسعينيات القرن الماضي وبداية الألفية الثالثة، منها الاهتمام الذي حظيت به قضية المرأة المغربية شعبيا ورسميا، تمثل في النقاش العمومي الذي احتدم حول القضية، أطر هذا النقاش وغذاه بمرجعيته الإيديولوجية، وسطر منهجيته الفكرية، ووجه مطالبه تياران بارزان أكثر من غيرهما على الساحة الوطنية، هما: التيار اليساري والتيار الإسلامي الذي وجدت فيه اليساريات معارضا شرسا، تمكن، في فترة وجيزة قياسا لتاريخ التيار اليساري، أن يرسم لنفسه موقعا مهما في خريطة الحركة النسائية المغربية المعاصرة.
فعلى مستوى المرجعية الإيديولوجية يقوم التيار الإسلامي على المرجعية الإسلامية والمقررات الدولية ما لم تتناف مع المرجعية الإسلامية، وكذلك على المشترك الإنساني، في حين اتخذ التيار اليساري الرؤية الاشتراكية للمسألة النسائية والاتفاقيات والإعلانات الدولية الخاصة بالمرأة دون تحفظ.
أما المرتكزات الفكرية عند التيار الإسلامي فهي التكاملية والمشاركة والاستقلالية والمساواة التي لا تؤدي إلى المماثلة، والاجتهاد والتجديد، ومركزية الأسرة أو المقاربة حسب الأسرة. و نجد عند التيار اليساري على التوالي: المساواة المطلقة، التمسك بالقرارات والمعاهدات الدولية والمطالبة بالمصادقة عليها وتطبيقها بتغيير القوانين المغربية وفقها، وإن كانت منافية للشريعة الإسلامية، ومركزية الفرد أو المقاربة بالنوع.
أما عن القضايا التي من يناضل أجلها كل تيار، فالإسلامي: حماية الأسرة والنهوض بها، وبالمرأة، ومحاربة كل أشكال العنف والاستغلال والحيف؛ يقابلها عند اليساريات تحسين الموقع الحقوقي والقانوني للمرأة داخل الأسرة، وداخل المجتمع من خلال المطالبة بتغيير مدونة الأحوال الشخصية، وإقرار الحقوق السياسية للمرأة في أفق المناصفة، ومناهضة العنف ضد النساء خاصة العنف الناتج على أساس النوع.
يبدو من هذه المقارنة أن لا جامع بين التيارين، وأنهما خطان متوازيان لا يلتقيان، إلا أن الباحثة المصلي ترى إمكانية وجود قواسم مشتركة بينهما، خاصة بعد انطفاء لهيب الصراع حول خطة إدماج المرأة في التنمية بإصدار مدونة الأسرة التي استجابت، بشكل أو بآخر، لمطالب التيارين، وكذا التوافق حول المقتضيات التنظيمية والتشريعية لرفع نسبة تمثيلية المرأة في المجالس المنتخبة، فإن المشترك بينهما في مجال العمل النسائي هو:» الرفع من القدرات النسائية والنضال من أجل تمكين فئات واسعة من النساء في القرى وأحواز المدن من الولوج إلى الخدمات الأساسية والاستفادة من قدر معقول من التنمية».
هذه أهم المحاور التي تناولتها الباحثة في الكتاب بتفصيل، قدمت من خلاله مادة معرفية مهمة وغزيرة جدا، حول المسألة النسائية في المدينة كما في البادية، على امتداد أكثر من قرن من الزمان، فجمعت في كتابها على المستوى المعرفي ما جاء متفرقا في غيره من الأبحاث والدراسات المختلفة التي اكتفت بتناول المسألة النسائية في جانب من جوانبها. وإذا كان الموضوع يفرض الاعتماد على الوثائق والمعطيات التي تصدر من الجهات ذات الصلة بالقضية النسائية، فإن الباحثة تفوقت في استثمار هذه النصوص من جهة، ومن أخرى اتصفت بالأمانة العلمية ما جعل صفحات الكتاب مليئة بالهوامش. كل ذلك لأن الباحثة خبرت الموضوع كباحثة مقتدرة وكفاعلة وقيادية في تنظيمات نسائية وحزبية فرضت نفسها في الساحة المغربية رغم حداثة ظهورها، ورغم قوة التنظيمات المعارضة لها أحيانا والمنافسة أخرى. ومع هذا الاختلاف فقد تناولت الباحثة الاتجاهين معا بموضوعية بعيدة عن الذاتية، و عن الأحكام الانطباعية ما جعل عملها، كما يقول مصطفى الخلفي في تقديمه للكتاب:»يمثل مساهمة نوعية ... لا سيما عندما نأخذ بعين الاعتبار عاملين، الأول كون المؤلفة فاعلا في هذا الموضوع ومنشغلا به وبتطوره ومستجداته، إن على المستوى المدني الجمعوي باعتبارها رئيسة جمعية نسائية ومشرفة على مركز للاستماع في قضايا المرأة وقيادية في نسيج جمعوي نسائي هو منتدى الزهراء للمرأة المغربية، أو على المستوى الحزبي باعتبارها رئيسة اللجنة الموضوعاتية لقضايا المرأة والأسرة ... أو على المستوى السياسي البرلماني منذ سنة 2002 ، واكتسبت من خلال التفاعل مع هذه القضية في مختلف هذه المواقع خبرة ميدانية ورؤية واقعية تعطي لخلاصاتها ونتائجها قيمة خاصة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.