عزيزة البقالي (رئيسة منظمة تجديد الوعي النسائي): رفضنا الخطة لأنها لم تكن منبثقة من الداخل بصفة عامة حاولت الدراسة أن تتعامل بشكل موضوعي مع الحركة النسائية الإسلامية، وإن كانت سقطت أحيانا في بعض التعميميات، ولم تقم توازنا بين الحركتين فيما يخص المعطيات، فقد حرصت على تضمين دراستها معطيات تفصيلية عن أداء القطاع النسائي لجماعة العدل والإحسان، وهذا شيء مطلوب، لكن لم يكن لها نفس الحرص بالنسبة إلى منظمة تجديد الوعي النسائي مثلا أو منتدى الزهراء، فالمعطيات التي أوردتها عن هذه المنظمتين قليلة وغير كافية لتكوين رؤية عن أدائهما وطريقة اشتغالهما وهو ما قد لا يعين الدراسة على توفير معطيات علمية موضوعية عن مكونات الحركة الإسلامية النسائية المغربية. وفي هذا الصدد، يمكن أن أذكر مثالين: المثال الأول يتعلق بتفسيرها لسبب معارضة منظمة تجديد الوعي النسائي للخطة الوطنية لإدماج المرأة في التنمية، إذ اعتبرت الباحثة أن سبب المعارضة في منظور المنظمة هو مناقضة الخطة للإسلام وللعادات المغربية، في حين أن المعطيات التي توفرها وثائق المنظمة وكذا المعلومات التي استقتها من المقابلة تخالف هذا التفسير، فالمنظمة أولا لم تكن ترفض الخطة كاملة، وإنما كانت تعارض المرجعية التي تستند إليها مقاربة النوع ببعدها الفلسفي- ، باعتبار أنها تنطلق من تصور يعطي ألأولوية لسمو المرجعية الدولية على المرجعية الوطنية، وهو ما نختلف معه اختلاف جذريا، فقد كانت هذه الخطة مقطوعة من سياقها المغربي، أي لم تكن خطة وطنية انبثقت من الداخل، وإنما هي خطة خارجية استندت في تمويلها على البنك الدولي، وهو ما يعين أنها لم تستجب لحاجات حقيقية للمرأة المغربية بقدر ما كانت استجابة لأجندة دولية، ثم كان الرفض لطريقة التدبير إذ أقصت الخطة المكونات النسائية الأخرى ووفي مقدمتها المكونات الإسلامية ، ولم يتم استشارة الفاعلين المعنيين بهذا المجال. المثال الثاني: يتمثل في الوصف التي سحبته الدراسة على نساء حركة التوحيد والإصلاح، إذ أطلقت عليهم صفة النزعة المحافظة دون تحديد مدلولها ومضمونها وهو ما قد يثير إشكالات والتباسات لاسيما عند المتلقي الغربي الذي ترسبت لديه مفاهيم سلبية عن مفهوم المحافظة. أولا ليس كل نساء منظمة التجديد الوعي النسائي محجبات، ففيهن غير المحجبات، ولعل الباحثة اكتفت برؤية الأخوات التي قابلتهن فعممت الأمر في حين أن البحث العلمي يقتضي أخذ صورة كاملة عن المنتسبات للمنظمة. فإن كانت تقصد بالمحافظة الالتزام بالمرجعية الإسلامية، أو رفض الانفلات من القيم الإسلامية، فلا بأس من وصفنا بالمحافظة، أما إن كان قصدها وضع المحافظة في مقابل التجديد والتحديث، فلسنا محافظات بهذا الاعتبار. بثينة القروري (رئيسة منتدى الزهراء) :منتدى الزهراء شبكة حقوقية ولا تحصر عملها في الجانب الاجتماعي من الواضح أن تجربة المجتمع المدني المغربي عموما و الحركات النسائية بشكل خاص تلقى اهتماما خاصا من قبل الباحثين و الدارسين ومن قبل مختبرات البحث العلمي في دول غربية مختلفة.لكن الإشكال الذي قد يطرح في هذه الدراسات ''العلمية '' هو إشكال الموضوعية وتحري الدقة في المعلومات والبحث عن الوثائق والمعطيات وطلب المقابلات مع المعنيين وهو الأمر الذي لا يحصل بشكل كبير فيتم الاعتماد على بعض التقارير الصحافية التي تذهب إلى تصنيف هذه الجمعيات ضمن هذا الاتجاه أو ذاك قسرا، أو من خلال مقابلات مع أشخاص لا يتحملون مسؤوليات أساسية داخل هذه التنظيمات و لا يملكون المعطيات الدقيقة. بالنسبة للدراسة المذكورة فقد حاولت أن تلم بأهم خصائص التجربة النسائية الإسلامية، بالنسبة لمنتدى الزهراء للمرأة المغربية، فإن أبرز ملاحظة يمكن تسجيلها في هذا الصدد هو ضعف الإلمام بخصوصية الرسالة التي يحملها المنتدى والسقوط في نوع من الاختزالية التي تحصر عمل منتدى الزهراء في الجانب الاجتماعي، فقد لاحظنا أنها صنفت مجال عمل جمعيات الشبكة ضمن الجمعيات الاجتماعية و الحال أن الشبكة وهي شبكة حقوقية تتكون من 50 جمعية نسائية تشتغل في مختلف القضايا المتعلقة بالمرأة و الأسرة وتتوفر على ما يقارب 20 مركز للاستماع و الإرشاد الأسري . علما أن منتدى الزهراء هو هيأة نسائية مركزية مستقلة ذات طابع حقوقي ثقافي تنموي... الملاحظة الثانية هو أن الانطباع الذي يمكن أن يخرج به المطلع على هذه الدراسة هو أن تجربة منتدى الزهراء هي تجربة محافظة وانغلاقية.. وهذا غير صحيح، فالمنتدى يشتغل على قضايا المرأة والأسرة انطلاقا من القيم الأصيلة للمجتمع المغربي، لكنه يبقى منفتحا على جميع التجارب النسائية العالمية، ويحرص على الاستفادة من إيجابياتها، كما يحرص على التعاون مع الجمعيات النسائية ذات الأهداف المشتركة ..كما يدافع المنتدى على حقوق المرأة ويتبنى قضاياها الحقيقية والعادلة مثل قضية المساواة والحرية والتعليم ورفع مستوى تمثيلية المرأة في المؤسسات المنتخبة، طبعا كل ذلك في نطاق رؤيتنا الحضارية وبما لا يتعارض مع قطعيات الشريعة، كما يسعى المنتدى إلى مناهضة الاستغلال الجنسي للمرأة ويعمل على تصحيح صورة المرأة المغربية. مريم يفوت (المسؤولة عن القطاع النسائي بجماعة العدل والإحسان) : المشكلة في تغيير العقليات وليس فقط في تغيير القوانين قبل أن أتحدث عن الدراسة، أود الحديث عن الباحثة التي أنجزتها، وأنوه بحرصها على دراسة الحركات الإسلامية بموضوعية بعيدا عن الصور النمطية التي تشيعها بعض وسائل الإعلام وكذا بعض الباحثين المسخرين لخدمة الإيسلاموفوبيا. أنوه كذلك بأن الباحثة لم تكتف بأن تقرأ هنا وهناك عن نساء الحركة الإسلامية، بل تنقلت بينهن وأجرت حوارات معهن وحضرت بعض أنشطتهن كي تكون فكرة أقرب إلى الموضوعية عنهن. مما يحمد أيضا للدراسة هي أنها حاولت تجنب الخطأ المنهجي الفادح الذي يقوم به بعض الباحثين حين يتناولون الحركة الإسلامية على أنها كتلة واحدة موحدة تفكر بنفس الطريقة وتتبنى نفس المواقف. ومع ذلك أرى أنه لا يمكن تلخيص جهود نساء الحركة الإسلامية في بضعة سطور أو التعرف على كنهها في بضعة أيام، فرغم الجهود التي بذلتها الباحثة ظلت الدراسة قاصرة عن التعبير عن تصورات النساء الإسلاميات وحقيقة حضورهن في المجتمع. فوصفها مثلا للعمل الجمعوي للقطاع النسائي لجماعة العدل والإحسان لا يفي بحقه، فإذا أخذنا على سبيل المثال لا الحصر ما أوردته الباحثة عن جهود محو الأمية وأنها تتوجه إلى النساء المسنات، أوضح أن هذا العمل يتوجه إلى كل فئات النساء باختلاف أعمارهن وكذا مستوياتهن التعليمية على اعتبار أننا لا نقصد بمحو الأمية مفهومها الأبجدي فقط وإنما كافة أنواع الأمية من أمية دينية وسياسية وفقهية وقانونية... كما أنها اكتفت بأن تشير إلى أننا لا ننشط داخل المؤسسات السياسية الرسمية دون أن توضح حقيقة موقف جماعة العدل والإحسان من المشاركة السياسية من داخل المؤسسات الرسمية. أما بالنسبة إلى جهود القطاع النسائي لجماعة العدل والإحسان في إعادة قراءة النصوص الشرعية، فإننا ننطلق من تصور لقضية المرأة يعتبرها ضحية لمجموعة من القراءات الفقهية الضيقة والمتشددة التي سادت قرونا طويلة وامتزجت بأعراف وتقاليد وأنتجت مسلَمات، من قبيل اعتبار المرأة كائنا من الدرجة الثانية، وحرمانها من حقها في التعلم والمشاركة وإبداء الرأي، وحقها في ارتياد المساجد والمنتديات العامة. إن تغيير القوانين لوحدها غير كاف لتغيير ما تعيشه المرأة، بل يجب أولا وقبل كل شيء العمل على تغيير العقليات: عقليات الرجال والنساء معا. ومن ثم أخذت الأخوات على عاتقهن تأهيل وتكوين نماذج من النساء الفاعلات في المجتمع وتحرير إرادتهن لحمل هذا المشروع. وفي هذا السياق أطلقنا مبادرة تخريج 05 عالمة مختصة في العلوم الشرعية كمرحلة أولى بهدف امتلاك أدوات الاجتهاد وضبط شروطه، وقد تخرجت الأفواج الأولى من العالمات في مختلف التخصصات من فقه وحديث وكذا مختلف علوم العصر التي لا غنى لأي مشروع تجديدي عنها... لماذا نساء عالمات؟ لأننا نعتبر أن من أهم الأسباب التي ضيقت مساحة الاجتهاد خلال العصور السالفة هو غياب العين النسائية فيها. وقد نهضت هاته العالمات فعليا لأداء دورهن في مدارسة النصوص وإعادة قراءتها على أساس الروح التحريرية لديننا الحنيف، وكان من أهم نتائج دراساتها في مجال المرأة إعادة الثقة لفئات واسعة من النساء في دورهن الحقيقي في المجتمع، والتأكيد على أن الذي ظلم المرأة وهمش دورها ليس الإسلام بل القراءات المتشددة لنصوصه. بسيمة حقاوي (عضو الأمانة العامة لحزب العدالة والتنمية تعلق على الدراسة): دور المرأة في الحزب فعلي وليس رمزيا إن التساؤل عن ما يمكن أن تغيره الحركة النسائية الإسلامية من منطلق مرجعيتها وليس من منطلق ليبرالي علماني، كإشكالية يقوم عليها البحث، غير سليمة كأن التغيير لا يمكن أن يتحقق إلا في إطار الليبرالية والعلمانية. بينما التغيير الحقيقي والمدمج هو الذي يتم ضمن بنيات المجتمع مع احترام تاريخه وهويته ومستقبله، وبإيقاع يحقق التجذر والتمكين والمردودية، والحال أن التغيير من خارج المنظومة القيمية لمجتمع، تغيير طارئ وانقلابي، غير نافذ مما تسبب في بروز بعض مظاهر الاختلال الثقافي والاجتماعي والتنافر المعرفي والسياسي، لذلك فمنطلقنا موضوعي وليس ديني، منطقي وليس تبعي، عقلاني وليس عاطفي. لا شك أن الخلفية المعرفية المختلفة تحدد مقاربة جديدة في طرح قضايا المرأة لدى الحركة النسائية ذات المرجعية الإسلامية، لها جهاز مفاهيمي خاص ولها مضامين تعتمد مفهوم التكامل بين الزوجين وليس التماثلية، واعتماد التقابلية وليس الصراع في الطرح، والعدل في مقارنة الواجبات والحقوق بين الأزواج والتكامل لا الندية في الأدوار، والمساواة بين المرأة والرجل في العلاقات المهنية والإدارية حسب التراتبية والمواقع لا حسب الجنس، هذا عن التصور، أما عن الهيئات فيجب التمييز بين الهيئات الدعوية التي تشتغل في الساحة الدعوية في الفضاءات المختصة وبالأدوات والأساليب التي تعمل في الساحة السياسية وفق قوانين الدولة والمواثيق التي توافق عليها الأحزاب، وأحيانا تحظى بمصادقة البرلمان، لذلك فإن عمل المرأة في هذه الساحة محكوم بقوانين شاملة تعني الجميع ولا تمييز فيها بين المرأة والرجل. فعملنا في حزب العدالة والتنمية يخضع للقواعد العامة للعمل السياسي خصوصا في المجالس المنتخبة حيث أن الدور الذي نقوم به فعلي وليس رمزي وإلا فإن وجود النساء في البرلمان هو مؤشر رمزي وليس مشاركة حقيقية؟ وهذا يوسم التجربة المغربية بهذا التصور الذي يصنفها في إطار ''تأتيت الفضاء السياسي'' وهذا ليس مقبولا لأنه ليس واقعيا. ويمكن أن أقدم نموذجا من وضعي شخصيا داخل الحزب حيث وضعت في الثقة في المؤتمرات الثلاثة السابقة للحزب لأكون عضو الأمانة العامة، وحملت مسؤولية مهمة وهي الإشراف على جهاز لإنتاج الأفكار السياسية وهو '' المنتدى السياسي '' لحزب العدالة والتنمية وكنت وكيلة لائحة أصلية مقابل الإضافية في الانتخابات الجماعية 9002.وهذا دليل على عدم خندقة النساء في شكل واحد من الوضعيات، الفرق بيننا وبينهم أنهم ( الليبراليون والعلمانيون ) يشتغلون وفق أجندة دولية جاهزة لم يستطيعوا الخروج عنها ولا الإبداع في إطارها، فهم من يشتغل ضمن حدود واضحة أما نحن فالمجال أمامنا واسع والسقف عالي لا تحدده هيئات أجنبية ودائرتنا هي المجتمعات الإسلامية، وانسجاما مع أنفسنا لا نلزم به أحدا أو شعوبا أخرى احتراما لهويتهم ولكيانهم ولأنهم هم المسؤولون عن مستقبلهم لذلك نحن نرفض أية قوة تحكمية، تنطلق من نزعة ديكتاتورية وتصادر حق الشعوب في التقدم وفق منظومتها القيمية.أما في منظمة تجديد الوعي النسائي كفضاء جمعوي فقد اشتغلنا في استقلالية تامة عن الرجال واتخذنا قراراتنا التي قد تزعج البعض في جميع الجهات بأنفسنا، وحملنا ملفات حقوقية لم تجرأ المنظمات اليسارية الدفاع عنها لسبب إيديولوجي كفصل المرأة التعسفي من عملها فقط لأنها تضع خرقة على رأسها، وناصرنا العاملات بغض النظر عن انتماءهن النقابي ضد قوى الاستعباد الأجنبية حيث لا تجد هؤلاء النساء الحماية لدى الجهات ذات الاختصاص. داخل الحكومة ومن بين الهيئات الجمعوية التي تتشدق بحقوق الإنسان وحقوق المرأة على وجه الخصوص.