القضاء مدخل أساسي لمكافحة الفساد أمام مسار الإصلاح وبرامج مكافحة الفساد، العديد من العقبات والمعيقات، ويرى المتبعون والمختصون أن «إصلاح القضاء» هو المدخل الأساسي لمكافحة الفساد، فأين تتجلى مكامن الخلل في التشريع القانوني الوطني وفي النظام العقابي المعتمد في جرائم الفساد؟، سؤال أجابت عنه الهيئة المركزية للوقاية من الرشوة، ضمن دراسة أعدها مدير قطب الشؤون القانونية بالهيئة، واستعرض 10 مظاهر لعجز التشريع الوطني عن مكافحة الفساد بالمغرب، كما تطرق لستة معيقات في النظام العقابي المعتمد، وخلصت الدراسة إلى عدد من التوصيات في الموضوع، وذلك في إطار ورش إصلاح القضاء والحوار الوطني لإصلاح العدالة، بمناسبة انعقاد الندوة الجهوية الخامسة بفاس، حول السياسة الجنائية بالمغرب. عشر مظاهر لعجز التشريع الوطني: يعتبر علي الرام، مدير قطب الشؤون القانونية بالهيئة المركزية للوقاية من الرشوة، أنه بالرغم من حرص المقتضيات الزجرية المنصوص عليها في القانون الجنائي، على تطوير التشريع الوطني الجنائي المرتبط بمكافحة الفساد، وتحيينه وفق التزامات المغرب الدولية، فإنها مع ذلك لم تتمكن من استيعاب تطورات السياسة الجنائية المعاصرة، انطلاقا من عشر مؤشرات وهي: استثناء بعض الأفعال من دائرة تجريم اختلاس الأموال العمومية، كتحويل الأموال المختلسة أو نقلها بقصد إخفاء أو تمويه مصدرها. عدم تجريم إساءة استغلال الوظيفة العمومية بشكل صريح ومباشر، كما هي منصوص عليها في الاتفاقيات الأممية. تعليق تجريم الرشوة في القطاع الخاص، على شرط عدم موافقة المشغل ودون علمه بقيام المسؤولية الجنائية للأجير عن ارتكاب جريمة الرشوة. استثناء الأفعال اللصيقة بجريمة الاتجار في المخدرات من تطبيقات قانون مكافحة غسل الأموال. عدم شمولية تجريم إخفاء الأشياء المتحصل من جرائم الفساد، لبعض الأفعال اللصيقة كالحيازة والاستعمال والانتفاع والوساطة. عدم تجريم الإثراء غير المشروع، مقابل الاقتصار في قوانين التصريح الإجباري بالممتلكات على تحديد جزاء الإخلال بإلزامية تقديم هذا التصريح داخل الآجال القانونية. عدم تجريم رشوة الموظفين العموميين الأجانب وموظفي المؤسسات الدولية العمومية، إلا في حالة ارتكابهم لهذه الجريمة داخل التراب الوطني عملا بمبدأ إقليمية القوانين، واقتصار متابعتهم أمام المحاكم المغربية بتهمة ارتكابهم لجريمة الرشوة خارج المغرب، إلا إذا اكتست الجريمة وصف الجناية وكان ضحيتها مغربي. إغفال التنصيص على معاقبة الوسطاء الأغيار والمستفيدين في جريمة الرشوة المرتكبة في القطاع العام. عدم الاعتراف بالمسؤولية الجنائية للشخص المعنوي عن ارتكابه لجرائم الفساد باستثناء جريمة غسل الأموال. استثناء بعض جرائم الفساد من طابعها العمدي، علما أن القاعدة هي أنه لا عقاب على الجرائم غير العمدية. مظاهر قصور النظام العقابي تقول الدراسة أن هناك ستة نواقص مرتبطة بالمنظومة العقابية المقررة لجرائم الفساد، في ضوء تشخيص وتقييم المنظومة الجنائية الوطنية، وترتبط النواقص الستة بما يلي: * عدم المعاقبة بالغرامة في حالة تبديد أو إتلاف القاضي أو الموظف العمومي للمستندات أو الحجج أو العقود أو المنقولات التي اؤتمن عليها. * عدم الانصيص في العقوبة المقررة لجريمة الرشوة في القطاع الخاص على عتبة لمضاعفة أو تخفيف العقاب، كما هو الشأن بالنسبة لعقوبة جريمة الرشوة في القطاع الخاص. * عدم التنصيص على عقوبات للمستفيدين من جرائم الفساد، باستثناء المستفيد من جريمة الغدر. * وضع جنحة غسل الأموال في نفس مستوى جنحة الرشوة. * تخصيص عقوبة خاصة لمرتكب جريمة غسل الأموال، بينما لم يؤخذ ذلك بين الاعتبار عند معاقبة مرتكبي باقي جرائم الفساد. * الجوازية في الحكم بالحرمان من مزاولة الوظائف أو الخدمات العامة لمدة معينة على المدان بارتكان جنح الفساد. توصيات لإصلاح النظام العقابي تقترح دراسة الهيئة المركزية للوقاية من الرشوة، التوصيات الست التالية، لإصلاح النظام العقابي: - تكريس التوازن في العقوبات المقررة لجرائم الفساد، بما يتناسبي وخطورتها الإجرامية. - مراجعة القيمة المالية المحددة لمضاعفة أو تخفيف العقوبة في جرائم الغدر أو الاختلاس أو الرشوة. - التنصيص على الغرامة في العقوبة المقررة لجريمة تبديد أو إتلاف المستندات وغيرها من الوثائق التي يؤتمن عليها الموظف العمومي. - التنصيص في العقوبة المقررة لجريمة الرشوة في القطاع الخاص على عتبة لمضاعفة أو تخفيف العقاب. - تقرير الحكم بالحرمان من مزاولة الوظائف أو الخدمات العامة لمدة معينة على المدانبارتكاب جنح الفساد بدل الجوازية في النطق بهذا الحكم. - التصريح بالعقوبات للمتورط في ارتكاب جرائم الفساد دون الاقتصار في ذلك على جريمة غسل الأموال.