صراع واتهامات دائمة يعتبرها خصوم طارق يحيى لعبة مصطنعة للتغطية على فشله في التدبير المحلي تجاوزت أبعاد الصراع المعلن بين رئيس الجماعة الحضرية لمدينة الناظور، طارق يحيى، وعامل الإقليم بنتهامي العاقل حدود “التنافس” في الاختصاصات بين جهة منتخبة لتمثيل مصالح المواطنين وسلطة وصية على تدبير الشأن الجماعي بحكم القانون. وتخطى مسلسل “المقاطعة” وشد الحبل بين الطرفين في المدة الأخيرة ذلك إلى توجيه الأول اتهامات مباشرة للثاني بخدمة أجندة مقربين من حزب الأصالة والمعاصرة، والسعي للانقضاض على اختصاصات المجلس. آخر فصول هذه “المعركة” تصريحات “عنيفة” أطلقها طارق يحيى على بعد أشهر قليلة من موعد الانتخابات التشريعية المقبلة في حق بنتهامي، اختار تصريفها خصوصا على موقع اليوتوب في مسعى لجلب اهتمام الرأي العام المحلي لمعركة يصر أن أولويتها لا بد أن تمر عبر استرجاع اختصاصات المجلس، ولو على حساب الانتظارات الملحة للسكان. فصول بداية الصراع شكل حدث تنصيب العامل الجديد الفرصة الوحيدة التي جمعت بين طارق يحيى وبنتهامي العاقل، وبعد هذه المناسبة بدت بوادر التنافر مبكرا بين الطرفين للعلن، فيما دأب يحيى، وهو برلماني عن حزب التجديد والإنصاف (حزب الشعب حاليا) على توجيه انتقادات في أكثر من مناسبة لعامل الإقليم المتحدر من الحسيمة، وصارت القطيعة بين الطرفين القاعدة التي لم يحد عنها رئيس الجماعة الحضرية للناظور في علاقته بممثل سلطة الوصاية، وشكل غيابه المستمر عن كل الأنشطة الرسمية التي يحضرها العامل الوجه اللافت في صراع يبدو بالنسبة إلى الكثيرين غير ذي جدوى. وعرفت هذه “المشاحنات” لاحقا أوجها مع بروز ظاهرة “تغيب” أعضاء محسوبين على المكتب المسير للجماعة الحضرية عن دورات المجلس، إذ روج طارق يحي بقوة لوقوف العامل وراء موقف شابته حينها الكثير من علامات الاستفهام، حول قدرة الطرفين على “التعايش” لخدمة مصلحة المدينة، واعتبر أن مخططا يحاك ضد ولايته الجديدة، يشكل “سابقة خطيرة بالنسبة إلى المسلسل الديموقراطي في المغرب»، متحدثا عن سعيه لمراسلة السلطات العليا حول أمر تدخل العامل لحث أعضاء المجلس على التغيب، كجزء من معركته لاسترجاع «اختصاصاته الحقيقية»، على حد تصريحه. وخلال إحدى دورات المجلس، ذهب طارق يحيى أبعد من ذلك، بأن هدد بالتوجه نحو القضاء الإداري ووزير الداخلية لكشف ما يصفه بالشطط في استعمال السلطة من جانب العامل واستحواذه على اختصاصات أصيلة للمجلس البلدي وتحكمه في عدد من القرارات المرتبطة بالشأن المحلي دون الرجوع إلى استشارة أو إشراك الجماعة الحضرية، من قبيل مبادرته إلى إطلاق عدد من أوراش التهيئة بشكل أحادي، كمثال «تهيئة طريق الفطواكي بمبلغ 920 مليون سنتيم، ونافورة شارع 3 مارس ب 480 مليون سنتيم دون استشارة المجلس البلدي»، و»عدم احترام الأولويات التي من الممكن أن يقترحها المجلس في المشاريع التي تنجزها العمالة». وعموما، تتلخص «اتهامات» طارق يحيى للعامل في ما يعتبره موالاة الأخير لمقربين من حزب الأصالة والمعاصرة على الصعيد الوطني، ويتمثل ذلك في»استغلال العامل لسلطته من أجل تفويت مساحة خاصة ببلدية الناظور لصالح شركة خاصة أقامت فوقها مطعما يحمل علامة تجارية دولية، وهي الشركة نفسها التي سهرت على تنظيم مهرجان الناظور المتوسطي في نسخته الأولى». ويزعم يحيى أن الشركة ذاتها ترتبط مباشرة بحزب الأصالة و المعاصرة، «لأنها هي من تتكلف أيضا بتنظيم الحفلات والمهرجانات الخطابية للحزب نفسه» على حد تعبيره. حملة انتخابية سابقة لأوانها المتتبعون الذين استقت “الصباح” وجهة نظرهم حول فصول هذه “المعركة” يجمعون على التشكيك في حضور هاجس المصلحة العامة في هذه المواجهة، التي تتكرر كل ما رغب طارق يحيى في “استدرار” تعاطف الرأي العام المحلي وتحويل أنظار سكان المدينة عن صراع المجلس البلدي لكسب رهان تدبير الشأن المحلي إلى “معركة” بين طارق يحيى و”المخزن”. المصادر ذاتها، تبدي استخفافها إلى حد كبير بالتصريحات الأخيرة التي أطلقها رئيس الجماعة الحضرية لمدينة الناظور، سيما ما يرتبط منها بالطعن في كفاءة العامل والإصرار على ربطه بحزب الأصالة والمعاصرة، وبالمقابل ترى أن حديث طارق يحيى، عن عزمه، إطلاق اسم “20 فبراير” على ساحة عمومية بالناظور، بتزامن مع الحراك الاجتماعي الذي يشهده المغرب، مبادرة يستشف منها رائحة حملة انتخابية سابقة لأوانها، خصوصا أن “يحيى ألف اللعب على الأوتار الحساسة على مر تاريخه السياسي المرتبط كثيرا باصطناع “مصادمات إعلامية” مع المخزن لكسب ود الناخبين والحصول على “شعبية” تكفي للتغطية على حصيلة وجوده على رأس هرم التدبير المحلي”. وبالمقابل وفي ما يشبه “حملة مضادة”، انبرت بعض المواقع الإلكترونية المحلية لكشف ما وصفته ب”الحرب الخادعة” لطارق يحيى لكسب ود الناخبين وتحويل أنظار السكان عن الهموم الحقيقية الاختلالات المستحكمة التي تطبع تدبير الشأن المحلي. ونشرت هذه المواقع “حقائق” عن لعبة الصراع الحقيقية بين الجانبين على الأرجح بعد حصولها من جهة معينة على الضوء الأخضر للرد على اتهامات طارق يحيى. المعطيات التي نشرت حول “أطماع” رئيس الجماعية الحضرية في الحصول على عقارات بطرق ملتوية، وبغض النظر عن صدقها شكلت إحدى أهم مرتكزات الحملة الإعلامية المضادة، بجانب الكشف عن سلسلة من الوعود التي أطلقها في مناسبات عديدة لمصلحة المدينة دون الوفاء بها، إذ تم اللجوء في هذه الحالة إلى عرض أشرطة مرئية لتوثيق تصريحات عبارة عن وعود انتخابية، سرعان ما كذبتها حصيلة المجلس، الذي “يزعم رئيسه باستمرار، أن معركته ما تزال متواصلة لاسترجاع اختصاصاته، ولو على حساب انتظارات السكان”. خلاف حول العقار والاختصاصات وفي الوقت الذي تم تجاوز بعض مظاهر هذا الخلاف المستحكم بين الطرفين، لم يتوان طارق يحيى مظاهر تصريحات صحافية حديثة عن التذكير بفصول ما يصر على اعتباره مساسا باختصاصات الجماعة الحضرية، خصوصا ترخيص العامل لإحدى الشركات الخاصة دون الرجوع إلى المجلس باحتلال بقعة أرضية من “لملك العمومي الجماعي” لإقامة معرض تجاري فوقها، والسماح ببناء فندق راق دون الحصول على رخصة بالبناء، وقبل ذلك اندلعت معركة بين الجانبين بسبب نصب شركة خاصة بالإشهار للوحات دعائية في شوارع المدينة، انتهت بسحبها على إيقاع اتهام جديد لوقوف العامل وراء ترخيص “غير قانوني” لم يحترم اختصاصات المجلس البلدي ومساطر الصفقات المعمول بها. وعموما، تتمحور نقط الخلاف بين الجانبين بحسب الرواية التي تسوقها المصادر التي أخذت على عاتقها مهمة الرد على اتهامات طارق يحيى، في أمور العقار ومسائل الترخيص و”صراع” حول استغلال بقعة أرضية أو حتى حيازتها. وفي السياق ذاته، وصفت تلك المصادر خلاف العامل مع طارق يحيى بأنه حصيلة توتر في العلاقة بين الجانبين حول “سعي الأخير إلى الحصول على عدة قطع أرضية لصالحه، من قبيل البقعة الأرضية التي تحتضن حديقة عمومية، كانت في ما سبق سوقا للجملة”، مشيرة إلى أن ” نقطة الخلاف تمحورت حول رغبة يحي في تحويلها إلى سوق للسمك، للوفاء بوعود سابقة منحها لتجار السمك لقاء مبالغ مالية تلقتها البلدية منهم للحصول على محلات فوق القطعة الأرضية التي تمسك العامل بتحويلها إلى حديقة عمومية مع توسيعها”. وتذكر المصادر ذاتها ما تعتبره أنه منحى آخر أخذته بوادر التوتر بين عامل الإقليم ورئيس الجماعة الحضرية للناظور، بعدما أقدمت مصالح العمالة على إيقاف بناء عمارة لعضو في تحالف المكتب المسير للبلدية ومقرب من طارق يحيى بحجة خرقها للقانون، بينما رد هذا الأخير حينها بمراسلة وزارة الداخلية، بخصوص ما يعتبره تدخلا في عمل وصلاحيات الجماعة الحضرية. وحول هذه المسألة، تضيف المصادر ذاتها، أن لقاء جمع بين طارق يحيى وعامل الناظور في مكتب هذا الأخير قبل أزيد من سنة، عرض فيه الأول على الثاني ملفا حول ملكية بقعة أرضية لوالده المتوفي، تمتد على هكتارات على طول الكورنيش، ابتداء من حي المطار إلى غاية حي الفطواكي، مشيرة إلى أن العامل طلب من طارق يحيى في رده على هذا العرض اللجوء إلى القضاء، في حال شعوره بالحيف، إذ تؤكد الرواية نفسها أن البقعة الأرضية محل الجدل من المقرر إنشاء محمية للطيور فوقها، وهو ما شكل دافعا لطارق يحيى لاحقا للدخول في غمار مواجهات مع العامل، على حد ما تسوقه المصادر ذاتها.