لا يتوقف "موقع طوما الأركيولوجي" البوح بأسراره للفرق البحثية العاملة في مشروع "الدارالبيضاء ما قبل التاريخ" ، إذ كشف المعهد الوطني لعلوم الآثار والتراث ، عن إنجاز بحثي دولي كبير يضع المغرب كأرضية ومرجعية أركيولوجية دولية لفهم أطوار الحضارة الآشولية القديمة بإفريقيا ، حيث توصل الباحثون الى بقايا أدوات بشرية تعود إلى مليون و300 سنة قبل التاريخ . الاكتشاف العلمي المعلن عنه من طرف الفريق البحثي العلمي المشترك المغربي الفرنسيّ ، يأتي بعد تمكن من تحليل ادوات تتكون من "حصى الماريوت" بالموقع الأثري "طوما المستوى L" والذي تعود إلى الثقافة الاشولية . وتعد هذه الاخيرة ، هي الثقافة المادية الثانية التي تميز العصر الحجري القديم الأدنى بعد الثقافة الألدوانية ، والتي ترجع بقاياها في العالم إلى 1.76 مليون سنة بأفريقيا الشرقية. ويسلط المنجز العلمي الضوء على "المغرب الأركيولوجي" كمرجع علمي وبحثي في مجال الآثار ، وذلك بعد اكتشاف ثالث أقدم آثار لهذه الحضارة على مستوى العالم ، والأقدم على مستوى القارة الافريقية .
ويندرج الإنجاز العلمي الذي كشفت عنه آثار "موقع طوما المستوى L "، ضمن برنامج البحث المغربي الفرنسي "ما قبل التاريخ بالدارالبيضاء" في إطار اتفاقية التعاون الثنائي بين المعهد الوطني لعلوم الآثار والتراث التابع لوزارة الثقافة والشباب الرياضة -قطاع الثقافة وجامعة بول فاليري لمونبوليي ووزارة أوروبا والشؤون الخارجية الفرنسية .
الاكتشاف البحثي الذي المعلن عنه المعهد الوطني لعلوم الآثار والتراث بالموازاة مع نشره في الدورية الأكاديمية المصنفة "Scientific Reports" ، يقدم صورة اقرب للتقينات البشرية الأقدم تاريخا إلى حدّ الآن بإفريقيا، و يقدّم مزيدا من العناصر حول التنوّع الاقتصادي والتقني للأشوليّين . ولم يخفي عبد الرحيم محب ، الخبير الأركيولوجي بوزارة الثقافة و مدير مساعد بمشروع البحث "ما قبل التاريخ بالدارالبيضاء"، سعادته بهذه الخطوة ، موضحا الى ان الفريق البحثي الذي عمل في المشروع مازال تحت وقع الصدمة والفرح اثر هذا المنجز العلمي الذي يساهم في تثمين مجهودات سنوات من العمل البحثي المتواصل والجاد. ولفت الخبير الأركيولوجي إلى أن الاكتشاف يقدم مسارات بحثية أركيولوجية جديدة ، مشددا بالقول" نحن واعون بضرورة تكثيف الجهود البحثية رغم التكلفة المادية الكبيرة للأبحاث التقنية والمختبرية" ، لكن لم يخف الباحث ملامح التفاؤل في تصريحه ، موضحا الى ان الاكتشاف العلمي يضع المغرب في صلب البحث العلمي دوليا . من جانبه دعا مدير المعهد ، عبد الواحد بنصير ، الى تثمين هذا المجهود والتعريف به في صفوف المغاربة ، مضيفا الى ان المسؤولية اليوم هي الوعي أكثر بأهمية موقع طوما وسيدي عبد الرحمان وغيرها من المواقع الأركيولوجية. وشدد بنصير الى تميز المغرب بجيل جديد من الأبحاث الأركيولوجية ، وهو ما حذا بالمعهد الوطني لعلوم الآثار والتراث إلى إطلاق شراكات دولية للتنقيب والبحث، آخرها مشروع جديد من المنتظر ان يهم موقع سجلماسة الأثري بمواقع البحثية الست . ولفت المسؤول الأكاديمي ، إلى أن ما حققه موقع طوما من اكتشافات علمية قيمة ، تسمح بتعزيز المواد المالية للدراسات والاختبارات العلمية الدقيقة ، خصوصا امام المسارات الجديدة الذي طرحها الاكتشاف . ووفق الباحثين مازالت الأدوات المكتشفة لم تقدم خلفيات واسرار استعمالها الدقيق وذلك بسبب كون مادة المرويت المكونة لها تصعب الدراسات الميكروسكوبية المحددة لهذه العملية .