ضمن أشغال الجلسة الافتتاحية للمؤتمر الدولي حول مكافحة الإرهاب " أجوبة جديدة لتحديات جديدة"، استعرض الكاتب العام للمندوبية العامة لإدارة السجون وإعادة الإدماج، يونس جبران، استراتيجية وتجربة المندوبية في محاربة التطرف داخل السجون، مؤكّداً أنها تنبني على ثلاثة محاور أساسية، تتمثّل في الاستباقية الأمنية والتحصين الديني ومحاربة الهشاشة والفقر. وتابع الكاتب العام لمندوبية السجون، مساء اليوم الثلاثاء، أنّ هذه المقاربة الثلاثية الأبعاد، استمدتها المؤسسة من الاستراتيجية الوطنية، وتقوم أساساً على تدبير أمني وتدبير إدماجي وتأهيل العنصر البشري، لمواكبة هذه الفئة من المعتقلين، في السجون المغربية. وأضاف المتحدث أنه بعد أحداث الدارالبيضاء، تبنّى المغرب قانوناً جديداً لمكافحة الإرهاب، وكل المعنيين داخل السجون محكومون أساساً، بموجب هذا القانون، لافتاً أنه يتم تصنيفهم تصنيفاً أمنياً، على عدة مستويات؛ "سجناء متشددين، ذوي قناعات صلبة وغير قابلين للحوار في الوقت الراهن، سجناء في مرتبة بينية، وآخرون إن صح التعبير جرفهم التيار وهم قابلون للحوار والتطور، ويتم توزيعهم على السجون حسب أنظمة سجنية معينة، لتفادي التكتّل والتحكم أكثر في تحركاتهم". وبخصوص التدبير الأمني، تحدّث جبران عن إكراهات تتعلق بالتوزيع أو التجيمع، مشيراً أنّ المغرب اختار قرار توزيعهم بقرار عقلاني وموضوع، يأخذ بعين الاعتبار، الوضعية الجنائية ودرجة الخطورة، ذلك أنّ هناك مبدأ دولي في قانون السجون بتفريد العقوبة من أجل إتاحة الفرصة لكل سجين لتلقي معاملة تستجيب لحاجاته. "بالإضافة إلى مشكل الاستقطاب، التي تشكّل ظاهرة خطيرة ومنتشرة في السجون، حيث أن هناك فئات، تمارس الاستقطاب على فئات أخرى، من سجناء الحق العام، وخصوصاً المجرمين الخطيرين، ما من شأنه أن يمثّل مشاكل أكبر، داخل السجن وخارجه" على حد تعبير المتحدث. وفيما يتعلّق بالإدماج، يؤكّد جبران أن هناكَ قناعة أن التدبير الأمني على أهميته يبقى غير كافياً، بالتالي تم إطلاق عدد من الأوراش الموازية، أبرزها تجربة "برنامج مصالحة"، الذي يروم دفع السجناء لتحقيق مصالحة مع مع ذواتهم والمجتمع والوطن. هذا البرنامج، يرتكز وفق المتحدّث، على أربعة أبعاد، "البعد الديني يسهر عليه ثلة من الخبراء بوزارة الأوقاف والرابطة المحمدية، والمحور السوسيو اقتصادي، يسهر على تنفيذه خبراء في المجال يقومون بتلقين السجناء كيفية بلورة فكرة مشروع اقتصادي، والمحور الحقوقي والقانوني، يتم فيه إعطاء معطيات وتصحيح مفاهيم حقوقية وقانونية للسجناء". وأورد المسؤول بمندوبية السجون خلال كلمته ضمن أشغال المؤتمر، أن هذا البرنامج يصل اليوم، لسنته السابعة، ويحظى بإشادة دولية، وطلبات دول شقيقة من أجل تقاسم هذه التجربة المغربية، مشيراً أنه تم في هذا الصدد، توقيع اتفاقية مع مركز الأممالمتحدة لمحاربة الإرهاب. وإلى جانب، برنامج "مصالحة" ذكّر جبران ببرامج أخرى من ضمنها "برنامج تعزيز قيم التسامح والاعتدال"، الذي يستهدف كل فئات السجناء، وهو برنامج وقائي، لتلقين مبادئ التسامح ويشمل حالياً 30 ألف سجين استفادوا من البرنامج، فضلاً على مبادرة تجفيف المكتبات السجنية من كل الكتب التي تحمل الفكر المتطرف، حيث تتم مراقبة دقيقة وتطهير المكتبات منها وتعويضها مع كتب أخرى، وبرامج أخرى.