حملت توقعات مديرة صندوق النقد الدولي، كريستين لاغارد، أمس الأحد، ببقاء أسعار النفط في مستويات متدنية لسنوات أخبار سارة لحكومة عبد الإله بنكيران. لاغارد، التي شاركت في الدوحة في اجتماع لجنة التعاون المالي والاقتصادي الخليجي، وفي الاجتماع المشترك لوزراء مالية دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية، قالت: "نعتقد أن سعر النفط سيستمر على المستوى الذي هو عليه بضع سنوات". يذكر أن أسعار النفط انخفضت بأكثر من النصف منذ العام 2014، حيث سجل سعر مزيج "برنت" 47,42 دولارا للبرميل. ومثلما لانخفاض أسعار النفط ضحايا، في مقدمتهم دول الخليج والجار الشرقي للمملكة الجزائر، يعتبر المغرب من الدول التي استفادت من هذا الوضع، بحيث انخفض العجز التجاري المغربي ب20.5 في المائة، حيث حدد في 92.38 مليار درهم (9.45 مليار دولار) في الأشهر السبعة الأولى من عام 2015، مقارنة مع مستواه قبل عام بسبب نزول واردات الطاقة مع هبوط أسعار النفط، بحسب مكتب الصرف. وأظهرت البيانات انخفاض العجز التجاري من 116.23 مليار درهم في نهاية يوليوز 2014 مع نزول واردات الطاقة ب28.7 في المائة على أساس سنوي إلى 41.70 مليار درهم. عز الدين أقصبي، الخبير الاقتصادي، أكد أن انعكاسات تراجع أسعار النفط واضحة للعيان، بحيث انخفضت فاتورة الاستهلاك الطاقي للمملكة، التي تستورد ما يقارب 96 في المائة من احتياجاتها، وأن هذا التراجع ساهم في "التنفيس" على مستوى ميزان التجارة الخارجية، مؤكدا أن فاتورة المواد الطاقية تبقى جد ثقيلة. واستدرك أقصبي بالقول إن ما صرحت به لاغارد مجرد تخمينات وتوقعات، وأنه "مثلما يمكن أن تتحق تلك التوقعات، يمكن أن تحدث مستجدات مفاجئة ينتج عنها تغير في أسعار النفط"، موضحا أن "أسعار النفط ترتبط بشكل وثيق، على المستوى الدولي، بوتيرة النمو في الدول الصاعدة، وفي أروبا التي تسجل بها نسبة نمو جد ضعيف الآن، ولكن لو تغير الوضع فأكيد أن أسعار النفط ستشهد ارتفاعا، فضلا عن أداء دول أخرى أساسية كالصين والهند". ولفت الخبير الاقتصادي، في تصريح ل"اليوم 24″، على أنه "لا يمكن توقع كل شيء"، مشيرا إلى إمكانية حصول أزمات كبيرة قد تقلب الموازين، كالحروب، حيث قد يقل الإنتاج ويتنامى الطلب، ف"توقعات لاغارد هي واقعية على أساس المعطيات الحالية، وهذا أمر مفيد لا شك للاقتصاد المغربي، لكن السؤال الذي ينبغي أن يطرح هو: هل سيوظف ما سنوفره في الاستثمار أم في شيء آخر؟". وفضلا عن دعوته لتوظيف ما سيتم توفيره من خلال الاستفادة من أسعار النفط المنخفضة في الاستثمار، شدد أقصبي على ضرورة تنويع المصادر الطاقية للمملكة. من جهة أخرى، قال إن تراجع الأسعار سيدفع حتما بدول الخليج إلى انتهاج سياسة اقتصادية جديدة وأنها ستراجع نماذجها التنموية، "بل هي مطالبة بذلك لتفادي الاختناق"، وسيكون من نتائج ذلك تقليص الأموال التي تخصصها لدعم بعض الدول على شكل هبات وقروض، وكان المغرب أحد المستفيدين منها. يذكر أن تراجع أسعار النفط والغاز، منذ العام الماضي، قلص إيرادات حكومات دول الخليج المصدرة للنفط من تصدير الطاقة، ما أدى إلى مستويات كبيرة في عجز ميزانياتها، ومن ذلك ما سبق أن صرح به وزير المالية السعودي ابراهيم العساف، الذي قال إن السعودية ستخفض الإنفاق، كما ستصدر المزيد من السندات لسد العجز القياسي في الموازنة بسبب الانخفاض الكبير في أسعار النفط. وتواجه المملكة، الدولة صاحبة اكبر اقتصاد في العالم العربي وأكبر مصدرة للنفط في العالم وأحد أبرز المانحين للمغرب، انخفاضا غير مسبوق في الموازنة، بحيث صارت تعتمد على احتياطياتها المالية الهائلة في سد الفجوة، الامر يستوجب "اتخاذ مزيد من الإجراءات"، يشدد وزير المالية السعودي. من جهته، كان محمد الوفا، الوزير المنتدب لدى رئيس الحكومة الكلف بالحكامة والشؤون العامة، متحفظا في إعطاء تعليق على توقعات مديرة صندوق النقد الدولي، وقال ل"اليوم 24″ إن الحكومة تبني على المعطيات الواقعية والملموسة، "أما التوقعات التي تنسحب على سنوات فيصعب أن نبني عليها أو أن أعلق عليها". يذكر أن نائب رئيس البنك الدولي المكلف بمنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا (مينا)، حافظ غانم، قال إن "المغرب شرع بمنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، التي تعاني من عدم الاستقرار السياسي والاقتصادي، في تفعيل برنامج طموح للإصلاحات الاقتصادية والهيكلية الناجحة"، مضيرا إلى أن الانخفاض في أسعار النفط، والصراعات التي تهز المنطقة وتباطؤ الاقتصاد العالمي، تجعل من غير المرجح تحقيق انتعاشة في الآفاق الاقتصادية على المدى القصير.