الدعوة التي أطلقها نشطاء على الفايسبوك من أجل تخلي البرلمانيين عن معاشاتهم وجدت صداها في قبة البرلمان عندما طالب النائب البرلماني عبد العزيز أفتاتي جميع البرلمانيين والوزراء بالتخلي عن تقاعدهم «الذي يكلف الدولة أموالا طائلة». أفتاتي اعتبر أن تقاعد البرلمانيين الذي يصل إلى 15 ألف درهم ومعاش الوزراء الذي يصل إلى 40 ألف درهم في حالة استكمال الوزير خمس سنوات في منصبه، هي مبالغ كبيرة، لذلك وجب التخلي عنها. هذه التصريحات أثارت ردود فعل مختلفة لدى الأحزاب المغربية بين مؤيد لها وبين من اعتبر أن هناك مشاكل أعقد يجب مناقشتها، وبين من تحفظ على الفكرة لكونها تدخل فقط في إطار النقاش العمومي، مادام ليس هناك أي طرح للمشروع أمام البرلمان، ومن اعتبروا أن الفكرة لا تدخل سوى في إطار المزايدات السياسية. وكان نواب حزب العدالة والتنمية من أبرز المتحمسين لهذه الخطوة وعلى رأسهم عبد العزيز أفتاتي الذي رفض فكرة أن هذه الدعوة تدخل في إطار المزايدات السياسية، مؤكدا «أنا أول شخص مستعد للتخلي عن معاشي في حالة وافق البرلمان على هذه الفكرة، وقد كان لدي موقف منها منذ سنوات، والفرصة الآن مواتية لمراجعة معاشات البرلمانيين والوزراء في إطار إصلاح نظام التقاعد في المغرب، ذلك أن نظام تقاعد البرلمانيين استثنائي ويجب أن يدخل في إطار النظام العام للتقاعد وتتم مراجعة أجور كل من البرلمانيين والوزراء لتأخذ حجمها الطبيعي». أفتاتي اعتبر أن المبالغ التي تمنح للبرلمانيين والوزراء كتعويض عن التقاعد هي جد كبيرة، وأن «الأصل في العمل البرلماني هو التطوع، ولا أفهم لماذا يتم تعويض فرد من القوات المساعدة 100 درهم عن كل سنة عمل والوزير 8000 درهم، يجب أن يكون نظام التقاعد عادلا وألا تبقى معاشات البرلمانيين تحت مسمى الاستثناء». من جهته قال رئيس الفريق البرلماني لحزب العدالة والتنمية عبد الله بوانو إن الفكرة يجب أن تناقش داخل الحزب قبل الإعلان عن موقف رسمي منها، لكنه في الوقت ذاته لم يرفض فكرة مراجعة المعاشات مؤكدا أنه «يجب فتح هذا النقاش بشكل جدي ومسؤول لمعرفة ما يمكن عمله في إطار مراجعة عامة لأنظمة التقاعد في المغرب». عبد اللطيف وهبي رئيس الفريق البرلماني لحزب الأصالة والمعاصرة اعتبر أن «هذه الدعوة تدخل في إطار المزايدات السياسية ولا أساس لها، كما لا يوجد لها أي مبرر»، وهبي اعتبر أن حزبه لن ينخرط في ما «أأسماها الشعبوية» التي ينتهجها البعض ولن ينساق وراء جدال «لا فائدة منه»، وعبر رئيس الفريق النيابي لحزب الأصالة والمعاصرة عن استغرابه من هذه الدعوة متسائلا «هل تخفيض معاشات البرلمانيين هي التي ستحل مشاكل المغرب، هناك مشاكل أصعب يجب الاهتمام بحلها»، مضيفا بأن الحزب لم يصدر عنه أي موقف رسمي من هذه المسالة لأنه لحد الساعة ليست هناك أي دعوة رسمية لمناقشة المسألة، وكل ما في الأمر هو كلام فقط. موقف حزب الأصالة والمعاصرة لم يختلف كثيرا عن موقف الاتحاد الاشتراكي الذي عبّر على لسان رئيس الفريق البرلماني أحمد الزايدي بأنه في حالة كان هناك مشروع جدي مبني على مقترح بناء، آنذاك يمكن مناقشته، لكن أن تأتي الأمور بهذه الارتجالية فهذا أمر لا يمكن قبوله، الزايدي طالب من أصحاب هذه المبادرة أن «يتقدموا باقتراح أمام البرلمان يوضح الأسباب وراء هذه الدعوة وطريقة تنظيم هذه المسألة»، مؤكدا في الوقت ذاته على أن حزبه مستعد لمناقشة أي مقترح جدي في هذه المسألة، «بل نحن مستعدون لإضافة عدد من الاقتراحات لهذا الأمر ونحن لا نتهرب من هذا الموضوع، بل بالعكس، لدينا الكثير من الأمور التي يمكن أن نقدمها في مسألة مراجعة الأجور». أحمد الزايدي تساءل عن نجاعة هذه الخطوة ومدى مردوديتها على ميزانية الدولة «وهل فعلا سيكون لقرار تخفيض أجور البرلمانيين والوزراء أثر على خزينة الدولة؟ أعتقد أن هناك الكثير من الأمور التي يمكن مراجعتها للرفع من مداخيل الدولة عدا معاشات البرلمانيين والوزراء، لذلك يجب وضع مخطط متكامل لمراجعة جميع أجور المؤسسات العمومية». الكاتب العام للاتحاد الاشتراكي إدريس لشكر لم يختلف موقفه كثيرا عن موقف رئيس فريقه النيابي، حيث أكد لشكر على أن هذه الخطوة «هي خطوة رمزية تقول بأنه يجب أن تطرح في إطار مراجعة الدولة للأجور العليا بعيدا عن دغدغة المشاعر»، لشكر قال بأنه لا يعارض الفكرة في حالة «كان هناك إصلاح حقيقي للأجور من أجل ترشيد نفقات الدولة، ومن الدعامات الأساسية لقانون المالية لسنة 2014 هو ترشيد نفقات الدولة، لكن على أساس أن الترشيد في إطار شمولي لا يقتصر على أجور البرلمانيين»، لشكر أكد أن قانون المالية أقر بأن هناك أكثر من ألف موظف في المؤسسات العمومية أو شبه العمومية يتقاضون أجورا عليا». أما حزبا الاستقلال والتقدم والاشتراكية فقد كان لهما نفس الموقف من فكرة تخلي البرلمانيين والوزراء عن معاشاتهم، حيث اعتبر عدد من البرلمانيين أنه لحد الآن لم تطرح الفكرة للنقاش في البرلمان ولذلك «لم تناقشها الأحزاب من أجل الخروج بموقف واضح من هذه الدعوة في انتظار أن تصبح رسمية وتطرح على البرلمان للنقاش»، كما اعتبر مصدر من حزب التقدم والاشتراكية أن «الحزب لم يناقش المسألة لحد الساعة لأنه يرى أن هناك أمورا أكثر أهمية يجب مناقشتها وحلها»، وللإشارة فإن معاشات البرلمانيين والوزراء تكلف الدولة أزيد من 8 ملايين درهم شهريا.