يرى رئيس فدرالية الجمعيات الوطنية للمتقاعدين بالمغرب العربي العزاوي، أن الحل الحقيقي لإصلاح أنظمة التقاعد يكمن في إنعاش احتياطياتها المالية بتشغيل أكبر عدد ممكن من النشيطين الذين ستؤدي بمساهماتهم معاشات المتقاعدين الحاليين، ويوضح العزاوي أن أبرز المشاكل التي يعاني منها المتقاعدون اليوم هي هزالة التقاعد وضعف التغطية الصحية للأمراض المزمنة الكثيرة التي تعاني منها هذه الفئة من المغاربة، ويرى رئيس الفدرالية أنه من غير المعقول أن تخضع الدولة معاشات التقاعد للضريبة، لأنها مدخرات وفرها المتقاعدون على امتداد سنوات العمل، وأدوا للدولة واجباتهم الضريبية على الدخل. - ما هي الوضعية الحالية التي يعيشها المتقاعدون في المغرب؟ أبرز المشاكل التي يعاني منها المتقاعدون هي هزالة معاش التقاعد، حيث تتقاضى فئة من 20 إلى 360 درهما وهي فئة صغيرة كان يشتغل بعضها في المكتب الوطني للسكك الحديدية، وقد سبق أن سلمنا الوزير الأول ورقة في الموضوع إبان اجتماعنا معه. - ولكن الحكومة تقول إن الحد الأدنى لمعاش التقاعد تم رفعه إلى 600 درهم. لحد الآن لا تؤدي بعض صناديق التقاعد الحد الأدنى للتقاعد الذي تحدثت عنه كصندوق النظام الجماعي لمنح رواتب التقاعد، وقد علمنا أن إدارة الصندوق راسلت وزارة المالية للحصول على موافقة للزيادة في المعاش لبلوغ الحد الأدنى. - كم تتقاضى الفئة العريضة من المتقاعدين المنخرطين في فدراليتكم؟ يبلغ معاش تقاعد السواد الأعظم بين 400 و1500 درهم، ونحن نطالب الحكومة بمراجعة هذا الوضع بالزيادة في الحد الأدنى لمعاش التقاعد لأنه غير كاف، حيث إن الكثير من المتقاعدين سيما العسكريين الذين يتقاعدون في سن الخمسين، يضطرون إلى البحث في عمل آخر لمواجهة مصاريفهم المعيشية لعدم كفاية المعاش خصوصا وأن العديد منهم لا يزال ينفق على أبنائه. - ما هي المهن التي يشتغل فيها المتقاعدون بعد إنهاء فترة الخدمة؟ غالبا ما نجد أن الذين يشتغلون من المتقاعدين هم الذين أحيلوا على التقاعد في سن مبكرة أي قبل الستين كالعسكريين وبعض موظفي الدولة في إطار التقاعد المبكر، وتجدهم يعملون في مهن متعددة كتقديم الخبرة أو إقامة مقهى أو ناد للأنترنت أو للمعلوميات أو مخدع هاتفي أو محلات تجارية... - ما هي المشاكل الأخرى التي تؤرق بال المتقاعدين؟ نجد على رأسها الصحة، حيث يعاني الكثير منهم من أمراض مزمنة ولا توفر له الإدارة التي كان يعمل فيها تغطية صحية كاملة، كإدارة المكتب الشريف للفوسفاط التي تتوفر على تعاضدية صحية داخلية تقدم التغطية الأساسية وتعاقدت مع شركة للتأمين «الوطنية» لمنح تغطية صحية تكميلية، ولكن عندما يجري المتقاعد عملية جراحية أو يعالج من التهاب الكبد الفيروسي أو من الفشل الكلوي، فإن نسبة التعويض تكون هزيلة بحيث لا تتجاوز 40 في المائة. مشكل آخر يخص متقاعدي «كوزيمار»، حيث إن الشركة أبرمت في الماضي عقدة مع شركة «أكسا» للتأمين، من بين بنودها أنه عند بلوغ متقاعدي كوزيمار 75 عاما يتم توقيف خدمة التغطية الصحية لفائدتهم، وعندما يحتج هؤلاء يقال لهم انخرطوا في التغطية الصحية الإجبارية التي يسير الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، والذي يشترط بدوره أن ينخرط لديه العمال الناشطون للشركة لكي يستفيد المتقاعد من هذه التغطية الإجبارية، وهو موضوع مطروح منذ 2005 إلى الآن. وقد راسلنا «كوزيمار» واجتمعنا مع إدارتها دون جدوى حيث بقيت متشبثة بموقفها، بل إنها رفضت تحرير محضر للاجتماع، وعندما طرح سؤال شفوي على وزير التشغيل في البرلمان رد بالقول إن للمتقاعد كما الناشط الحق في التغطية الصحية وعلى الشركة ضمان المساواة في تطبيق هذا الحق. - إضافة إلى ضعف التغطية الصحية، ما هي الانشغالات الكبرى للمتقاعدين؟ وجهنا للوزير الأول قبل بضع سنوات مذكرة تتضمن 7 مشاكل أساسية على رأسها المطالب بحذف الضريبة على المعاش، لأن المتقاعد أدى واجبه الضريبي على دخله إبان نشاطه الوظيفي، وأما تقاعده فهو مدخرات وفرها خلال فترة عمله وبالتالي يجب إلغاء الضريبة المفروضة على التقاعد، أو على الأقل خفضها إلى مستوى أدنى، ففي فرنسا لا تتجاوز أقصى نسبة للضريبة على معاش تقاعد الموظفين 18 في المائة، كما نطالب برفع الحد الأدنى من المعاش إلى ما يعادل الحد الأدنى للأجور في المغرب وتلزم به الدولة كافة صناديق التقاعد في المغرب. وهناك حيف في حق الأرملة حيث لا يترك لها كمعاش إلا نسبة 50 في المائة مما كان يتسلمه زوجها الراحل خلال سنوات تقاعده، ونعتبره أنه لا يحق لأي أحد المساس بقيمة التقاعد التي يستفيد منها ذوو الحقوق، وعندما سألنا عن سبب هذا الحيف قيل لنا إن فرنسا تطبق نفس الإجراء منذ أربعينيات القرن الماضي، ومبرر ذلك في ذلك البلاد أن كلا الزوجين لديه وظيفة وعندما يموت الزوج تحتفظ الأرملة بنفس معاشه يضاف إلى أجرتها أو معاش تقاعدها، ويكون أبناؤها في الغالب قد دخلوا سوق التقاعد وبالتالي يتحملون نفقاتهم. أما الوضع في المغرب فمختلف عما يجري في فرنسا، فنسبة مهمة من النساء المغربيات لا يشتغلن خارج البيت، كما أن العديد من المتقاعدين يستمرون في تحمل نفقات أبنائهم وحتى أحفادهم، وبالتالي لا وجه للمقارنة بين المغرب وفرنسا في هذا الجانب، ومن المطالب التي نلح عليها ضمان تمثيلية للمتقاعدين في المجالس الإدارية لصناديق التقاعد، حيث إن الصندوق الوحيد الذي تتوفر فيه هذه التمثيلية هو الصندوق المغربي للتقاعد منذ 10 سنوات، وباقي الصناديق تؤجل مناقشة هذا المطلب إلى حين اتضاح الرؤية حول إصلاح أنظمة التقاعد، في حين أن هذا الإصلاح لا يتطرق لمسألة التمثيلية بل إلى إشكالية ضمان استمرار هذه الأنظمة، ونريد التمثيلية للإطلاع على طريقة تسيير هذه الصناديق واتخاذ القرار فيها، حيث يشوب الأمر العديد من المشاكل. نقطة أخرى تدعو إليها الفدرالية وهي إنشاء فضاءات لفائدة المتقاعدين عوض جلوسهم في المقاهي، فضاءات يحصلون فيها على تكوينات في المعلوميات وخدمات أخرى ثقافية وترفيهية. -ولكن ماذا فعلت فدراليتكم منذ إنشائها إلى الآن لصالح المتقاعدين؟ حصلنا على تمويل جزئي من الوزارة المكلفة بالتضامن والأسرة لإقامة مركز للمتقاعدين والمسنين في حي الفتح بالرباط بكلفة إجمالية للمشروع تناهز 150 مليون سنتيم، وقد سلمتنا الوزارة 10 ملايين سنتيم في سنة 2010 وستعطينا نفس المبلغ في 2011. وقد تعاقدنا مع مهندس معماري لوضع تصميم للمشروع، والذي سيضم قاعة للاجتماعات وقاعة للتكوين في الأنترنت والمعلوميات وسيشرف عليه متقاعدون لفائدة متقاعدين آخرين، فضلا عن قاعة للشطرنج وغيرها، زيادة على قاعة للترويض الطبي وقاعة للفحوصات الصحية ومسبح بالماء الساخن للتغلب على أمراض الروماتيزم التي تكثر في فترة الشيخوخة ويعاني منها الكثير من المتقاعدين. وسيقام المركز على أرض مخزنية تبلغ مساحتها 10 آلاف متر مربع ولكننا لن نستغل سوى جزء منها لفائدة هذا المرفق، ولتمويل نفقات المركز سنقيم محلا تجاريا أو مقهى. - كم تضم فدراليتكم من متقاعدين؟ إن الفدرالية تضم 18 جمعية للمتقاعدين، وكل جمعية ينتسب إليها آلاف المتقاعدين حسب الإدارات التي كانوا يعملون فيها، وكل جمعية ممثلة في مكتب الفدرالية ب 3 أشخاص، فجمعية متقاعدي الفوسفاط تضم 32 ألف فرد، وجمعية متقاعدي شركة الخطوط الملكية المغربية تضم 4000 متقاعد، و2500 منخرط في جمعية متقاعدي التبغ، و1200 متقاعد في شركة «كوزيمار»، و12 ألف متقاعد في جمعية متقاعدي المكتب الوطني للسكك، فضلا عن جمعية لمتقاعدي 6 بنوك هي الكبرى ما عدا «التجاري وفا بنك»، هذا الأخير تتولى إدارته شؤون المتقاعدين حيث تعقد جموعهم العامة ولم يفكر متقاعدوه في تأسيس جمعية لهم. -إذا انتقلنا إلى ملف إصلاح أنظمة التقاعد، كيف ترون التوجه الذي يبدو ألا مفر منه كالزيادة في سن التقاعد والرفع من نسبة الاشتراك ومراجعة بعض مقاييس احتساب المعاش بما يؤدي لانخفاض قيمته؟ نرى أن مثل هذه التغييرات في المقاييس المعتمدة في صناديق التقاعد ليس هي الحل، بل الحل الحقيقي يكمن في إنعاش الاحتياطيات المالية لهذه الصناديق بتشغيل أكثر عدد ممكن من النشيطين الذين تؤدى بمساهماتهم معاشات المتقاعدين الحاليين، ضمن ما يسمى بتضامن الأجيال. وفي تقديري أن عملية المغادرة الطوعية لموظفي الدولة كان خطأ فادحا فيما يخص الإضرار بالتوازن المالي للصندوق المغربي للتقاعد، حيث غادر 30 ألف موظف الإدارة قبل سن التقاعد مقابل تعويضات مالية، وصاروا يتقاضون معاشاتهم من الصندوق، كما أن هذه العملية نتجت عنها نزاعات قضائية بين العديد من المغادرين وإداراتهم كالمكتب الوطني للسكك الحديدية وشركة «ألطاديس»، حيث رفع بعض المتقاعدين دعاوى ضد هاتين الإدارتين بسبب نقص 25 في المائة من معاشاتهم لأنهم غادروا الوظيفة قبل بلوغ السن القانوني للتقاعد أي 60 سنة، ولتعويض النقص المالي الذي سيسجل في الاقتطاعات من أجورهم يتم خفض قيمة المعاش. وفي الدعاوى المرفوعة ضد إدارة السكك الحديدية خسر المتقاعدون دعاواهم لأن عقود العمل التي تربطهم بها تنص على هذه العلاقة بين الخروج المبكر للتقاعد وتقليص نسبة المعاش، والعكس حصل مع متقاعدي التبغ لأن العقود لا تنص على ذلك وبالتالي ربحوا دعاواهم ضدها ابتدائيا، والملف في مرحلة الاستئناف وتقوم إدارة ألطاديس بالتفاوض معهم لإيجاد حل.