تتواصل حوادث الاحتجاج عبر إحراق الذات على «الطريقة البوعزيزية»، حيث أقدم فلاح في عقده الخامس، بعد ظهر أول أمس السبت الماضي على إشعال النار في جسده أمام مقر الدرك الملكي بجماعة «ويسلان» القريبة من مدينة مكناس، مما تسبب له في حروق متفاوتة الخطورة في أنحاء مختلفة من جسده، نقل على إثرها إلى قسم الحروق بالمستشفى الإقليمي محمد الخامس بمكناس. ونقل شهود من المارة عاينوا المشهد المروع أمام مقر الدرك الملكي، قولهم إن الخمسيني حضر إلى مكان الحادث بعد ظهر وهو يحمل داخل كيس بلاستيكي كمية من ثمار الزيتون، ظل يلوح بها ثم شرع في الصراخ، «واش ماكاين مخزن في هاذ لبلاد»، في إشارة منه بحسب ما نقله عنه شهود الحادث، إلى عملية السرقة التي تعرض لها محصوله من أشجار الزيتون من قبل أشخاص تسللوا إلى أرضه، كما يقول، بمنطقة «الدخيسة» التابعة لجماعة ويسلان بضواحي مدينة مكناس، مما جعله يتصل بالدرك لضبطهم واعتقالهم، لكنهم لم يتفاعلوا مع شكايته في حينها، وهو ما رد عليه الفلاح باحتجاجه أمام مقر مركز الدرك، حيث قام في مشهد مروع، بسكب مادة مشتعلة «الدوليو» ممزوجة بالبنزين على جسده، وأشعل النار في نفسه بواسطة ولاعة. من جهته، قال مصدر قريب من الموضوع ل»أخبار اليوم»، إن حالة من الفوضى والصراخ عمت الساحة القريبة من مركز الدرك، عقب إشعال الفلاح النار في جسده، حيث تجمهر جمع كبير من الناس بمكان «الحادث» يشاهدون جسد الخمسيني وهو يحترق، بل إن بعضهم عمدوا إلى تصوير المشهد المروع بواسطة هواتفهم، مما دفع رجال السلطة الذين حلوا بالمكان، إلى توقيف كل من كان يصور الحادث وإتلاف «الفيديوهات» المصورة، فيما ظل الفلاح يصرخ مكسرا هدوء المكان، قبل أن يسارع بعض التجار القريبين من مقر الدرك، إلى إحضار قطع قماش بللوها بالماء، ورموا بها على جسد الخمسيني وسط ألسنة النيران التي تلف جسده، حيث تمكنوا من إطفائها، فيما حضرت متأخرة سيارة الإسعاف التابعة للوقاية المدنية لمكناس، ونقلت الرجل إلى المستشفى الإقليمي محمد الخامس لتوفره على قسم خاص بمعالجة الحروق، خصوصا أن الفلاح، بحسب مصدر مطلع، أصيب بحروق من الدرجة الأولى والثانية بالنصف الأول من جسمه، تزايدت خطورتها بسبب التصاق ملابس كان يرتديها بجلده، والتي يحتوي قماشها على نسبة كبيرة من «البوليستر» السريع الاشتعال. هذا وأمرت النيابة العامة بفتح بحث قضائي في الحادث، حيث ينتظر أن يستمعوا إلى أقوال الفلاح في حال حصول المحققين على إذن طبي، وانتظار تحسن حالته الصحية وخروجه من حالة الغيبوبة الناتجة عن صعوبات في التنفس، فيما يواجه عناصر الدرك بحسب ما تابعه شهود حادث إحراق الخمسيني لجسده أمام مقر الدرك، تهمة التقصير في واجبهم المهني وتأخر تفاعلهم مع شكاية تقدم بها الفلاح ضد لصوص سرقوا محصوله من أشجار الزيتون.