مشاهد غير مسبوقة شهدتها شوارع العاصمة الرباط، بعد أن حج إليها أزيد من ألفي تلميذ غادروا مدارسهم للاحتجاج على القرار الحكومي بترسيم الساعة الصيفية طوال السنة. حشود من التلاميذ جاؤوا على شكل أفواج من مختلف أحياء مدينتي الرباطوسلا، دون تمييز بين أحيائهما الراقية والشعبية لهدف واحد هو الاحتجاج على التوقيت الرسمي الجديد للمملكة، والذي قالوا إنه سبب اضطرابا في حياتهم الدراسية. على خطى احتجاجات 20 فبراير حشدا وتنظيما “على مدى أسبوع دارت بيننا حوارات في فيسبوك حول الاحتجاجات التي نفذت في المدارس قبل أن نتفق نهاية الأسبوع الماضي على نقلها أمام مقر البرلمان”، هكذا يصف أحد التلاميذ الذين قادوا الاحتجاجات تطور “الحراك التلاميذي” المحلي، قبل وصوله إلى شوارع العاصمة. رغم ضعف التأطير لدى غالبيتهم، انتبه عدد من التلاميذ إلى بعض السلوكات الجانبية التي اتخذها زملاء لهم أو لبعض الشعارات التي استعملت فيها ألفاظ نابية، ما دفعهم إلى مطالبة المعنيين بالتوقف، أو إلى التشويش على هذه الانزلاقات بشعارات أخرى. التلاميذ الذين قدموا مشيا على الأقدام من مؤسسات تعليمية يبعد بعضها أكثر من 12 كيلومترا عن شارع محمد الخامس بالرباط، قاموا بالانتظام في 5 مجموعات كبرى ثلاث منها جاءت من أحياء مدينة سلا، خصوصا قرية الجماعة و”الواد” وسيدي موسى وغيرها. وعلى مشارف انتهاء يومهم الاحتجاجي، يقف أحد قيادات التلاميذ وسط شارع محمد الخامس، واضعا شارة حمراء على ذراعه، ليطالب أفراد المجموعة التي جاءت رفقته بالاحتشاد مجددا والاستعداد للرجوع إلى مدينة سلا، بعد أن “أُوصِلَتْ الرسالة”، على حد تعبيره. شعارات احتجاجية .. بامتدادات سياسية في غياب التأطير لحركتهم الاحتجاجية من طرف أي تنظيم أو جمعية أو شبيبة حزبية أو غيرها، اختار التلاميذ المشاركون انتداب نخبة منهم تكلفت برفع الشعارات و”تنشيط” المسيرة، بشعارات هاجمت قرار الحكومة، واصفة إياه بالعبثي، وبأنه يمثل خضوعا للوبي الشركات الفرنسية العاملة بالمغرب، والتي يرون أنها المستفيد الوحيد من إضافة ساعة إلى التوقيت الرسمي للمملكة. شعارات التلاميذ هاجمت رئيس الحكومة ووزارة التعليم على الخصوص، كما تطرق بعضها إلى قضايا اجتماعية وسياسية أخرى، خصوصا مسألة التضييق على الهجرة السرية، والتعامل الرسمي مع حادث قطار بولقنادل، فضلا عن رفض قانون التجنيد الإجباري، وغيرها من القضايا. لسنا فوضويين.. ولم يحرضنا أحد يرفض التلاميذ أن يكون الهدف من احتجاجاتهم هو الهروب من مقاعد الدراسة، ويؤكدون أن هذه الاحتجاجات يقودونها هم ولا أحد غيرهم، حيث تؤكد “لطيفة” التي تدرس بمسلك الباكالوريا الدولية -اختيار الإنجليزية- أن الضرر من الساعة الصيفية لحق جيمع التلاميذ أيا كان مستواهم في التحصيل، مشددة على أن مسيرة اليوم تضم تلاميذ من كل الفئات العمرية ومنتمين لمختلف الطبقات الاجتماعية، يوحدهم هدف واحد. كما أجمع التلاميذ الذين تحدث إليهم “اليوم 24” على عفوية احتجاجاتهم، نافين وقوع أي تحريض من طرف رجال ونساء التعليم، كما ادعى البعض. بدورها تؤكد لطيفة ألا أحد من الأساتذة دفعهم إلى الاحتجاج، حيث تشير إلى أن المؤطرين جميعهم حضروا إلى قاعات الدرس، وعدد كبير منهم يعارضون أي سلوك احتجاجي، وعملوا على إنجاز حصصهم الدراسية. الأمن اكتفى بالمراقبة .. ومدارس هددت بعقوبات وفق ما عاينه “اليوم 24″، لم تمنع عناصر الشرطة والقوات المساعدة الاحتجاجات في شوارع الرباط، حيث اكتفى رجال الأمن بمصاحبة حشود التلاميذ ومراقبتهم عن بعد دون أي تدخل، هذه “المصاحبة الأمنية” شملت منذ صباح اليوم تجمهر التلاميذ أمام المؤسسات التي يدرسون بها، حيث لم يتم منع أية واحدة منها. على مستوى المؤسسات التعليمية، هدد بعض المدراء والمؤطرين التربويين التلاميذ بالفصل إذا لم يعودوا إلى مقاعد الدراسة ابتداء من يوم غد الثلاثاء، وهي الخطوة التي تقول إحدى التلميذات إنهم سيواجهونها برفع شارات احتجاجية داخل الحجرات الدراسية. انزلاقات على الهامش وتخريب للملك العام لم يخل اليوم الاحتجاجي للتلاميذ من انزلاقات أقدم عليها البعض، حيث عمد عدد منهم بعد انتهاء الشكل الاحتجاجي إلى تخريب أملاك عمومية، وتكسير بعض الأعمدة والمصابيح في شارع محمد الخامس وقرب قبة البرلمان.