كرة القدم الشاطئية محطة رياضية لم تكن في الحسبان كل المؤشرات كانت توحي بأن إبن الحي المحمدي ياسين الصالحي هداف بطولة المجموعة الوطنية الثانية للموسم المنصرم، لن يزيغ عن مسار بعض نجوم كاريان سانطرال من فريق الإتحاد البيضاوي الذي لعب لفئتي صغاره وفتيانه من أمثال المرحوم بؤسة، علال نومير، الغزواني، المهدي، كريمو وغيرهم، بل جمع بين فنيات مدرستي الزاولي والأب جيكو لتشكل امتدادا لأولئك وهولاء مع لمسة راسينغية لعبد الحق رزق الله الذي قدمه في أحسن طبق وهو يميط اللثام عن مؤهلاته الحقيقية التي بوأته ثقة مسؤولي الرجاء في المناداة عليه وإلحاقه بترسانة كبار الفريق الذين دخلوا في معسكر ثاني بأكادير منذ الخميس الماضي بعد معسكر مركب كهرماء بحي كاليفورنيا ضواحي مدينة الدارالبيضاء·· فمع ياسين الصالحي إذا نجري هذا الحوار للإقتراب منه أكثر· المنتخب: متى كانت البداية؟ وكيف جاء إلتحاقك بفريق الرجاء الرياضي؟ - ياسين الصالحي: في البداية أشكر جريدة المنتخب التي أعتبر نفسي مدمنا على قراءتها وتتبع معظم الأخبار الرياضية عن طريقها إلى جانب بعض الصحف الوطنية الأخرى التي تولي الرياضة اهتماما خاصا، أما بخصوص سؤالكم، فالبداية بطبيعة الحال وكأي طفل من أطفال الأحياء الشعبية كانت رفقة الأتراب والأقران ببعض فضاءات الحي المحمدي، حيث مسقط رأسي، وحيث هذه اللعبة الشعبية التي تمارس بكل الفضاءات والأزقة وبأقل تكلفة ومستلزمات رياضية، فنعل بلاستيكي خفيف بجوارب أو بدونها يمكنه أن يفي بالغرض (صاندالة حلومة)، والموهبة وحدها كفيلة بأن تميز الطفل عن بقية زملائه حتى يصبح مطلوبا لتعزيز فرق الأحياء خلال الدوريات المناسباتية أو التي تجعل المساهمة بمبلغ مالي محدد محفزا أساسيا لتتنكر في الملعب لأي خصم حتى وإن كان من أقرب المقربين إليك· وفي ظل عشقي للمستديرة وحبي الكبير للفوز وبالحصص العريضة التي يكون لي فيها نصيب الأسد، ثم إلتحاقي بمدرسة الإتحاد البيضاوي القريبة من سكن العائلة من جهة، ولتقنين الممارسة وتنظيم أوقات فراغي حتى لا يطغى اللعب عن التحصيل الدراسي من جهة ثانية، وهكذا لعبت لصغار الطاس ثم لفتيانه قبل أن نرحل من الحي المحمدي إلى قرية الجماعة سنة 2002، الشيء الذي ساهم في أن أغير الأجواء بدوري، حيث انضممت لشبان فريق لافارج الذي كان يشرف عليه المدرب سعيد الشجراوي، قبل أن ألفت نظر مدرب الفريق الأول السيد بنحمو الذي استدعاني لتعزيز التشكيلة الرسمية رغم صغر سني، وحفزني على بذل المزيد من المجهودات لما أتمتع به من مؤهلات بدنية وتقنية، وخلال نفس الموسم، تمكنت من تسجيل مجموعة من الأهداف الحاسمة ومن مسافات متباينة، مما جعلني أكتسب المزيد من الثقة في النفس خصوصا عندما تم استدعائي من طرف الإطار الوطني السيد فتحي جمال لتعزيز المنتخب الأولمبي موسم 2006 خلال إقصائيات كأس العالم ضد منتخب غامبيا ذهابا وإيابا (2/2 ثم 0/2)· المنتخب: كيف جاءت فكرة الإلتحاق بالقلعة الخضراء والتأقلم السريع داخلها وكأنك منتوج رجاوي خالص؟ - ياسين الصالحي: (ضاحكا) لم يتم تأقلمي بالشكل الذي كنت أتصوره، أوبالسهولة التي يتصورها أي أحد، فبعد مشاركتي رفقة المنتخب الأولمبي ثم منتخب الشبان، توصلت بمجموعة من العروض من فرق وطنية أهمها الوداد البيضاوي والجيش الملكي، ففضلت فريق الرجاء الرياضي الذي كنت دوما أحلم بحمل قميصه وأحفظ أسماء لاعبيه عن ظهر قلب منذ نعومة أظافري، الأكثر من ذلك هو أن عددا كبيرا من لاعبي فريق الإتحاد البيضاوي هم عشاق الفريق الأخضر، بحيث أنك إذا سألت أي رياضي أو أي شاب يسكن الحي المحمدي عن فريقه المفضل بعد الإتحاد البيضاوي، يجيبك دون أدنى تردد، فريق الرجاء الرياضي الذي يذكرهم بأمجاد الطاس في أزهى مراحله، إذا فاختياري لم يأت بطريقة اعتباطية، بل عن قناعة وحب دفين للألوان الخضراء، فلعبت لشبان الرجاء تحت إشراف الإطار الصديقي لمدة موسم واحد 06/07، لألتحق خلال الموسم الموالي بمسكر الفريق الأول رفقة الإطار الفرنسي إيف شاي، لكن ظروف مرضية ونفسية حالت دون أن ألعب للفريق الأول خلال الموسم الرياضي ما قبل الأخير 0708، لذلك قلت لكم بأن تأقلمي لم يتم بالشكل الذي كنت أتصوره· لكن مع فريق الشبان حصل التأقلم، بحيث أن معظم لاعبيه جاوروني ضمن المنتخب الأولمبي أو منتخب الشبان، وعندما إلتحقت بالفريق لم أجد أدنى صعوبة في التأقلم والإستجابة للخطط التقنية والتكتيكية للسيد الصديقي في ظل فريق متكامل يجيد الصد والهجوم واللعب النظيف، المشكل هو عندما إلتحقت بمعسكر أكادير تم إبعادي إلى حين التأكد من بعض الفحوصات الطبية لأحد الأطباء الإختصاصيين في أمراض القلب والشرايين، والذي حذر من وجود خلل ما في عمل ووظيفة القلب، الشيء الذي أحالني على العيادات المتخصصة في أمراض القلب وما صاحب ذلك من قلق وتأثيرات نفسية كادت أن تقضي على كل أمل في الحياة لولا أفراد أسرتي وخالي الأستاذ سعد الذي عرف كيف يعيد لي البسمة والعودة السريعة إلى الملاعب بعدما تمت إعارتي خلال فترة الإنتقالات الشتوية إلى الراسينغ البيضاوي· المنتخب : وكيف عشت هذه المحطة الجديدة كلاعب معار فريق الراك بعدما كنت تمني النفسي بالرسمية داخل الرجاء؟ - ياسين الصالحي: لقد سبق وأن لعبت لفريق الراسينغ البيضاوي كمعار خلال الموسم قبل الأخير 2007/2008 وساهمت في إنقاذ الفريق من النزول عندما تم اعتمادي كلاعب أساسي من طرف الإطارين الوطنيين السيدين عبد الحق رزق الله ومحمد أبو الهدى الذي سبق وأن كان مشرفا ومديرا تقنيا على مدرسة الرجاء خلفا لفتحي جمال، ويعرف حقا المعرفة مؤهلاتي البدنية والتقنية، فسجلت ستة أهداف حاسمة رغم قلة تنافسيتي، بمعنى أن الراسينغ البيضاوي كان بيتي الثاني الذي استعدت فيه كل مقوماتي إلى جانب ثلة من الزملاء أشبال الأب ماندوزا الذين يتقنون اللعب القصير واللعب الفرجوي الذي يتفاعل معه الجمهور وينتشي به الأب ماندوزا حتى عندما يضيع الهدف· لذلك تجد لاعبي الراسينغ يميلون أكثر للفرجة وإمتاع الجماهير كيفما كان عددهم، لذلك فأنا لا أتحدث عن الموسم الأول، بل عن الموسم الأخير الذي أثبت فيه الدكتور الكولونيل السياح بالمستشفى العسكري أن قلبي سليم مائة في المائة وبإمكاني المشاركة في المارطونات الدولية دون أي تخوف· المنتخب : وربما أن ذلك كان سببا قويا في إصرارك على الفوز بلقب هداف الدوري؟ - ياسين الصالحي : نعم، فالبرغم من أنني لم ألتحق بالفريق إلا بعد مرور خمس سنوات، وبمجرد ما أن أعطاني الأب ماندوزا القميص رقم 17، وعدت نفسي بأن أسجل سبعة عشر هدفا وهدف إضافي على شرف خالي سعد الذي وقف إلى جانبي خلال تلك الفترة العصيبة من حياتي ولم يكن يتوانى في الرفع من معنوياتي، لذلك كنت كلما سجلت هدفا توجهت نحوه لأذكره بالوعد الذي أخذته على نفسي في الفوز بالحذاء الذهبي· المنتخب : لكنك خلال تسجيلك لإحدى الإصابات توجهت نحو السيد ماندوزا وأزلت قبعته وقبلته رأسه وكأنك تمرر رسالة معينة؟ - ياسين الصالحي : بالفعل، والحمد لله أن جريدتكم كانت حاضرة كعادتها وهي تؤرخ لذلك اليوم وتلك الحركة، قبل تسجيلنا للهدف، أضعنا مجموعة من الفرص السانحة وكاد معها الخصم أن يباغثنا في أكثر من مناسبة، فسمعت بعض الجماهير - وهي قلة قليلة - تتربص لاستفزاز الأب ماندوزا بعبارات جارحة أغضبتني شخصيا وحفزتني على أن أثأر له بطريقة رياضية وحضارية أخرس بها ألسنتهم، فسجلت فعلا بطريقة جميلة جدا، وتوجهت نحوهم طالبا منهم بأن يخرسوا ويقبعوا في أماكنهم وأنا أضع سبابتي على فمي ليفهموا قصدي، ثم توجهت بعد ذلك نحو الأب ماندوزا لأرسم تلك القبلة الأبوية على جبينه وهو يطير فرحا ونشوة باحثا بأعينه ومتفحصا وجوه الجماهير التي باذلت التحية والفرحة العارمة التي عمت كل مدرجات الأب جيكو المغطاة· المنتخب: هل هذا يعني بأنك ترغب في البقاء ضمن فريق الراسينغ البيضاوي؟ - ياسين الصالحي: (ضاحكا) هل تريد أن تخاصمني مع الأب ماندوزا بسؤالك هذا، لكن، كن واثقا بأن الأب ماندوزا لا يريد إلا الخير للاعبيه، والراسينغ محطة مهمة ومدرسة جديرة بالإحترام و التقدير، وإلا كيف فزت بلقب هداف دوري بطولة المجموعة الوطنية الثانية؟ المنتخب: هل ستحرص على تحقيق نفس الإنجاز رفقة الرجاء الرياضي هذا الموسم؟ - ياسين الصالحي: سأعمل جادا على أن أكون عند حسن الظن، لأن التهديف وهز الشباك بات من أولى أولوياتي كمهاجم هداف، سيما وأنني سألعب ضمن فريق مدجج بالمواهب والنجوم القادرة على قلب النتائج في أي وقت وحين، بل لن أخفيكم سرا إذا قلت لكم بأنني أفكر بطريقة جدية في تحطيم الرقم الذي هو بحوزة المهاجم الأسبق للنادي القنيطري البوساتي، وهو مطمح مشروع رغم صعوبته، ولا شيء ينال بالسهل· المنتخب : ماهي حظوظ فريق الرجاء خلال الموسم الرياضي الجديد؟ - ياسين الصالحي: حظوظها جد وافرة في الدفاع عن لقبها التاسع رغم كل التعزيزات التي عرفتها مجموعة من الفرق الوطنية، وهذه التعزيزات هي في حد ذاتها تعبير ضمني وصريح من خصوم الرجاء على أن القلعة الخضراء قوية وجد محصنة، لذلك فهم يجمعون لها ما يستطيعون من العدة والعدد من أجل أن يظفروا بما قد يبررون به استعداداتهم· المنتخب: ماهي طموحاتك المستقبلية؟ - ياسين الصالحي: أن أكون أولا في مستوى المسؤولية رفقة العناصر الرجاوية، ثم أن أجعل من القلعة الخضراء محطة أساسية نحو عالم الإحتراف الذي سيمكنني من تحقيق مجموعة من الأهداف، في مقدمتها التوازن النفسي والإجتماعي، ثم تأكيد حسن اختياري لكرة القدم كمهنة وكمصدر للقمة العيش دون التفريط في تعلم اللغات الحية وإتقانها، على اعتبار أن لاعب الكرة هو سفير لبلاده أينما حل وارتحل، ومن المفروض أن يجيد تكلم اللغات للإجابة عن أسئلة الصحفيين دون أي مركب نقص أو أن يجعل الخجل مطية له يتهرب به عن أي إحراج حتى في أسعد اللحظات· المنتخب: كلمة أخيرة؟ - ياسين الصالحي: أشكر مرة أخرى جريدة المنتخب بكل طاقمها التحريري والتقني، كما أشكر الأب ماندوزا وخالي سعد والكولونيل الدكتور السياح والسيد عبد الله غلام الذين ساعدوني من التخلص من مرض وهمي كاد أن يدمر حياتي ويحولني إلى مجرد إسم عابر تدرج بالفئات الصغرى للإتحاد البيضاوي والرجاء الرياضي دون أن يترك شيئا يذكر غير الآهات، فشكرا لهم جميعا وللجمهور الذي كان يؤازرني، والذي أعده بهز الشباك ومشاطرته أفراح ومسرات الخضراء·