ارتفاع نسبة ملء السدود في المغرب    مستشار الرئيس الفلسطيني يشيد بالدعم الموصول للملك محمد السادس للقضية الفلسطينية    بوتين "يؤيد" هدنة لمدة 30 يوما في أوكرانيا لكن تعرقلها "خلافات دقيقة"    بايتاس يرفض التوضيح بخصوص "استغلال" شاحنة جماعاتية لأغراض انتخابية ويكشف حجم تصدير زيت الزيتون    الملك محمد السادس يهنئ قداسة البابا فرانسيس بمناسبة ذكرى اعتلائه الكرسي البابوي لحاضرة الفاتيكان    مجلس الحكومة يصادق على أسماء في مناصب عليا ضمنهم مديرة أكاديمية طنجة الحسيمة    التجسس الجزائري في فرنسا: سر مكشوف وتغيرات إقليمية تقلب الموازين    دوري أبطال أوروبا.. "ويفا" يدرس إجراء تعديل حول ركلات الجزاء بعد واقعة ألفاريس    أمطار قوية وتساقطات ثلجية وهبات رياح من الخميس إلى السبت بعدد من أقاليم المغرب    إلغاء رحلات بحرية بين موانئ بالمغرب وإسبانيا لسوء الطقس    جرائم فساد مالي تُلاحق زوجة هشام جيراندو    انقطاع دواء "الميثادون" يتسبب في هيجان المدمنين.. ومهنيو الصحة يطالبون بالحماية وتوفير البديل    ظاهرة فلكية نادرة مرتقبة فجر يوم غدٍ الجمعة    "المحكمة الدستورية تُقر قانون الإضراب وتُبدي تحفظات على ثلاث مواد    في ندوة «التمكين الاقتصادي للنساء ومساهمتهن في التنمية الاقتصادية والاجتماعية» بنيويورك .. لطيفة الشريف: تمكين المرأة اقتصاديا يرتبط بشكل كبير بوصولها إلى موارد مالية وتحسين الإطار القانوني والتشريعي    الفريق الاشتراكي يسائل الحكومة بشأن إعفاءات المديرين الإقليميين للتعليم    قناع الغرب.. البروتوكولات المضللة 12- الأكاذيب الآمنة في يد السلطة    مجلس الحكومة يطلع على اتفاقين دوليين موقعين بين حكومة المغرب وحكومتي بنين وأنغولا    مكاسب في تداولات بورصة البيضاء    تفاصيل تكاليف العصبة الاحترافية    أمطار قوية من الخميس إلى السبت    مقاييس الأمطار المسجلة بالمملكة خلال ال 24 ساعة الماضية    سفير الصين بالمغرب يكتب: الضغوط التجارية الأحادية لا تؤدي إلى أي نتيجة    الهواري غباري يؤدي "صلاة الخائب"    الحسيمة.. أمطار الخير تنعش منطقة أيت أخلال وتعزز الآمال في موسم زراعي ناجح    جديد دراسات تاريخ الأقاصي المغربية: التراث النوازلي بالقصر الكبير    أخبار الساحة    الوكالة المغربية لمكافحة المنشطات تكرم الدولي السابق محمد التيمومي    لمجرّد يكشف تفاصيل عمليته الجراحية ويطمئن جمهوره    المغرب يحتل المركز السادس عربيًا وإفريقيًا في الحرية الاقتصادية لسنة 2025    صحيفة إسبانية: المغرب فاعل رئيسي في قطاعي السيارات والطاقة المتجددة    فضل الصدقة وقيام الليل في رمضان    يسار يعرض "لمهيب" في مركب محمد الخامس    أزيد من 25 مليون مصل في المسجد الحرام خلال العشرة الأولى من رمضان    السعودية تسعى لإنشاء مختبر للكشف عن المنشطات والمحظورات في المنافسات الرياضية    برنامج إعادة إعمار إقليم الحوز يحقق تقدما ملموسا    مطالب للداخلية بالتحقيق في توزيع جمعية مقربة من "الأحرار" للمساعدات باستعمال ممتلكات الدولة    عدوى الحصبة تتراجع في المغرب    ماذا يحدث للجسم إذا لم يتناول الصائم وجبة السحور؟ أخصائية توضح    "حماس" ترحب بتراجع ترامب عن دعوة "تهجير سكان غزة"    بوريطة يستقبل وزيرة خارجية إفريقيا الوسطى حاملة رسالة إلى جلالة الملك من رئيس بلادها    توقعات أحوال الطقس ليوم الخميس    أداء الشعائر الدينيّة فرض.. لكن بأية نيّة؟    تعميم المنصة الرقمية "زيارة" على كل المؤسسات السجنية    الاحتراق الإبداعي..    دراسة: الوجبات السريعة تؤدي إلى تسريع الشيخوخة البيولوجية    المضيق-الفنيدق: حجز أزيد من 640 كلغ من المواد الغذائية الفاسدة    رسميًا الزمالك المصري يعلن تفعيل بند شراء محمود بنتايك    بوحموش: "الدم المشروك" يعكس واقع المجتمع ببصمة مغربية خالصة    أوراق من برلين .. قصة امرأة كردية تعيش حياة مليئة بالتناقضات    هذا ما صرح به الهيلالي للصحافة الإسبانية: رفضت البارصا مرتين و « سأكون أسعد شخص في العالم إذا تلقيت دعوة اللعب مع المغرب »    الفيفا … الاتحاد الذي لا يعرف الأزمات … !    الدوحة… التأكيد في اجتماع اللجنة الخماسية والمبعوث الأمريكي ويتكوف على مواصلة التشاور بشأن خطة إعادة إعمار غزة    وزارة الثقافة تفرج عن نتائج جائزة المغرب للكتاب    من الخليج إلى المحيط… المَلكيات هي الحلّ؟    دراسة: التغذية غير الصحية للحامل تزيد خطر إصابة المولود بالتوحد    أطعمة يفضل الابتعاد عنها في السحور لصيام صحي    بنكيران .. القرار الملكي لا يدخل ضمن الأمور الدينية وإنما رفع للحرج    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



انقلاب أبيض حوّل العربي الزاولي إلى جسد بلا روح
مات وهو يسأل عن أحوال الفريق وحظوظه في البطولة
نشر في المساء يوم 04 - 08 - 2009

تنشر «المساء» في واحتها الصيفية، صفحات من تاريخ الكرة المغربية، خاصة في الجانب المتعلق بوفيات رياضيين في ظروف لفها الغموض، وظلت جثامينهم ملفوفة بأسئلة بلا جواب، رغم أن الموت لا يقبل التأجيل. العديد من الرياضيين ماتوا في ظروف غامضة، وظلت حكايا الموت أشبه بألغاز زادتها الاجتهادات تعقيدا. ونظرا للتكتم الذي أحاط بالعديد من الحالات، فإن الزمن عجز عن كشف تفاصيل جديدة، لقضايا ماتت بدورها بالتقادم.
نجا العربي الزاولي الأب الروحي للاتحاد البيضاوي من الموت سنة 1984، بعد أن استبد به المرض وحوله إلى أسير في مستشفى متعدد الاختصاصات. كان الرجل يستعجل العودة إلى الحي المحمدي لأنه لا يقوى على العيش إلا إذا تنفس هواء كريان سنطرال المتاخم لملعب الطاس الشهير بلقب ملعب الحفرة.
غادر رئيس الاتحاد البيضاوي سرير المرض، لكن الطاقم الطبي أكد لمقربيه أن الرجل عائد لا محالة إلى سريره لأنه مرتبط وجدانيا بفريق الحي المحمدي. وبعد ثلاث سنوات عاد العربي إلى مصحة درب غلف بعد أن اشتد مرضه.
يقول الزميل عبد الله غلالي، الذي أنجز آخر حوار مع الزاولي ساعات قبل رحيله إلى جريدة الميثاق الرياضي: «عانى الفقيد من ضغط رهيب، وأكد التقرير الطبي عدم تحمله للصراعات التي كان يعرفها فريق الحي المحمدي، مما أثر على سريان الدم في دماغه وأوقف حركة المخ، كنتيجة حتمية للمؤامرة التي حيكت من طرف عبد الرزاق أفيلال وقائد مقاطعة بالحي المحمدي من أجل انتزاع الفريق من بين يدي الراحل».
وعلى الرغم من أن سميرة الزاولي نجلة الفقيد، قد ربطت الوفاة بمرض عضال على مستوى الجهاز التنفسي، «كان والدي رحمه الله مدمنا على تدخين السجائر خاصة نوع ثريا، وكان يستهلكها بشراهة غير عابئ بتحذيراتنا، بمعدل ثلاث علب سجائر في اليوم الواحد».
لكن سميرة نفت أن تكون الوفاة نتيجة شراهة في التدخين، أو ما شابه ذلك، وأكدت ل«المساء» أنه مات ب«الفقصة»، من جراء تكالب رفاق الأمس عليه. لقد جرده أفيلال، بتواطؤ مع بعض اللاعبين من الاتحاد البيضاوي، بعد الانقلاب الشهير لسنة 1988 الذي أريد به سحب البساط من تحت أقدام العربي الزاولي، من كل ما يربطه بالطاس، بل إن قائد مقاطعة الحي المحمدي قد داهم يوما ملعب الحفرة، واعتقل نادل مقهى الملعب بعد أن دس شخص غريب قطعة مخدر في الدرج، كما حاولت شاحنة تابعة لجماعة عين السبع التي يرأسها عبد الرزاق أفيلال هدم جدار المقهى نكاية بالعربي.
ظل العربي يردد حين كبرت نوايا «الانقلابيين»، أنه لن يغادر الملعب إلا محمولا على نعش إلى المقبرة، وهو ما حصل يوم 13 أبريل من سنة 1987، حين التحق بالرفيق الأعلى وفي قلبه غصة وجرح عميق، من جراء تنكر فئة من أبناء الحي للأب الروحي للطاس.
أثناء مراسيم الدفن أجمعت كلمات التأبين على روح الإيثار التي ميزت علاقة المرحوم بالاتحاد البيضاوي، فقد كان يموت جوعا من أجل إشباع بطون اللاعبين والمدربين، وكان يبيع أثاث المنزل من أجل تأمين مصاريف إحدى رحلات الفريق، «باع والدي سيارته من نوع فيات 132 من أجل تدبير مبلغ مالي لأداء أجور اللاعبين، وباع سرير نومه من أجل تأمين رحلة الفريق إلى القنيطرة، وباعت والدتي محلا تجاريا من أجل إعالة أبنائها، لأن المرحوم كان يوفر الشغل للاعبين ويترك فلذات كبده عرضة للبطالة». تقول سميرة التي ورثت عن والدها تركة الطاس ومعاناة الاتحاد.
مات ابا عروب، كما يسميه أبناء الحي، وعلى صدره وسام الرضى من الدرجة الممتازة سلمه له الملك الراحل الحسن الثاني سنة 1971، واعترافا من السلطات الرياضية بالدور الذي لعبه في تنمية الكرة بالمنطقة وجعلها موردا للرزق لكثير من الأسماء، قبل أن تخرج فلسفة التنمية البشرية بسنوات.
في آخر لحظات عمره، كان الراحل يسأل عن أحوال الطاس وحظوظه في البطولة قبل أن يسأل ابنته الممرضة عن أحواله الصحية، كان الألم يعتصره كلما ذكره أحد زواره بنوايا المتآمرين، قبل أن يسلم الروح إلى مالكها وهو يتأمل صور فريق نسج معه علاقة صوفية غريبة.
انطلقت رحلة العربي الزاولي مع فريق الاتحاد البيضاوي بداية الخمسينيات، بعد أن كان سائقا لشاحنة تنقل الأسماك من الصويرة إلى الدار البيضاء، واستطاع في فترة وجيزة جعل الطاس محور اهتمام المتتبعين الرياضيين، ومشتلا لصنع النجوم بعد أن اتخذ من سطح منزله الموجود في قلب ملعب الحفرة مكانا لمتابعة اللاعبين، معتمدا على عصاميته وحبه الصادق للفريق، إلى درجة أنه كان ملتصقا بلاعبيه أكثر من أبنائه الذين لم يترك لهم غير ديون متراكمة صرفها على اللاعبين ووثائق وبذل رياضية ومسكن بسيط بجوار الملعب والحي المحمدي.
كما أن الرجل ساهم في وصول العديد من اللاعبين إلى الفريق الوطني، كالغزواني وبؤسا ونومير وعبدالخالق والقاسمي ويمان وفرحات، حين كان ناخبا وطنيا.
وحين اختفى الزاولي اختفت معه احتفالية الطاس وفرح أبناء الأحياء القصديرية الذين كانوا يجدون في الفريق ملاذهم من الخصاص، بل إن موته كان بمثابة المنعرج في تاريخ الفريق، حيث فقد هيبته ولم يعد سوى مجرد اسم نكرة في فضاء الكرة الوطنية. تقول سميرة، بنبرة حزينة، إن والدها كان عنوانا للإيثار، فقد كان جميع أفراد الأسرة في خدمة الفريق، وليس الفريق من كان في خدمة الأسرة كما يفعل بعض المسؤولين، فإخوتي يجمعون الكرات ويدربون الصغار ويقودون سيارة نقل اللاعبين ويحرسون الملعب.
وتضيف: «الوضع الأسري لعائلة الزاولي يبعث على الاستغراب، تصور أن شقيقي الذي درب الاتحاد البيضاوي لسنوات يعيش على إيقاع البطالة، وشقيقي الآخر الذي كان سائقا لحافلة الفريق يعاني بدوره من الإقصاء، ثم إنني عانيت بدوري خلال تدشين ملعب الطاس من طرف الملك محمد السادس، حيث منعت من الدخول وكنت محاصرة بعيدا عن الملعب والدموع في عيني، رغم أنني اقترحت على عامل عين السبع الحي المحمدي تنظيم معرض لصور الطاس التاريخية أثناء الزيارة المولوية»..


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.