تصعيد نقابي في قطاع الصحة بجهة الداخلة وادي الذهب.. وقفة احتجاجية واعتصام إنذاري ومطالب بصرف التعويضات    دونالد ترامب يؤكد تطبيق الرسوم الجمركية على أوتاوا ومكسيكو وبكين يوم الثلاثاء    قمة عربية في القاهرة لبحث مشروع بديل لمقترح دونالد ترامب بشأن غزة    الصين: افتتاح الدورتين، الحدث السياسي الأبرز في السنة    الصين تفرض رسوما على سلع أمريكا    تصفيات مونديال 2026: تحكيم صومالي لمباراة المنتخبين المغربي والنيجري    فينيسيوس: "مستقبلي رهن إشارة ريال مدريد.. وأحلم بالكرة الذهبية"    الزلزولي يعود إلى تدريبات ريال بيتيس    طقس ممطر في توقعات اليوم الثلاثاء    مصرع طفل جراء انهيار التربة في دوار بإقليم سيدي بنور    تأجيل قضية ناشط في طنجة توبع بسبب تدوينات حول حرب غزة إلى 10 مارس    قمة عربية في القاهرة لمناقشة خطة بديلة لمشروع ترامب في غزة    الإفراط في تناول السكر والملح يزيد من مخاطر الإصابة بالسرطان    دوري أبطال أوروبا .. برنامج ذهاب ثمن النهاية والقنوات الناقلة    بتعليمات ملكية.. ولي العهد الأمير مولاي الحسن والأميرة للا خديجة يشرفان على انطلاق عملية "رمضان" لفائدة مليون أسرة مغربية    مطالب للححكومة بدعم الكسابة بعد إلغاء أضحية العيد    ساكنة الجديدة تنتظر تدخل العامل ومحاسبة المتسببين في مهزلة الأزبال    ترامب يعلق "مساعدات أوكرانيا"    فرنسا تفرض إجراءات غير مسبوقة لتعقب وترحيل المئات من الجزائريين    وكالة بيت مال القدس تشرع في توزيع المساعدات الغذائية على مؤسسات الرعاية الاجتماعية بالقدس الشريف    إعلام عبري: إسرائيل تعتزم استئناف الحرب على غزة خلال 10 أيام    الفيدرالية المغربية لتسويق التمور تنفي استيراد منتجات من إسرائيل    تحويلات الجالية تتجاوز 9 مليار درهم متم يناير المنصرم    ألباريس يجدد التأكيد على موقف بلاده الداعم لمبادرة الحكم الذاتي ولمغربية الصحراء    مباحثات بين ولد الرشيد ووزير خارجية ألبانيا للارتقاء بالتعاون الاقتصادي والسياسي    بطولة إسبانيا.. تأجيل مباراة فياريال وإسبانيول بسبب الأحوال الجوية    تساقطات ثلجية وأمطار قوية مرتقبة بعدد من مناطق المملكة    بتعليمات ملكية سامية.. ولي العهد الأمير مولاي الحسن والأميرة للا خديجة يعطيان انطلاقة عملية "رمضان 1446" لتوزيع المساعدات    القطب الصناعي لمجموعة طنجة المتوسط يحقق 174 مليار درهم من المعاملات في 2024    القنوات الوطنية تهيمن على وقت الذروة خلال اليوم الأول من رمضان    سينما.. فيلم "أنا ما زلت هنا" يمنح البرازيل أول جائزة أوسكار    مجلس حقوق الإنسان: 40 دولة تجدد تأكيد دعمها للسيادة التامة والكاملة للمغرب على صحرائه    زكية الدريوش    إرجاء محاكمة أقارب "تيك توكر"    ولد الرشيد يشيد بالموقف الألباني    برقية تهنئة إلى الملك محمد السادس من رئيس أوزبكستان بمناسبة حلول شهر رمضان المبارك    3 مغاربة في جائزة الشيخ زايد للكتاب    عمرو خالد: هذه أضلاع "المثلث الذهبي" لسعة الأرزاق ورحابة الآفاق    أداء إيجابي يسم بورصة البيضاء    المغرب يستمر في حملة التلقيح ضد الحصبة لرفع نسبة التغطية إلى 90%‬    أحمد زينون    كرنفال حكومي مستفز    وزارة الصحة تكشف حصيلة وفيات وإصابات بوحمرون بجهة طنجة    حوار مع صديقي الغاضب.. 2/1    وكالة الأنباء الإسبانية (إفي): ابراهيم دياز.. الورقة المغربية الرابحة لأنشيلوتي في ديربي مدريد    أهدنا الحياة .. ومات!    ضرورة تجديد التراث العربي    وزير الثقافة الإسرائيلي يهاجم فيلم "لا أرض أخرى" بعد فوزه بالأوسكار    فيروس كورونا جديد في الخفافيش يثير القلق العالمي..    مجلة إيطالية: المغرب نموذج رائد في تربية الأحياء المائية بإفريقيا والبحر الأبيض المتوسط    ناقد فني يُفرد ل"رسالة 24 ": أسباب إقحام مؤثري التواصل الاجتماعي في الأعمال الفنية    كرة القدم: كوريا تتقدم بطلب تنظيم كأس آسيا 2031    دوبلانتيس يعزز رقمه العالمي في القفز بالزانة    مسلسل "معاوية".. هل نحن أمام عمل درامي متقن يعيد قراءة التاريخ بشكل حديث؟    بريسول ينبه لشروط الصيام الصحيح ويستعرض أنشطة المجلس في رمضان    هذا هو موضوع خطبة الجمعة    الفريق الاشتراكي بمجلس المستشارين يستغرب فرض ثلاث وكالات للأسفار بأداء مناسك الحج    المياه الراكدة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



لغز مقتل الملاكم مارسيل سيردان في حادث سقوط طائرة
جاك شيراك أمر بنقل رفاته من الدار البيضاء إلى باريس
نشر في المساء يوم 13 - 07 - 2009

تنشر «المساء» في واحتها الصيفية، صفحات من تاريخ الكرة المغربية، خاصة في الجانب المتعلق بوفيات رياضيين في ظروف لفها الغموض، وظلت جثامينهم ملفوفة بأسئلة بلا جواب، رغم أن الموت لا يقبل التأجيل. العديد من الرياضيين ماتوا في ظروف غامضة، وظلت حكايا الموت أشبه بألغاز زادتها الاجتهادات تعقيدا. ونظرا للتكتم الذي أحاط بالعديد من الحالات، فإن الزمن عجز عن كشف تفاصيل جديدة، لقضايا ماتت بدورها بالتقادم.
بعد أن خاض مارسيل سيردان، الملاكم الفرنسي المقيم في المغرب، نزالا في الولايات المتحدة الأمريكية أمام الملاكم الأمريكي جاك لامورطا برسم بطولة العالم للوزن المتوسط، انتهى بهزيمة مارسيل بالانسحاب من الحلبة إثر إصابته في الكتف، صرح لوسائل الإعلام الأمريكية بأنه خسر معركة دون أن يخسر الحرب، وأضاف أن المباراة الثأرية التي ستقام بعد شهر في الدار البيضاء هي التي ستحسم أمر اللقب.
اعتبر العديد من المتتبعين أن التصريح الذي أدلى به مارسيل كان فيه نوع من التحقير للأمريكيين، خاصة حين توعد بجعل الدار البيضاء قبرا لمنافسه.
بعد يومين، وبالتحديد، في يوم 28 أكتوبر من سنة 1949، امتطى سيردان الطائرة عائدا إلى المغرب، وفوق صخرة جبل طارق تحطمت الطائرة وقتل كل ركابها وطاقمها التقني، وبلغ عدد الموتى عند سفح الصخرة الصامدة حوالي 44 شخصا كانوا يتجهون صوب الدار البيضاء.
أجمعت الكتابات التي نقلت حينها وقائع الحادث على وجود محاولة للإطاحة ببطل العالم، وتحويل التاج العالمي إلى الولايات المتحدة الأمريكية، وذهبت بعض الروايات إلى حد التساؤل عن سر تراجع مدربه الخاص روب وبعض الشخصيات الأمريكية في آخر لحظة عن السفر على متن نفس الطائرة، وتأكيد الصحافة الأمريكية على أن المباراة الفاصلة في الدار البيضاء لن تجرى.
كل هذه المعطيات رجحت كفة النية المبيتة للإيقاع بالملاكم الكبير مارسيل سيردان، الذي ظل يتوعد الأمريكيين بأبشع ما في قاموس الوعيد من كلمات، بل إن الصحافة العالمية ظلت تنسج روايات فاقت حدود العقل في حادث جوي طمست معالمه بشكل سريع.
دفن جثمان الفقيد في مقبرة «النصارى» بالدر البيضاء غير بعيد عن محطة أولاد زيان بمنطقة الصخور السوداء. لكن أسرته التي انتقلت إلى فرنسا ظلت تمني النفس بنقل تربة القبر إلى حيث تقطن، وهي الرغبة التي حققها لعائلة سيردان الرئيس الفرنسي السابق جاك شيراك.
ارتبط مارسيل طويلا بالمغرب الذي اعتبره بلده الثاني، رغم أنه من مواليد سيدي بلعباس بالجزائر يوم ثاني يونيو من سنة 1916، حيث انتقل إلى الدار البيضاء رفقة والده إسباني الجنسية ووالدته الفرنسية وسنه لا يتجاوز أربع سنوات، بل إنه انضم إلى أحد نوادي الملاكمة في عهد الاستعمار وعمره لا يتجاوز ثماني سنوات، كما لعب لمنتخب المغرب الذي كان حينها يضم خليطا من اللاعبين المغاربة والأجانب كالعربي بن مبارك وأحمد شهود ولخميري وغيرهم من نجوم الحقبة الاستعمارية.
جعل مارسيل من المغرب مستقره، حيث التحق بالبحرية وظل رياضيا متكاملا يمارس أنواع رياضية متعددة كالملاكمة وكرة القدم والكرة الحديدية وسباق الدراجات، بل إن كتب التاريخ تروي عن قدرته الخارقة على خوض ثلاثة نزالات في اليوم في ثلاثة أنواع رياضية مختلفة، في إطار المباريات التي يجريها فريق البريد البيضاوي.
تحول مارسيل إلى أسطورة بعد أن تداولت الصحافة أخبارا عن رجل غير عادي، جعل من الرياضة عشقا أبديا، فعاش من أجل قيمها ومات دفاعا عن شرف المنافسة. وأجمل ما كتب عن الراحل من طرف صحفي إسباني، «لم يهزم مارسيل فوق الحلبة لكن القدر هزمه جوا، فلم يفقد لقبه العالمي بل دفن معه».
ارتبط بعلاقة عاطفية عنيفة مع المغنية الفرنسية الشهيرة إديت بياف، التي كانت تزوره في الدار البيضاء وتتابع مبارياته المحلية والخارجية، وكان فندق ما بين القارات في زنقة كولبير شاهدا على تلك الجلسات المشبعة بالرومانسية، حيث دأبت بياف على التغني بروائعها، خاصة رائعة «كانوا خمسة».
مات سيردان، لكن ابنه ورث القفاز وظل يبحث عن موقع قدم بين المحترفين، رغم أن مساره توقف عند حاجز الهواة، حين نال لقب بطل أوربا لهذه الفئة. ثم قرر إعادة القفاز إلى مكانه.
مات مارسيل وظل البيضاويون يذكرونه بتقدير كبير، ليس لأنه ترك للسكارى خمارة في وسط المدينة، يحتسون فيها النبيذ على إيقاع أغاني بياف، وليس لأن صور مارسيل الجاثمة فوق قنينات الخمر الملونة تذكر زبناء الحانة ببطل عظيم، ولكن لأن الراحل جعل من المغرب مسقط قلبه وعقله.
ومن المفارقات العجيبة في حياة هذا البطل الأسطوري أن صديقه الحميم, الملاكم المغربي عباس حنين، ظل بعد وفاة مارسيل يبكي فراقه بحرقة، إلى أن استيقظ سكان شارع 11 يناير ذات يوم على مشهد جثة رجل مات من شدة ألم الفراق على بعد مترين من حانة مارسيل سيردان، وبعد لحظات فقط تبين أن الميت هو رفيقه عباس الشهير في أوساط الملاكمة بلقب «الكريك».


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.