يتخذ عبد الله ساعف، الباحث الأكاديمي، رواية الكاتب الألباني إسماعيل قدري «قصر الأحلام» متنا يمتطيه لكي يعبر من خلاله عن رؤيته للعلاقة بين الحاكم والمحكوم، وكذا عن أحلام الشعب ورؤاه بل ونبوءات بعض أبنائه، هذه الأحلام التي تختلف باختلاف طبقات الشعب وانتماءاتهم. السطور التالية هي أيضا قراءة خاصة بعبد الله ساعف في تحولات الساحة السياسية المغربية في الفترة الأخيرة وخاصة خلال سنة 2007. هل كانت سنة 2007 سنة الإعلان عن فشل المبادرة الوطنية للتنمية البشرية؟ في الأصل، تمت مباركتها على أنها مبادرة واعدة، فقد كانت العملية محاطة بجميع الاحتياطات المنهجية التي من شأنها أن تضمن لها النجاح. في البداية تم التخطيط لهذه المبادرة على أنها سياسة ستؤتي أكلها في السنوات الثلاث التالية، أما اليوم، وفي العام الثالث على إطلاقها، لم تعد الرؤى واضحة، كما تم الاستغناء عن الفلسفة التي تبنتها هذه المبادرة عند انطلاقها. وهكذا، تحولت المبادرة من برنامج إلى سياسة دائمة. هل يتماشى مشروع التنمية، التي سماها التكنوقراط «إنسانية»، مع حقيقة المجتمع المغربي؟ لقد كانت الفكرة الأساسية من هذه المبادرة هي مساعدة مختلف الفاعلين على تطوير مشاريع تنموية عبر التراب الوطني. تحقيق ذلك على أرض الواقع كان يستلزم وجود مراكز قرار، وهو الدور الذي لم ينجح الولاة والعمال في الأقاليم في القيام به. نتحدث اليوم عن 12000 مشروع في طور الإنجاز، ومازال مشكل نقص الابتكار في الهندسة الاجتماعية حاضرا، إلى جانب مشاكل التسيير والتكوين، بنفس حدتها عند البداية. لقد ميزت تقنية المبادرة الوطنية للتنمية البشرية ما بين مجتمعين مدنيين، أحدهما رسمي تسيره الدولة، والآخر الذي يستفيد من الإعانات، غير أن جزءا معينا من نشطاء من المجتمع المدني لا يريد أن ينخرط في العملية. بعد ثلاث سنوات من إطلاقه، مازال المشروع مجرد مشروع، ويقدم على أساس أنه «شأن» جديد من شؤون وزارة الداخلية، وحكرا عليها. وزارة الداخلية التي تريد أن تفعل كل شيء وتعتبر المبادرة الوطنية للتنمية البشرية شأنا أمنيا. عام 2007، بعد الانتخابات، وبعد الانتفاضة الشعبية لساكنة صفرو، انتشرت كالنار في الهشيم، عبر وسائل الإعلام صورة سلبية في الجرائد والأنترنت والتلفزيون وفي الشارع السياسي، صورة مفاجئة. لقد كثرت الثورات، الانتفاضات والحركات المهتاجة في الفترة الأخيرة، وخصوصا خلال عام 2007، نذكر كمثال على ذلك، مظاهرات القصر الكبير المبهمة وغير واضحة المعالم، غير أنها طالبت الدولة بالتدخل، والقافلة التي كونها بعض سكان منطقة بوعرفة والذين شعروا بالتهميش (مشاكل العيش وعدم توفر الماء، والغياب التام للدولة...)، وبعد أن قاطعوا الانتخابات توجهت قافلتهم إلى الجزائر طالبين التكفل بهم سياسيا من قبلها، بعد أن رموا ببطائق التعريف المغربية، قبل أن يقوم الجزائريون بالقبض عليهم وتقديمهم إلى القضاء. إن المظاهرات والاحتجاجات التي عرفها المغرب خلال 2007 تعود بالأساس إلى الواقع المعيش، إلى ظروف الحياة اليومية، كما حدث في خنيفرة. إنها في النهاية تشبه الأحداث التي تقع في مصر وفي الأردن وتونس وموريتانيا واليمن، والتي غالبا ما نربطها بتأثير العولمة، في حين أن العكس هو الصحيح، فمظاهر التضامن العربي تناقصت بشكل واضح. المعارضة الكبيرة التي لاقاها قانون النقل كانت واضحة أيضا، فلأول مرة يكون لأرباب النقل رد فعل قوي بهذا الشكل ساندهم فيه المجتمع بشكل عام، حيث حال إضراب واحتجاج أصحاب الشاحنات دون تبني ذلك القانون. ليست هناك أية مؤشرات على أن السلطات الحالية قادرة على رفع تحدي العيش بكرامة، ولا على الاستجابة إلى الاحتياجات المادية والمعنوية للمغاربة. ولا يبدو على المشروع الحكومي الحالي، لا شكلا ولا مضمونا، أنه قادر على ذلك. في النطاق الحالي لأزمة المنظمات السياسية، لا يبدو أن هناك قوة سياسية أو نقابية أو حركة سياسية قادرة على رفع هذا التحدي. ترجمة سناء ثابت