يتخذ عبد الله ساعف، الباحث الأكاديمي، رواية الكاتب الألباني إسماعيل قدري «قصر الأحلام» متنا يمتطيه لكي يعبر من خلاله عن رؤيته للعلاقة بين الحاكم والمحكوم، وكذا عن أحلام الشعب ورؤاه بل ونبوءات بعض أبنائه، هذه الأحلام التي تختلف باختلاف طبقات الشعب وانتماءاتهم. السطور التالية هي أيضا قراءة خاصة بعبد الله ساعف في تحولات الساحة السياسية المغربية في الفترة الأخيرة وخاصة خلال سنة 2007. بالإضافة إلى الزوبعة التي أثارتها أحداث 11 مارس وأحداث 14 أبريل الإرهابية، وعدد الضحايا والاعتقالات التي خلفتها فإن أكبر تأثير كان لهذه الفترة هو ضم جزء مهم من الجبهة الإسلامية للإنقاذ، تحت قيادة عبد الودود، إلى تنظيم القاعدة. ارتفاع أعداد الانتحاريين المغاربيين والمغاربة بالذات، حسب الإحصاءات الشرق أوسطية، هو مؤشر آخر على ذلك. وخارج العراق، حيث يبدو أن تنظيم القاعدة يواجه خلال الأشهر الأخيرة صعوبات كبيرة، فإن البلاد المغاربية تبدو أكثر تورطا من المشرق في حرب الإرهاب، حيث إنها أصبحت ساحة قتال مهمة. آخذين بعين الاعتبار هذه المستجدات الجديدة في بلاد المغرب العربي، يجب أيضا ألا يتم إغفال موقعها المجاور لبلدان جنوب الصحراء والساحل الإفريقية. عام 2007 كان أيضا عام بداية تشكل ملامح مغرب آخر دون استحياء أو نفاق كما كان عليه الحال في الماضي. فمن جهة، لا يمكننا ألا نلاحظ ظهور اتجاهات راديكالية حساسة تطبع المشاعر الدينية، وبالتالي مساجد مكتظة أكثر من أي وقت مضى، وغالبا ما نجد صفوفا إضافية من المؤمنين يصلون ولو خارج المسجد، كما أن زوار مكةالمكرمة الذين يعدون بالآلاف المؤلفة يملؤون أعتابها طوال فصول السنة، هناك إشارات كثيرة تعبر عن حضور قوي ومتزايد للجانب الديني في الحياة اليومية، جانب ديني قوي ومتزايد (طريقة اللباس وتصرفات وتظاهرات...) بالطبع ليس جميع المسلمين إسلامويين، وليس جميع الإسلامويين متطرفين، وليس جميع المتطرفين يعتنقون العنف السياسي، لكن أينما ولينا وجوهنا أصبحنا نجد الدين حاضرا بقوة. من جهة أخرى، أصبحنا مطوقين بتحرر وحشي من الأخلاق، دعارة واستغلال جنسي للأطفال، شذوذ جنسي من جميع الأنواع، تصدير لحوم بيضاء على أنهن «فنانات»، سوء معاملة النساء، البورنوغرافيا، شبكات وساطة في الدعارة محلية وعالمية، انتشار تناول الكحول والمخدرات القوية والخفيفة، تبييض الأموال، تهريب، رشوة، عنف، جرائم، سلسلات من الفضائح، دعارة وفساد أبطالها أصحاب مواقع مهمة في السلطة.. نذكر هنا قضية من أطلق عليها الشينوية مثلا... وغيرها كثير. على مستوى آخر، أن يتبوأ العقار كل هذه الأهمية المركزية داخل الاقتصاد الوطني هو مرة أخرى أفضل دليل على هيمنة ما هو عشوائي. هذا يعني أن النسيج الاقتصادي ضعيف وأن الشبكة التي تكونها المقاولات الصغرى والمتوسطة، غير القادرة على المنافسة، مسيطر عليها من قبل الاقتصاد العائلي. لقد أثير هذا المشكل منذ مدة غير قصيرة لكن لم يتم التغلب عليه إلى حد الساعة. هل يدل هذا على وجود صعوبات جمة في إصلاح هذا القطاع والتغلب على مشاكله؟ ترتبط مؤشرات التنمية دائما بحالة الجفاف، فما الذي يمكننا أن نقوله عن اقتصاد يرتبط ارتباطا وثيقا بسعر النفط الذي بلغ أكثر من تسعين دولارا للبرميل، خاصة في غياب أي طوق إنقاذ قد تمده، كما في السابق، دول مثل المملكة العربية السعودية أو الإمارات أو عراق صدام؟ يحصل هذا في حين أن جارتنا الاستراتيجية الجزائر تربح من قطاع النفط أكثر من ستة مليارات دولار ولا تزال غير قادرة على استغلالها في تطوير اقتصادها، بل تستغلها فقط في التسلح وإعادة التسلح وأشياء أخرى. يبدو هاجس إصلاح صندوق المقاصة غريبا، وكأن هذا الصندوق هو الذي يحدد كل شيء، في حين أنه ليس سوى الجزء البسيط الذي يظهر على السطح من جبل الجليد، ليعكس المعنى الحقيقي للسياسات الاجتماعية. مع نهاية 2007، يمكننا أن نتساءل إذا ما كان الافتحاص الذي يعرفه المكتب الشريف للفوسفاط ما هو إلا إعلانا عن تحول تاريخي في كينونة النظام الأساسي للمكتب، خاصة وأن هناك الكثيرين ممن يقرؤون في ما يجري استعدادا إلى خصخصة هذا المكتب. ما الذي بقي لنا إذن لم يتخصخص؟ البنك الشعبي؟ ما هو المعني الذي تخفيه المسيرة الحالية للفاعل الاقتصادي العملاق الصندوق الوطني للإيداع والتدبير؟ نفس الإشكاليات يطرحها الحجم الكبير للمجموعات المالية الكبرى مثل أونا وكوكبتها. مع ذلك، كيف يمكننا أن نفسر كون البورصة قد حققت مكاسب وربحت زبناء جدد وأنها فعلا تعيش تطورا حقيقيا؟ ما الذي يعنيه هذا؟ من هم رجال أعمال العهد الجديد؟ ترجمة سناء ثابت يتبع