يتخذ عبد الله ساعف، الباحث الأكاديمي، رواية الكاتب الألباني إسماعيل كاداري «قصر الأحلام» متنا يمتطيه لكي يعبر من خلاله عن رؤيته للعلاقة بين الحاكم والمحكوم، وكذا عن أحلام الشعب ورؤاه بل ونبوءات بعض أبنائه، هذه الأحلام التي تختلف باختلاف طبقات الشعب وانتماءاتهم. السطور التالية هي أيضا قراءة خاصة بعبد الله ساعف في تحولات الساحة السياسية المغربية في الفترة الأخيرة وخاصة خلال سنة 2007. (الحلقة 3) 4 - خلال شهر رمضان، كان تشكيل الحكومة مسلسلا طويلا ومملا. كان التردد ما بين اتباع «المنهج الديمقراطي» و«التعيين الملكي» و «تدخل التكنوقراط» في حد ذاته شكلا من أشكال الاضطراب. لقد انتهى الأمر بوزراء كبار وصغار -كانوا كمن خرج بشكل غرائبي من قصص ألف ليلة، وكانوا يستفيدون من مخصصات مادية ومعنوية مهمة- إلى وضع سيئ لا يحسدون عليه، حيث تم تقريبا إفراغ عملية اتخاذ القرار من محتواها.وتم تصويرهم على شكل أشجاص انتهازيين، ولصوص نهبوا كل ما كان بوسعهم نهبه من خلال السلطات التي خولت لهم. لقد تم عام 2002 إصلاح النظام الانتخابي من أجل تسهيل ظهور أغلبية قادرة على تشكيل الحكومة، ولكن ها هي العلاقة بين الانتخابات وتشكيل الحكومة في 2007 قد بدت ضعيفة جدا. إن القاعدة غير المسبوقة في المغرب، والتي تقضي بألا يشارك في الحكومة أولئك الذين أقصاهم تصويت بعض الناخبين، من المفترض أن تخدم الديمقراطية وأن تقويها. لقد تطورت بشكل جعل التقنوقراطية تكسب مساحة أكبر وترسخ مكانها أكثر. منذ ذلك الحين توسع التسلل التكنوقراطي إلى الحكومة، لقد أصبح لها اليوم وجود قوي ونافذ. لم نعد نعيش في مربع التكنوقراط الصغير الذي كان يحيط بإدريس جطو، الوزير الأول السابق، لقد فُرضت عناصر على أساس أنها تنتمي إلى أحزاب سياسية ولكنها ليست مجرد أحزاب إدارية. التسلل هذه المرة، بعد انتخابات 2007، أصبح يلمس صلب حصانة اليسار، هذه المناعة التي تمت زعزعتها ومسحها. السياسيون الحاكمون والمعارضون، أو النخبة بشكل عام تشكل مشهدا سياسيا متنوعا ومختلطا تتكون بنيته من أكثر من منطق في وقت واحد. إن السياسة تتأرجح بين من لايزالون على قيد الحياة من الطبقة السياسية التي أثثت المشهد السياسي خلال الستينيات، سواء كانوا معارضين أم لا، ومن قدماء المعتقلين خلال السبعينيات والثمانينيات ومن الجلادين أيضا، ومن الأعضاء الدائمين في الأحزاب السياسية وأعضاء مكاتبها السياسية وتتكون أيضا من الخلف الشاب الذي ينوي اللعب بالسلطة، ومن عامة الشعب، ومن فنانين ورياضيين ومقاولين ومن أصدقاء الأصدقاء. إن المحافظة على النواة التقليدية، والتي تتكون من أبناء فاس والرباط ومراكش، أصبحت اليوم قابلة لبعض التوسع والانفتاح، حتى إن تغييرات آخر لحظة أصبحت لا تستعين بالأمازيغيين، ولكن بالأمازيغيين المؤسساتيين طبعا، حتى لا تقصي جميع الأمازيغيين دفعة واحدة. الجميع أصبح يمثل شيئا ما دون أن يمثل أي شيء في الواقع، الحقيقة أن المؤسسات أصبحت في الواقع مفرغة من محتواها، وما يبدو واضحا هو أنه أصبح من الصعب أن تتقدم الأمور على المستوى المؤسساتي. في نهاية المطاف، وما إن انتهى العمل على إتمام التعيينات حتى بدأ يسود الرأي العام جدل غير مسبوق حول إمكانيات ومدى كفاءات مستشاري الملك حيث تزامن ذلك مع نهاية 2007. ترجمة سناء ثابت يتبع