يتخذ عبد الله ساعف، الباحث الأكاديمي، رواية الكاتب الألباني إسماعيل كاداري «قصر الأحلام» متنا يمتطيه لكي يعبر من خلاله عن رؤيته للعلاقة بين الحاكم والمحكوم، وكذا عن أحلام الشعب ورؤاه بل ونبوءات بعض أبنائه، هذه الأحلام التي تختلف باختلاف طبقات الشعب وانتماءاتهم. السطور التالية هي أيضا قراءة خاصة بعبد الله ساعف في تحولات الساحة السياسية المغربية في الفترة الأخيرة وخاصة خلال سنة 2007. لقد كان عام 2007 عام الانتخابات، عام كل الشرور بالنسبة إلى البعض. التنافس الذي حصل داخل التجمع الوطني للأحرار وداخل حزب العدالة والتنمية لم يكن بالضرورة سببا مؤديا إلى الأزمة الحاصلة. وهو أيضا عام الأحزاب الجديدة وعام استمرار تقليد «الترحال السياسي»، والعام الذي أنصفت فيه المحكمة الإدارية منشقين قاموا بانقلابات ضد رؤسائهم، وهو عام منع عدد من التنظيمات الحزبية الجديدة إسلامية التوجه، عام حل الحزب الأمازيغي وهو الحزب الذي لم يتأسس أبدا، ورغم ذلك يقال إنه لا يمكن أن يتم التسامح معه، عام عودة الحركات إلى الحركة الشعبية، ولكنه أيضا عام وحدة قوية بين اليسار الراديكالي. عام 2007 هو أيضا عام أزمة الاتحاد الاشتراكي، لم يكن من الممكن أبدا أن تكون النتيجة كارثية مثلما تأكد فيما بعد. لم يحقق حوالي عشرة مقاعد فقدها ليس بسبب تصويت عقابي ولكن بسبب سوء الاختيار وسوء حكامة الترشيحات من قبل زعامة الحزب، لقد كانت أخطاء من القيادة. تراجع العمل النقابي كان واضحا من خلال مختلف مظاهر الاحتفال بفاتح ماي 2007، والتي كانت بعيدة جدا عن أن تشكل حدثا كبيرا في حد ذاتها، كما كان عليه الحال قبل سنوات خلت. وفي إطار تكسوه عودة تأثير خفيف من اتحاد الشغالين بالمغرب، وتراجع نسبي للكونفدرالية الديمقراطية للشغل ، وبعيدا عن شبه فشل انتخابي خلال الاستحقاقات الأخيرة التي تم من خلالها تجديد ثلث الغرفة الثانية، يتأكد الطابع الزبوني أكثر من أي وقت مضى للمنظمات البيروقراطية، إنها أوغارشية إن أمكن القول أو ربما استحسان شخصي لمجمل العمل النقابي. لم يعد العمل النقابي متموقعا في قلب الحركة الاجتماعية. عام 2007، لم يشمل خطاب العرش حصيلة عامة، كما جرت العادة بذلك دائما تقريبا، وخاصة في التقليد القديم أيام خطابات الثالث من مارس، حينما كان خطاب الأمة أشبه ما يكون بحصيلة مختلف القطاعات، وحصيلة عامة، أو تقديما لرؤى واستشرافات. خطاب 2007، قدم تحذيرات إلى أولئك الذين قد يشككون في الأحزاب السياسية وفي الانتخابات. وقد كان هناك خطاب آخر خلال الصيف نفسه تم فيه الكشف عن الخطوط الحمراء الجديدة للنظام، لكن ليس من المؤكد أنها ستكون خطوطا ثابتة، وأما مشروع المجتمع الملكي فيبدو أنه لا يزال في طور البناء. كان مفهوما أنه كان يمكن التمييز بين زمنين، الزمن الانتخابي والزمن الملكي، زمن الانتخابات أو السياسيين الذين يمارسون الحكم، وزمن الدولة الحاكمة التي تميل إلى المجتمع، زمن النخب التي تمثل الشعب وزمن السلطة التي هي رسميا سلطة الدولة، وهذه الأخيرة هي التي كان ينظر عليها أن الأنسب. لقد عاد هذا الموسم شيء من أجواء الثالث من مارس البائدة، ومن أوسع الأبواب، حيث عادت الأناشيد وأغاني النظام، الاحتفالات، مظاهر العيد، مع توزيع المساعدات الغذائية على المحتاجين في شهر رمضان، والأعمال التنموية وإعادة ترصيف الأرصفة وحفر الآبار والتسويف الأبدي للمشتغلين في السياسة. رغم كل شيء، الاهتمام بالنفس ليس أمرا سيئا كما يبدو، لكن تبقى مصلحة البلاد فوق كل اعتبار. من يمكنه أن يعارض هذا الأمر؟ من جهة أخرى، فإن كلمة ميكيافيلي القديمة «جميع الأمور الداخلية سوف تحل عندما تحل الأمور الخارجية» تبقى دائما، في علم السياسة العالمي، ملتبسة وتحتمل أكثر من معنى. من الذي يحدد الآخر، هل هو الخارج أم الداخل؟ ترجمة سناء ثابت يتبع