كشف تقرير "حالة بيئة العمل العالمية 2025" الصادر عن مؤسسة "غالوب" الأميركية، أن نسبة الموظفين المغاربة المنخرطين بفاعلية في أعمالهم بلغت 17 بالمائة فقط، بعد أن سجلت تحسنا طفيفا بمقدار ثلاث نقاط مقارنة بالعام السابق، في حين انخفض هذا المؤشر على الصعيد العالمي من 23 بالمائة إلى 21 بالمائة، ما كلف الاقتصاد العالمي نحو 438 مليار دولار من الإنتاجية الضائعة، وهو مستوى من الخسائر يعادل ما حدث أثناء ذروة جائحة كوفيد-19. وجاءت المملكة في المركز السابع بين دول المنطقة من حيث ضعف التفاعل المهني، في حين تصدرت سلطنة عُمان (27 بالمائة) والعراقوالإمارات العربية المتحدة (26 بالمائة لكل منها (26 بالمائة) القائمة الإقليمية، واستقرت ليبيا والبحرين عند مستوى 16 بالمائة، وتذيلت تونس والجزائر الترتيب بمعدلات بلغت 8 بالمائة لكل منهما، ومصر ب7 بالمائة، ولبنان بنسبة تفاعل لم تتجاوز 5 بالمائة.
وتواجه البلدان ذات النسب المنخفضة، صعوبات في تحقيق الاستقرار المؤسسي وضمان استدامة النمو الاقتصادي المحلي، بينما تتسم فرق العمل ذات الانخراط العالي بمرونة أكبر وقدرة أعلى على الابتكار، مما ينعكس إيجابا على الإنتاجية والأداء المالي للمؤسسة. ولا يقتصر هذا الانخفاض على المؤشرات المهنية فحسب، بل يمتد أيضا إلى مؤشرات الرفاه الشخصي، حيث لا تتجاوز نسبة المغاربة الذين يعتبرون أنفسهم "مزدهرين" في حياتهم سوى 16 بالمائة، ما يضع المغرب في مرتبة متأخرة مقارنة بدول مثل سلطنة عمان (52 بالمائة) أو الإمارات العربية المتحدة بنسبة 50 بالمائة. ولا يقتصر القلق على التفاعل والرفاه، بل يشمل أيضا الأبعاد العاطفية التي تشكل صميم التوازن النفسي للموظفين. فقد كشف التقرير أن 49 بالمائة من المغاربة صرّحوا بأنهم شعروا بالتوتر طوال اليوم السابق لإجراء الاستبيان، وهي نسبة مقلقة تُضاهي تلك المسجلة في دول تمر بأزمات بنيوية أو سياسية مزمنة مثل العراق (53 بالمائة) ولبنان (64 بالمائة). كما أشار 39 بالمائة من المغاربة إلى أنهم شعروا بالغضب خلال يومهم، وهي من أعلى النسب في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا. ويحتل المغرب المرتبة الثانية بعد اليمن في نسبة العاملين الذين يبحثون بنشاط عن وظائف جديدة، حيث تبلغ النسبة 68 بالمائة من مجمل القوى العاملة، وهي نسبة تعكس أزمة ثقة عميقة في سوق العمل المحلي وتؤشر إلى احتمالية ارتفاع معدل الدوران الوظيفي. ويرتبط ذلك ارتباطا مباشرا بانخفاض معدل الرضا عن سوق العمل، حيث لم تتجاوز نسبة من يرون أن الوقت مناسب للعثور على وظيفة جيدة سوى 30 بالمائة، في تراجع بلغ أربع نقاط مقارنة بالعام الماضي. على الصعيد العالمي الأوسع، يلفت التقرير الانتباه إلى أن السبب الرئيسي لتراجع مؤشرات التفاعل هو تدهور وضعية المديرين، حيث انخفض تفاعل المدراء من 30 بالمائة إلى 27 بالمائة، مع تسجيل تراجع أكثر حدة بين المديرين الشباب تحت سن الخامسة والثلاثين (بمعدل خمس نقاط) والمديرات النساء (سبع نقاط)، ما يعكس ضغطا مركبا ناجما عن محاولة التوفيق بين تطلعات الموظفين والتوجيهات الاستراتيجية الصادرة من الإدارة العليا، خاصة في ظل المتغيرات التي فرضتها الرقمنة والعمل عن بعد والتحولات الثقافية ما بعد الجائحة.