مساهمة منه في إغناء النقاش القانوني ومواكبة المستجدات التشريعية والقضائية، نظم المركز الوطني للدراسات والأبحاث القانونية والقضائية بالقصر الكبير، بشراكة مع مجلة "محاكمة"، مساء يوم السبت 15 فبراير 2025، بقاعة المؤتمرات والندوات المنصور بالقصر الكبير، ندوة علمية وطنية في موضوع "مشروع قانون المسطرة الجنائية ورهانات حقوق الانسان "بمشاركة قامات علمية من فقهاء القانون ورجال القضاء بالمغرب. الندوة الوطنية التي حضرها جمهور من المهتمين والباحثين والطلبة ، استهلت بتلاوة آيات بينات من الذكر الحكيم وترديد النشيد الوطني، و التعريف بأنشطة المركز منذ تأسيسه سنة 2019 تكلفت بها الأستاذة نجوى بكور ، تلتها كلمات افتتاحية للجهات المنظمة، تناوب على تقديمها كل من عبد العزيز العروسي مدير المركز ، و عز الدين الماحي مدير مجلة محاكمة ، رحبا من خلالها بالحضور وبضيوف الندوة ، مبرزين السياق العام لتنظيم الندوة، ودواعي اختيار موضوعها وراهنيته ،مساهمة من المنظمين في تسليط الضوء على بعض مقتضيات مشروع قانون المسطرة الجنائية من وجهات نظر رجال الفقه والقانون والقضاء والحقوق بالمغرب ،وبلورة خلاصات ومقترحات علمية لتجويد صياغة موادها. الندوة العلمية ترأس جلستها مدير مجلة "محاكمة"، الدكتور عز الدين الماحي، وتضمنت أربع مداخلات: استهلت المداخلات بمداخلة الدكتور علال فالي، أستاذ التعليم العالي بكلية العلوم القانونية والاجتماعية أكدال بالرباط، عنونها ب "مشروع قانون المسطرة الجنائية: نحو مفهوم جديد للمعتقل الاحتياطي"، وتطرق فيها للتعريف بمفهوم المعتقل الاحتياطي، و المستجدات التي جاء بها مشروع قانون المسطرة الجنائية، ومن أهمها إعادة النظر في المفهوم وفق المعايير الدولية، معتبرا المعتقل الاحتياطي هو الشخص الذي لم يصدر في حقه حكم سالب للحرية ، وهو تدبير استثنائي وضعت له ضوابط قانونية بمعايير أكثر دقة مع تقليص مدده وتعليل قراراته، ليخلص الى تأثير مفهوم المعتقل الاحتياطي على عدد الساكنة السجنية الذي تجاوز 105 ألف ، مؤكدا أن المشروع تضمن مئات التعديلات مفضلا اعتماد قانون جديد عوض تعديل القانون الحالي. و من جهته، تطرق الدكتور عبد الرزاق الجباري رئيس نادي القضاة بالمغرب، في مداخلته ل "مشروع المسطرة الجنائية في ضوء مبادئ السياسة الجنائية المعاصرة " مستهلا مداخلته بالتعريف بمفهوم السياسة الجنائية، و أنواع القانون الجنائي ، مبرزا بعض المرجعيات التي تعتمد عليها المسطرة الجنائية ،ومنها الدستور المغربي ، المواثيق الدولية التي صادق عليها المغرب في مجال حقوق الانسان ، توصيات الأممالمتحدة … متسائلا الى أي حد إلتزم المشرع بمبادئ السياسة الجنائية المقررة في المصادر المذكورة ؟ ومساهمة منه في تجويد النص القانوني للمشروع أشار الى مجموعة من الملاحظات، ومن أهمها أن المشروع في بعض مواده مس بمبدأ فصل السلط، وبمبدأ استقلال القضاء، و خالفت بعض مقتضياته الدستور المغربي ، كما خالف المشروع المعايير الدولية المتعلقة بمحاربة الفساد حينما استبعد دور جمعيات المجتمع المدني في التبليغ عن جرائم المال العام ، كما مس بحرمة الخصوصية وسرية المراسلات التي كان يجب تقيدها بإذن من النيابة العامة ، وأشار الى أن النيابة العامة تطبق السياسة الجنائية ولا تنفذها… مشدداً على ضرورة مراجعة المشروع ضمانا للمحاكمة العادلة وحماية للحقوق والحريات. و من جانبه، أثار الدكتور شريف الغياب، نائب الوكيل العام بمحكمة الاستئناف بتطوان ، أستاذ زائر بكلية الحقوق تطوان، موضوع "البعد الحقوقي في مشروع قانون المسطرة الجنائية بين التقعيد و التحديث" مستهلا مداخلته بالحديث عن كرونولوجيا إصلاح وتعديل مسطرة القانون الجنائي ضمانا للمحاكمة العادلة و للحريات و الحقوق الأساسية ، ودعا الى إعادة النظر في عنوان مشروع القانون من المسطرة الى الإجراءات لملائمته مع الاتفاقيات الدولية في هذا المجال ، مبرزا بعض المبادئ التي يجب التنصيص عليها ضمانا للمحاكمة العادلة ،و الحق في البراءة ،و المساواة ،و وسائل الاثبات… معتبرا أن البعد الحقوقي يعتبر من أهم دوافع مراجعة وتعديل قانون المسطرة الجنائية لتوفير ضمانات المحاكمة العادلة. بدوره، أبرز الدكتور عماد الجهاد، عضو المكتب الجهوي لنادي قضاة المغرب بطنجة، في مداخلته " أنسنة التدابير المقيدة للحرية على ضوء مشروع قانون المسطرة الجنائية : الوضع تحت الحراسة النظرية نموذجا " مبرزا دواعي اختيار الموضوع، معتبرا الحراسة النظرية هي المرحلة المفصلية السابقة للمحاكمة ، والمشرع أحاطها بمجموعة من التدابير و الاجراءات لحماية الأشخاص الموضوعين رهن الحراسة النظرية ، و أشار في مداخلته الى الثوابت التي حافظ عليها المشروع بخصوص الحراسة النظرية قبل أن يتطرق الى مجموعة من المستجدات التي نص عليها المشروع الجديد والجزاءات المترتبة عن خرق مقتضياتها. أشغال الندوة الوطنية استمرت بفتح باب المناقشة أمام الحاضرين والإجابة على تساؤلاتهم، وسيرا على نهج المركز الوطني للدراسات والأبحاث القانونية والقضائية بالقصر الكبير، تم تكريم مجموعة من الشخصيات تقديرا لمجهوداتهم في مجال القانون والقضاء. واختتمت الندوة بتوزيع شواهد الشكر والتقدير وهدايا رمزية للمشاركين في تأطيرها.