اتخذت الولاياتالمتحدةالأمريكية إجراءات أمنية أكثر تشددا في مطاراتها ومنافذها الحدودية بعد اكتشاف محاولة فاشلة لتفجير طائرة مدنية فوق ديترويت، أقدم عليها شاب نيجيري قيل إنه تدرب في أحد مراكز «القاعدة» في اليمن. هذه الإجراءات تعتبر إجراء سياديا أمريكيا لا جدال حوله، ولكن أن تستهدف هذه الإجراءات مواطنين عربا ومسلمين على وجه الخصوص، فهذا يعني أن تهمة «الإرهاب» باتت محصورة في هؤلاء دون غيرهم، مما يعكس تمييزا عنصريا واضحا للعيان. الإدارة الأمريكية وضعت قائمة الدول الإرهابية تضم 14 دولة، من بينها 13 دولة إسلامية، هي إيران وأفغانستان وليبيا والجزائر والمملكة العربية السعودية واليمن والسودان وسورية وباكستان ونيجيريا والصومال والعراق ولبنان، والدولة الوحيدة غير العربية وغير الإسلامية هي كوبا. استهداف العرب والمسلمين بالتفتيش الدقيق في المطارات الأمريكية ليس بالأمر الجديد، ولكن تشديده بعد محاولة التفجير الفاشلة يعني المزيد من الإهانات والإذلال والتحقيقات، والتفتيش الجسدي، وفحص أجهزة الكمبيوتر والهاتف المحمول، الأمر الذي يجعل من مسألة السفر إلى أمريكا جحيما لا يطاق. حصول المواطن العربي أو المسلم على جنسية أوربية لا يعني شيئا، ولا يعفي هؤلاء من المرور عبر الإجراءات نفسها لأي مواطن قادم من الدول المدرجة على القوائم الأمريكية، باعتبار مواطنيها الأكثر اشتباها في إقدامهم على أعمال إرهابية. فالبريطانيون والفرنسيون من أصول إسلامية مجبرون على الحصول على تأشيرة دخول إلى الولاياتالمتحدة في معظم الأحيان، في تمييز واضح عن زملائهم من ذوي الأصول الأوربية البيضاء. ومن المفارقة أن هذه المعاملة التمييزية العنصرية تطبق على المواطنين الأمريكيين من أصول عربية وإسلامية، حيث غالبا ما «يزين» ضباط الهجرة والجمارك بطاقة صعودهم إلى الطائرة بعلامة مميزة (xxxx) باللون الأحمر لإخضاعهم للمزيد من التفتيش والتحقيق. قصص كثيرة يرددها المسافرون إلى الولاياتالمتحدة عن المعاملة «الخشنة» التي يتعرضون لها، مثل الإنزال من الطائرة، أو المنع من صعودها في الأساس لوجود الاسم على قائمة الممنوعين أو المراقبين (تضم حوالى مليون اسم)، فقد تعرض السيد عبد الرحمن شلقم، مندوب ليبيا في الأممالمتحدة الحالي ووزير الخارجية السابق، إلى معاملة مهينة في مطار نيويورك قبل صعوده إلى الطائرة، وقد احتجت حكومته بشدة وقررت منع دخول الأمريكان إلى أراضيها كرد انتقامي، ولكن اعتذار الإدارة الأمريكية ووزيرة خارجيتها عن هذا العمل المخجل أدى إلى تطويق الأزمة، وإن بشكل مؤقت. ولعل أكثر الأمثلة إيلاما تلك التي أعادت فيها الحكومة الأمريكية وزيراً فرنسياً من أصل جزائري من مطار العاصمة واشنطن بعد تفتيشه بشكل مهين، لأن لونه ليس أبيض وعينيه ليستا زرقاوين. الحكومة الجزائرية كانت الوحيدة تقريبا التي احتجت على القرار الأمريكي بإخضاع رعاياها لرقابة أمنية إضافية في المطارات باعتبارها تمييزا ليس له ما يبرره، وقام وزير الخارجية الجزائري باستدعاء السفير الأمريكي في الجزائر لإبلاغه باحتجاج الحكومة الجزائرية. كنا نتمنى لو أن جميع الدول العربية والإسلامية المدرجة على قوائم الإرهاب الأمريكية قد احتجت بشكل جماعي، واتفقت في ما بينها على اتخاذ إجراءات تؤكد المعاملة بالمثل للرعايا الأمريكيين في مطاراتها، مثل التحقيق المطول والتفتيش الشرس والتوقيف لساعات، فالأمريكيون يرتكبون أعمالا إرهابية في العراق وأفغانستان أيضا. نحن مع حماية أرواح المواطنين الأمريكيين الأبرياء، ولكننا أيضا مع حماية المواطنين العرب والمسلمين من الإهانات والإذلال في المطارات والمنافذ الحدودية الأمريكية على أيدي محققين أمريكيين يحتقرون كل ما هو عربي ومسلم، ويتعاملون معنا كإرهابيين مدانين وليس كرجال أعمال أو طلاب أو دبلوماسيين أو إعلاميين.