سيغادر آخر فوج من عمال المكتب الشريف للفوسفاط، الذين اختاروا المغادرة الطوعية مقابل تعويض مادي، يوم الخميس آخر أيام السنة الجارية، ويصل عدد أفراد الفوج 150 موظفا، ينضاف إليهم 40 آخرون ستشملهم عملية إعادة للانتشار من المقر المركزي للمكتب الشريف في الدارالبيضاء إلى مركزي الجديدةوخريبكة، وذلك ضمن خطة اللامركزية التي تبنتها في سنة 2006 إدارة أحد أكبر شركات الدولة في المغرب. وباستثناء المشكل التي ظهر فيما يخص التعامل غير المتساوي مع ملفات موظفي المقر المركزي وموظفي شركتين فرعيتين تابعتين للمجموعة، بحيث فتح للفئة الأولى المجال للاختيار بين المغادرة الطوعية أو إعادة الانتشار، فيما كان الخيار الوحيد أمام الفئة الثانية هو إعادة الانتشار، باستثناء هذا المشكل مرت عملية المغادرة الطوعية في جو عاد وخال من أي توتر اجتماعي بين العمال والأطر وإدارة المؤسسة حسب ما أفاد به ل «المساء» أحد الأطر العاملين في المكتب الشريف. ويضيف المصدر السابق أنه في الوقت الذي كانت أفواج من الموظفين تغادر المؤسسة منذ أبريل الماضي، قامت الإدارة بتوظيف عدد من الأطر العليا والمهندسين للاستجابة لمتطلباتها التسييرية، سيما وأن المكتب الشريف للفوسفاط دخل في منطق جديد عنوانه التحكم في آليات ضبط سوق تصدير الفوسفاط لدول العالم للمحافظة على ريادة المكتب الشريف عالميا. وارتباطا بموقع المكتب الشريف للفوسفاط في ظل المتغيرات التي عرفها السوق العالمي ببروز منتجين ومصدرين كبار، علمت «المساء» أن المفاوضات جارية بين إدارة المؤسسة وعدد من دول العالم ذات الاستهلاك الكبير للفوسفاط سواء في آسيا أو أمريكا اللاتينية ليبرم الطرفان عقود تصدير كميات ضخمة من الفوسفاط. ينضاف إلى ذلك مشاورات أخرى، يتم التكتم عليها لاعتبارات تجارية متصلة بالمنافسة الشديدة القائمة يضيف المصدر السابق، لإقامة مشاريع مشتركة داخل المغرب بين شركات فوسفاطية كبيرة والمكتب الشريف للفوسفاط، خصوصا وأن قرب بدء دول السعودية والصين والأردن في إنتاج وتصدير الفوسفاط يطرح تحديا كبيرا على المكتب الشريف إزاء زبنائه التقليديين في القارة الأسيوية، بحكم أن هذه الدول ستستفيد من عامل القرب الجغرافي من الأسواق الأسيوية، وهو ما يفتقده المكتب الشريف للفوسفاط. وارتباطا بالمنافسة الشرسة، يستمر المكتب الشريف للفوسفاط في شراء الأراضي التي سيمر منها أنبوب الفوسفاط الذي سيربط بين خريبكة والجرف الأصفر على امتداد 200 كلم، والذي سيقلل من كلفة نقل الفوسفاط مما سيمنح للمكتب قوة تنافسية أكبر على المستوى الدولي فيما يخص خفض أو رفع أسعار الفوسفاط، ويرتقب أن يتم إنجاز الأنبوب مع حلول سنة 2012، وقد اقترض المكتب قبل أيام لتمويل المشروع من الوكالة الفرنسية للتنمية مبلغ 240 مليون أورو (2.64 مليار درهم مغربي). وذكر المصدر السابق أن المكتب الشريف للفوسفاط والمكتب الوطني للسكك لم يتوصلا لحد الساعة إلى صيغة نهائية للحلول المالية التي سيقدمها الأول للثاني لتعويضه عن فقدانه النقل الحصري لكافة الإنتاج من الفوسفاط، بحيث سيعوض الأنبوب عربات القطار بنسبة محددة كبيرة، مما يشكل خسارة مادية فادحة لإدارة السكك، وتتجه الأمور نحو تقديم المكتب الشريف للفوسفاط تعويضا ماديا عن الكمية التي يفترض أن تنقلها عربات القطارات في المدة المتبقية في الاتفاقية التي تربط الطرفين إلى غاية 2014، علما أن العربات ستستمر في نقل جزء من الكمية المنتجة. يشار إلى أن الإحصائيات الأولية لمكتب الصرف تفيد بأن حجم صادرات الفوسفاط بين يناير وأكتوبر 2009 ناهز 4 ملايين و577 ألف طن، بقيمة مالية في حدود 4 ملايير و601 مليون درهم، في حين أن الفترة نفسها من العام الماضي سجلت صادرات الفوسفاط ما يناهر 10 ملايين و690 ألف طن و16 مليارا و318 مليون درهم من حيث القيمة.