اختتمت، مساء أول أمس السبت الماضي، فعاليات الدورة التاسعة لمهرجان مراكش السينمائي الذي نظم في الفترة الممتدة ما بين الرابع والثاني عشر من شهر دجنبر الحالي، دورة تميزت بعدة خصائص همت الميزانية، الموارد البشرية والاستعداد والأفلام المشاركة والحضور الإعلامي الوطني والأجنبي. تسهر مؤسسة مهرجان مراكش التي يرأسها الأمير مولاي رشيد على تنظيم دورات هذه التظاهرة السينمائية، بشراكة مع المركز السينمائي المغربي والشركة الوطنية للإذاعة والتلفزة. منذ وفاة والدها دانييل توسكان دو دوبلانتي، عينت مليطا توسكان دو بلانتي على رأس إدارة مهرجان مراكش السينمائي، ويتمثل دور ميليطا في الوساطة بين المهرجان والنجوم والتكفل بتفاصيل المشاركات الدولية، مستفيدة من خبرة أبيها الذي كان صاحب فكرة تأسيس مهرجان للسينما. بعدما اقتنع الملك محمد السادس بأهمية احتضان المغرب لمهرجان سينمائي دولي، انطلق المشروع في السنة الثالثة بعد الألفين، رغم أن الفكرة سبق وأن طرحت قبل ذلك. فتم تعيين أزولاي من طرف الملك مديرا للمهرجان. أشرف مستشار الملك أندري أزولاي على رئاسة الدورة الأولى والثانية للمهرجان، قبل أن يصدر الملك بعد الدورة الثانية مرسوما لتأسيس المؤسسة وأصبح الأمير مولاي رشيد، تبعا لذلك، رئيسا لمؤسسة مهرجان مراكش السينمائي. من الرباط إلى مراكش استقرت إدارة المؤسسة في البداية في العاصمة الرباط، قبل أن ينتقل بعد مدة قليلة إلى مقر مؤقت بمراكش، وقبل أربع سنوات شيد مقر مؤسسة مهرجان مراكش، ليأخذ المهرجان طابع الاستقرار. يضم المجلس الإداري للمهرجان ثلاثين شخصية تنتمي إلى عالم الفن، حسب ما ذكر أندري أزولاي في تصريح صحافي سابق، برئاسة الأمير مولاي رشيد. يشغل نور الدين الصايل، مدير المركز السينمائي المغربي، مهمة الرئيس المنتدب للمهرجان، إلى جانب فيصل العرايشي، رئيس الشركة الوطنية للإذاعة والتلفزة، ويقوم الفرنسي برينو بارد بمهمة المدير الفني ويرأس جليل العكيلي السكرتارية العامة للمهرجان. تشتغل المؤسسة، حسب ما أكد مصدر، طيلة السنة، ويتم التركيز خلال الشهور الأولى التي تلي تنظيم المهرجان على توثيق أنشطة الدورة وفتح النقاش حول الحصيلة والتواصل مع شركاء الدورة والبحث في مدى انسجام أداء الدورة الأخيرة مع التصورات والأهداف التي تؤطر عمل المؤسسة، في علاقة بما ينتظره الداعمون من هذه الدورة. وتخصص الأشهر الستة الأخيرة لوضع تصور الدورة القادمة وتحديد الخطوط العريضة لعمل المهرجان، من خلال وضع برمجة وتحديد السينما المكرمة واقتراح الضيوف الحاضرين والمكرمين في الدورة القادمة. وينطلق العد العكسي للمهرجان في الستين يوما التي تسبق تنظيم التظاهرة السينمائية، إذ في تلك الفترة تنطلق الأوراش المتعلقة بالديكور واللافتات ويبدأ الحسم في لوائح الصحافيين واستدعاءات الضيوف والمكرمين، وتحتضن المؤسسة أشغال الاستعداد لتنظيم الدورة. عقود شركات الأمن والتنظيم الفني توقع مؤسسة المهرجان مجموعة من العقود مع شركات خاصة لتسهيل التنظيم، إذ وقعت المؤسسة عقدا مع شركة «بيبيلك سيستيم دو باري» للمساعدة على التنظيم، قبل خمس سنوات، وجدد العقد مرة واحدة، ومن المنتظر أن ينتهي العقد في السنة القادمة، مع التذكير بأن الشركة سالفة الذكر تنظم العديد من المهرجانات الدولية، من بينها مهرجان الفيلم الآسيوي والمساهمة في تنظيم مهرجان «كان». وأسندت المؤسسة مهمة ضبط الأمن إلى شركة «ألطير»، وسيمتد العقد إلى متم السنة القادمة، مع بقاء السؤال مطروحا حول مدى تأثير اختراق شابة للبساط الأحمر بدراجتها النارية في العلاقة بين الشركة ومؤسسة مهرجان مراكش. وتنتهي هذه السنة صلاحية العقد المبرم بين المؤسسة وشركة «بي إغ ميديا» التي اشتغلت مع المهرجان لمدة ثلاث سنوات. من جانب آخر، خلق مهرجان مراكش شراكة مع مجموعة من الداعمين، بعضهم رافق ميلاد المهرجان وصاحبه في جميع المحطات وبعض آخر دعم المهرجان في دوراته الأخيرة. وتشكل الفنادق داعما مهما في تنظيم المهرجان. وفي هذا السياق، ذكر مسؤول في المؤسسة أن بعض الفنادق تدخل بصفة شريك أساسي وتتكفل بجميع مصاريف الضيوف الذي يحلون على الفندق، حسب قائمة للجنة المنظمة، وتقدم فنادق أخرى أثمانا تفضيلية للمهرجان تصل أحيانا إلى خمسين في المائة. من جهة أخرى، خلقت المؤسسة شراكات مع شركة خاصة لتمويل الشق المتعلق بآليات التواصل والصحافة. يستفيد من الإقامة في الفنادق سالفة الذكر الضيوف الذين تم قبولهم من لدن مؤسسة مهرجان مراكش وفق معايير مضبوطة، ويمكن أن تمنح للصحافيين أو الفنانين بطاقة لحضور العروض والندوات والأوراش، دون أن يكون لهم الحق في الاستفادة من الإقامة، وهو الشيء الذي انتقده بعض الفنانين، في الوقت الذي يبرره المسؤولون بكثرة الطلبات والاعتمادات. خمسة عشر فيلما في المسابقة حافظ المهرجان على سقف خمسة عشر فيلما في المسابقة الرسمية، وشهدت هذه السنة مشاركة ثمانية أفلام تشكل التجربة الأولى لمخرجيها، كما حافظ المهرجان على عرف المشاركة المغربية من خلال فيلم «الرجل الذي باع العالم»، تتكفل لجنة تضم في عضويتها أربع شخصيات بانتقاء الأفلام المشاركة من خلال الإطلاع على مشاركة هذه الأعمال في المهرجانات العالمية أو من خلال اكتشاف هذه الأفلام، وعلى الرغم من أن القرار الحاسم يبقى للجنة الانتقاء، فإن مصدر يقول إن نور الدين الصايل مدير المركز المغربي والرئيس المنتدب للمهرجان، هو الذي يقترح الأعمال المشاركة في مهرجان السينما بمراكش. وعلى الرغم من قيمة مشاركة المغرب في هذا المهرجان، فإن مستوى هذه المشاركة لم يرق إلى المطلوب، إذ خلف برمجة فيلم «قنديشة» في الدورة الأخيرة من المهرجان استياء أغلب النقاد الذين حضروا لمراكش السنة الماضية، بنفس الدرجة التي استاء بها الجمهور والنقاد المغاربة من دخول فيلم «الرجل الذي باع العالم» في المسابقة الرسمية للمهرجان في دورته الحالية. من جهة أخرى، دخل مهرجان مراكش للسينما صراعا خفيا مع مهرجاني دبي والقاهرة، إذ يعول الأول على الموارد المالية المهمة التي تسخر لهذه التظاهرة، في حين يستند الثاني على حضور النجوم العرب، مع ترديد قولة إن مصر عاصمة الفن الأولى في العالم العربي، في الوقت الذي يراهن مهرجان مراكش على الدعم الرسمي وعلى صورة مراكش السياحية، مع بقاء السؤال مطروحا حول مستقبل هذا التنافس في السنوات القادمة.