طغى الهاجس الأمني بشكل كبير على عملية إعادة انتخاب رئيس غرفة التجارة والصناعة والخدمات بالقنيطرة، إثر تقديم المستشار البرلماني الدستوري عبد المجيد المهاشي استقالته من هذا المنصب، تفاديا لحالة التنافي، بعدما كان قد انتخب، في الثامن من شهر شتنبر الماضي، رئيسا للمجلس الإقليمي للقنيطرة. ومنع أعضاء منتخبون، بينهم برلماني، من ولوج مقر الغرفة بعدما فرضت الأجهزة الأمنية طوقا أمنيا على بابها الرئيسي، حيث سمح فقط لرجال الصحافة وأعضاء صنف الصناعة بالدخول، دون غيرهم، في محاولة من السلطات لتجنب الأحداث التي عرفتها العملية الانتخابية نفسها، الأسبوع المنصرم، والتي على إثرها تقرر تأجيل هذه الانتخابات، بعد تشبث العديد من أعضاء الغرفة بضرورة إعادة انتخاب مكاتب جميع الأصناف، عوض الاقتصار على صنف الصناعة، سيما في ظل إعلان زهور العماري، العضو بحزب التقدم والاشتراكية، تراجعها عن قرار الاستقالة من رئاسة هذا الصنف، حيث تحولت النقاشات الحادة التي دارت بين المعارضين والمساندين لتحالف الاتحاد الدستوري إلى ملاسنات كلامية كادت أن تتطور إلى تشابك بالأيدي. وشهدت جلسة أول أمس الاثنين خروقات عديدة، بدءا من عملية انتخاب رئيس صنف الصناعة ومساعديه، وانتهاء بانتخاب خليفة المهاشي في رئاسة الغرفة، حيث عرفت الكثير من المهازل والممارسات المسيئة إلى العملية الانتخابية برمتها، رغم تحذيرات، باشا القنيطرة، سيما بعدما تم خرق مبدأ سرية التصويت بشكل سافر، وأمام أعين الجميع، حين ولج أكثر من عضوين المعزل دفعة واحدة، وفي مناسبات عديدة، وحين ظل العديد منهم يغادر القاعة وعملية التصويت لا زالت جارية، أضف إلى ذلك المحاولات التي كان يقودها الرئيس المستقيل لثني أعضاء تحالفه عن الترشح لبعض المناصب، احتراما لما تم الاتفاق عليه مسبقا، وهو ما أجبر الباشا على التدخل، مخاطبا إياه بالتزام مكانه واحترام حق جميع الأعضاء في الترشح. وقبل ذلك، لم يفطن المشرفون على جلسة انتخاب رئيس صنف الصناعة إلى أن الدستوري عبد الصمد أبازين ظل يمارس مهمته كمقرر للجلسة بصفته العضو الأصغر سنا، رغم أنه أعلن ترشحه منصب الرئيس، ففي الوقت الذي أكدت فيه مصادر «المساء» أن ما حدث لا يتعارض إطلاقا مع القانون، ولا يشكل أدنى مخالفة له، قال العديد من المتتبعين للشأن الانتخابي إن السلطة كان يفترض بها أن تقوم بتغييره بالعضو الذي يليه سنا، حفاظا على مبدأ الشفافية والنزاهة، وصونا للقانون الانتخابي المعمول به في هذا المجال، والذي ينص، في نظرهم، على اختيار العضو الأصغر سنا من بين الناخبين غير المترشحين الذين يحسنون القراءة والكتابة، وهو ما لم يتم احترامه في هذه الجلسة، حيث استمر أبازين في مهمته إلى حين انتخابه رئيسا للصنف المذكور، والانتهاء من تشكيل الأعضاء المساعدين له داخل المكتب، وهو ما يتنافى مع القانون، يقول المتحدثون، إذ لا يمكن أن يكون طرفا وحكما في الوقت ذاته، الأمر الذي يتناقض كذلك مع القيم والمبادئ الديمقراطية، حسب قولهم. ومن جملة ما اعتبره البعض جهلا بمقتضيات انتخاب أعضاء مكتب الغرف، ما حصل خلال عملية الترشح لمنصب كاتب الغرفة، حيث بادر خالد السيبة، إلى الترشح لهذا لمنصب، رغم أن القانون لا يسمح له بذلك، طالما أن هذا المنصب مقتصر فقط، وبقوة القانون، على نواب رؤساء الأصناف، ومع ذلك تم قبول ترشيح السيبة، وتفوق على منافسه محمد عناية، لكن دون الظفر بالأغلبية المطلقة، وهو ما حتم الاحتكام إلى الدور الثاني، ليسفر مجددا عن نفس النتيجة، قبل أن يتدخل مندوب وزارة التجارة والصناعة، وينبه الجميع إلى أن العملية التي هم بصددها غير قانونية، ويستوجب إلغاؤها وعدم احتسابها. وقالت مصادر «المساء» إن ما حدث لن يكون له تأثير على النتائج المعلن عنها، سيما وأن جميع الأعضاء الحاضرين يربطهم تحالف قوي يقوده حزب الاتحاد الدستوري، وعليه، تضيف المصادر، فإن أي أحد من هؤلاء لن يتقدم بالطعن في هذه العملية، طالما أنها أفرزت النتائج المتفق عليها مسبقا.